الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بيان حقيقة ورفع إيهام
…
*
قالت جريدة "الزهرة" التونسية في عدد يوم الثلاثاء 18 جمادى الأولى 1369، (رقم 13003) ما لفظه: "وصل إلى العاصمة عمان الشيخ الطيب العقبي من جمعية العلماء الجزائريين إلخ
…
".
وفي هذا الكلام شيء مخالف للحقيقة يجب تبيينه، لأنه يوهم القرّاء أن الشيخ الطيب العقبي ما دام من جمعية العلماء فهو موفد منها، ومتكلّم باسمها، وعامل في هذه القضية بمبدئها. والحقيقة أن الشيخ الطيب العقبي ليس من جمعية العلماء ولا عاملًا باسمها، لأنه استعفى من عضويتها سنة 1938 ميلادية، ومن ذلك الحين إلى الآن وهو يعمل باسمه الخاص، وعلى عهدته الخاصة.
وهل تجهل جريدة "الزهرة" هذه الحقيقة؟ نحن نعتقد أنها لا تجهلها، ونعتقد أنه لو كان العقبي من جمعية العلماء حقًا لَمَا ذكرت اسمه، لأنها لم تتعوّد ذكر الجمعية ورجالها إلا فيما يشبه هذا المقام
…
أما كونه عضوًا في هيأة الدفاع عن فلسطين كما ذكرت "الزهرة"، فالحقيقة أنه كان عضوًا في لجنة إعانة فلسطين التي تكوّنت بدافع الغيرة الإسلامية، والوطنية الجامعة، غير مختصة بجمعية العلماء، بل كان أمين مالها، وقد قام بواجبه فيها، ولكن تلك اللجنة أتمّتْ أعمالها بشرف وأمانة، وأبلغتْ ما جمعتْه من مال إلى مأمنه، وانتهت وظيفتها الأساسية بسبب ما تمّ من تغييرات في وضعية فلسطين.
* كتب الشيخ هذا المقال في شهر مارس 1950، قصد نشره ثم عدل عن ذلك وعوضه بمقال أطول عنوانه (لجنة فرانس- إسلام) الذي نشر في حلقتين في شهر أفريل 1950 - انظر: آثار الشيخ محمد البشير الإبراهيمي، الجزء الثالث، ص 328 - 332، والمستشرق المقصود هو لويس ماسينيون.
وأما هيأة "فرنسا- الإسلام- التي ذكرت "الزهرة" أن العقبي مبعوث من طرفها فإننا لا نعرفها، ولا نؤمن بها، فإن كانت موجودة فهي لِشَرّ الإسلام لا لخيره، وللإضرار به لا لنفعه، وإننا نعتقد أن فرنسا أكبر عدوّ للإسلام، وهل يأتي من العدوّ خير؟
إن هذه الهيأة- التي لم نتبيّن إلى الآن حقيقتها- "تدجيلة" جديدة لم يَخْلُ زَمنٌ من أشباهها، ابتكرها بعض المستشرقين الذين يجعلون الاستشراق ذريعة لاستِهْوَاء المفتونين من الشرقيين، ويُغَطّون لهم به ضراوة الحَجّاج، بطراوة "الحَلّاج"، ويبكون لهم على لَيْلَاهم، وهم الذين قتلوها.
أين كان هذا المستشرق يوم شاركت دولته في جريمة فلسطين، وإخراج الإسلام منها، بموافقتها على التقسيم، وبمساعداتها المفضوحة لليهود من يوم وُلدت القضية إلى الآن؟ إنه كان ساكتًا سكوت المغتبط بتلك الأدوار الأثيمة، لأن الإحساس المتنبّه فيه إذ ذاك هو إحساسه الفرنسي، فلما تمّت الأدوار، وبلغت نهايتها، وعلم أن اليهود سَيأخذون المسالك على دينه ودولته معًا- تَنَبَّه إحساسه المسيحي الحانق على اليهود، وجاء يُعَزِّي المسلمين البسطاء تعزية الشامت، ويُنَبِّه دولته إلى أن هناك منفذًا تدخل منه أصبعها في فلسطين، وهو وَقْفُ أي مدين "الجزائري"، وأن هناك ميدانًا تسترجع فيه عطف المسلمين الأغرار، وهو قضية المشرّدين، وأن ذلك لا يتمّ إلّا بتدوبل القدس. فكأن هذا المستشرق لم يَكْفِهِ استغلال دولته للأحياء منّا فابْتَكَرَ لها طريقةً لاستغلال الأموات، وإنَّ هذه لَإحْدى فوائد الاستشراق لهم
…
ولنا، وعلى كل حال فهو قَدْ رَمَى الشبكة، وأصاب ما قُدِرَ له من الرزق ومن ضلّ فإنما يضل على نفسه.
ليت شعري! ماذا يجدي علينا تدويل القدس بعد أن ضاعت فلسطين كلها؟ وماذا تغني عن المشرّدين هذه الصدقات الممنونة بعد أن فقدوا أرضهم وديارهم؟