المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌50 - ومن الخصال الملحقة مرتكبها بالدواب: السرقة

- ‌51 - ومنها: اختطاف أمتعة الناس كالعمائم، تشبهاً بالعُقاب والحدأة ونحوها

- ‌52 - ومنها: الخديعة والمكر والروغان عن الحق تشبهاً بالثعلب

- ‌53 - ومنها: التعاون على القبيح، وعلى الإثم والعدوان تشبهاً بالحمير

- ‌54 - ومنها: المسارعة إلى الشر والمعصية تشبهاً بالبغال

- ‌55 - ومنها: سرعة التقلب في المودة، والانتقال من خلق سيئ إلى أسوأ منه تشبهاً بالبغال أيضاً

- ‌56 - ومنها: معاداة أولياء الله تعالى تشبهاً بالحية في عداوة آدم، والوزغة في معاداة إبراهيم عليه السلام

- ‌57 - ومنها: التشبه في الانطواء على الخبث بالخنفساء

- ‌58 - ومنها: التشبه في اللجاج بالخنفساء أيضًا؛ فإنها لجوج كما طردت عادت

- ‌59 - ومنها: التشبه في اللؤم، وهو ضد الكرم

- ‌ تَنْبِيهٌ:

- ‌60 - ومنها: التشبه في الزهو والإعجاب بالنفس والتكبر بالطاوس، والثعلب

- ‌ فائِدَةٌ:

- ‌61 - ومنها: تشبيه النَّمَّام في النميمة المفرقة بين الإخوان بالظَّرِبان -بفتح الظاء المعجمة، وكسر الراء كقَطِران -: وهو دابة

- ‌62 - ومنها: التشبه بالظربان أيضًا في الفحش تشبهاً للفحش بالفسو

- ‌63 - ومنها: التشبه في الطمع في أكل أموال الناس ولا يشبع منها بالجدي

- ‌64 - ومنها: تشبه أكثر الناس في الوقوع على الدنيا، والإكباب عليها بالفراش، والذباب، والجنادب

- ‌65 - ومنها: التشبه في التطفل والوقاحة والجرأة بالذباب

- ‌66 - ومنها: التشبه في الطيش والخفة بالفراش ونحوه

- ‌67 - ومنها: التحامق، والرضا بالحمق تشبهاً بالرخم والضبع، وغيرهما مما وصف من البهائم بالحماقة

- ‌68 - ومنها: التشبه في المرح والبطر بالهر والجدي، ونحوهما من السباع والبهائم

- ‌69 - ومنها: التشبه بالفراش وغيره [في] معاوية الشيء الذي تأذى منه، وفي الإلقاء باليد إلى التهلكة

- ‌70 - ومنها: تشبه المرء في اختلاطه بكل قوم

- ‌71 - ومنها: التشبه في الشره والبخل بالحوت والتمساح والكلب

- ‌72 - ومنها: تشبه الحريص في الاجتهاد على طلب الرزق بالنمل والحُبَارى، وغيرهم

- ‌73 - ومنها: التشبه في الإكباب على طلب الرزق بالوحش أيضًا

- ‌74 - ومنها: التشبه في الادخار بالنمل ونحوه

- ‌75 - ومنها: محبة دوام الصحة، وكراهية المرض إذا نزل

- ‌76 - ومنها: الصيال، والبطش؛ والصيالة تشبهاً بالحمر وغيرها: الاستطالة، والوثوب

- ‌77 - ومنها: القيام من المرض غير معتبر ولا تائب عما كان عليه من الزلل تشبهاً بالبعير، والحمار إذا عقل

- ‌78 - ومنها: التشدق بالكلام والتخلل به كما تفعل البقر

- ‌79 - ومنها: التشبه بالثيران ونحوها في الفظاعة، وجهر الصوت، والتكلم بما لا يليق بالمكان والزمان

- ‌80 - ومنها: التغاير على المناصب ونحوها من ترهات الدنيا تشبهاً بالتيوس، ونحوها من الحيوانات

- ‌81 - ومنها: الاسترسال مع الغُلْمة تشبهاً بالجمل، والتيس، والكلب، والذئب، وغيرها

