الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَتَتْبَعَا الْأَوَامِرَ الْمَسْطُورَهْ
…
هُنَا كَإِبْلٍ فِي الْفَلَا مَقْطُورَهْ
لَا تَصْحَبَا الْعِصِيَّ وَالدَّبَابِسَا
…
وَالْحَجَرَ الصَّلْدَ الثَّقِيلَ الْيَابِسَا
وَالْمُوسَ وَالْقَادُومَ وَالْفُؤُوسَا
…
وَكُلَّ شَيْءٍ يَشْدَخُ الرُّؤُوسَا
وَلْتَخْلَعَا نَعْلَيْكُمَا فِي الْخَارِجِ
…
فِي الْخُطْوَةِ الْأُولَى مِنَ الْمَعَارِجِ
وَتَطْرُقَا الْبَابَ الصَّغِيرَ طَرْقَا
…
طَرْقَ دُهَاةِ الْأَنْكَلِيزِ الشَّرْقَا
وَبَسْمِلَا وَكَبِّرَا وَحَوْقِلَا
…
وَالْتَزِمَا الصَّمْتَ وَلَا (تُشَقْلِلَا)(7)
فَإِنْ أَذَنْتُ فَادْخُلَا عَنْ عَجَلِ
…
وَإِنْ سَكَتُّ فَاذْهَبَا فِي خَجَلِ
وَلْتَدْخُلَا بِحَسَبِ الْحُرُوفِ
…
وَالْمِيمُ قَبْلَ الْعَيْن فِي (الْمَعْرُوفِ)
هَذَا وَمَنْ كَانَ طَوِيلَ الْأَنْفِ
…
فَلْيَتَرَبَّصْ سَاعَةً فِي الْكُنْفِ
يَرْتَاضُ بِالتَّنَفُّسِ الْعَمِيقِ
…
وَيَصِلُ الزَّفيرَ بِالشَّهِيقِ
وَهَذِهِ وَرَقَةُ اسْتِدْعَاءِ
…
كَأَنَّهَا شَهَادَةُ اسْتِرْعَاءِ
أَمْضَيْتُهَا مِنْ تَحْتُ لَا مِنْ أَعْلَى
…
كَمَا لَبِسْتُ فِي الْأَخِيرِ النَّعْلَا (8)
وَالْحَقُّ لَا يَحْتَاجُ لِلتَّرْقِيعْ
…
لَا سِيَّمَا مِنْ صَاحِبِ التَّوْقِيعِ
وَلَمْ أُطِلْ خُنْفُسَتِي كَالْحَافِظِي
…
وَإنَّمَا خُنْفُسَتِي (ابْنُ حَافِظِ)(9)
الجلسة الأولى:
(مَكْتَبُ الْمُدِيرِ: أَوْرَاقٌ مُبَعْثَرَةٌ، أَقْلَامٌ مُغْبَرَّةٌ، وُصُولَاتٌ مُعَلَّمَةٌ بِالْأَحْمَرِ، الْمُدِيرُ جَالِسٌ عَلَى كُرْسِيِّهِ، الْجَنَّانُ وَاقِفٌ، ابْنُ الْعَابِدِ مْقَعْمزٌ).
الْمُدِيرُ: حَمْدًا لِمَنْ جَمَعَكُمْ (في الْبِيرُو)
…
وَهْوَ بمَا تَنْوُونَهُ خَبِيرُ
وَصَلَوَاتُهُ عَلَى الْبَشِيرِ
…
مَا صَفَّرَ الْقِطَارُ فِي أَشِيرِ
وَمَا جَرَى الْمِحْرَاثُ فِي الْهَنْشِيرِ
…
وَهَبَّتِ الرِّيَاحُ فِي أَمْشِيرِ
وَهَذِهِ بَرَاعَةُ اسْتِهْلَالِ
…
مُنِيرَةٌ فِي الْقَصْدِ كَالْهِلَالِ
وَالشُّكْرُ لِي إِذْ كُنْتُ فِي الْجَمْعِ سَبَبْ
…
وَكَانَ لِي فيهِ وَجِيفٌ وَخَبَبْ
7) تُشَقْلِلا: كلمة عامية معناها لا تُثَرْثِرا.
8) من تحت الخ: كان بعض القضاة يضع خاتم توقيعه في أعلى الوثيقة.
9) الخنفسة الأولى أراد بها نوعًا من التوقيع المعقد يشبه الطغراء. والثانية هي تلك الدويبة السوداء الكريهة الرائحة وهذه مداعبة لابن حافظ. والشيخ الحافظي: هو رئيس جمعية الطرقيين في الماضي.
