المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ومن خصال الديك: الإيقاظ للصلاة - حسن التنبه لما ورد في التشبه - جـ ١١

[نجم الدين الغزي]

فهرس الكتاب

- ‌50 - ومن الخصال الملحقة مرتكبها بالدواب: السرقة

- ‌51 - ومنها: اختطاف أمتعة الناس كالعمائم، تشبهاً بالعُقاب والحدأة ونحوها

- ‌52 - ومنها: الخديعة والمكر والروغان عن الحق تشبهاً بالثعلب

- ‌53 - ومنها: التعاون على القبيح، وعلى الإثم والعدوان تشبهاً بالحمير

- ‌54 - ومنها: المسارعة إلى الشر والمعصية تشبهاً بالبغال

- ‌55 - ومنها: سرعة التقلب في المودة، والانتقال من خلق سيئ إلى أسوأ منه تشبهاً بالبغال أيضاً

- ‌56 - ومنها: معاداة أولياء الله تعالى تشبهاً بالحية في عداوة آدم، والوزغة في معاداة إبراهيم عليه السلام

- ‌57 - ومنها: التشبه في الانطواء على الخبث بالخنفساء

- ‌58 - ومنها: التشبه في اللجاج بالخنفساء أيضًا؛ فإنها لجوج كما طردت عادت

- ‌59 - ومنها: التشبه في اللؤم، وهو ضد الكرم

- ‌ تَنْبِيهٌ:

- ‌60 - ومنها: التشبه في الزهو والإعجاب بالنفس والتكبر بالطاوس، والثعلب

- ‌ فائِدَةٌ:

- ‌61 - ومنها: تشبيه النَّمَّام في النميمة المفرقة بين الإخوان بالظَّرِبان -بفتح الظاء المعجمة، وكسر الراء كقَطِران -: وهو دابة

- ‌62 - ومنها: التشبه بالظربان أيضًا في الفحش تشبهاً للفحش بالفسو

- ‌63 - ومنها: التشبه في الطمع في أكل أموال الناس ولا يشبع منها بالجدي

- ‌64 - ومنها: تشبه أكثر الناس في الوقوع على الدنيا، والإكباب عليها بالفراش، والذباب، والجنادب

- ‌65 - ومنها: التشبه في التطفل والوقاحة والجرأة بالذباب

- ‌66 - ومنها: التشبه في الطيش والخفة بالفراش ونحوه

- ‌67 - ومنها: التحامق، والرضا بالحمق تشبهاً بالرخم والضبع، وغيرهما مما وصف من البهائم بالحماقة

- ‌68 - ومنها: التشبه في المرح والبطر بالهر والجدي، ونحوهما من السباع والبهائم

- ‌69 - ومنها: التشبه بالفراش وغيره [في] معاوية الشيء الذي تأذى منه، وفي الإلقاء باليد إلى التهلكة

- ‌70 - ومنها: تشبه المرء في اختلاطه بكل قوم

- ‌71 - ومنها: التشبه في الشره والبخل بالحوت والتمساح والكلب

- ‌72 - ومنها: تشبه الحريص في الاجتهاد على طلب الرزق بالنمل والحُبَارى، وغيرهم

- ‌73 - ومنها: التشبه في الإكباب على طلب الرزق بالوحش أيضًا

- ‌74 - ومنها: التشبه في الادخار بالنمل ونحوه

- ‌75 - ومنها: محبة دوام الصحة، وكراهية المرض إذا نزل

- ‌76 - ومنها: الصيال، والبطش؛ والصيالة تشبهاً بالحمر وغيرها: الاستطالة، والوثوب

- ‌77 - ومنها: القيام من المرض غير معتبر ولا تائب عما كان عليه من الزلل تشبهاً بالبعير، والحمار إذا عقل

- ‌78 - ومنها: التشدق بالكلام والتخلل به كما تفعل البقر

- ‌79 - ومنها: التشبه بالثيران ونحوها في الفظاعة، وجهر الصوت، والتكلم بما لا يليق بالمكان والزمان

