الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثالث: مقاصد الجمعية وغاياتها وأعمالها:
قواعد عامة - المقاصد الأولى - المقاصد الثانوية - الأعمال التطبيقية - كيفية تنفيذها - وسائل التنفيذ.
ـ[المادة:64]ـ: تجري الجمعية في جميع أعمالها الآتية على أربع قواعد: تقديم الأهم على المهم - ما لا يدرك كله لا يترك كله - درء المفسدة مقدم على جلب المصلحة - قليل العمل خير من كثير القول.
وتجري في الديني منها خاصّة على الرجوع إلى صريح الكتاب وصحيح السنّة، ثم الرجوع إلى الإجماع الثابت والقياس الجلي فيما لا نصّ فيه، ثم الترجيح فيما اختلفت فيه الأنظار والاجتهادات.
وتجري في الاجتماعي منها خاصّة على قواعد: ما كل قديم ينبذ ولا كل جديد يؤخذ، وأن مستقبل الأمة إنما يُبنى على ماضيها، وأنه لا تنافي بين الإسلام والمدنية الصحيحة بل هو روحها وخلاصتها إذا أقيم على وجهه الصحيح، وأن نواميس الكون هي سنن الله فيه، وأن الأخذ بأسباب الحياة هو تحقيق لحكمة الله في تلك السنن، وأن تجديد الأمة الجزائرية إنما هو في غير ما هي به مسلمة وفي غير ما هي به عربية.
وتجري في الدعوة إلى الله على قدم سيد الدعاة صلى الله عليه وسلم المنزّل عليه: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ} ، {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} ، {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} .
وتجري في حجاجها ومناظراتها على الاستدلال البرهاني ثم الإقناعي ثم الخطابي، وتعدل عن الشعريات والسوفسطائيات، كما تعدل عن المواربة إلى الصراحة وعن اللجاجة إلى الإنصاف من نفسها.
وتجري في توزيع الأعمال والوظائف على اعتبار الكفاءة والأهلية. وتجري في وزن الرجال وأقدارهم على اعتبار أعمالهم لا على تقدم أعمارهم.
ـ[المادة:65]ـ: أول مقاصد الجمعية طائفة العلماء والطلبة باستعمال كل الوسائل لحملهم على التخلق بالأخلاق الإسلامية، وتذكيرهم بما غفلوا عنه وأهملوه من الأخوة الدينية والأخوة العلمية وما تقتضيانه من واجبات وحقوق، وحملهم على الاتحاد والتعاضد ونبذ الشقاق والتقاطع حتى يكونوا مظهرًا للفضائل الإسلامية، عاملين بالحق هُداة به دُعاة إليه، فهم من الأمة بمنزلة القلب من الجسد: تصلح إذا صلحوا وتفسد إذا فسدوا.
ـ[المادة:66]ـ: الأمة الجزائرية أمّة إسلامية عريقة في إسلامها، فالإسلام هو دينها الذي تفاخر به وميراثها الخالد، والعربية لغة كتابها ومستودع آدابها وحكمتها، فالجمعية تريد أن ترجع بهذه الأمة- من طريق الإرشاد- إلى هداية الكتاب والسنّة وسيرة السلف الصالح لتكون ماشية في رقيّها الروحي على شعاع تلك الهداية.
ـ[المادة:67]ـ: تتذرع الجمعية بكل الذرائع لإحياء فريضتي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على وجههما الديني، ومن الوسائل التي تستخدمها لهذه الغاية:
أولًا: تأليف لجان مؤقّتة بحسب ما يسعه الجهد، ولو من العوام المتدينين، يقومون بالدعوة اللسانية لترويج هاتين الفريضتين.
ثانيًا: تحقيقها بالفعل بين أعضاء الجمعية فتأخذ في شرطها عليهم أن لا يفترق اثنان منهم من اجتماع إلّا عن تآمر بمعروف وتناهٍ عن منكر، وتواص بالحق وتواص بالصبر.
ثالثًا: الإيعاز إلى الصحف أن تكتب هاتين الجملتين بحروف كبيرة، مجردة أو مقرونة بجمل تقتضي التآمر والتناهي والتواصي، وللكتّاب أن يتعاهدوا هذا الموضوع بالكتابة فيه.
رابعًا: الإيعاز للمدرّسين أن يطرقوا هذا الموضوع في دروسهم، وللمفسّرين منهم أن يفسروا الآيات الكثيرة الواردة في هذا الموضوع ويبيّنوا آثار ترك هاتين الفريضتين في الأمة.