يَا أَيُّهَا الْإِخْوَانُ أَهْلًا (بِيكُمْ)
…
إِنِّي قَبْلَ الِابْتِدَا أُنْبِيكُمْ
بِوَاجِبَاتٍ اسْمُهَا النِّظَامُ
…
قَدْ سَنَّهَا الْأَمَاثِلُ الْعِظَامُ
يَجِبُ أَنْ تَنْتَخِبُوا رَئِيسَا
…
لَكُمْ وَحَاشَوا الْمُمْلِقَ الْبَئِيسا
ابْنُ الْعَابِدِ: أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْ ذِي الْكَلِمَهْ
…
فَإِنَّهَا تَصُخُّ سَمْعِي
…
الْمُدِيرُ:
…
وَلِمَهْ؟
ابْنُ الْعَابِدِ: لِأَنَّهَا ذَاتُ مَعَانٍ مُؤْلِمَهْ
…
وَأَنَّهَا تُثِيرُ ذِكْرَى مُظْلِمَهْ
الْمُدِيرُ: بِيِّنْ لَنَا الْمَعْنَى وَخَلِّ الذِّكْرَى
…
فَجَمْعُنَا يُحْدِثُ مِنْهَا ذِكْرَى
ابْنُ الْعَابِدِ: إِنَّ الرَّئِيسَ فِي كَلَامِ الْعُرْبِ
…
مَنْ شُجَّ فِي يَافُوخِهِ بِالضَّرْبِ
الْجَنَّانُ: دَعْنَا مِنَ اللُّغَةِ وَالْإِغْرَابِ
…
فِيهَا فَتِلْكَ شِيمَةُ الْأَعْرَابِ
وَانْظُرْ إِلَى التَّنْكِيتِ فِي قَوْلِ الْخَطِيبْ
…
فَإِنَّ ذِكْرَ الْبُؤْسِ شَيْءٌ لَا يَطِيبْ
وَلَيْسَ مِنْ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ
…
تَعْرِيضُ ذِي الْغِنَى بِذِي الْإِمْلَاقِ
الْمُدِيرُ: لَا تَبْتَئِسْ فَكُلُّنَا بَئِيسُ
…
الْجَنَّانُ:
…
قِيَاسُهُ وَكُلُّنَا رَئِيسُ
ابْنُ الْعَابِدِ: انْظُرْ إِلَيْهِ كَيْفَ قَالَ لَكُمُ
…
وَلَمْ يَقُلْ مِنْكُمْ فَمَاذَا تَحْكُمُ؟
الْجَنَّانُ: أَنَا أَرَى أَنَّ الرَّئِيسَ قَدْ حَكَمْ
…
لِنَفْسِهِ وَمَا لَنَا إِلَّا الْبَكَمْ
أَوْحَى لَهُ الْمَكْتَبُ وَالْكُرْسِيُّ
…
مَنْزِلَةً مَا نَالَهَا إِنْسِيُّ
وَكُلُّ حَالٍ لِلْمَالَ يَرْمُزُ
…
فَانْظُرْ فَأَنْتَ الْقَاعِدُ (المْقَعْمِزُ)(10)
الْمُدِيرُ: اِلْتَزَمُوا النِّظَامَ يَا إِخْوَانِي
…
فَأَنْتُمُ فِي الْخَيْرِ مِنْ أَعْوَانِي
وَنَحْنُ جَمْعٌ
…
الْجَلَّالِي:
…
بَلْ أَقَلُّ الْجَمْعِ
…
كَمَا أَتَى بِهِ الدَّلِيلُ السَّمْعِي
الْمُدِيرُ: وَالْجَمْعُ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ قَائِدْ
…
يَقُودُهُ لِتَحْصُلَ الْفَوَائِدْ
الْجَلَّالِي: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الْقِيَادَهْ
…
وَإِنْ غَدَتْ فِي عَصْرِنَا سِيَادَهْ
قَدْ كُنْتُ عِنْدَ قَائِدٍ مَأْفُونِ
…
فِي مَاءَةٍ تُنْسَبُ لِلفَكْرُونِ (11)
دَرَيْتُ مِنْهُ الْفِعْلَ وَاشْتِقَاقَهْ
…
كَمَا عَلِمْتُ السُّمَّ وَانْتِشَاقَهْ
10) مقمعز: قاعدٌ على قدميه فقط، قِعْدَة المستوفز.