- ‌80 - ومنها: التغاير على المناصب ونحوها من ترهات الدنيا تشبهاً بالتيوس، ونحوها من الحيوانات

- ‌81 - ومنها: الاسترسال مع الغُلْمة تشبهاً بالجمل، والتيس، والكلب، والذئب، وغيرها

- ‌82 - ومنها: أن تصرح المرأة لزوجها بطلب الجماع لا على سبيل الملاعبة والمداعبة

- ‌83 - ومنها: الإكثار من النكاح، وصرف الهمة فيه

- ‌84 - ومنها: التشبه في ترك الاستتار عند قضاء الحاجة وعند الجماع، وترك التحري فيه بالحمار والكلب والسنور وغيرها

- ‌85 - ومنها: التشبه بالبهائم في إتيان الحليلة من غير تقدم مؤانسة وملاعبة، وضم وتقبيل، ونحو ذلك

- ‌86 - ومنها: إعجال الرجل أهله عند قضاء وطره؛ فإنه يكون بذلك متشبهاً بالبهيمة؛ فإن الحصان

- ‌87 - ومنها: أن لا يتقيد من له زوجتان فأكثر بالقسم

- ‌88 - ومنها: التشبه في التقذر وترك النظافة والطهارة بالعِفْر -بكسر المهملة، وسكون الفاء- وهو ذكر الخنازير

- ‌89 - ومنها: التشبه بالبهائم والطير في ترك تقليم الأظفار وإزالة الشعور التي إزالتها من السنة، وترك السواك

- ‌90 - ومنها: التشبه بالبهائم في ترك الاغتسال من الجنابة خصوصاً إذا حضرت الصلاة

- ‌91 - ومنها: تشبه المرأة في الصخب على زوجها، والتنكيد بالوع والوعوع، وهو ابن آوى

- ‌92 - ومنها: تشبه المرأة أيضًا في الضَّراوة والسَّلاطة على

- ‌ تنبِيهٌ:

- ‌93 - ومنها: التشبه بالعضرفوط في قلة الأدب مع القِبلة، وترك الآداب؛ وهي دويبة لا خير فيها

- ‌94 - ومنها: التبختر في المشي تشبهاً بالديك، والغراب، والطاوس لأنها تتبختر في مشيها

- ‌95 - ومنها: مصاحبة أهل الشر، ومجامعتهم على الظلم

- ‌96 - ومنها: أن يحاول الإنسان مرتبة لا تليق به التحاقاً بأرباب المراتب، فربما رين به دون بلوغ مطلوبه

- ‌97 - ومنها: التشبه في سرعة الغضب بالخنفساء، وفي شدته بالنمر

- ‌98 - ومنها: التشبه بالحمار ونحوه في عدم التأثر من الكلام الفاحش

- ‌99 - ومنها: أن يعجب الإنسان بعقله ومعرفته

- ‌100 - ومنها: التشبه بالحمار في رد الكرامة

- ‌101 - ومنها: التشبه بالحمار وغيره من البهائم في عدم الانزجار عن الشيء إلا بالإهانة، والضرب بالسَّوط ونحوه

- ‌102 - ومنها: التشبه بالحمار ونحوه بالنعاس عند مذاكرة العلم، واستماع الموعظة، وتلاوة القرآن

- ‌103 - ومنها: التشبه بالحمار ونحوه أيضًا في التكلم والخطيبُ على المنبر

- ‌104 - ومنها: التشبه بالحمار في مسابقة الإِمام في أفعال الصلاة من حيث إنه لم يتقيد في أفعاله

- ‌105 - ومنها: التشبه بالكلب، وسائر السمع، والقرد

- ‌ لَطِيفَةٌ:

- ‌ فائِدَةٌ:

- ‌106 - ومن الخصال التي لا تليق بالعبد لأنها مما تلحقه بالبهائم: التشبه بالدابة الشَّموس

