الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تَخَلَّفَ أَحَدُكُمْ يَنبت نبِيْبَ التَّيْسِ" (1).
يقال: نب التيس، ينب، نبيبًا: إذا صاح وهاج.
وقالوا في المثل: استعسب استعساب الكلب.
قال الزمخشري: أي: طلب العسب، وهو السفاد؛ وذلك أنه إذا هاج طلب الكلبات على البعد لينزو عليهن.
يضرب للكثير النكاح الحريص عليه (2).
وقالوا: أسفد من ديك، أسفد من عصفور (3).
والسفاد: نزو الذكر على الأنثى.
قال في "الصحاح": يقال ذلك في التيس، والبعير، والثور، والسباع، والطير (4).
82 - ومنها: أن تصرح المرأة لزوجها بطلب الجماع لا على سبيل الملاعبة والمداعبة
، بل على سبيل الشَّبَق، أو يظهر عليها التشوف إلى الوقاع لغيبة الحليل، أو تحملها الشهوة -والعياذ بالله- على الزنا؛ فإنها تكون في ذلك شبيهة بالسنورة، والكلبة، والأتان الحائل، والبقرة الصارف؛ فإنها إذا اشتاقت إلى الذكر نفرت،
(1) تقدم تخريجه.
(2)
انظر: "المستقصى في أمثال العرب" للزمخشري (1/ 157).
(3)
انظر: "مجمع الأمثال" للميداني (1/ 356).
(4)
انظر: "الصحاح" للجوهري (2/ 489)(مادة: سفد).
وأعيت الرعاة كما ذكره في "حياة الحيوان"(1).
وفي "الصحاح": كلبة صارف: إذا اشتهت الفحل، وقد صرفت -يعني: من باب ضرب- تصرف، صروفاً، وصِرافًا" (2).
وكذلك الأنثى من الذئاب شديدة الشبق بحيث تدعو إلى وطئها.
وإنما ينبغي للمرأة أن تلزم الحياء الذي ميزها الله تعالى به عن سائر الحيوانات، وجعل حظها منه أجزل وأوفر من حظ الرجال.
روى الديلمي عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الحَيَاءُ عَشْرَةُ أَجْزَاءَ؛ فَتِسْعَةٌ في النِّسَاءِ، وَوَاحِدٌ في الرِّجَالِ"(3).
وروى البيهقي في "الشعب" عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سِتَّةُ أَشْيَاءَ حَسَنةٌ، وَلَكِنْ فيْ سِتةٍ مِنَ النَّاسِ أَحْسَنُ: العَدْلُ حَسَنٌ، وَلَكِنْ في الأُمَرَاءِ أَحْسَنُ، وَالسَّخَاءُ حَسَنٌ، وَلَكِنْ في الأَغْنِيَاءِ أَحْسَنُ، وَالوَرَعُ حَسَنٌ، وَلَكِنْ في العُلَمَاءِ أَحْسَنُ، وَالصَّبْرُ حَسَنٌ، وَلَكِنْ في الفُقَرَاءِ أَحْسَنُ، وَالتَّوْبَةُ حَسَنٌ، وَلَكِنْ في الشَّبَابِ أَحْسَنُ، وَالحَيَاءُ حَسَن، وَلَكِنْ في النِّسَاءِ أَحْسَنُ"(4).
(1) انظر: "حياة الحيوان الكبرى" للدميري (1/ 214).
(2)
انظر: "الصحاح" للجوهري (4/ 1386)(مادة: صرف).
(3)
رواه الديلمي في "مسند الفردوس"(2765) عن أنس رضي الله عنه.
ورواه أبو نعيم في "تاريخ أصبهان"(1/ 387) عن ابن عمر رضي الله عنه.
(4)
رواه الديلمي في "مسند الفردوس"(4258) عن علي رضي الله عنه.
فإن قلت: مقتضى ما رواه البيهقي في "الشعب" أيضًا عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"فُضِّلَتِ المَرْأةُ عَلَى الرَّجُلِ بِتِسْعَةٍ وتِسْعِيْنَ جُزْءًا مِنَ اللذةِ، وَلَكِنَ الله ألقَىْ عَلَيْهِنَّ الحَيَاءَ"(1) من حيث إن اللذة إنما تكون على قدر الشهوة أن تكون شهوتها أكثر من حيائها؛ لأن التسعين جزءًا من الشهوة التي فضلت بها تعادل التسعة الأجزاء التي جعلت فيها من الحياء، فتبقى تسعة أجزاء من الشهوة زائدة فيها عما لها من الحياء، فهل يكون ذلك عذرًا لها في غلبة الشهوة؟
قلت: لا يكون ذلك عذرًا لها لأن الحياء غريزة يساعدها العقل، ويقويها الإيمان بخلاف الشهوة؛ فإن العقل يضادها ويعارضها، ولا يساعدها، وهي في نفسها ليست بغريزة، بل حالة عارضة تنشأ عن كثرة الطعام والشراب، والنعيم، والرفاهية، فجزء من الحياء يعارض أضعافه من الشهوة، وهو في نفسه حلية مقبولة ممدوحة عند كل عاقل من نفسه ومن غيره، محمودة العاقبة، جميلة الصورة، طيبة الثمرة، وليست الشهوة كذلك.
وقد روى الحكيم الترمذي في "نوادر الأصول" عن جابر رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الحَيَاءُ زِيْنةٌ، وَالتُّقَىْ كَرَمٌ، وَخَيْرُ
(1) رواه البيهقي في "شعب الإيمان"(7737). وفيه أبي داود مولى أبي مكمل؛ قال البخاري: منكر الحديث، كذا نقله عنه الذهبي في "ميزان الاعتدال"(7/ 363).