الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مؤتمر الثقافة الإسلامية
-
1
- *
للجمعية - الخلدونية بتونس- منذ كانت- يد بيضاء على الثقافة الإسلامية، وأثر بليغ في إحياء التراث الإسلامي بقدر ما يسع جهدها، وقد سارت في عهدها الأخير منذ رأسها الأستاذ محمد الفاضل بن عاشور بخطى واسعة إلى التقدّم، وقدمت لنهضتنا العربية الإسلامية بهذا الشمال مآثر جليلة، وكستها صبغة ثابتة من التجدّد ورسمت لها خطة صادقة في التوجيه والاتساع، فوصل رئيسها الفاضل بمحاضراته شرق الإسلام بغربه، وجسّم العروبة بجناحيها، وأحيا من الوفاء للشرق رسومًا طمسها الإهمال حينًا والأنانية أحيانًا، ولم يقف عند الحدود الضيّقة التي ائتم فيها كثير من قومنا بالاستعمار، فشكرنا له ذلك، وعددناه وصولًا لأرحام طال بينها التجافي حتى أوشكت تتنافر.
وفي هذه السنة رأت الجمعية الخلدونية أن نخطو خطوة جديدة، وتسنّ سنة حميدة، في الجانب الذي نوصم فيه بالنقصان، ونوسم بالتقصير، فدعت إلى عقد مؤتمر ثقافي إسلامي تحت إشرافها، وعيّنت لافتتاحه اليوم العاشر من شهر سبتمبر الآتي، وأحسنت كل الإحسان في إسناد رئاسته إلى فضيلة العالم الأستاذ محمد المختار بن محمود.
وقد دلتنا نشرات الهيأة التحضيرية للمؤتمر التي وصلتنا على أن الاستعدادات قائمة على نظام بديع، وأن المؤتمر سيكون محققًا للغاية التي عقد لأجلها، وسيرفع رأس هذا الشمال الأفريقي الذي أمعن في الهزل، فبدا عليه الهزال.
وجمعية العلماء، وجريدة "البصائر" ترحّبان بالمؤتمر، وترجوان له نجاحًا يقطع ألسنة الخصوم، ويشرح صدور قوم مؤمنين، ويكون غيظًا للحاسدين، وقمعًا للمفسدين.
* "البصائر"، العدد 90، السنة الثانية من السلسة الثانية، 5 سبتمبر 1949م.
وترجوان للجمعية الخلدونية توفيقًا دائمًا إلى مثل هذا العمل الجليل، وأن يكون لها من هذا المؤتمر الأول دليل هادٍ إلى الكمال فيما يتبعه، وتجربة نافعة في تعرّف الوجوه واستقراء السبل.
وسترسل جمعية العلماء وفدًا يمثّلها في المؤتمر، لا ليسدّ ثلمة في المؤتمر، ولكن ليكون رمزًا للتعاون العلمي، والتناصر الأخوي، فقد عاقت جمعية العلماء أعمالها الداخلية لمدارسها وجمعياتها عن الاستعداد الكامل للمؤتمر، وتعارض حقّان فقدمت ألزمهما وما لا تعذر فيه بحال، على ما للعذر فيه مجال، ونقلت أعضاء الوفد من العمل المجهد إلى المؤتمر على غير استعداد، كما ينقل الجندي من الحقل إلى الميدان، فلا يطمعن إخواننا المؤتمرون في أكثر من ذلك من جمعية دائبة على العمل المتواصل، وليس لرجالها فراغ، ولا عطلة صيفية، ولا راحة.