خامسًا: الإيعاز إلى شعراء الملحون أن ينظموا قصائد ومقاطيع تتضمن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتواصي بالحق والتواصي بالصبر، وتسعى الجمعية في نشرها بين العامّة وترغيبهم في حفظها.
سادسًا: طبع كراريس تجمع الآيات الواردة في هذا المعنى والأحاديث الصحيحة وأقوال الحكماء من الشعراء ونشرها بين الناس مجّانًا.
سابعًا: الإيعاز إلى مَن فيه الأهلية من خطباء المساجد أن يتناولوا هذه المواضيع في خطبهم.
ثامنًا: ومن أهم وسائل الجمعية لنيل غايتها تسمية مَن فيه الكفاءة من أعضائها وُعّاظًا مرشدين لترسلهم على نفقتها إلى نواحي القطر، وتنظم لذلك رحلات تراعى فيها عدّة اعتبارات: أن تلقى المحاضرات بلغة عامية أو قريبة من العامية، وأن يكون المحاضر المتجول مبشّرًا لا منفرًا، وأن لا يخرج في أحاديثه الخاصة والعامة على منهاج الجمعية، وأن يكون ملمًّا بالدخائل النفسية لسكان تلك الناحية حتى يعرف من أين يأتيهم، وأن يكون ممثلًا للجمعية بقوله وفعله وحاله، ومن الكمال أن يكون لكل مرسَل علاقة شخصية بالناحية التي يُرسل إليها أو ذكر شائع أو سمعة حسنة، وتنظيم هذه الرحلات وتحديد المواضيع التي يقع فيها الكلام وتحديد أوقاتها من خصائص المجلس الإداري.
ـ[المادة:68]ـ: بهذه الوسائل نفسها تتوسّل الجمعية لإماتة البدع والخرافات المخالفة للدين، ولإحياء السنن الصحيحة الثابتة، ولمقاومة المحرمات الضارة كالخمر والميسر والزنا والسرقة، وقتل النفس، والتزوّج في العدة، وعضل البنات، وكل أموال اليتامى، والرشوة، وحرمان النساء من الميراث، وحبس المطلقات عن التزوّج، والإسراف في
غير الخير، والعوائد الفاشية في المآتم والأعراس، والكذب والغيبة والنميمة، وتعويد اللسان على الطلاق واليمين. ولإقامة الفرائض المتروكة كالصلاة والصوم والزكاة.
ـ[المادة:69]ـ: تدرس الجمعية أحوال المجتمع الجزائري من جميع جهاتها الدينية والأخلاقية والاجتماعية والاقتصادية، وتعهد إلى مَن فيه الكفاءة من أعضائها- واحدًا أو أكثر- بوضع برنامج واسع مفصّل وافٍ ببيان أصول العلل وكيفية معالجتها على وجه تألفه نفس الجزائري، فلا ينفع الدواء إلّا إذا عُرفت حقيقة الداء، ولا تُعرف حقيقة الداء إلّا بمعرفة أسبابه ومناشئه، والحكيم من عالج المرض بإزالة أسبابه، ومن واجبات الواعظ أن يعظ الناس على قدر استعدادهم، ومعرفة ذلك الاستعداد متوقف على تفهّم نفسية الأمة، فإذا فهم العالم نفسية الأمة عرف كيف يقودها إلى الخير وعرف أي طريق تؤخذ منه. وهذا نموذج يمهّد السبيل أمام واضعي البرنامج:
نبدأ بإصلاح العقيدة مثلًا. والعقيدة الحقّة لها ميزان دقيق وهو الكتاب والسنّة، فإذا عرضنا كثر عقائد الناس على ذلك الميزان وجدناها طائشة، فأي سبيل نسلكه لتقويمها، إن اقتصرنا على بيان العقيدة الصحيحة واجتهدنا في إقامة الأدلّة، فإن التأثير يكون قليلًا لأن النفوس قد اصطبغت بعوائد وتقاليد مستحكمة، والفِطر قد فسدت بما لابَسَها من خرافات وأوهام. فالواجب إذن أن نبدأ بمحاربة تلك البدع والخرافات بطرق حكيمة تقرب من أذواق الناس، فإذا ماتت البدع والخرافات وصَفَت الفِطر من ذلك الشوب سَهُلَ تلقين العقيدة الصحيحة وتلقّتها النفوس بالقبول.