- ‌82 - ومنها: أن تصرح المرأة لزوجها بطلب الجماع لا على سبيل الملاعبة والمداعبة

- ‌83 - ومنها: الإكثار من النكاح، وصرف الهمة فيه

- ‌84 - ومنها: التشبه في ترك الاستتار عند قضاء الحاجة وعند الجماع، وترك التحري فيه بالحمار والكلب والسنور وغيرها

- ‌85 - ومنها: التشبه بالبهائم في إتيان الحليلة من غير تقدم مؤانسة وملاعبة، وضم وتقبيل، ونحو ذلك

- ‌86 - ومنها: إعجال الرجل أهله عند قضاء وطره؛ فإنه يكون بذلك متشبهاً بالبهيمة؛ فإن الحصان

- ‌87 - ومنها: أن لا يتقيد من له زوجتان فأكثر بالقسم

- ‌88 - ومنها: التشبه في التقذر وترك النظافة والطهارة بالعِفْر -بكسر المهملة، وسكون الفاء- وهو ذكر الخنازير

- ‌89 - ومنها: التشبه بالبهائم والطير في ترك تقليم الأظفار وإزالة الشعور التي إزالتها من السنة، وترك السواك

- ‌90 - ومنها: التشبه بالبهائم في ترك الاغتسال من الجنابة خصوصاً إذا حضرت الصلاة

- ‌91 - ومنها: تشبه المرأة في الصخب على زوجها، والتنكيد بالوع والوعوع، وهو ابن آوى

- ‌92 - ومنها: تشبه المرأة أيضًا في الضَّراوة والسَّلاطة على

- ‌ تنبِيهٌ:

- ‌93 - ومنها: التشبه بالعضرفوط في قلة الأدب مع القِبلة، وترك الآداب؛ وهي دويبة لا خير فيها

- ‌94 - ومنها: التبختر في المشي تشبهاً بالديك، والغراب، والطاوس لأنها تتبختر في مشيها

- ‌95 - ومنها: مصاحبة أهل الشر، ومجامعتهم على الظلم

- ‌96 - ومنها: أن يحاول الإنسان مرتبة لا تليق به التحاقاً بأرباب المراتب، فربما رين به دون بلوغ مطلوبه

- ‌97 - ومنها: التشبه في سرعة الغضب بالخنفساء، وفي شدته بالنمر

- ‌98 - ومنها: التشبه بالحمار ونحوه في عدم التأثر من الكلام الفاحش

- ‌99 - ومنها: أن يعجب الإنسان بعقله ومعرفته

- ‌100 - ومنها: التشبه بالحمار في رد الكرامة

- ‌101 - ومنها: التشبه بالحمار وغيره من البهائم في عدم الانزجار عن الشيء إلا بالإهانة، والضرب بالسَّوط ونحوه

- ‌102 - ومنها: التشبه بالحمار ونحوه بالنعاس عند مذاكرة العلم، واستماع الموعظة، وتلاوة القرآن

- ‌103 - ومنها: التشبه بالحمار ونحوه أيضًا في التكلم والخطيبُ على المنبر

- ‌104 - ومنها: التشبه بالحمار في مسابقة الإِمام في أفعال الصلاة من حيث إنه لم يتقيد في أفعاله

- ‌105 - ومنها: التشبه بالكلب، وسائر السمع، والقرد

- ‌ لَطِيفَةٌ:

- ‌ فائِدَةٌ:

- ‌106 - ومن الخصال التي لا تليق بالعبد لأنها مما تلحقه بالبهائم: التشبه بالدابة الشَّموس

- ‌107 - ومنها: العبث بالشيء

- ‌108 - ومنها: التشبه بالفرس الصافن في الصلاة، أو الفرس المقيد

- ‌109 - ومنها: أن يفترش ذراعيه في السجود افتراشاً كافتراش الكلب

- ‌110 - ومنها: أن يشم الطعام قبل أكله تقذرًا لأنه يشبه بذلك السباع والبهائم

- ‌111 - ومنها: النشبه بالبهائم في تناول الطعام بالفم من الإناء ونحوه

- ‌112 - ومنها: التشبه بالكلب ونحوه في الولوغ

- ‌113 - ومنها: التشبه بالبهائم في كَرْع الماء ونحوه

- ‌114 - ومنها: التشبه بالبعير ونحوه في الشرب في نَفَس واحد

- ‌115 - ومنها: التشبه بالبعير أيضًا ونحوه في التنفس، كما يؤخذ من كلام العراقي المذكور آنفاً