11) القائد في النظام البائد مثل رئيس البلدية في النظام الحالي. المأفون: ضعيف الرأي. تنسب للفكرون الخ: يريد قرية "عين الفكرون" الواقعة في الطريق ما بين قسنطينة وعين البيضاء، العرب تسمي الماء: ماءَةً، يَعنون بها الماء ينزلُ الناسُ به للورد وتكونُ مباءَةً لاستيطانهم.
الْمُدِيرُ: اِنْتَقِلُوا بِنَا إِلَى الْمُفيدِ
…
مِنْ عَمَلٍ مُوَفَّقٍ سَدِيدِ
وَعَيِّنُوا الرَّئِيسَ حَتَّى نَشْرَعَا
…
فِي الْقَصْدِ مِمَّا رُمْتُهُ وَنُسْرِعَا
فَالْأَمْرُ مُحْتَاجٌ إِلَى التَنْجِيزِ
…
بِسُرْعَةٍ فِي زَمَنٍ وَجِيزِ
وَلَيْسَ فِي زِيَادَةِ الْكَلَامِ
…
إِلَّا الزِّيَادَةُ مِنَ الْمَلَامِ
فَاجْتَهِدُوا فِي غَسْلِ هَذَا الْعَارِ
…
مِنْ قَبْلِ أَنْ يُخْلَدَ فِي الْأَشْعَارِ
وَقَبْلَ أَنْ تَدْهَمَنَا الْقَوَافِي
…
بِوَطْأَةٍ شُرُورُهَا ضَوَافِي
فَتَغْتَدِي رُبُوعُنَا عَوَافِي
…
تَجْرِي بِهَا الرَّوَامِسُ السَّوَافِي
الْجَلَّالِي: تُخِيفُنَا بِالْعَارِ وَالْأَشْعَارِ
…
وَلَسْتُ مِنْ حَلْيِهِمَا بِالْعَارِ (12)
وَلَيْسَ فِيهِمْ شَاعِرٌ سَوَاءِي
…
وَالشُّعَرَاءُ كُلُّهُمْ وَرَائِي
أُخِيفُهُمْ طُرًّا وَلَا أَخَافُ
…
وَطَالَمَا سَاجَلْتُهُمْ فَخَافُوا
الْمُدِيرُ: أَنَا النَّذِيرُ فَاسْمَعُوا نَصِيحَتِي
…
وَأَرْهِفُوا أَسْمَاعَكُمْ لِصَيْحَتِي
فَالشَّرُّ لَا يُدْفَعُ بِالتَّعَاجُزِ
…
عَنْ دَفْعِهِ وَالْبُعْدِ وَالتَّحَاجُزِ
وَالدَّمُ لَا يُغْسَلُ بِالْأَبوَالِ
…
وَالنَّارُ لَا تُطْفَأُ بِالْأَقْوَالِ
قُومُوا جَمِيعًا مُتَنَاصِرِينَا
…
مُسْتَبْصِرِينَ مُتَظَافِرِينَا
لِتَتَّقُوا مَسَبَّةً وَبَهْدَلَهْ قَدْ جَلَّلَتْ
…
الْجَنَّانُ:
…
أَنَا أَفُضُّ (الشَّقْلَلَهْ)(13)
بِكَلْمَةٍ تَثْني الْفَصِيحَ مُفْحَمَا
…
الْحَقُّ سَدَّى وَالْبَيَانُ أَلْحَمَا
إِنَّ الْجَمَاعَةَ وَمَا أَسْعَدَهُمْ
…
وَعَنْ سَبِيلِ السُّوءِ مَا أَبْعَدَهُمْ (14)
أَعْنِي بِهِمْ جَمَاعَةَ التَّعْلِيمِ
…
وَعُصْبَةَ التَّهْذِيبِ فِي الْإِقْلِيمِ
قَدْ وَضَعُوكَ أَيُّهَا الْمُدِيرُ
…
فِي رُتْبَةٍ أَنْتَ بِهَا جَدِيرُ
وَفِيهِمُ لِعَارِفِ الْفَضْلِ أُسَى
…
وَمَنْ يَحِدْ عَنْ نَهْجِهِمْ فَقَدْ أَسَا
الْمُدِيرُ: صَرِّحْ أَبِنْ فَالْخَيْرُ فِي التَّصْرِيحِ
…
قَدْ تَبْرَأُ الْعِلَّةُ بِالتَّشْرِيحِ
الْجَنَّانُ: أَقُوُلهَا فَصيحَةً صَرِيحَهْ
…
قَاطِعَةً لِصَاحِبِي مُرِيحَهْ
أَنْتَ امْرُؤٌ تَصْلُحُ لِلرِّئَاسَهْ
…
وَأَنْتَ أَهْلُ الْحِذْقِ وَالْكِيَاسَهْ
12) هذا اعتراف منه بأنه غير عارٍ من العار.
