المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الأستاذ محمد بن مرزوق* - آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي - جـ ١

[البشير الإبراهيمي]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الأول

- ‌مقدمة

- ‌هذه الآثار وتاريخ الجزائر:

- ‌ الحركة العلمية الإصلاحية الدينية

- ‌ الحركة السياسية

- ‌هذه الآثار وحياة الإبراهيمي:

- ‌ مرحلة التكوين والتحصيل الأولى (1889 - 1911):

- ‌ الرحلة المشرقية الأولى (1911 - 1920):

- ‌ مرحلة الإرهاصات (1920 - 1931):

- ‌ بدايات جمعية العلماء (1931 - 1940):

- ‌ قيادة الحركة الدينية والثقافية بالجزائر (1940 - 1952):

- ‌ الرحلة المشرقية الثانية (1952 - 1962):

- ‌ المرحلة الأخيرة (1962 - 1965):

- ‌مشروع الإبراهيمي النهضوي:

- ‌العلم

- ‌ الدين

- ‌الأخلاق

- ‌الإقتصاد

- ‌شخصية الإبراهيمي:

- ‌ الإسلام

- ‌الأقانيم الثلاثة في حياة الإبراهيمي وآثاره:

- ‌العروبة

- ‌الجزائر

- ‌هذه الطبعة الجديدة:

- ‌السياق التاريخي (1929 - 1940)

- ‌قبل تأسيس جمعية العلماء

- ‌محمد بن شنب*

- ‌التعاون الاجتماعي*

- ‌الإنسان أخو الإنسان*

- ‌الإنسانية: آلامها واستغاثتها*

- ‌خطبة جمعية*

- ‌الخطبة الثانية

- ‌الخطابة والتمثيل*

- ‌نائب رئيس جمعية العلماء يتكلم

- ‌كيف تأسست جمعية العلماء الجزائريين*

- ‌القانون الداخليلجمعية العلماء المسلمين الجزائريين*

- ‌الفصل الأول: فيما يرجع إلى نظام الجمعية وإدارتها:

- ‌الفصل الثاني: لجنة العمل الدائمة:

- ‌الفصل الثالث: مقاصد الجمعية وغاياتها وأعمالها:

- ‌الفصل الرابع: في مالية الجمعية:

- ‌إفتتاح مسجد سطيف*

- ‌ديوان أبي اليقظان وجريدة النور*

- ‌الشيخ محمد الطيب عميد آل الشيخ الحواس*

- ‌جمعية العلماء المسلمين الجزائريينالمجلس الإداري للجمعية

- ‌أعضاء مجلس الإدارة:

- ‌جلسة مساء الخميس:

- ‌جلسة يوم الجمعة الثاني عشر شوال 1350:

- ‌جلسة مساء يوم الجمعة:

- ‌جلسة يوم السبت:

- ‌جلسة مساء السبت:

- ‌مات شوقي

- ‌الإسلام والمسلمون*

- ‌وحدة الدين واللسان:

- ‌الإسلام والتاريخ:

- ‌الإسلام والبيان العربي:

- ‌هدي الإسلام في البيان العربي:

- ‌التربية الإسلامية والنقائص البشرية:

- ‌بُعد المسلمين عن الهداية الإسلامية:

- ‌جناية المسلمين على الإسلام:

- ‌شدّة تمسّك المسلمين بالنسبة للإسلام:

- ‌قاعدة الدعوة الإصلاحية وأسلوبها:

- ‌آية الإسلام في قوّة رسوخه في القلوب:

- ‌تعالوا نُسائلكم*

- ‌ 1

- ‌ 2

- ‌ 3

- ‌أسباب تكوين جمعية العلماء المسلمين طبيعية

- ‌جمعيّة العلماء: دعوتها وغايتها*

- ‌ثلاث سنوات من عمر جمعيّة العلماء*

- ‌مُلخصُ خطاب ألقي بنادي الترقّي*

- ‌عرض الحالة العلميّة*

- ‌مقدّمة سجلّ مؤتمر جمعيّة العلماء*

- ‌فلسفة جمعية العلماء*

- ‌تفرق أهل الكتب السماوية في الدين قبل الإسلام:

