الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فاتحة السنة الخامسة لـ"البصائر
" *
…
وبهذا العدد تفتتح "البصائر" سنتها الخامسة مبتدئة باسم الله القوي المعين، مستعينة به، متوكلة عليه، صابرة على وعثاء السفر وبعد الشقة، ماضية في سبيل الدعوة إلى الحق، متحملة لما يصيبها في سبيله، واثقة بنصر الله الذي ينصر من ينصره، مغتبطة برضى قرائها عنها، وإعجابهم بها، وتألمهم لهذه الصدمات التي تعترض نشاطها أحيانًا فتخمده، راجية- بعد ذلك كله- أن تكون سنتها الخامسة أبرك عليها من السنوات الخالية، وأعمر بالنشاط والعمل، وأبعد عن العوائق والمثبطات.
تفتتح "البصائر" سنتها الخامسة بعهد وثيق تقطعه لقرائها أن لا يجدوها إلّا حيث يرضى الله وان سخط جميع الخلق: يجدونها في مواقف الدفاع عن الإسلام، والنضال عن العروبة، والذود عن الجزائر، ويجدونها في ميادين الانتصار للمسلمين والعرب وللشرق.
…
كان من أماني "البصائر" أن تكون لها مطبعة خاصة، وليس بكثير في جنبها أن تكون لها مطبعة، ولا بكثير على الأمة أن تنشئ لـ"البصائر" مطبعة. إنها لو فعلت لخدمت نفسها قبل أن تخدم "البصائر"، ولكن هذه الأمنية ما زالت تعترضها صعاب من شح الأيدي، وكزازة الأنفس، وقصور الهمم عن السمو، وجهل السواد المادي بوجوه المنفعة المادية، وكسلهم عن مجاراة الأحياء في أساليب الحياة.
وكان من أمانيها أن تخلع القديم من الأشكال والمواضيع، وأن تفتح أبوابًا فتحها ضروري لتطور الحركة العلمية، ولتغير الأوضاع العامة في الجزائر وغيرها، وأن تطوف على
* "البصائر"، العدد 181، السنة الخامسة من السلسلة الثانية، 21 جانفي 1932م.
صنوف القراء بصنوف الرغائب فيجد كل صنف منهم فيها ما يرضي نزعته، ويروي غلته، ولكن يحول بينها وبين هذه الغاية فقد الأعوان، وتزاحم الشواغل.
وكان من أمانيها أن ينصرها أهل العلم- في هذا الشمال كله- كما نصرتهم، ويرفعوا شأنها كما رفعت رؤوسهم، ولكنهم- سامحهم الله- اكتفوا بالثناء، والثناء ينعش ولا يغذي، وبالإعجاب، والإعجاب شهادة بالجمال لا زيادة فيه.
وكان من أمانيها أن تكون صحيفة الشمال الافريقي كله، تغشى نواديه وبواديه، تجلو الحقائق بالصدق، وتكشف عن النقائص بالأمانة والإخلاص، ولكن الاستعمار أبى عليها ذلك وضيق مجالها، فحجر عليها الدخول إلى المغرب الأقصى، والمغرب من بين أجزاء الشمال هو أكملها في الخير نصابًا، وأوفاها من الكمال نصيبًا.
…
إن السنوات مراحل سفر إلى غاية، تقطعها الكائنات الحية الدائبة، وفيها السهول، وفيها الحزون، وفيها الشعاف، وفيها الشعاب، وفيها من مشابه البر الفجاج، وفيها من خصائص البحر الأمواج؛ والحازم من يقدر ذلك، ولا يثنيه عن غايته شيء من ذلك. وكذلك كانت "البصائر" وكذلك تكون إن شاء الله.