13) الشقللة: كلمة عامية استعملت تملحًا. وتوجد من نوعها كلمات في الرواية، وكلها متمكنة في مواضعها (ش).
14) يعني جماعة التربية والتعليم وهم أهل لكل مدح.
وَأَنْتَ تَدْرِي بِالْقَضَاءِ الْفَصْلِ
…
مِنْ أَيْنَ يُؤْكَلُ (الدِّمَاغُ الْمَصْلِي)(15)
وَهَذِهِ فَرْعٌ عَنِ الْإِدَارَهْ
…
فَخُذْهُمَا بِالْحَقِّ عَنْ جَدَارَهْ
وَهَكَذَا فَلْيَكُنِ الْمُدِيرُ
…
الْجَلَّالِي:
…
وَهَكَذَا فَلْيَكُنِ البَنْدِيرِ
الْمُدِيرُ: مَا لَكَ لَا تَفْتَأُ تَزْدَرِينِي
…
وَبِكَلَامِ السُّوءِ تَعْتَرِينِي
أَمَا عَلِمْتَ أَنَّنِي أَمِيرُكْ
…
وَأَنَّنِي مِنْ قَبْلِهَا مُديرُكْ (16)
الْجَلَّالِي: كَذَبْتَ بَلْ يَمِيرُنِي لِسَانِي
…
وَالْعِلْمُ نِعْمَ الذُّخْرُ لِلْإِنْسَانِ
أَمَّا تَرَانِي كُلَّ يَوْمٍ أَكْدَحُ
…
بِهِ كَأَنِّي فِي صَفَاةٍ أَقْدَحُ
لَوْلَاهُ مَا رَقَقْتُمُ عَلَيَّا
…
وَلَا تَرَامَى خُبْزُكُمْ إِلَيَّا
وَأَنْتَ لَوْلَاهُ لَمَا عَامَلْتَنِي
…
وَلَا بِقَوْلٍ طَيِّبٍ جَامَلْتَنِي
بَلْ أَنْتَ لَوْلَاهُ لَمَا عَرَفْتَنِي
…
وَكُنْتَ فِي بَعْضِ الزُّبَى جَرَفْتَنِي
وَأَنْتَ لَوْلَا حِرْفَتَي حَذَفْتَنِي
…
وَمِنْ صُخُورِ رَاشِدٍ قَذَفْتَنِي (17)
وَأَنْتَ لَا تَمِيرُ حَتَّى هِرَّهْ
…
يُشْبِعُهَا مِنَ الطَّعَامَ بُرَّهْ
وَأَنْتَ لَا تَقْدِرُ أَنْ تَمِيرَا
…
حِمَارَةً تُعْلِفُهَا الغَمِيرَا (18)
الْجَنَّانُ: وَهِمْتَ حَقَّا فِي الَّذِي فَهِمْتَ
…
وَفِي خَيَالِ الشُّعَرَاءَ هِمْتَ
15) هذا تصرّف منه في المثل وهو: "يعرف مِنْ أَيْنَ تُؤكلُ الكَتِفُ".