ـ[المادة:70]ـ: يبتدئ البرنامج ببيان الأسباب التي أدّت بالناس إلى الإعراض عن الكتاب والسنّة وأبعدتهم عن هدايتهما، ثم ببيان ما يلزم سلوكه لإرجاعهم إلى تلك الهداية، ثم يبيّن الأقسام الأربعة التي انبنى عليها الإسلام وهي: العقائد، والعبادات العملية، والمعاملات، والأخلاق. ويبيّن نصيب الأمة الجزائرية من كل واحد منها، ويبيّن أثر الدين في الاجتماع.
ـ[المادة:71]ـ: تضع الجمعية خريطة للقطر الجزائري تبيّن فيها مناطق العمل، وتُتبعها بفهارس تبيّن فيها خصائص كل منطقة وما يغلب على أهلها من أخلاق صالحة أو فاسدة، ودرجة استعدادهم للخير والشرّ وأسباب ذلك، وما يكثر في كل منطقة من البدع والتقاليد الموروثة، وأثر تلك التقاليد في مجتمعهم الخاص. فإذا أنجزت الجمعية هذا العمل تكون قد مهّدت الطريق لنفسها وأنارت السبيل، وربحت من الوقت في المستقبل أضعاف ما تضيعه في وضع هذه الخريطة وملحقاتها، وأمنت على أعمالها أن تسير على غير منهاج وعلى أوقاتها أن تضيع عبثًا وعلى أموالها أن تنفق في غير مفيد.
ـ[المادة:72]ـ: ظهرت في السنين الأخيرة حركة مباركة في هذا القطر تجلّت في شيئين: تأسيس جمعيات التعليم والبرّ والإحسان، وتأسيس المساجد في المدن والقرى. فدلت هذه الحركة على تطوّر فكري في الأوساط العامية متّجه إلى الدين، وقد تكون هذه الحركة من الإرهاصات السابقة لوجود جمعية العلماء. فمن واجب الجمعية أن تغتنم هذه الفرصة وتعمل
لتنشيط تلك الحركة أولًا والأخذ بيدها ثانيًا، وتدريجها في مدارج الكمال حتى تنقلها من حسن إلى أحسن ثالثًا.
وللجمعية في الوصول إلى هذه الغاية أن تتقرّب من تلك الجمعيات بالهداية والإرشاد حتى يصبح أعضاؤها والقائمون بها من أعضاء جمعية العلماء عملًا وتأييدًا- وهم أحق بها وأهلها- ثم تنظر في وجوه البر التي كانت تؤديها فتوجهها إلى ما هو داخل دخولًا أوليًا في مقاصد الجمعيات وهو التربية والتعليم، ولا يمضي زمن حتى تصبح تلك الجمعيات منابع تربية وثقافة. وهذه الجمعيات قوات موزّعة وقد أفادت المجتمع وهي متفرقة، فكيف بها إذا اجتمعت؟ وقد أفادت في خدمة الأبدان، فكيف بها إذا توفرت على خدمة الأرواح؟ وعلى الجمعية أن تسعى في تعمير هذه المساجد الجديدة وتصييرها معاهد علمية يقوم مدرّسوها وخطباؤها بتنفيذ مقاصد الجمعية على أحسن الوجوه، وإذا سارت الجمعية في هذا السبيل سيرًا موفقًا رشيدًا فلا يمضي قليل زمن حتى تمحى البدع والمنكرات.
ـ[المادة:73]ـ: كانت الحركة التي ذكرناها سببًا في ظاهرة جديدة وعاطفة شريفة ماتت من صدور المسلمين الجزائريين منذ أحقاب، وهي وقف الأملاك على المساجد والمدارس وكل المشاريع الخيرية، فكثيرًا ما سمعنا بعد ظهور الحركة الأولى ما يشف عن رغبتهم في إحياء هذا النوع من المبرّات، فعلى الجمعية أن تشجع هذه العاطفة الشريفة وتنظرها بعين الروية والاهتمام، وإذا كان في القانون الدولي (1) تشريع يقتضي حفظ هذه الأوقاف فإن الأغنياء ينشطون لإشراك الفقراء فيما آتاهم الله.
ـ[المادة:74]ـ: تُعنى الجمعية بترغيب أعضائها العاملين في اقتناء الكتب النافعة كأمهات التفسير والحديث وفقهه واللغة والأدب والأخلاق والتصوّف العملي والتاريخ، وترشدهم إلى أعيانها وتُرغبهم في المطالعة، والغرض من ذلك هو تنمية ملكة الاستحضار والوصول منها إلى العلم الاستدلالي.
