الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
-
4
- *
تحيّة «دار الحديث» للشاعر محمد العيد
أُحيّي بالرِّضى حَرَمًا يُزَارُ
…
ودارًا تُستظلُّ بها الدِّيارُ
وروضًا مستجدَّ الغرس نضْرًا
…
أريضًا زَهْرُهُ الأدب النُّضار
وميدانًا سترتبعُ المَهاري
…
بساحتِه وتستبق المِهار (1)
وعينًا ما لمنْبعها مَغاضٌ
…
وأُفقًا ما لأَنْجُمِهِ مغار
أُحيّي خيرَ مدرسةٍ بناها
…
خِيارٌ في معونتهم خيار
"تلمسانُ" احْتَفَتْ بالعلم جارًا
…
وما كالعلم للبُلدان جار
لقد لَبِسَتْ من الإصلاح تاجًا
…
يَحِقُّ به لأهليها الفَخار
فكان له بها نَصْرٌ وفَتْحٌ
…
وكان له ذُيوعٌ واشْتهار
لقد بُعِث (البشيرُ) لها بشيرًا (2)
…
بمجدٍ كالرِّكاز بها يُثار
وفي (دارِ الحديث) له صوانٌ
…
بديعُ الصّنْع مصقولٌ مُنار
به عَرَضَ (البشير) فنونَ علم
…
وآدابٍ ليَجْلُوها الصغار
فَيَا (دارَ الحديثِ) عِمِي نهارًا
…
وعُمْرُكِ كلُّه أبدًا نهار
ويا (دارَ الحديثِ) عليكِ تُلْقَى
…
مُهمَّاتٌ لنا ومُنًى كبار
وفي (بَلَدِ الجِدار)(3) كنوزُ دين
…
وعلم لا يليق بها ادِّخار
(تلمسانُ) ابْتغي أبدًا مَدارًا
…
فأُختُكِ في السماء لها مدار
* ديوان محمد العيد، الجزائر، الشركة الوطنية للنشر والتوزيع، 1967، [ص:79].
1) المهاري: الجمال المنسوبة إلى مهرة بن حيدان من عرب اليمن وهي مشهورة بسرعتها، والمهار جمع مهر: ولدُ الفرس.
2) يريد الأستاذ الإمام محمد البشر الإبراهيمي الذي كان المؤسس لمدرسة (دار الحديث) والمشرف بنفسه على تشييدها.
3) هي مدينة تلمسان.
ضَعِي عن قرنكِ الضَّافي خِمارًا
…
فقرنُ الشمس ليس له خِمار
(تلمسانُ) اكشِفي عن رائعاتٍ
…
من الآثار جَلَّلَها الغُبار
وبُقْيا عبقرياتٍ غِزارٍ
…
نمتها عبقرَّياتٌ غِزار
إلى (إدريس)(4) أو (زيان)(5) يومي
…
وُيومِضُ تحتها نورٌ ونارُ
(تلمسان) احْفَظي ذكرَ ازدهارٍ
…
لمُلْكٍ فيكِ كان له ازْدِهار
ففي هذا الثَّرَى الزَّاكي قديمًا
…
لنا ازدهرتْ حَضاراتٌ كِبار
وفي هذا الثَّرَى الزَّاكي قديمًا
…
تَفَشَّى العدلُ وانْتَشَرَ اليَسار
وفي هذا الثَّرَى الزَّاكي قديمًا
…
سما (مازيغُ)(6) واستعلى (نِزار)
عليك تآخَيَا أدَبًا ودينًا
…
وحولَكَ ضَمَّ شَمْلَهما الجِوار
هما حَمَيَا ذِمارَك بِالعوالي
…
قُرونًا فاحْتَمَى بهما الذِّمار
وحاصَرَ تُرْكَكِ الإسبانَ حينًا
…
فعادَ عليكِ بالأمن الحِصار
مضوا لم يتركُوا غير ادِّكارٍ
…
لَنَا في القلب لو يُجْدِي ادِّكار
فقل لِبَنيهمُ ابْنُوا من جديدٍ
…
بناءً لا يُهدِّدُهُ انهِيار
وصغْ لبني (تلمسانَ) التَّحايا
…
كطاقات يرِف بها العمار
ووفِّ بني (تلمسان) اعتبارًا
…
وأدنَى ما جَزيت به اعتِبار
لقد حَنَّت جوانحُنا إليهمْ
…
وسارت قَبْلَما سار القطار
أتَيْناهُمْ ضُحًى ولهم حُبُورٌ
…
وإشرافٌ وشوقٌ وانتظار
وسرنا بينهم جَنْبًا لجَنْبٍ
…
كمِثْل الزَّند يكْنُفُه السوار
يُكَبِّر حولنا منهم جهارًا
…
رجالٌ كل دعْوتهم جهار
ألم تَرَ صورةَ الأجْداد فيهمْ
…
عليها من ملامحهمْ إطار
فَقِفْ تَرَ غَرْسَهُمْ يَنْمو بِدارًا
…
بدارٍ نحوَها اشتدَّ البِدار
بها (دارُ الحديث) لها يُنَادي
…
وفيها (ابن الصَّلاح) له يُشار
وليس ابن الصَّلاح سوى (بشير)
…
لنا انتشرتْ معارفُه الكثار
حَمَى أكنافَها لله جُنْدٌ
…
وجُندُ الله ليس له انكسار
وجاءتْها المواكبُ خاشعاتٍ
…
عليها الطُّهر يَبْدو والوقارُ
4) اٍدريس الأصغر بن اٍدريس بن عبد الله مؤسس دولة الأدارسة بالمغرب وقد كانت تلمسان ضمن المملكة الإدريسية في بعض الاْحيان.
5) زيان: جدّ ملوك تلمسان الزيانيين، وقد بقيت بقاياهم إلى ما بعد المائة العاشرة للهجرة وهم من بني عبد الواد، قبيلة من زناتة.
6) مازيغ: أحد الأجداد الذين يرجع إليهم معظم القبائل البربرية.
ومن وحي السماء لها دليلٌ
…
ومن وحي السماء لها مَنارُ
ونحن بنو السّماء لها انسبُونا
…
فليس سِوى السماء لنا نِجار
تَخذْنا الدينَ في الدنيا شعارًا
…
وما كالدِّين في الدنيا شِعار
لنا للعلم تَثْويبٌ وحفْزٌ
…
وتنقيبٌ وكشف وابْتكار
وفي (دارِ الحديثِ) رياضُ علْم
…
عليها نَضْرةٌ ولها اخْضرار
بدت منها ثمارٌ طيِّباتٌ
…
شهيَّاتٌ فأَرْضَتْنا الثِّمار
على طُلّابِها ومُعَلِّميها
…
من البَركاتِ دِيماتٌ ثِرار
وطاب جنَابُها الحاني قرارًا
…
لهم ما طابَ في الخُلد القرار