16) كلمة أَمِيرُك صالحة بلفظ واحد أن تكون وصفًا من الإمارة. والضمير مضاف إليه. وهذا هو الذي قصد إليه المدير. وأن تكون مضارعَ المتكلمِ. من مَارَ يَمِيرُ إذا جَلَبَ الميرةَ وهي القُوتُ. ومنه قوله تعالى: {وَنَمِيرُ أَهْلَنَا} . وهذا المعنى هو الذي فهمه الْجَلَّالِي وسبق إلى ذهنه، لأنه أقرب إلى تصوّره، وأسبقُ إلى إحساسه. فبنى عليه ذلك الافتنانَ العجيبَ ولله دَرُّهُ. وهذه الكلمة تُستخرج منها عِدة تجنيساتٍ. تقول: أَمِيركَ أعُولُكَ. وتقول: أنا لِعِيَالي أمير. قال الراجز:
وَلي عِيَالٌ وَأَنَا أَمِيرُهُم
…
أَقُوتُهُمْ في الْمَحْلِ أَوْ أَمِيرُهُمْ
وقال: أَميرُنَا يَمِيرُنَا بِخُبْزَهْ
…
فَإِنْ طَلَبْنَا غَيْرَهَا فَدَبْزَهْ (*)
وقال: إِنَّ أَبَا عَمْرو غَدَا أَميرَنا
…
لَكِنَّهُ في الْمَحلِ لَنْ يَمِيرَنَا
وقالَ: لَقَدْ أَطَعْنا أَيُّهَا الأَمِيرُ
…
بِالصِّدْقِ إِنْ كُنْتَ لَنَا تَمِيرُ
وقال: إِنِّي إذا مَارَ السَّحَابُ مَوْرَا
…
وَأَصْبَحَ الْمَاءُ الْقَرَاحُ غَوْرَا
أَمِيرُ جِيرَانِي وَأَهْلِي مَيْرا
…
مُجْتَهِدًا وَلَا أَمِيرُ الطيْرَا
وهذه الأراجيز في الكلمة كلها جاهلية، لراجز في آفلُو مَنْفَاهُ، وهو صاحبُ الروايةِ.
(*) دَبْزة: لَكْمَة.
17) من صخور راشد الخ: هو سيدي راشد الذي تُنسبُ إليه القنطرةُ العجيبة في قسنطينة.
18) الغَمِيرُ: الحشيشُ الدقيقُ الملتفُ حَوْلَ النباتِ الكبير، ولا زالت مستعملةً حتى الآن، وقد أدخلناها في كتاب "بقايا فصيح العربية في اللسان العامي".
إِنَّ الرَّئِيسَ يَا أَبَا عُمَارَهْ
…
لَمْ يُرِدِ الْمَيْرَ بَلِ الإِمَارِهُ
سِيَاقُهُ عَلَى الْمُرَادِ مُشْتَمِلْ
…
وَلَفْظُهُ لِلْمَعْنَيَيْنِ مُحْتَمِلْ
الْجَلَّالِي: وَاحَرَبَا فَهَذِهِ أَكْبَرُ مِنْ
…
تِلْكَ وَبِادُعَائِهَا أَنَا قَمِنْ
فَانْظُرْ تَجِدْ مَخَايِلَ الإِمَارِهْ
…
فِي هَيْأَتِي وَاضِحَةَ الأَمَارَهْ
وَلَوْ صَحَا الدَّهْرُ لَكُنْتُ مَلِكَا
…
وَمَا نَهَجْتُ شَرَّ نَهْجٍ سُلِكَا (19)
وَأَرْضُنَا ضَمَّتْ رُفَاتًا لِنَبِي
…
فَإِنْ طَلَبْتُ الْمُلْكَ لَمْ أُؤَنِّبِ (20)
أَمَّا الْمُدِيرُ فَأَرَاهُ يَدَّعِي
…
مَا لَا يُوَاتِيهِ كَدَعْوَى الضِّفْدَعِ (21)
أَغَرَّهُ أَنْ كَانَ مِنْ قَجَّالِ
…
وَأَنَّهَا بِالْقُرْبِ مِنْ أَقْجَالِ (22)
وَهْيَ مَجَالُ النَّزْعَةِ الدَّعِيَّهْ
…
وَمُسْتَرَادُ الدَّعْوَةِ الشِّيعِيَّهْ
جِبَالُهَا كَانَتْ كَمِثْلِ الْمَهْدِ
…
لِحِفْظِ مُلْكِ الْفَاطِمِيِّ الْمَهْدِي
هَيْهَاتَ مَا أَقْجَالُ مِنْ قَجَّالَ
…
إِلَّا كَجَزْلِ الشِّعْرِ فِي الْأَزْجَالِ
وَأَهْلُ قَجَّالٍ إِذَا تَسَامَوْا
…
لِلْمَجْدِ عَنْ مِنْهَاجِهِ تَعَامَوْا
يَأْتُونَ فِي فَخَارِهِمْ بِمَسْعُودْ
…
كَمَنْ أَتَى الْوَغَى بِسَيْفٍ مِنْ عُودِ (23)
وَذِكْرَهُ فِي الذِّكْرِ غَيْرُ مَشْهُودْ
…
وَلَيْسَ فِي تَارِيخِنَا بِالْمَعُهُودْ
يَدْعُونَهُ يَا قَالِعَ الْفُرْسَانِ
…
وَجَالِبَ الْأُسُودِ فِي الْأَرْسَانِ
لَغْوٌ مِنَ الْمَيْنِ الصُّرَاحِ قَدْ جَرَى
…
عَلَىَ لِسَانِ الْجَاهِلِينَ قَدْ سَرَى (24)
وَلَمْ يُزَحْزِحْ أَكُفَلًا عَنْ سَرْجِهِ
…
وَلَا اسْتَفَزَّ ثَعْلَبًا مِنْ حَرْجِهِ (25)
وَفَخْرُهُمْ فِي عَصْرِنَا بِاثْنَيْنِ
…
مِنْ خِيرَةِ الرِّجَالِ دُونَ مَيْنِ
19) شر نهج في نظره هو التعليم، ولم يدر أن التعليم كثيرًا ما كان طريقًا إلى الإمارة ووضع صاحبها المطرقة ليرفع الصولجان.