- ‌بدء تفرق المسلمين في الدين:

- ‌آثار الطرق السيئة في المسلمين:

- ‌دفع شبهة ونقض فرية في هذا المقام:

- ‌أول صيحة ارتفعت بالإصلاح في العهد الأخير:

- ‌نشوء الحركة الإصلاحية في الجزائر:

- ‌الخطوة الأولى:

- ‌الرأي الثاني

- ‌جمعية العلماء فكرة

- ‌جمعية العلماء عقيدة:

- ‌جمعية العلماء حقيقة واقعة:

- ‌موقف جمعية العلماء المسلمين من الطرق:

- ‌موقف الجمعية في التعليم:

- ‌موقف جمعية العلماء من البدع والمنكرات العامة:

- ‌موقف الجمعية من الالحاد:

- ‌موقف الجمعية من التبشير:

- ‌موقف الجمعية من بقية الرذائل:

- ‌جمعية العلماء المسلمين الجزائرين كما هي:

- ‌خاتمة

- ‌الأمّيّة*

- ‌إلى كتّاب "البصائر

- ‌كتاب "السعادة الأبدية

- ‌ 1

- ‌ 2

- ‌أشيخ الإسلام هو أم شيخ المسلمين

- ‌بين عالم وشاعر*

- ‌جواب الشاعر

- ‌لا يبني مستقبل الامّة إلا الأمّة

- ‌ 1

- ‌ 2

- ‌يوم المؤتمر:

- ‌اللغة العربية

- ‌الديانة

- ‌ 3

- ‌من آثار المؤتمر الإسلامي

- ‌يوم الجزائر*

- ‌أمس واليوم

- ‌سرّ تعليق الآمال على الجبهة الشعبية

- ‌فكرة المؤتمر

- ‌النقط التاريخية في المؤتمر:

- ‌يوم المؤتمر:

- ‌قائمة القرارات:

- ‌قائمة الاقتراحات الفردية:

- ‌أهم مقررات المؤتمر:

- ‌اللجنة التنفيذية:

- ‌ما تمّ بعد المؤتمر ولم تنشره الصحف:

- ‌مطالب جمعية العلماء المسلمين الجزائريين:

- ‌حقوق الأمّة الجزائرية التي تطلبها من الأمة الفرنسية

- ‌مقدّمة

- ‌الأوضاع والمعاملات الخاصة:

- ‌النيابات:

- ‌أثر مشاركة جمعية العلماء في المؤتمر:

- ‌المؤتمر الجزائري الإسلامي العام:

- ‌كلمة عن وفد المؤتمر الإسلامي*

- ‌مقتل الشيخ كحول*

- ‌وقفة على أطلال الحادثة:

- ‌أول تحدِّ للمكيدة

- ‌مستند العدلية في اعقال الأستاذ العقبي:

- ‌المستغربات في هذه الحادثة

- ‌مرامي الإشاعات الأولى:

- ‌الإفراج عن الأستاذ العقبي ورفيقه:

- ‌فتح نادي الترقّي وما يتّصل به:

- ‌آثار اعتقال الأستاذ العقبي في الأمة الجزائريةونتيجته للدّعوة الاصلاحيّة*

- ‌الإصلاح الدّيني لا يتمّ إلا بالإصلاح الإجتماعي

- ‌من قصيدة للأستاد الإبراهيمي*

- ‌إما سنّة وإما بدعة*

- ‌المؤتمر الإسلامي الجزائري*

- ‌إلى الطرقيين*

- ‌ 1

- ‌ 2

- ‌الدعوة إلى المناظرة:

- ‌إفتتاح مدرسة دار الحديث بتلمسان

- ‌ 1

- ‌الدعوة العامة

- ‌ 2

- ‌دعوة المجلس الإداري لجمعية العلماء

- ‌ 3

- ‌كلمة في «دار الحديث»