- ‌116 - ومنها: أكل المرء وشربه قائما كالبهائم

- ‌117 - ومنها: التشبه بالكلب في فتح الفم عند التثاؤب

- ‌118 - ومنها: التشبه بالكلاب النابحة في الصخب

- ‌119 - ومنها: التشبه بالحمر الناهقة بالنطق فيما لا يعنيه، أو فيما لا يفهم

- ‌120 - ومنها: الضحك من غير عجيب، والطرب لما لا يفهم معناه تشبهاً بالقرد والدب

- ‌121 - ومنها: التشبه بالثعلب والقرد في محاكاة الناس

- ‌122 - ومنها: محاكاة الناس في الأقوال تشبهاً بالببغاء وأبي زريق

- ‌123 - ومنها: التشبه بالثعلب والخنزير في الرَّوغان، وعدم الاستقامة؛ فإن لهما روغاناً يُضرب به المثل

- ‌124 - ومنها -وهو قريب مما قبله-: تشبه المتردد بين الحق والباطل بالشاة العاشرة بين الغنمين

- ‌125 - ومنها: التشبه بالثعلب في الكذب

- ‌126 - ومنها: التشبه في الفرار من الموت كفرار الثعلب

- ‌127 - ومنها: التشبه في منازعة الرئاسة والمناصب بالكِباش المتناطحة

- ‌128 - ومنها: طلب الرئاسة قبل حينها

- ‌129 - ومنها: التشبه بالتيس في الاكتفاء بطول اللحية على اكتساب العلوم ومحاسن الآداب

- ‌130 - ومنها: التشبه في الحماقة والخرق بالضبع والكروان وغيرهما

- ‌131 - ومنها: التشبه في الجبن، والوهن بالضبع

- ‌132 - ومنها: التشبه في الحقد بالجمل

- ‌ تَنْبِيهٌ:

- ‌133 - ومنها: التشبه في الحسد بالتيس

- ‌134 - ومنها: التشبه بالتيوس في اجتماع رجال على امرأة يتناوبون الزنا بها كما يشير إليه كلام مالك بن دينار

- ‌135 - ومنها: التشبه في تحليل المطلقة ثلاثًا بالتيس المستعار، وهو من الكبائر

- ‌136 - ومنها: التشبه في سوء الخلق بالكلب الضاري الهار

- ‌137 - ومنها: التشبه بالبكر في الكت عند الغضب

- ‌138 - ومنها: التشبه في سؤال الناس الشيء وتحسين طعامهم بالكلب والهر

- ‌139 - ومنها: التشبه بالكلب والبعير والحمار

- ‌140 - ومنها: التشبه في التظالم والتغاضب، وبطش القوي بالضعيف

- ‌141 - ومنها: التشبه بالكلب في ترويع المؤمنين كما تفعل الشُّرَطةُ وأعوان الظلمة

- ‌142 - ومنها: التشبه في التعدي واستلاب مال الغير منه واختطافه بالحدأة

- ‌143 - ومنها: التشبه بالحية في غصب بيوت الناس وأرضيهم وأمتعتهم

- ‌144 - ومنها: التشبه في أذية الناس بالعقرب، والحية، والسبع، والزنابير، والدبر

- ‌145 - ومنها: التشبه في إطلاق اللسان في كل زمان ومكانبالعقرب؛ فإنها تضرب ما وجدت حتى الحجر والمدر

- ‌146 - ومنها: التشبه بالكلب العقور في العقر والجراحة

- ‌147 - ومنها: التشبه بالعقرب في التظلم مع الظلم

- ‌148 - ومنها: التشبه بالإفساد في الأرض بالأرَضة

- ‌149 - ومنها: الغدر، وهو ترك الوفاء تشبهًا بالذئب والضبع، ونحوهما

- ‌150 - ومنها: التشبه في الضلال، وهو نقيض الهدى والرشد بالبعير الضَّال، وبالضب، واليربوع

- ‌151 - ومنها: التشبه بضعاف الحيوانات المؤذية في الأذى مع الضعف

- ‌152 - ومنها: التشبه في الصولة عند الجوع بالأسد والسباع، وعند الشبع بالبغال والحمير