- ‌107 - ومنها: العبث بالشيء

- ‌108 - ومنها: التشبه بالفرس الصافن في الصلاة، أو الفرس المقيد

- ‌109 - ومنها: أن يفترش ذراعيه في السجود افتراشاً كافتراش الكلب

- ‌110 - ومنها: أن يشم الطعام قبل أكله تقذرًا لأنه يشبه بذلك السباع والبهائم

- ‌111 - ومنها: النشبه بالبهائم في تناول الطعام بالفم من الإناء ونحوه

- ‌112 - ومنها: التشبه بالكلب ونحوه في الولوغ

- ‌113 - ومنها: التشبه بالبهائم في كَرْع الماء ونحوه

- ‌114 - ومنها: التشبه بالبعير ونحوه في الشرب في نَفَس واحد

- ‌115 - ومنها: التشبه بالبعير أيضًا ونحوه في التنفس، كما يؤخذ من كلام العراقي المذكور آنفاً

- ‌116 - ومنها: أكل المرء وشربه قائما كالبهائم

- ‌117 - ومنها: التشبه بالكلب في فتح الفم عند التثاؤب

- ‌118 - ومنها: التشبه بالكلاب النابحة في الصخب

- ‌119 - ومنها: التشبه بالحمر الناهقة بالنطق فيما لا يعنيه، أو فيما لا يفهم

- ‌120 - ومنها: الضحك من غير عجيب، والطرب لما لا يفهم معناه تشبهاً بالقرد والدب

- ‌121 - ومنها: التشبه بالثعلب والقرد في محاكاة الناس

- ‌122 - ومنها: محاكاة الناس في الأقوال تشبهاً بالببغاء وأبي زريق

- ‌123 - ومنها: التشبه بالثعلب والخنزير في الرَّوغان، وعدم الاستقامة؛ فإن لهما روغاناً يُضرب به المثل

- ‌124 - ومنها -وهو قريب مما قبله-: تشبه المتردد بين الحق والباطل بالشاة العاشرة بين الغنمين

- ‌125 - ومنها: التشبه بالثعلب في الكذب

- ‌126 - ومنها: التشبه في الفرار من الموت كفرار الثعلب

- ‌127 - ومنها: التشبه في منازعة الرئاسة والمناصب بالكِباش المتناطحة

- ‌128 - ومنها: طلب الرئاسة قبل حينها

- ‌129 - ومنها: التشبه بالتيس في الاكتفاء بطول اللحية على اكتساب العلوم ومحاسن الآداب

- ‌130 - ومنها: التشبه في الحماقة والخرق بالضبع والكروان وغيرهما

- ‌131 - ومنها: التشبه في الجبن، والوهن بالضبع

- ‌132 - ومنها: التشبه في الحقد بالجمل

- ‌ تَنْبِيهٌ:

- ‌133 - ومنها: التشبه في الحسد بالتيس

- ‌134 - ومنها: التشبه بالتيوس في اجتماع رجال على امرأة يتناوبون الزنا بها كما يشير إليه كلام مالك بن دينار

- ‌135 - ومنها: التشبه في تحليل المطلقة ثلاثًا بالتيس المستعار، وهو من الكبائر

- ‌136 - ومنها: التشبه في سوء الخلق بالكلب الضاري الهار

- ‌137 - ومنها: التشبه بالبكر في الكت عند الغضب

- ‌138 - ومنها: التشبه في سؤال الناس الشيء وتحسين طعامهم بالكلب والهر

- ‌139 - ومنها: التشبه بالكلب والبعير والحمار

- ‌140 - ومنها: التشبه في التظالم والتغاضب، وبطش القوي بالضعيف

- ‌141 - ومنها: التشبه بالكلب في ترويع المؤمنين كما تفعل الشُّرَطةُ وأعوان الظلمة

- ‌142 - ومنها: التشبه في التعدي واستلاب مال الغير منه واختطافه بالحدأة

- ‌143 - ومنها: التشبه بالحية في غصب بيوت الناس وأرضيهم وأمتعتهم

- ‌144 - ومنها: التشبه في أذية الناس بالعقرب، والحية، والسبع، والزنابير، والدبر

- ‌145 - ومنها: التشبه في إطلاق اللسان في كل زمان ومكانبالعقرب؛ فإنها تضرب ما وجدت حتى الحجر والمدر

