الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولا يرد على ذلك ما جاءت به السنة من استحباب البروز لأول المطر؛ فإن ذلك يكون ساعة لطيفة من الزمان مرة واحدة للتبرك بأول الغيث، فأما البروز للأمطار الدائمة لغير ضرورة فإنَّ فيه تعرُّضاً لإتلاف المال والنفس.
قال تعالى: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: 195].
-
ومن ذلك الصقر:
وهو كل ما يصطاد به من الجوارح إلا النسر والعقاب؛ قاله النضر بن شميل، وأبو حاتم.
فهو شامل للباز، والباشق، والحر، والشاهين، والفرزان، والبيدق، وهو أصغرها وأضعفها لا يصيد إلا العصافير ونحوها.
وسميت قطع الشطرنج بأسماء الحيوانات المشهورة بالقوة والصيد، وهي: الرخ، والفرزان، والبيدق، والحيوانات المعتمد عليها في الحرب، وهي: الفيل، والفرس لأن موضوع الشطرنج للتمرين في ذلك.
ولقد أحسن القائل مشيراً إلى خلو الزمان من الأماثل، وتصدر الأصاغر، وارتفاع الأداني:[من مجزوء الكامل المرفّل]
خَلَتِ الرِّقاعُ مِنَ الرِّخا
…
خِ وَفَرْزَنَتْ فِيها البَيادِقْ
وَتَسابَقَتْ عُرُجُ الْحَمِيـ
…
ـرِ فَقُلْتُ مِنْ عَدَمِ السَّوابِقْ
وقلت: وهو من نظم الصبا: [من السريع]
لا غَرْوَ إِنْ طالَ عَلى ماجِدٍ
…
نَذْلٌ دَعِىٌّ ما لَهُ سِنْخُ
كَمْ بَيْدَقٍ فَرَزْنَ فِي رُقْعَةٍ
…
فَصارَ مَقْهُوراً لَهُ الرَّخُّ
ومن أوصاف الصقر: أنه إذا انبعث لا يكاد يرجع إلا بصيد، ولذلك قالوا: أنجز من صقر من النجاز، وربما قالوا: أبخر (1)؛ ولعله تصحيف.
وقيل: إن الصقر كالأسد أبخر.
وقالوا: صقرٌ يلوذ حَمَامُه بالعوسَج؛ يُضرب بهذا المثل لمن تهابه الرجال.
ولذلك قالت هند بنت أثاثة في كلامها المتقدم:
حمزة ليثي وعلي صقري
وحُكِيَ عن عثمان بن مرة، عن أبيه قال: سمعت الجن تنوح عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه فوق مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث ليالٍ، فكان مما قالوه:[من مجزوء الكامل المرفّل]
لَيلَةَ الحَصْبَةِ إِذْ
…
يَرْمُونَ بِالصَّخْرِ الصِّلابِ
ثُمَّ جاؤُوا بُكْرةً
…
ـغونَ صَقْراً كَالشِّهابِ
زينَهمْ فِي الْحَيِّ وَالـ
…
ـمَجْلِسِ فَكَّاكَ الرِّقابِ (2)
وروى الخطابي في "الغريب" عن عروة بن الزبير، عن أبيه رضي الله عنه:
(1) انظر: "المستقصى في أمثال العرب" للزمخشري (1/ 10).
(2)
رواه ابن أبي الدنيا في "الهواتف"(ص: 87).
أنه قاتل غلاماً - يعني: وهو غلام - فكسر الزبير يديه وضربه ضرباً شديداً، فمرَّ به على صفية وهو يُحمل فقالت: وما شأنه؟
فقالوا: قاتل الزبير، فأشعره - أي: أدماه - فقالت: [من مجزوء الرجز]
كَيْفَ رأيتَ زَبْراً
أَأقِطاً أَمْ تَمراً
أَوْ مُشْمَعِلاً صقْرا
قال الخطابي: تقول وجدته مما يؤكل كالأقط، والتمر، أم رأيته كالصقر الذي يختطف الصيد (1).
والمشمعل: السريع الماضي.
ومن أنواع الصقر: الحر.
وقال النضر بن شميل، وأبو حاتم، وابن سيده: هو طائر نحو الصقر، أغبر أسفع، قصير الذنب، عظيم المنكبين والرأس، يضرب إلى الخضرة وهو يصيد.
ومن أمثال العوام: الحر إذا وقع لا يتلبط؛ يعنون: لا يضطرب ولا يتحرك.
أرادوا أن الحر إذا وقع في شبكة القانص رسب وصبر، والمراد
(1) انظر: "غريب الحديث" للخطابي (2/ 209).
به الصقر، أو فرخ الحمام، أو ولد الظبية.
والاعتبار في ذلك أن الرجل الكامل، أو العارف إذا نزل به أمر لا يستطيع دفعه صبر واستسلم.
أو أرادوا: أن الحر أو الصقر خاصة إذا وقع على الفريسة لزمها وثبت عليها، ولم يبالِ بها إذا اضطربت، ولا بما يكفُّه عنها.
والاعتبار في ذلك أن الرجل إذا أمكنته الفرصة لم يفرط واغتنمها، وهذا من الحزم.
- ومن أنواع الصقر: المَضْرَحي - بفتح الميم، والراء، بينهما ضاد معجمة ساكنة، وبالحاء المهملة -: وهو الصقر الطويل الجناح.
ويقال للسيد الكريم: مضرحي تشبيهاً له بالصقر.
والمضرحي: الأبيض من كل شيء.
وروى الإمام أحمد بسند جيد، عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم "إِنَّ داود عليه السلام لَمَّا مَاتَ أَظَلَّتِ الطَّيْرُ جَنَازَتَهُ، وَغَلَبَتْ عَلَيْه المَضْرَحية، أو غَلَبَتْ عَلَىْ التَّظْلِيْلِ عَلَيْه"(1).
ويحصل الشبه بها في شهود جنائز الصالحين، والمزاحمة على الخير والمسابقة إليه.
- ومن أنواع الصقر: الشاهين، وهو معرب، ولا يكاد يُضرب به
(1) رواه الإمام أحمد في "المسند"(2/ 491).