- ‌153 - ومنها: تشبه السفيه في إتلافه ماله على مَنْ لا نَفْعَ له من الناس

- ‌154 - ومنها: التشبه بالضباع ونحوها في نبش القبور

- ‌155 - ومنها: التشبه بالخيل الجامحة في اتباع الهوى، والبغال الرامحة في الحركات التي لا تختار ولا تجتبى

- ‌156 - ومنها: التشبه في العجز والقصور عن طلب المنازل العلية والمراتب السنيَّة بدواب الجُحَر كالضب، وغيره

- ‌157 - ومنها: تشبه الإنسان في مشاركة أخيه في الرَّفاهية، ومفارقته في الحزن والشدائد بالجَمَل والجدي يرتع، وغيره في الشدة

- ‌158 - ومنها: تشبه الإنسان بالجمل والجدي في إيثار الدعة والراحة على الاهتمام بما يعنيه

- ‌159 - ومنها: تربص الدوائر بالمؤمن، وتمني السوء له، وإشاعة ما يُحزنه تشبهًا بالبوم

- ‌160 - ومنها: التشبه في صرف العمر الطويل في غير اكتساب العلوم والمعارف بالنسر

- ‌161 - ومنها: التشبه في الإساءة إلى مَنْ أحسن إليه بالبغل، والضبع، والكلب، والذئب، والحية

- ‌162 - ومن الخصال الملحقة ذويها بالبهائم - وهو خاتمتها

- ‌(9) بَابُ مَا يَحْسُنُ مِنَ اْلتَّشَبُّهِ بِاْلبَهَائِمِ وَاْلسِّبَاعِ

- ‌ فمن ذلك الأسد

- ‌ فائِدَةٌ:

- ‌ التشبه بالنسر

- ‌ تَنْبِيهٌ:

- ‌ ومن ذلك البازي:

- ‌ لَطِيفَةٌ:

- ‌ لَطِيفَةٌ أُخْرى:

- ‌ ومن ذلك الباشق

- ‌ ومن ذلك الصقر:

- ‌ ومن أنواع الصقر: اليؤيؤ

- ‌ ومن ذلك: العُقاب

- ‌ ومن ذلك الجوارح:

- ‌ تَنْبِيهٌ:

- ‌ ومن ذلك الديك:

- ‌ لَطِيفَة:

- ‌ ومن حميد خصال الديك: معرفة مواقيت الصلاة

- ‌ ومن خصال الديك: التذكير بالله تعالى

- ‌ ومن خصال الديك: الإيقاظ للصلاة

- ‌ ومن ذلك الهدهد:

- ‌ ومن ذلك الحمام:

- ‌ فمن أوصاف الحمام: البلاهة

- ‌ ومن أوصاف الحمام أيضاً: الأُنس بالناس، والألفة بهم

- ‌ فائِدَةٌ:

- ‌ ومن أوصاف الحمام: أنها لا تحكم عشها، فإذا هبت الريح كان ما يُكسر أكثر مما يسلم

- ‌ ومما وصفت العرب به الحمام: الحزن

- ‌ ومن أوصاف الحمام: الصبر على المصيبة وعدم الجزع

- ‌ ومن أنواع الحمام: القمرية

- ‌ ومن ذلك العصفور:

- ‌ ومن طباع العصافير:

- ‌ ومن صفات العصافير: القناعة بقوت يوم، وذكر الله تعالى

- ‌ ومن طباع العصفور: سرعة الحركة والتقلب

- ‌ ومن لطائف العصفور:

- ‌ ومن لطائف العصفور:

الفصل: ‌ ومن ذلك البازي:

وتقدم في الحديث: "خَيْرُ النَّاسِ مَنْ طَالَ عُمُرُهُ وَحَسُنَ عَمَلُهُ، وَشَرُّ النَّاسِ مَنْ طَالَ عُمُرُهُ وَسَاءَ عَمَلُهُ"(1).

وروى الإمام أحمد عن طلحة بن عبيد الله رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لَيْسَ أَحَدٌ أَفْضَلَ عِنْدَ اللهِ عز وجل مِنْ مُؤْمِنٍ يُعَمَّرُ فِيْ الإِسْلامِ لِتَكْبِيْرِهِ وَتَحْمِيْدِهِ وَتَسْبِيْحِهِ وَتَهْلِيْلِهِ"(2).