20) النبي الذي يعنيه هو خالدُ بنُ سِنَان العَبْسي الذي تقول الأساطير إن قبرَه على أميال من قرية "أولاد جلّال".
21) دعوى الضفدع أقصوصة من أقاصيص الرافعي.
22) أقْجَال قرية قرب سطيف، لا تزال أطلالُها ماثلةً وهي التي اختارها أبو عبد الله الشيعيّ، الداهيةُ لِبَدْءَ دَعْوتِهِ بين برابرة كتامة، وكانوا يُسمّونها "دار الهجرة" تسميةً ذاتَ مَغْزىً سياسي.
23) سيدي مسعود ينسب إليه الجامع الأعظم بقرية قَجَّال، ويقول عنه العامة والطلبة: أن سيدي عبد الرحمن الأخضري تَخَرّج منه. والقَجَّالون يحلفون به من دون الله ويقولون: "وحقّ سيدي مسعود قلَّاع الفُرْسان".
24) المين: الكذب (ج).
23) الأكْفَلُ: هو الذي لا يتمالك في ركوب الخيل.
لَكِنَّهُمْ شَانُوهُمَا بِالْإِسْمِ
…
وَالْإِسْمُ لِلرِّجَالِ مِثْلُ الْوَسْمِ (26)
فَفَارِسُ الْخَيْلِ دَعَوْهُ الْكُسْكُسَا
…
كَأَنَّهُ مُرَكَّبٌ مِنْ كُسْ كُسَا (27)
وَفَارِسُ الْعِلْمِ نَمَوْهُ عَمْدَا
…
لِأَحْمَدُوشَ وَعَدَوْهُ الْحَمْدَا
الْمُدِيرُ: أَسْرَفْتَ فِي النَّبْزِ وَلَمْ تَرْعَ الْأَدَبْ
…
وَالْمَرْءُ إِنْ أَجْدَبَ عَقْلُهُ جَدَبْ
وَأَنْتَ وَغْدٌ مِنْ بَنِي جَلَّالِ
…
فَهَلْ سَأَلْتَ الْعُرْبَ عَنْ جَلَّالِ؟
وَهْوَ الَّذِي يَقْتَاتُ مَحْضَ الْعَذِرَهْ
…
وَالْفَضَلَاتِ النَّجِسَاتِ الْقَذِرَهْ
وَمِنْهُ جَاءَتْ صِفَةُ الْجَلَّالَهْ
…
وَأَكْلُهَا يَحْرُمُ فِي ذِي الْحَالَهْ
وَطُولُ أَنْفِكَ مِنَ الشُّهُودِ
…
عَلَى امْتِدَادِ الْعِرْقِ
…
الْجَنَّانُ:
…
فِي الْيَهُودِ
الْمُدِيرُ: مَا قُلْتُهَا أَنَا وَلَكِنْ قَالَهَا
…
زَمِيلُكَ الغِرُّ وَمَا اسْتَقَالَهَا
الْجَنَّانُ: مَا قُلْتُ إِلَّا مَا رَمَى إِلَيْهِ
…
مَعْنَاكَ أَوْ دَلَلْتَنِي عَلَيْهِ
وَالطُّولُ وَالْأَنْفُ مَعًا وَالْقَافِيَهْ
…
قَرَائِنٌ بِالْقَصْدِ مِنْكَ وَافِيَهُ
الْجَلَّالِي: الشِّرْكُ لَا يَدْفَعُ عَنْكُمَا الدَّرَكْ
…
وَالذَّنْبُ بَيْنَ الْقَائِلَيْنِ مُشْتَرَكْ
وَلَا أَشُكُّ أَنَّ ذَا الْأَمِيرَا
…
قَدْ كَانَ يَرْعَى الْمَعْزَ وَالْحَمِيرَا
فَمِنْهُمَا اكْتَسَبَ هَذَا اللُّطْفَا
…
حَتَّى ثَنَى مِنْهُ الدَّلَالُ الْعِطْفَا
الْمُدِيرُ: الْجَهْلُ قَدْ يُبْدِي مِنَ السَّفِيهِ
…
كُلَّ الَّذِي مِنَ الْعُيُوبِ فِيهِ
فَقُلْ لَنَا يَا حَارِسَ الْمَرَابِدِ
…
أَأَنْتَ لِلْعَبِيدِ أَمْ لِلْعَابِدِ!
