الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نظرًا إلى حالته المكرَّم بها من انتصاب القامة، وحسن هيئته ماشيًا مع انتصاب قامته مثله لا يليق بحال المصلي؛ فإنه بحضرة الله تعالى ماثل بين يديه في خدمته، فاللائق أن يكون على أكمل الهيئات.
وقد علم من ذلك أن الإنسان إذا مشى منحنياً من غير علة أو ضرورة كان ذلك خلاف الأولى به؛ لأنه يشبه بذلك ذوات الأربع في مشيها.
ولو قيل بكراهة لم يبعُدْ.
ولا يشك في كراهة ذلك في الصلاة؛ فافهم!
106 - ومن الخصال التي لا تليق بالعبد لأنها مما تلحقه بالبهائم: التشبه بالدابة الشَّموس
.
وهي التي تمنع ظهرها في الامتناع عن الخير.
ومنه قيل للرجل الصعب الخلق: شموس، كما في "الصحاح"(1).
ومن أفراد ذلك: أن لا يطاوع من يشير إليه في تسوية الصف ونحوها.
روى ابن أبي شيبة بإسناد صحيح -وأصله في "صحيح البخاري"- عن أنس رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اعْتَدِلُوْا في صُفُوْفِكُمْ، وَتَرَاصُّوْا؛ فَإِني أَرَاكُمْ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِيْ".
قال أنس: لقد رأيت أحدنا يَلْزِق منكِبه بمنكب صاحبه، وقدمه
(1) انظر: "الصحاح" للجوهري (3/ 940)(مادة: شمس).
بقدمه، ولو ذهبت تفعل ذلك لترى أحدهم كأنه بغل شموس (1).
وإنما شبه بالبغل لأن شماس البغل أشد من شماس غيره.
فينبغي لمن كان في صلاته وأمر بتسوية الصف، أو أشير إليه بذلك، أو جذبه منفرد خلفه ليكونا صفًّا ثانيًا، ولا يبقى الجاذب منفردًا وحده خلف الصف، أن يسارع إلى المطاوعة، ولا يمتنع.
فقد روى عبد الرزاق عن زيد بن أسلم رحمهما الله تعالى -مرسلاً- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خِيَارُكُمْ أليَنكُمْ مَنَاكِبَ فيْ الصَّلَاةِ"(2).
وهو في "سنن أبي داود" متصلًا مرفوعًا (3).
وأخرجه ابن حبان في "صحيحه"، والبزار بسند حسن، عن ابن عمر (4) رضي الله عنهما (5).
(1) رواه ابن أبي شيبة في "المصنف"(3524)، وأصله عند البخاري (692).
(2)
رواه عبد الرزاق في "المصنف"(3480).
(3)
رواه أبو داود (672) عن ابن عباس رضي الله عنه.
(4)
في "أ" و "ت": "ابن عمرو".
(5)
رواه ابن حبان في "صحيحه"(1756) عن ابن عباس رضي الله عنها.
وكأن المصنف تبع المنذري في "الترغيب والترهيب"(1/ 190) في عزوه الحديث لابن حبان عن عمر رضي الله عنه، وإنما هو عنده عن ابن عباس رضي الله عنهما.
ورواه الطبراني في "المعجم الكبير"(13494) عن ابن عمر رضي الله عنهما. قال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 90): رواه الطبراني والبزار، وإسناد البزار حسن.