-‌

‌ ومن ذلك البازي:

قال في "حياة الحيوان": يُضرب به المثل في نهاية الشرف، كما قال الشاعر:[من الوافر]

إِذا ما اعْتَزَّ ذُو عِلْمٍ بِعِلْمٍ

فَعِلْمُ الفِقْهِ أَشْرَفُها اعْتِزازا

وَكَمْ طِيبٍ يَفُوحُ وَلا كَمِسْكٍ

وَكَمْ طَيْرٍ يَطِيرُ وَلا كَبازا (3)

وذكر الشَّيخ أبو إسحاق الشيرازي في "طبقاته": أن أبا العباس ابن سريج رحمه الله تعالى كان يُقال له: الباز الأشهب (4).

ونقل الحافظ الذهبي، وغيره عن الشيخ داود بن يحيى بن داود الجريري - وكان صدوقاً - قال: كان الشيخ أحمد بن الرفاعي

(1) تقدم تخريجه.

(2)

رواه الإمام أحمد في "المسند"(1/ 163)، وكذا النسائي في "السنن الكبرى"(10674).

(3)

انظر: "حياة الحيوان الكبرى" للدميري (1/ 158).

(4)

انظر: "طبقات الفقهاء" للشيرازي (ص: 118).

ص: 483

رحمه الله تعالى قد دار النخل الذي له وعين واحدة منها، وقال لأصحابه: إذا استوت هذه أهديناها إلى الشيخ أرسلان، فمرَّ بها بعد مدة فوجد أكثر ما عليها قد ذهب، فسألهم فقالوا: لم يطلع إليها أحد، ولكن في كل يوم يجيء باز أشهب يأكل منها ولا يقرب غيرها، ثم يطير.

فقال لهم: الباز الأشهب هو الشيخ أرسلان، فلذلك يُقال له: الباز الأشهب (1).

قلت: وهذا تشكل الأبدال وتبدلها في صور مختلفة (2).

وذكر الشيخ عبد الله اليافعي في "كفاية المعتقد" أبياتاً للشيخ عبد القادر الكيلاني رحمه الله تعالى سمَّى نفسه فيها الباز الأشهب، ووصف نفسه فيها بأنه بلبل الأفراح، وهي هذه الأبيات:[من الكامل]

ما فِي الْمَناهِلِ مَنْهلٌ مُسْتَعْذَبُ

إِلَاّ وَلِي فِيهِ الأَلَذُّ الأَطْيَبُ

أَوْ فِي الوِصالِ مَكانةٌ مَخْصُوصَةٌ

إِلَاّ وَمَنْزِلَتِي أَعَزُّ وَأَقْرَبُ

(1) انظر: "تاريخ الإسلام" للذهبي (38/ 346).

(2)

تقدم التعليق على مثل هذا الاعتقاد في مبحث: التشبه بالملائكة، فلينظر.

ص: 484

وَهَبَتْ لِيَ الأَيَّامُ رَوْنَقَ صَفْوِها

فَحَلَتْ مَناهِلُها وَطابَ الْمَشْربُ

وَغَدَوْتُ مَخْطُوباً لِكُلِّ كَرِيْمَةٍ

لا يَهْتَدِي فِيها اللَّبِيبُ وَيَخْطِبُ

أَنا مِنْ رِجالٍ لا يَخافُ جَلِيسُهُمْ

رَيْبَ الزَّمانِ، وَلا يَرى ما يَرْهَب

قَوْمٌ لَهُمْ فِي كُلِّ مَجْدٍ رُتْبةٌ

عُلْوِّيةٌ، وَلِكُلِّ جَيْشٍ مَوْكِبُ

أَنا بُلْبُلُ الأَفْراحِ أَمْلأُ دَوْحَها

طَرباً، وَفِي العَلْياءِ بازٌ أَشْهَبُ

أَضْحَتُ جُيوشُ الْحُبِّ تَحْتَ مَشِيئَتِي

طَوْعاً، وَمَهْما رُمْتُهُ لا يَعْزُبُ

أَصْبَحْتُ لا أَمَلاً وَلا أُمْنِيَّةً

أَرْجُو وَلا مَوْعُودَةً أترَقَّبُ

ما زِلْتُ أَرْتَعُ فِي مَيادِينِ الرِّضا

حَتَّى وهِبْتُ مَكانَةً لا تُوْهَبُ

ص: 485

أَضْحَى الزَّمانُ كَحُلَّةِ مَرْقُومَةٍ

تَزْهُو، وَنَحْنُ لَها الطِّرازُ الْمُذْهَبُ

أَفَلَتْ شُموسُ الأَوَّلِينَ وَشَمْسُنا

أَبداً عَلى فَلَكِ العُلى لا تَغْرُبُ (1)