- ‌ 4

- ‌تحيّة «دار الحديث» للشاعر محمد العيد

- ‌تعطيل مدرسة «دار الحديث» *

- ‌المولد النبوي*

- ‌ختم ابن باديس لتفسير القرآن*

- ‌ تمهيد

- ‌ كلمة التصدير لهذا العدد*

- ‌ كلمة في الاحتفالات

- ‌ خلاصة تفسير المعوذتين من درس الأستاذ

- ‌كلمة ببن يدي التلخيص:

- ‌سورة الفلق:

- ‌سورة الناس:

- ‌ خطبة الأستاذ الإبراهيمي التي ختم بها حفلة التكريم

- ‌ التعريف بالمشاركين في حفل ختم التفسير

- ‌تلمسان وابن خلدون*

- ‌العربية: فضلها علىالعلم والمدنية وأثرها في الأمم غير العربية*

- ‌منشور إلى الأمتين الإسلامية والفرنسية*

- ‌الأستاذ محمد بن مرزوق*

- ‌ختم الدروس السنوية «بدار الحديث» *

- ‌ 1

- ‌ 2

- ‌درس في التفسير(سعادة المسلمين في العمل بالقرآن)

- ‌من خطبة عيد الأضحى*

- ‌موقفنا من الطرقية وصحفها*

- ‌إلى جريدة "الإصلاح

- ‌تعزية الإبراهيمي فيفقدان السيد الرشيد بطحوش*

- ‌افتراء مستشرق*

الفصل: ‌الأستاذ محمد بن مرزوق*

‌الأستاذ محمد بن مرزوق*

فجعت مدينة تلمسان عمومًا وطائفة الإصلاح خصوصًا بموت الأستاذ الخير محمد بن مرزوق سليل البيت المرزوقي الشامخ البنيان، ورئيس شعبة جمعية العلماء المسلمين الجزائريين وأحد دعاتها الثابتين.

لقي ربّه ليلة الأربعاء 22 جمادى الثانية بعد مرض لازمه زهاء عام، ولم يفد فيه علاج ولا حيلة، فكان موته صدمة لاقاها المصلحون بالصبر، وكان أثرها فيهم بقدر ما فقدوه بفقد الراحل الكريم من خلال صالحة وعزيمة ثابتة، ويقين لا تشويه الشائبة.

كان كل حظ الفقيد من العلم مبادئ عربية تلقّاها عمن أدرك من مشائخ ذلك العصر في تلمسان، وتعاليم مدرسية رسمية تلقّها بمدرسة تلمسان الحكومية.

ثم بعد حصوله على شهادتها الأخيرة سمتْ به همته إلى تحصيل الشهادة العليا من مدرسة الجزائر فحصَّلها، وبدأ حياته العملية مدرّسًا حكوميًا بالسودان، ثم مدرّسًا بمدرسة الألسن الشرقية بباريس، ولم يرض ذلك كله شيئًا من همته ولا اتّفق مع ما هو مستعدّ له، وكأنه كان يروّض نفسه الأبية على شيء لم يخلق له، ثم انخرط في السلك القضائي من أول مراتبه فلم يلبث فيه إلا قليلًا، ثم دخل في التدريس الرسمي ببلدة "بلعبّاس"، فكانت آخر رتبة لتلك الرياضة التي راض بها نفسه على الوظائف، فلم تتفق واحدة منها مع تلك النفس الحرّة.

ولو أن نفسه كانت من طراز تلك النفوس التي تعشق الوظيفة بما فيها من قيود، لبلغت به اليوم أقصى تلك الدرجات وحلته بحلاها. ولكنها رجعت به، مع رقة الحال، إلى أقرب

* جريدة "البصائر"، العدد 180، 25 أوت 1939 (بدون إمضاء).

ص: 384

عمل من الحرية وهو "الوكالة الشرعية"، وما زال يتبلغ بما يحصله منها محتفظا بإيمانه وحريته وشرف نفسه إلى أن لقي ربّه.