- ‌146 - ومنها: التشبه بالكلب العقور في العقر والجراحة

- ‌147 - ومنها: التشبه بالعقرب في التظلم مع الظلم

- ‌148 - ومنها: التشبه بالإفساد في الأرض بالأرَضة

- ‌149 - ومنها: الغدر، وهو ترك الوفاء تشبهًا بالذئب والضبع، ونحوهما

- ‌150 - ومنها: التشبه في الضلال، وهو نقيض الهدى والرشد بالبعير الضَّال، وبالضب، واليربوع

- ‌151 - ومنها: التشبه بضعاف الحيوانات المؤذية في الأذى مع الضعف

- ‌152 - ومنها: التشبه في الصولة عند الجوع بالأسد والسباع، وعند الشبع بالبغال والحمير

- ‌153 - ومنها: تشبه السفيه في إتلافه ماله على مَنْ لا نَفْعَ له من الناس

- ‌154 - ومنها: التشبه بالضباع ونحوها في نبش القبور

- ‌155 - ومنها: التشبه بالخيل الجامحة في اتباع الهوى، والبغال الرامحة في الحركات التي لا تختار ولا تجتبى

- ‌156 - ومنها: التشبه في العجز والقصور عن طلب المنازل العلية والمراتب السنيَّة بدواب الجُحَر كالضب، وغيره

- ‌157 - ومنها: تشبه الإنسان في مشاركة أخيه في الرَّفاهية، ومفارقته في الحزن والشدائد بالجَمَل والجدي يرتع، وغيره في الشدة

- ‌158 - ومنها: تشبه الإنسان بالجمل والجدي في إيثار الدعة والراحة على الاهتمام بما يعنيه

- ‌159 - ومنها: تربص الدوائر بالمؤمن، وتمني السوء له، وإشاعة ما يُحزنه تشبهًا بالبوم

- ‌160 - ومنها: التشبه في صرف العمر الطويل في غير اكتساب العلوم والمعارف بالنسر

- ‌161 - ومنها: التشبه في الإساءة إلى مَنْ أحسن إليه بالبغل، والضبع، والكلب، والذئب، والحية

- ‌162 - ومن الخصال الملحقة ذويها بالبهائم - وهو خاتمتها

- ‌(9) بَابُ مَا يَحْسُنُ مِنَ اْلتَّشَبُّهِ بِاْلبَهَائِمِ وَاْلسِّبَاعِ

- ‌ فمن ذلك الأسد

- ‌ فائِدَةٌ:

- ‌ التشبه بالنسر

- ‌ تَنْبِيهٌ:

- ‌ ومن ذلك البازي:

- ‌ لَطِيفَةٌ:

- ‌ لَطِيفَةٌ أُخْرى:

- ‌ ومن ذلك الباشق

- ‌ ومن ذلك الصقر:

- ‌ ومن أنواع الصقر: اليؤيؤ

- ‌ ومن ذلك: العُقاب

- ‌ ومن ذلك الجوارح:

- ‌ تَنْبِيهٌ:

- ‌ ومن ذلك الديك:

- ‌ لَطِيفَة:

- ‌ ومن حميد خصال الديك: معرفة مواقيت الصلاة

- ‌ ومن خصال الديك: التذكير بالله تعالى

- ‌ ومن خصال الديك: الإيقاظ للصلاة

- ‌ ومن ذلك الهدهد:

- ‌ ومن ذلك الحمام:

- ‌ فمن أوصاف الحمام: البلاهة

- ‌ ومن أوصاف الحمام أيضاً: الأُنس بالناس، والألفة بهم

- ‌ فائِدَةٌ:

- ‌ ومن أوصاف الحمام: أنها لا تحكم عشها، فإذا هبت الريح كان ما يُكسر أكثر مما يسلم