قال: ولمَّا أَنشد الشيخ عبد القادر هذه الأبيات أجابه الشيخ أبو

المظفر الواعظ المعروف بجرادة رحمه الله تعالى منشداً: [من البسيط]

بِكَ الشُّهورُ تُهَنَّى وَالْمَواقِيت

يا مَنْ بِأَلْفاظِهِ تَغْلُو اليَواقِيتُ

البازُ أَنْتَ فَإِنْ تَفْخَرْ فَلا عَجَبٌ

وَسائِرُ النَّاسِ فِي عَيْنِي فَواخِيتُ

أَشَمُّ مِنْ قَدَمَيْكَ الصِّدْقَ مُجْتَهِداً

لأَنَّهُ قَدمٌ فِي نَعْلِهِ الصِّيتُ

وقال في "حياة الحيوان": قال الشيخ الزاهد أبو العباس

القسطلاني: سمعت الشيخ أبا شجاع زاهر بن رستم الأصبهاني إمام

مقام إبراهيم بمكة المشرفة يقول: سمعت الشيخ أحمد خادم الشيخ

حمَّاد يقول: دخل الشيخ عبد القادر على الشَّيخ حماد الدباس يزوره،

فنظر إليه الشيخ وكان قد رأى أنه اصطاد بازياً، فأثَّرت نظرة الشيخ فيه،

(1) وانظر: "مرآة الجنان" لليافعي (3/ 350).

ص: 486

فخرج من عنده وتجرد عن أسبابه وكان من أكابر أصحابه قال: ولهذا كان الشيخ عبد القادر رحمه الله تعالى يقول: [من الكامل]

أَنا بُلْبُلُ الأَفْراحِ أَمْلأُ دَوْحَها

طَرباً، وَفِي العَلْياءِ بازٌ أَشْهَبُ (1)

وفي معنى كلام أبي المظفر المذكور آنفاً ما روي أن بكر بن سوادة قال في خالد بن صفوان: [من الطويل]

عَلِيمٌ بِتَنْزِيلِ الكِتابِ مُلَقَّنٌ

ذَكُورٌ بِما أَسْداهُ أَوَّلَ أَوَّلا

يُرَى خُطَباءُ النَّاسِ يَومَ ارْتجالِهِ

كَأَنَّهُمُ الكِرْوانُ عاينَ أَجْدَلا (2)

الكروان - بكسر الكاف، وإسكان الراء -: جمع كَرَوان - بفتحهما - على غير قياس، وهو طائر شبيه بالبط لا ينام الليل؛ سمي بضده من الكَرَى؛ يُضرب به المثل في الجبن لأنه إذا قيل له:[من مجزوء الرجز]

أَطْرِقْ كَرا، أَطْرِقْ كَرا

إِنَّ النَّعامَ فِي القُرى

(1) انظر: "حياة الحيوان الكبرى" للدميري (1/ 159).

(2)

انظر: "البيان والتبيين" للجاحظ (1/ 179).

ص: 487

التصق بالأرض، فيُلقى عليه ثوب فيُصاد (1).

والأجدل من أسماء الصقر، ويقال له: الأجذل، وهي صفة غالبة.

وفي المثل: بيض القطا يحضنه الأجدل؛ يُضرب للشريف يأوي إليه الوضيع فيتقوى به ويشرف، فيكون مدحاً (2).

والتشبه بالأجدل في ذلك بأن يربأ الإنسان إلى معالي الأمور والأخلاق، وإذا انضم إليه دنيء حقير عظم به وحمى ذِمامه، وتعلم من أخلاقه، وزَكَت نفسه به، ويحمد لذلك الحقير انضمامه إليه تحصيلاً لكمال نفسه كما قيل:[من الطويل]

عَلَيْكَ بِأَرْبابِ الصُّدُورِ فَإنَّ مَنْ

يُضافُ لأَرْبابِ الصُّدُورِ تَصَدَّرا

فَرَفْعُ أَبو مِنْ ثَمَّ جَرٌّ مُؤثل

يُبَيِّنُ قَوْلي مُغْرِياً وَمُحَذِّرا

أو يُضرب للشريف إذا ضم إليه الوضيع ليكون وصلة له إلى تحصيل الدنيا ومجاوزة الحدود، فيكون ذمًّا، فلا ينبغي التشبه بالأجدل في ذلك، وقد قيل:[من الطويل]

(1) انظر: "المستقصى في أمثال العرب" للزمخشري (1/ 45).