الْجَلَّالِي: زَنَنْتَنِي (28)
…
الْجَنَّانُ:
…
فَاطْلُبْ لَهُ الْحُدُوْدَا
…
وَاسْتَصْرِخِ الْقَاضِيَ وَالشُّهُوَدَا
وَزُجَّهَا قَضِيَّةً فِي الْمَحْكَمَهْ
…
جَارِيَةً عَلَى النُّصُوصِ الْمُحْكَمَهْ
وَحَرِّرِ التُّهْمَةَ فِي مَقَالِ
…
وَاذْهَبْ بِهَا لِلشَّيْخِ عَبْدِ الْعَالِي
وَخُذْهُ بِالْعَزْمِ عَلَى التَّسْجِيلِ
…
وَبِصُدُورِ الْحُكْمِ بِالتّعْجِيلِ
فَإِنْ أَخَذْتَ فَالْجَزَاءُ الْجَلْدُ
…
يُشَانُ مِنْهُ عَظْمُهُ وَالْجِلْدُ
26) الوَسْمُ: العلامة.
27) نشأ في قجّال في هذه العهود الأخيرة رجلان أحدهما اشتهر بالرئاسة والفروسية والشجاعة والكرم، وهو الذوادي بن الكسكس. والآخر بالفقه والخير وهو الشيخ بن الصديق بن حمادوش، ولم أدركهما وإنما أدركت أولادهما يعني ابن العابد.
28) الزَّنُّ هو الرمْي بالريبة، وهو أوسع دلالة من كلمة القذف في معناها الشرعي.
وَإِنْ عَفَوْتَ فَاطْلُبِ (الدُّومَاجَا)(29)
…
وضَمِّنَ الْخُبْزَةَ (وَالْفُرْمَاجَا)(30)
هُنَا يَتَشَاغَلُ الْمُدِيرُ بِقِرَاءَةِ أَوْرَاقٍ مُسْتَعْجَلَةٍ فِيَتَهَامَسَانِ:
الْجَنَّانُ: وَهَاكَ مِنِّي كَلْمَةً فِي سِرِّكْ
…
أَقْضِي بِهَا مَا فَاتَنِي مِنْ بِرِّكْ
إِنَّ الْخَبِيثَ يَكْنِزُ الدَّرَاهِمْ
…
وَإِنْ بَدَا مِثْلَ الْخَرُوفِ الرَّاهِمْ
الْجَلَّالِي: مِنْ أَيْنَ يَأْتِي الْمَالُ لِلْقَجَّالِي
…
وَحَالُهُ فِي الْهَمِّ مِثْلُ حَالِي؟
الْجَنَّانُ: لَقَدْ قَضَى زَمَانَهُ حَزَّابَا
…
مِثْلِيَ مُذْ كُنَّا مَعًا عُزَّابًا
ثُمَّ عُزِلْتُ وَاسْتَمَرَّ يَمْرِي
…
جِرَايَةً تُجْرَى لِكُلِّ شَهْرِ
وَهْوَ بَخِيلٌ لَا يَكَادُ يُنْفِقُ
…
كَالدُّودِ يَقْتَاتُ الثَّرَى وَيُشْفِقُ (31)
الْجَلَّالِي: ذَكَّرْتَنِي بِهَذِهِ الْوَظِيفَهْ
…
فَإِنَّهَا فِي وَضْعِهَا سَخِيفَهْ
وَلَوْ حَبَوْنِي قَرْطَةً وَالزَّابَا (32)
…
مَا كُنْتُ فِي أَحْزَابِهِمْ حَزَّابَا (33)
الْجَنَّانُ: لَوْ ذُقْتَ مَا ذُقْنَا مِنَ الْحَلَاوَهْ
…
لَزِدْتَ عَمَّا رَتَّبُوا عِلَاوَهْ
وَلَقَرَأْتَ خَمْسَةً بِفَلْسِ
…
وَالسِّرُّ فِي قَبْضِ الرِّقَاقِ الْمُلْسِ (34)
إِنَّ الْوَظِيفَ قَهْوَةٌ بِالسُّكَّرِ
…