- ‌ ومما وصفت العرب به الحمام: الحزن

- ‌ ومن أوصاف الحمام: الصبر على المصيبة وعدم الجزع

- ‌ ومن أنواع الحمام: القمرية

- ‌ ومن ذلك العصفور:

- ‌ ومن طباع العصافير:

- ‌ ومن صفات العصافير: القناعة بقوت يوم، وذكر الله تعالى

- ‌ ومن طباع العصفور: سرعة الحركة والتقلب

- ‌ ومن لطائف العصفور:

- ‌ ومن لطائف العصفور:

الفصل: ‌ ومن خصال الديك: الإيقاظ للصلاة

ابن أبي أوفى رضي الله تعالى عنه: أن النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "إنَّ خِيَارَ عِبَادِ اللهِ الَّذِيْنَ يُرَاعُوْنَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لِذِكْرِ اللهِ"(1).

-‌

‌ ومن خصال الديك: التذكير بالله تعالى

.

روى أبو الشيخ عن فرقد السبخي رحمه الله تعالى قال: مرَّ سليمان بن داود عليهما السلام ببلبل ساقط على شجرة، يُحرك رأسه ويُميل ذنبه، فقال لأصحابه: أتدرون ما يقول هذا؟

قالوا: الله ونبيه أعلم.

قال: يقول: أكلت نصف تمرة وعلى الدنيا العفاء.

ومرَّ بديك يسقع، فقال: أتدرون ما يقول هذا؟

قالوا: الله ونبيه أعلم.

قال: يقول: اذكروا الله يا غافلين (2).

وتقدم نحو ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم مع فوائد أخرى في التشبه بالشياطين.

-‌

‌ ومن خصال الديك: الإيقاظ للصلاة

.

روى الإمام أحمد، وأبو داود، وابن ماجه بإسناد جيد، عن زيد

(1) رواه الطبراني في "الدعاء"(ص: 524)، والبزار في "المسند"(3351)، والحكم في "المستدرك" (163). قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (1/ 327): رواه الطبراني في "الكبير" والبزار ورجاله موثقون، لكنه معلول.

(2)

رواه أبو الشيخ في "العظمة"(5/ 1740).

ص: 518

ابن خالد الجهني رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تَسُبُّوْا الدِّيْكَ؛ فَإِنَّهُ يُوْقظُ لِلصَّلاةِ"(1).

قال الحليمي: فيه دليل على أنه كل من استفيد منه خير لا ينبغي أن يُسب ويستهان، بل حقُّه أن يُكرم ويشكر (2).

قلت: وأبلغ من ذلك في الاستدلال على ذلك الأحاديث الواردة في النهي عن سب البرغوث.

روى الإمام أحمد، والبزار، والبيهقي عن أنس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع رجلاً يسبُّ برغوثاً فقال: "لا تَسُبَّهُ؛ فَإِنَّهُ أَيْقَظَ نبِيًّا لِلصَّلاةِ"(3).

وروى الطبراني عنه قال: ذُكر البراغيت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "إِنَّهَا لَتُوْقظُ لِلصَّلاةِ"(4).

وروى الطبراني عن علي رضي الله تعالى عنه قال: نزلنا منزلاً فآذتنا البراغيث، فسببناها، فقال:"إِنَّهَا لتوْقِظُ لِلصَّلاةِ".

وروى الطبراني عن علي رضي الله تعالى عنه قال: نزلنا منزلاً

(1) رواه الإمام أحمد في "المسند"(5/ 192)، وأبو داود (5101).

(2)

انظر: "حياة الحيوان الكبرى" للدميري (1/ 479).

(3)

ورواه البيهقي في "شعب الإيمان"(5180)، وكذا البخاري في "الأدب المفرد"(1237).

(4)

رواه الطبراني في "المعجم الأوسط"(5732). قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(8/ 77): في سعيد بن بشير ضعف.

ص: 519

فآذتنا البراغيث، فسببناها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا تَسُبوهَا؛ فَنِعْمَتِ الدَّابَةُ أَيْقَظَتْكُمْ لِلصلاةِ"(1).