(2)

انظر: "حياة الحيوان الكبرى" للدميري (1/ 267).

ص: 488

وَمَنْ رَبَطَ الكَلْبَ العَقُورَ بِبابِهِ

فَإِنَّ بَلاءَ النَّاسِ مِنْ رابِطِ الكَلْبِ (1)

وقريبٌ من هذا المثل قولهم في المثل الآخر: إنَّ البغاث بأرضنا تستنسر؛ أي: من جاورنا عزَّ بنا (2).

والبغاث - مثلث الأول، وغينه معجمة، وثاؤه مثلثة -: طائر أغبر، جمعه: بغثان كغزلان، أو هو شرار الطير.

وقال الزمخشري: يستنسر؛ أي: يصير نسراً، فلا يقدر على صيده؛ يُضرب في قوم أعزاء، يتصل بهم الذليل فَيُعَز بجوارهم، انتهى (3).

فإن كان حين عزَّ بجوارهم استطال على الناس بالأذى، فالمثل ذم.

وإن كان حين عزَّ بهم صفا عيشه، وأطاع ربه وسلم بانضيافه إليهم من يحاول امتهانه واستذلاله، فالمثل مدح.

وفي المثل معنى آخر: أنَّ الضعيف يتقوى علينا؛ إما لضعفنا ولين جانبنا، وقلة استنصارنا وأنصارنا، وإما لعدم رواج الخير الذي منا عنده وعدم اكتراثه بنا.

(1) انظر: "سراج الملوك" للطرطوشي (ص: 117).

(2)

انظر: "العقد الفريد" لابن عبد ربه (3/ 34).

(3)

انظر: "المستقصى في أمثال العرب" للزمخشري (1/ 402).

ص: 489

ولنا في وصف الزمان: [من المتقارب]

أَرى عَصْرَنا الزَّمِنَ الأَغْبَرا

وَكُلَّ بُغاثٍ بِهِ اسْتَنْسَرا

فَكَمْ مِنْ كَرِيْمٍ يَمَلُّ الْحَياةَ

لِكُلِّ لَئِيمٍ قَدِ اسْتَقْدَرا

حَلا فِي ذَوِيهِ الْمَرِيرُ الكَرِيهُ

وَطابَ الَّذِي كانَ مُسْتَقْذَرا

وَما فِيهِ لِلْحَقِّ مِنْ ناصِرٍ

وَلَوْ كُنْتَ لِلْحَقِّ مُسْتَنْصِرا

فَكُنْ بِاعْتِزالِكَ مُسْتَأثِراً

وَفِي طاعَةِ اللهِ مُسْتَبْصِرا

- ومن أوصاف البازي: أنه لا يقنع في الصيد بالأمور الجزئية، بل همته ترتفع عن صيد نحو جرادة أو ذبابة.

وقد قيل كما تقدم: [من الوافر]

وَلِلزُّنْبورِ وَالبازِيِّ جَمِيعاً

لَدى الطَّيَرانِ أَجْنِحَةٌ وَخَفْقُ

وَلَكِنْ بَيْنَ ما يَصْطادُ بازٌ

وَما يَصْطادُهُ الزُّنْبُورُ فَرْقُ

وكذلك ينبغي للإنسان أن يربأ بهمته عن سفساف الدنيا ودنيء ما

فيها، وكل ما فيها دنيء عند العارفين لأنها لا تساوي عند الله جناح

بعوضة، فما كان رفيع الهمة بدون دار القرار داراً، وبدون الجنة عقاراً.

وقد قدمنا في صدر الكتاب: أن رجلاً قال لبعض الحكماء: فلان بعيد الهمة.

قال: إذاً لا يرضى بمنزلة دون الجنة.

ولامرئ القيس: [من الطويل]

ص: 490