ـ[المادة:75]ـ: تعنى الجمعية وتوصي كل مَن فيه الكفاءة بإحياء دروس الحديث من كتبه الصحيحة والتاريخ ومتون اللغة والأدب وعلم الأخلاق والأصول، ومن حقّها تعيين الكتب وأسلوب التدريس على التفصيل المقرّر في البرنامج التعليمي الملحق بهذه اللائحة.
ـ[المادة:76]ـ: سينفتح أمام الجمعية- في زمن قريب أو بعيد- أبواب من العمل لم تكن لها في حساب، فمن الحكمة والحزم أن تحتاط للأمر قبل وقوعه، وما ذلك إلا بإعداد طائفة من الناشئة وتلقينهم أساليب الإدارة نظرًا وعملًا لتجدهم في يوم من الأيام عونًا لها في إدارة المؤسسات من مكاتب وملاجئ ومحميات، ومن المسلّم أن هذا النوع من النظم الاجتماعية
1) نسبةً إلى الدولة.
وهو الإدارة ينقصنا جدًا، وإذا سهل على الجمعية أن تجد معلّمين نظاميّين لمكاتبها القرآنية فإنه لا يسهل عليها أن تجد مديرًا لمكتب جامعًا للشروط.
وتحقيقًا لهذه الغاية فالجمعية تستدعي الشبّان النابهين الذين يرون في أنفسهم حافزًا للقيام بالأعمال الاجتماعية أن يحضروا في جميع جلساتها ويشاهدوا أساليب العمل. وتعدّ ذلك خطوة أولى تخطوها لتحقيق هذا الغرض.
ـ[المادة:77]ـ: تسعى الجمعية في تكثير عدد المكاتب القرآنية على التدريج في أهم مراكز القطر، ويحتوي برنامجها على تعليم الخط العربي والنحو والصرف وحفظ القرآن مع تفهيم مفرداته وضروريات الدين والأخلاق الإسلامية، وتختار من كتب التعليم أقربها للإفادة، وتأخذ الأساتذة بتنفيذ ذلك البرنامج على وجه الدقّة.
ـ[المادة:78]ـ: تعهد الجمعية إلى جماعة من العلماء المستقلين في علم الدين- تسميهم لجنة الإفتاء- ليكتبوا في المسائل التي عمّت فيها البلوى وكثر فيها خلاف الناس، وكانت مثار نزل مستمرّ وجدال مستمر بين الأمة حتى دخل في المعمعة مَن يحسن الكلام ومن لا يحسنه، مثل مسائل الربا والمزارعة والقراض والأوراق المالية، والروائح واللحوم والشحوم الأجنبية، وطعام الكتابي والمطالبة بالأرش على الضرر الأدبي، والتقليد في رؤية الهلال وغير ذلك، وتكون الكتابة على أسلوب البحث والاستدلال ونقد الأدلّة، ثم يبيّنوا للناس حكم الشريعة في هذه المسائل بعد فحص الجمعية لها لإجازتها، وتنشر تلك الكتابات باسم الجمعية حتى تكون فصلًا في محلّ النزاع.
ـ[المادة:79]ـ: من الحاجيات للجمعية أن تكون لها مجلة تنشر محاضراتها ومقالاتها العلمية، وحيث أنها في طور التأسيس فهي تعدّ مجلّة "الشهاب" مجلتها، وعليه فهي تعهد إلى طائفة من كتابها أن يكتب كل واحد في الفرع الذي يتقنه من فروع العلم النافعة على طريقة البحث العلمي.
ـ[المادة:80]ـ: تحارب الجمعية داء الأميّة بكل ما تملك من قوة، ومن وسائل هذه الغاية أن تعنى بتعليم ما تستطيع من اليتامى الذين عدموا الكافل، ولا تقتصر على تعليمهم الصناعة بل تتجاوز بهم إلى التعليم الصناعي ليدخلوا الحياة مسلحين بآلة من آلات الكسب.
ـ[المادة:81]ـ: من غايات الجمعية النبيلة تأسيس كلية دينية عربية بمدينة الجزائر، تدرّس فيها علوم الدين من وسائل ومقاصد، والغاية الكبرى من هذه الكلية هي تقريب العلوم التي يهاجر أبناء الوطن لتحصيلها في الأقطار الأخرى.
ـ[المادة:82]ـ: لا تتشاغل الجمعية بالمناقشات الفارغة والسفاسف التي ليس فيها ثمرة عملية، وتحثّ كل منتسب إليها متعهد سلوك سبيلها أن لا يشغل نفسه ويضيع وقته في تلك الصغائر
ـ[صورة الكراسة]ـ