قلت: فيه تنبيه على أنَّ الإنسان لا ينبغي له أن يسُب شيئاً من مخلوقات الله تعالى إلا من حيث أُذِنَ له في السب؛ فإنَّ العبد مهما طالع صنع الله تعالى في مخلوقاته بعين الرضا، واعتبار الحكمة في خلقها ظهرت له من كل مصنوع كل مليحة؛ فإن الله تعالى لم يخلق شيئا إلا وفيه فائدة؛ ألا ترى أنه خلق إبليس وابتلى النَّاس بعداوته، وابتلاه بإغواء الإنسان حتى يجاهده الإنسان ويُخالفه فيُثابُ ويؤجر، ولولا ابتلى الله آدم بإبليس حتى وقعت منه الزلة لم يظهر آدم عليه السلام بالتوبة التي هي أول مقامات الأولياء، والوسيلة إلى محبة الله تعالى؛ {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} [البقرة: 222].

فإن أطاع الإنسان الشيطان ولم يجاهده ظهرت حجة الله تعالى عليه.

وكذلك خلق الله تعالى العصاة لتظهر حجة الله تعالى عليهم ليكونوا عبرة لأهل الطاعة.

وكذلك خلق القردة والخنازير والأباعر ليظهر فضله عليك في أن خلقك إنسانا ولم يخلقك كذلك فيزداد شكرك، ولذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم

(1) رواه الطبراني في "المعجم الأوسط"(9318) وعنده: "لذكر الله" بدل "للصلاة". قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(8/ 78): فيه سعد بن طريف، وهو متروك.

ص: 520

إذا رأى القرد خَرَّ ساجدًا. رواه ابن عدي، والحاكم، والبيهقي من حديث جابر رضي الله تعالى عنه (1).

وكنت في مجلس فاغتابوا رجلاً، ووصفوه بأوصاف هي فيه من الشِّره والشَّره، والهَلَع والجشع، والظلم والبغي، وغير ذلك، وأنا ساكت أتألم بما يتكلمون به، ولم أجد للإنكار عليهم مساغاً حتى قال لي بعض أهل المجلس: ما تقول فيه أنت؟

فقلت: أقول فيه: إنه من كمال الكون، وجمال الوجود.

فقيل لي في ذلك، وتعجَّبوا أن يكون كما ذكرت وهم يعرفون منه كل قبيحة.

فقلت: يا سبحان الله! ألستم تستقبحون هذه الأمور وتستبشعون منه هذه الأخلاق؟

قالوا: بلى.

قلت: فإذا كنتم تستقبحونها فإنكم لا تتصفون بها، فاتصاف هذا المذكور بهذه الأوصاف القبيحة كان لظهور قبحها لكم حتى تنزهتم عنها، فهو من كمال الكون بهذا لاعتبار.

وأيضًا فإن مدح النبي صلى الله عليه وسلم البرغوث بقوله: "نِعْمَ الدَّابّهُ"(2) مُعللاً

(1) رواه ابن عدي في "الكامل"(7/ 155)، والحاكم في "المستدرك"(1025).

(2)

تقدم تخريجه قريباً.

ص: 521

لمدحه بأنه أيقظهم للصلاة من باب تعويد الألسنة خيراً وتنزيهها عن عادة الشر.

كما روى ابن أبي الدُّنيا في "الصمت" عن مالك بن أنس رحمه الله تعالى قال: مرَّ بعيسى بن مريم عليهما السلام خنزير، فقال: مُرْ بسلام.

فقيل: يا روح الله! لهذا الخنزير تقول؟

قال: أكره أن أعوِّد لساني الشر (1).

وروى هو والطبراني بإسناد حسن، عن أسود بن أصرم الحاربي رضي الله تعالى عنه قال: قلت: يا رسول الله! أوصني.

قال: "أتمْلِكُ يَدَكَ؟ ".

قلت: فما أملك إن لم أملك يدي؟

قال: "أتمْلِكُ لِسَانَكَ؟ ".

