الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَوْ أَنَّ ما أَسْعَى لأَدْنَى مَعِيشَةٍ
…
كَفانِي، وَلَمْ أَطْلُبْ قَلِيلاً مِنَ الْمالِ
وَلَكِنَّما أَسْعَى لِمَجْدٍ مُؤَثَّلٍ
…
وَقَدْ يُدْرِكُ الْمَجْدَ الْمُؤثلَ أَمْثالِي (1)
*
لَطِيفَةٌ:
لا ينبغي للإنسان إذا كان تام القوة وافر الهمة أن يضيع أيامه، والقوة ناهضة والهمة مكينة، ممكنة في غير طاعة الله تعالى، بل يغتنم الفرص قبل وقوع الغصص بضعف الهمة وفتور القوة، ويكون كما قال الشاعر:[من الطويل]
وَكُنْتُ كَبازِ السَّوْءِ قُصَّ جَناحُهُ
…
يَرى حَسَراتٍ كُلَّما طارَ طائِرُ
يَرى طائِراتِ الْجَوِّ يَخْفِقْنَ حَوْلَهُ
…
فَيَذْكُرُ إِذْ رِيشُ الْجَناحَيْنِ وافِرُ (2)
*
لَطِيفَةٌ أُخْرى:
قالوا في المثل: وهل ينهض البازي بغير جناح؟
يُضرب لمن قلَّ أنصاره، ولمن يدعي علماً ليس معه آلته؛ قاله الزمخشري (3).
والاعتبار فيه أن الإنسان - وإن كان قوي الجاه وافر القوة - لا يستغني عن العشيرة، فلا ينبغي له أن يغفل عن أمر أقاربه، ولا يعرض
(1) انظر: "العقد الفريد" لابن عبد ربه (2/ 317).
(2)
انظر: "أدب الدنيا والدين" للماوردي (ص: 242).
(3)
انظر: "المستقصى في أمثال العرب" للزمخشري (2/ 392).
عن إصلاح شأنهم، ولا يرفض أصحابه ويترك تعهد عشائره، فربما احتاج إلى صديقه وقريبه وعشيرته يوماً ما، وكذلك لا ينبغي أن يتجاوز في دعواه مقدوره من علم أو غيره.
وأصل المثل من قول مسكين الدارمي: [من الطويل]
وَما طالِبُ الْحاجاتِ إِلَاّ مُخاطِرٌ
…
وَما نالَ شَيْئاً طالِبٌ كَنَجاحِ
أَخاكَ أَخاكَ إِنَّ مَنْ لا أخا لَه
…
كَساعٍ إِلَى الْهَيْجا بِغَيْرِ سِلاحِ
وَإِنَّ ابْنَ عَمِّ الْمَرْءِ فَاعْلَمْ جَناحُهُ
…
وَهَلْ يَنْهَضُ البازِيْ بِغَيْرِ جَناحِ (1)
وروى ابن أبي الدنيا في كتاب "الإخوان"، والعسكري في "الأمثال" عن سهل بن سعد رضي الله تعالى عنهما، والديلمي، والقضاعي عن أنس رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الْمَرْءُ كَثِيرٌ بِأَخِيْهِ"(2).
(1) انظر: "الأغاني" للأصبهاني (20/ 223).
(2)
رواه ابن أبي الدنيا في "الإخوان"(ص: 71) عن سهل بن سعد رضي الله عنه.
والديلمي في "مسند الفردوس"(6625)، والقضاعي في "مسند الشهاب" (186) عن أنس رضي الله عنه. قال ابن طاهر المقدسي في "ذخيرة الحفاظ" (4/ 2458): رواه النخعي سليمان بن عمرو، وهو كذاب.