انتُخب عضوًا بالمجلس البلدي مرات متواليات، فكانت ثقة الأمة به في محلّها وكان في حياته النيابية- التي استغرقت بضع عشرة سنة من عمره- مثال الصدق والإخلاص وأداء الواجب، لم يدنس شرفه بمطمع ولم يغمس يده في دنيئة، مع رقة حاله وكثرة عياله، وكان طاهر العقيدة متينها في دينه، صائب الرأي سديد التفكير في الشؤون الدينية العامة. سمعتُ من فيه- رحمه الله أن التعاليم المدرسية الحكومية أثّرت في نفسه تأثيرًا سيئًا كانت نتيجته الإلحاد، ولكن هذه الغمرة انجلت عنه سريعًا، وتلتها غمرة تألم مطبقة، ولما لم يجد أمامه مظهرًا إلا النحلة الدرقاوية انتحلها وغرق فيها إلى الأذنين، ولكنه أدرك بفكرته السليمة فسادها ومُنافاتها لدين الحق، فانتشل نفسه من تلك الوهدة، وبقي يرقب فجر الهدى حتى انبلج فجر نوره بظهور الحركة الإصلاحية على يد جمعية العلماء، فكان الرجوع إلى مبادئها خاتمة المطاف لنفسه التواقة إلى الحق.

كان يوم دفنه يومًا مشهودًا، فقد مشى في جنازته زملاؤه النواب من مسلمين وأوروبيين ونائبا شيخ المدينة ونائب عامل عمالة وهران بتلمسان وكثيرون من موظفي المجلس البلدي، وغمر هؤلاء الرسميين بحر لجي من طبقات الأمة يتقدمهم أعضاء الجمعية الدينية التي كان عضوًا فيها، وشعبة جمعية العلماء التي كان رئيسًا لها، والجميع واجمون مطرقون كأن على رؤوسهم الطير، تأدّبًا بآداب السنّة المطهرة.

فبهذه المناسبة نُعلن البشرى لإخواننا المصلحين بأن إقامة الجنائز على منهاج السنّة الشريفة توطدت بتلمسان، وغلبت على بِدَع الطرقية، وانتصرت انتصارًا حاسما بعد صراع عنيف وثبات من المصلحين مجيد.

ولما وصلت تلك الجموع إلى مصلّى المقبرة اصطفت الصفوف وتقدم للصلاة عليه محمد البشير الإبراهيمي، وبعد الصلاة تحلقت أفواج الخلائق وهو قائم على الجثمان لم يبرح مكانه، فتقدم الأستاذ عبد السلام طالب النائب المالي والعمالي وتلا خطبة مختصرة بالعربية، وتقدم بعده نائب شيخ المدينة فارتجل خطابًا مؤثّرًا بالفرنسية باسم مدينة تلمسان.

ولم يسبق للإبراهيمي أن خطب على جنازة منذ دخل تلمسان لعدم تأتّي المناسبة، وكان في هذا المشهد بادي التأثر، دامع العين، خاشع الطرف، حزين الملامح، فدفعه ذلك التأثر بالمشهد المحزن، بعد أن رمقته العيون من كل جانب، إلى ارتجال خطبة أسالت المدامع

ص: 385

وأثارت كوامن الأسى، وحرّكت في أنفس الشيوخ عروق الخشية والخوف من الله، وحفزت نفوس الكهول إلى التسابق في الصالحات وحسن التأسّي بالعاملين وعرّفهم معنى كرامة النفس وشرفها في سيرة الراحل الكريم، وجلّت لنفوس الشبان عِبَر الحياة وطرائقها في سِيَر من سبقهم.

ولقد- والله- وجلت نفوس وخفقت أفئدة واهتزت من ذلك الخطاب حتى من الذين كانت تعوقهم عوائق الشرّ وتصدّهم رؤوس الضلال عن سماع كلام الإبراهيمي في دروسه ومحاضراته.

رحم الله الراحل المودعّ وعزّى فيه جميع إخوانه المصلحين الأحرار.

ص: 386