قال: فما أملك إن لم أملك لساني؟

قال: "لا تَبْسُطْ يَدَكَ إِلَاّ إِلَىْ خَيْرٍ، وَلا تَقُلْ بِلِسَانِكَ إِلَاّ مَعْرُوْفًا"(2).

وقال الشاعر: [من البسيط]

(1) تقدم تخريجه.

(2)

رواه ابن أبي الدنيا في "الصمت وآداب اللسان"(ص: 45)، والطبراني في "المعجم الكبير"(818).

ص: 522

عَوّدْ لِسانكَ قَوْلَ الْخَيْرِ وَارْضَ بِهِ

إِنَّ اللِّسانَ لِما عَوَّدْتَ يَعْتادُ (1)

وقال بعضهم: [من السريع]

لا تَشْتُمِ البُرْغُوثَ إِنَّ اسْمَهُ

بِرٌّ وَغَوْث لَكَ لَوْ تَدْرِي

فَبِرُّهُ مَصُّ دَمٍ فاسِدٍ

وَغَوْثُهُ الإِيْقاظُ لِلْفَجْرِ

وأيضًا: فإن في قوله صلى الله عليه وسلم وقد ذكرت البراغيث: "إِنَّهَا تُوْقِظُ لِلصَّلاةِ"، وقوله:"لا تَسُبُّوْهَا؛ فَإِنَّهَا أَيْقَظَتْكُمْ لِذِكْرِ اللهِ" إشارة من النبي صلى الله عليه وسلم وتعليم منه لنا أنَّا إذا أردنا ذكر مخلوق بصفة مستكرهة وله صفة مستحسنة، فذِكْرُه بالصفة المستحسنة أولى لأن ذكر المحاسن لا يضر، بخلاف ذكر المثالب.

ومن هذا القبيل ما رواه عبد الله ابن الإمام أحمد رضي الله تعالى عنهما عن مالك بن دينار رحمه الله تعالى قال: مرَّ عيسى عليه السلام والحواريون على جيفة كلب، فقال الحواريون: ما أنتن ريح هذا! فقال عيسى عليه السلام: ما أشد بياضَ أسنانه؛ يعظهم وينهاهم عن الغيبة (2).

وقلت في هذا المعنى: [من السريع]

إِنْ تَلْفَ مَخْلُوقاً لَهُ سَيِّئٌ

مِنْ عَمَلٍ لَكِنْ لَهُ صالِحُ

(1) تقدم تخريجه.

(2)

تقدم تخريجه.

ص: 523

فَامْحُ بِما يَصْلُحْ ما لَيْسَ بِالصَّـ

ـالِح، نِعْمَ الرَّجُلُ الْمادحُ

فَذِكْرُكَ الصَّالِحَ ما ضَرَّ ما

يَضُرُّ ذِكْرُ الطَّالِحِ

القادِح لِسانَكَ اجْعَلْ قالَهُ الْخَيْرَ مِن

عادَتِهِ، أَنْتَ إِذاً رابحُ

عَذْبٌ فُراتٌ قَوْلُكَ الْخَيْرَ وَالـ

ـملحَ الَّذِي قَدْ قالَه الْمالِحُ

إِنَّ مَقالَ السُّوْء لا يَنْبَغِي

حَتَّى وَلَوْ جاءَ بِه مازِحُ

والمالح في البيت: المغتاب.

قال في "القاموس": مَلَحَه -كمنعه -: اغتابه (1)، وفيه تورية.

تقول العوام: فلان مالح؛ يعنون به أنه خارج عن القبول، مستثقل به، ولا يُغبط بوجوده.

وأيضًا فإن ذم البرغوث وغيره من المخلوقات المستبشعة عادةً كالقرد، والكلب ربما أدى بالعبد إلى السخرية، والطعن في الخلقة، وقد قال تعالى:{الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ} [السجدة: 7].

وقال ابن مسعود رضي الله تعالى عنه: لو سَخِرْتَ من كلب خشيت أن كون كلباً. رواه الإمام عبد الله بن المبارك في "الزهد"(2).

