الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
-
ومن طباع العصفور: سرعة الحركة والتقلب
.
روى الحاكم وصححه، والبيهقي في "الشعب" عن أبي عبيدة بن الجراح رضي الله تعالى عنه: أنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم قال: "إِنَّ قَلْبَ ابْنِ آدَمَ مِثْلُ الْعُصْفُوْرِ، يَتَقَلَّبُ فِيْ الْيَوْمِ سَبع مَرَّاتٍ"(1).
والمراد: يتقلب في كل ساعة، وهي تبين ما أشرت إليه، وحيث كان قلب ابن آدم كالعصفور في التقلب، فينبغي أن يكون تقلبه مع الحق يدور معه كيف دار.
كما قال بعض العارفين: المنافق يدوم على عمل يستحسن منه، والمؤمن يكون في كل عمل يخلص فيه، وكل عمل بعد تأدية فرض الوقت يصلح فيه قلبه مع الله تعالى أقبل عليه.
-
ومن لطائف العصفور:
ما رواه أبو الشيخ في "العظمة" عن عمرو بن قيس المُلائي رحمه الله تعالى قال: مرَّ سليمان بن داود عليهما الصلاة والسلام بعصفور وهو يَسْفِد أنثاه، وهو يصيح ذلك الصياح؛ قال: أتدرون ما يقول هذا العصفور لأنثاه؟
قالوا: لا يا نبي الله.
قال: يقول: تابعيني على ما أريد، فوالله ما أريد تلذذاً، وما أريد إلا أن يخلق الله تعالى بيننا خلقاً يُسبحه (2).
(1) رواه الحاكم في "المستدرك"(7850)، والبيهقي في "شعب الإيمان"(755).
(2)
رواه أبو الشيخ في "العظمة"(5/ 1766).
وقال الشيرازي في "الألقاب": حدثنا الفضل العطار، ثنا أبو جعفر الخالدي، ثنا الجنيد، ثنا السري السقطي، ثنا معروف الكرخي قال: سمعت جعفر الصَّادق رضي الله عنهم يقول: كان سليمان عليه الصلاة والسلام قاعداً على سرير ملكه وبين يديه عصفورتان تلعبان، فضحك، فقيل له: يا نبي الله! لماذا ضحكت من العصفورتين؟
قال: قال الذكر للأنثى: إني لا أُجامعك لحظِّ نفسي، بل أُجامعك ليكون بيننا ولد يُسبح الله ويذكره.
ثم حلف وقال: والذي رفع السماء وبسط الأرض! إني لا أريد أن تلدي ولداً لا يُسبحه ولي ملكُ فرعون، دان ولدت ولدًا يُسبحه كان أحبَّ إليَّ من ملك سليمان الذي هو قاعدٌ هنا.
فلا ينبغي أن يكون العصفور أكْيَسَ من العبد المؤمن، فيأتي أهله غافلاً عن ذكر ربه ولا بغير نية صالحة، بل لمجرد قضاء الوطر، بل ينوي بالجماع حصولَ ولد يطيع الله، ويكاثر به النبيُّ صلى الله عليه وسلم يوم القيامة؛ فإنه يُكاثر الأمم يومئذٍ بأمته، كما رويناه: أن عمر رضي الله عنه كان يقول: والله إني لآتي أهلي وما بي حاجةٌ إلى النكاح إلا ليولد لي من يُكاثر به النبي صلى الله عليه وسلم يوم القيامة (1).
وقد تقدم أن سليمان عليه السلام قال للحراث الذي استعظم ملكه: لَتسبيحةٌ تُسبحها خيرٌ من ملك آل داود (2).
(1) انظر: "تفسير القرطبي"(9/ 328).
(2)
تقدم تخريجه.