الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إلى جريدة "الإصلاح
"*
الأخ الأستاذ الشيخ الطيب العقبي- حفظه الله- وسدّد في الحق خطاه.
قد اطّلعت- أيها الأخ- على العدد الأول والأخير من جريدة "الإصلاح" على حين فترة من الجرائد، وكلال طبع من معاناة التعليم، فتحقّق عندي ما لم أكن أجهله من أن صروف الدهر وأحداث الزمان لا تنال من النفوس الكريمة نيلًا إلا من ظواهرها، ولا تُغيّر من الأعراق الأصيلة شيئًا من أعراضها، وأنها أعجز من أن تمتد إلى مكامن المبادئ الراسخة والعقائد الثابتة.
كذلك يبتلي الزمان الجرائد بمثل ما يبتلي به النفوس، ويأخذ منها ويدع، فلا يأخذ من الجرائد المؤسّسة على فكرة إلا كما يأخذ السيل من الصخرة الصمّاء.
سرّني من جريدة "الإصلاح" ما يسرّ كلّ معتنق للفكرة من وجود لسان يعبّر عنها، وسنان يناضل دونها، وسرني فوق ذلك ما يسرّ بناة الإصلاح من معانٍ لا تستوفيها كلمات في رسالة.
* جريدة "الإصلاح"، العدد 16، 11 جانفي 1940، وقد نُشرت الرسالة في الصفحة الأولى من الجريدة وبالمقدمة التالية للأستاذ العقبي:
ما كاد المصلحون الصادقون يرون جريدة "الإصلاح" تبعث من مرقدها وترجع إلى الحياة مرة ثانية حتى بادروا إلى التهافت على اقتنائها، وأقبلوا على مطالعتها بمزيد عناية وشوق ولهفة، وأخذت الطلبات بإرسالها إلى الجهات التي أغفلنا الإرسال إليها أو أرسلنا إليها بكمية غير كافية- ترد على إدارة الجريدة، الأمر الذي شجّعنا وجعلنا ننشط إلى مضاعفة طبعها والزيادة فيه، بعد أن كنا حدّدنا الطبعة الأولى بأربعة آلاف نسخة فقط
…
وقد أعرب لنا الكثيرون منهم مشافهة، وكتب إلينا آخرون عن ابتهاجهم بصدور "الإصلاح" وإعجابهم به، ووعدوا جميعًا بمؤازرته ومساعدته. فحيّا الله الإصلاح والمصلحين وبارك لهم في "الإصلاح" وبارك فيهم. وقد كان في طليعة الإخوان المنشطين والكرام الكاتبين حضرة العلامة الجليل الأستاذ الشيخ البشير الإبراهيمي الرئيس الثاني لجمعية العلماء المسلمين (المقصود نائب الرئيس، لأن الرئيس في ذلك الوقت- جانفي 1940 - هو الإمام ابن باديس).
ونظرًا لما لكتابه في هذا الموضوع من الأهمية والقيمة العلمية الأدبية، أحببنا تقديمه إلى القرّاء كما هو بنصه الرائق، ومعناه الفائق، قال:
أما بعثه بعد سنين فممّا لا عجب منه عندي ما دمت أعرف العزيمة التي بعثته، وكلّ من يستحضر صورة "الإصلاح" القديم و"الإصلاح" الجديد ير أن الروح المديرة واحدة والفكرة المصرِّفة واحدة، فلم يبق من الفوارق إلا بضع سنوات وهي ليست بذات أثر في حياة الفكر.
وإن أخاكم لا يرجو لتلك العزيمة "العقبية" إلا أن يزيدها الله ثباتًا في الدفاع عن الحقيقة، وأن يقيها عثرات القلم وفتنة الرأي.
في 20 ذي القعدة سنة 1358
ودمتم لأخيكم
محمد البشير الإبراهيمي