الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من خطبة عيد الأضحى*
الحمد لله المبدئ المعيد، الوليّ الحميد، ذي العرش المجيد، الفعّال لما يريد، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا ضد ولا نديد، شهادةَ مخلصٍ في التوحيد، راجٍ للحسنى والمزيد، ونشهد أن سيدنا محمّدًا عبده ورسوله لَبِنَةَ التمام وبيتُ القصيد صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأزواجه وذريّته والتابعين، والناصرين لسنّته بالقول والفعل إلى يوم الدين.
الله أكبر! الله أكبر! عباد الله! إن هذا العيد من شعائر الإسلام العظيمة، وسُنن الدين القويمة، شرع الله فيه هذه الصلاة لنجتمع بقلوبنا وأجسادنا، ونتعاطف ونتراحم ونتسامح ونتصافح، وتظهر الأخوّة الإسلامية على حقيقتها، وشرع فيه الأضحية لنوسع فيها على العيال، وندخل الفرح على النساء والأطفال، ونتصدق منها على الفقراء والسُّؤَّال، وبهذا يشترك المسلمون كلهم في هذا اليوم في السرور، ويتقارب الأغنياء والفقراء بالرحمة، وتتواصل أرواحهم وأجسادهم بالأخوّة والمحبّة، ويتذكرون جميعًا ما أتى به الدين الحنيف من خير وصلاح ومعروف وإحسان.
الله أكبر! عباد الله! إن سنّة الأضحية مرغب فيها من نبينا صلى الله عليه وسلم من كل قادر عليها لا تجحف بحاله، ولما كانت قربةً إلى الله فإنه يشترط فيها أن تكون كاملة الأجزاء، سليمة من العيوب لقوله تعالى في مقام الكمال:{لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} ، ولقوله تعالى في مقام الذمّ:{وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ} . وقد كان نبيّنا صلى الله عليه وسلم يرغّب في التصدق من لحمها على الفقراء في أعوام المجاعة والفقر كعامنا هذا، وينهى عن الادخار في مثل هذه الأحوال، فاجمعوا أيها الناس- على سنّة رسول الله- بين الأكل والصدقة على الفقراء، فإن الوقت وقت عسير، وإن عدد الفقراء- وهم إخوانكم- كثير
…
5 مسودة خطبة وجدت في أوراق الشيخ ويرجع تاريخها إلى سنة 1939 أو 1940.
عباد الله! إن هذه الشعيرة الدينية وأمثالها من الشعائر هي كالربح في التجارة، لا ينتظره التاجر إلا إذا كان رأس المال سالمًا، أما راس المال في الدين فهو تصحيح العقائد، وتصحيح العبادات، وتصحيح الأخلاق الصالحة، واتباع سنّة نبيّنا صلى الله عليه وسلم في كل ما فعل وترك، والمحافظة عليها والانتصار لها، ونبذ البدعَ المخالفة لها، ثم صرف الوقت الزائد على ذلك في الأعمال النافعة في الدنيا، فإن الله لا يرضى لعبده المؤمن أن يكون ذليلًا حقيرًا، وإنما يرضى له بعد الإيمان الصحيح أن يكون عزيزًا شريفًا عاملًا لدينه ودنياه، معينًا لإخوانه على الخير، ناصحًا لهم، آخذًا بيد ضعيفهم، محسنًا لهم بيده ولسانه وبجاهه وماله.
فصحّحوا عقائدكم في الله، واعلموا أنه واحد أحد، فرد صمد، لا شريك له في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله، هو المتفرد بالخلق والرزق والإعطاء والمنع والضرّ والنفع. فأخلصوا له الدعاء والعبادة، ولا تدعوا معه أحدًا ولا من دونه أحدًا، وطهّروا أنفسكم وعقولكم من هذه العقائد الباطلة الرائجة بين المسلمين اليوم، فإنها أهلكتهم وأضلّتهم عن سواء السبيل، وإياكم والبِدعَ في الدين فإنها مفسدة له، وكل ما خالف السنّة الثابتة عن نبيّنا صلى الله عليه وسلم فهو بدعة.
وصحّحوا عباداتكم بمعرفة أحكامها وشروطها ومعرفة ما هو مشروع وما هو غير مشروع، فإن الله تعالى لا يقبل منكم إلا ما شرعه لكم على لسان نبيّه صلى الله عليه وسلم.