وقد أفضى الاسترسال في استقباح الأمور وتعييبها بعض المبتدعة إلى الكفر الصراح، ونسبة الذات العلية إلى الظلم في القضية.

(1) انظر: "القاموس المحيط" للفيروز آبادي (ص: 310)(مادة: ملح).

(2)

رواه ابن المبارك في "الزهد"(1/ 257).

ص: 524

وحُكي أن بعض هؤلاء الضلال كان في بستان، فنظر إلى شجرة الجوز وارتفاعها وكبرها، وإلى صغر ثمرها، وإلى شجرة اليقطين وانطراحها وكبر ثمارها، فقال: لو كانت هذه الثمرة على هذه الشجرة، وهذه الثمرة على هذه الشجرة كان أقرب إلى العدل!

فجاء طائر فقطع واحدة من ثمر الجوز فسقطت على جبهته فآلمته، فقيل له: تأدب؛ فلو كانت هذه الجوزة في مقدار القرعة أو البطيخة كانت قتلتك.

فقال: نعم.

وروى الإمام أحمد، والبخاري في "الأدب المفرد"، والترمذي، وأبو يعلى، والطَّبراني في "الكبير"، وابن حبان، والحاكم وصححه، عن ابن مسعود، والبيهقي في "الشعب" عنه، وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنهما قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لَيْسَ الْمُؤْمِنُ بِالطَّعَّانِ، وَلا اللَّعَّانِ، وَلا الْفَاحِشِ، وَلا الْبَذِيْءِ"(1).

وسمع بعض العلماء ولده يقول لكلب يُضايق أباه في الطريق: إخسأ يا كلب!

فقال له: لا تقل ذلك؛ فإنه من خلق الله تعالى.

فقال له: إنه أليس كلباً؟

قال: نعم، ولكنك أخرجت كلامك مخرج الذم.

(1) تقدم تخريجه.

ص: 525

وأما ما رواه ابن ماجه عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: لدغَتْ النبي صلى الله عليه وسلم عقرب وهو في الصلاة، فقال:"لَعَنَ اللهُ الْعَقْرَبَ؛ مَا تَدَعُ مُصَلِّيًّا وَلا غَيْرَ المُصَلِّيَ، اقتلُوْهَا فِيْ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ"(1).

وروى أبو نعيم في "الطب" عن علي رضي الله تعالى عنه قال: لدغت النبي صلى الله عليه وسلم عقرب وهو يصلي فقال: "لَعَنَكِ اللهُ؛ لا تَدَعِيْنَ نبَيًّا وَلا غَيْرَهُ"، ثم دعا بماء وملح ورَشه عليها (2).

فإن سبب لعنه للعقرب تعرضها له في الصلاة باللدغ لتشغله عنها، فقد لعنها معللاً للعنها بقيد ما علل به النهي عن سبِّ الديك والبرغوث وإن كان فيه ما يدعو إلى سبه من القرص؛ فإنَّ قرصه لطيف لا يؤثر أكثر من إيقاظ النائم للصَّلاة، فحسنته تُذهب سيئته بخلاف العقرب، والحية، والكلب العقور، والحدأة، والغراب الأبقع، والفأرة، وهي الفواسق؛ فإنها متمحضة للإيذاء، فلذلك تُقتل في الحل والحرم، ويقتلها المحرم والحلال.

ومن هنا ساغ سبُّها كما يسوغ سب الكفار والظلمة لتمحضهم للشر والأذية، وإنما لم يَجُزْ لعن كافر بعينه ولا ظالم بعينه إلا أن يموت على الكفر لأن خاتمته مُغَيَّبة عنا.

والذي تلخص لنا: أن ما يتمحض للأذية والشر من الحيوانات

(1) رواه ابن ماجه (1246)، وكذا الطبراني في "المعجم الأوسط"(7329).

(2)

ورواه الطبراني في "المعجم الأوسط"(5890). وحسن الهيثمي إسناده في "مجمع الزوائد"(5/ 111).

ص: 526