أَوْ خَمْرَةٌ إِنْ لَمْ تُمَوِّتْ تُسْكِرِ
الْجَلَّالِي: لَكِنَّهَا مَجْلَبَةٌ لِلذُّلِّ
…
وَلِلْمَهَانَةِ الَّتِي تُدَلِّي
وَلِخُضُوعِ الرَّأْسِ للْأَذْنَابِ
…
وَلاِتِّضَاعِ الْأَسْتِ لِلْأَطْنَابِ
وَأَنَّهَا مَخْرَسَةٌ لِلْأَلْسُنِ
…
عَنْ كَلْمَةِ الْحَقِّ وَقَوْلِ الْأَحْسَنِ
الْجَنَّانُ: إِذَا قَبَضْتَ الرَّاتِبَ الشَهْرِيَّا
…
نَبَذْتَ مَا ذَكَرْتَهُ ظِهْرِيَّا
وَعُدْ لِمَا سِيقَ لَهُ الْحَدِيثِ
…
مِنْ قَبْلِ أَنْ يَنْتَبِهَ الْخَبِيثُ
الْجَلَّالِي: لَأَفْعَلَنَّ فَاحْفَظِ الشَّهَادَهْ
…
حَتَّى يُقِضَّ حِفْظُهَا مِهَادَهُ
وَادِّهَا فِي الْوَقْتِ كَالْعِبَادِهْ
…
الْجَنَّانُ:
…
بِذَاكَ أَوْصَى رَبُّنَا عِبَادَهْ
الْجَلَّالِي: وَقَدْ عَرَفْنَا خَصْمَنَا اللَّدُودَا
…
فَأَوْلِهِ الْإِعْرَاضَ وَالصُّدُودَا
وَجَازِهِ قَطِيعَةً وَهَجْرَا
…
فَإِنَّ فِي الْإِعْرَاضِ عَنْهُ أَجْرَا
29) الدُّوماجا: كلمة فرنسية معناها الخسارة.
30) الفُرْماجا: كلمة فرنسية معناها الجُبْن
…
31) كالدود الخ مثل عامي معرب. ويُشفق مستعملة في معنى عامي غير فصيح.
32) قرطة: اسم قسنطينة القديم. والزاب: منطقة في صحراء الجزائر.
33) حزَّابا: قارئ ورد الحزب القرآني في المسجد بأجرة.
34) الرقاف الملس: أوراق النقد.
مَا زَالَ مِنْ دَلَالِهِ عَلَيْنَا
…
يُجْهِدُ فِي جَرِّ الْأَذَى إِلَيْنَا
حَتَّى رَمَاهُ اللهُ مِنِّي بِخَصِمْ
…
لَا يَنْثَنِي عَنْ خَصْمِهِ أَوْ يَنْقَصِمْ
الْجَنَّانُ: دَاكُورُ (35)
…
الْجَلَّالِي:
…
يَا أَخِي وَمَا مَعْنَى دَاكُورْ؟ فَإِنَّنِي لِلَفْظِهَا غَيْرُ ذَكُورْ
الْجَنَّانُ: إِنْ لَمْ أُعِنْ أَخِي أَكُنْ غَيْرَ شَكُورْ
…
لِفَضْلِهِ وَكُنْتُ لِلْعُرْفِ نَكُورْ
وَكُنْتُ أَهْلًا لِلْجَفَاءِ وَالْمَلَامْ
…
وَالِاحْتِقَارِ الزُّمَلَاءِ
…
الْجَلَّالِي:
…
وَالسَّلَامْ
وَعِشْتَ يَا جَنَّانُ وَانْتَعَشْنَا
…
وَإنْ عَلَا السِّنُّ فَلَا ارْتَعَشْنَا
يَفْرَغُ الْمُدِيرُ فَيَلْتَفِتُ إِلَيْهِمَا:
الْمُدِيرُ: وَيْحَكُمَا أَتَجْهَلَانِ النَّحْوَا؟
…
وَتَسْأَلَانِ بِالثُّبُوتِ الْمَحْوَا
وَتَفْهَمَانِ الْأَمْرَ بِالْمَقْلُوبِ
…
وَالْجَهْلُ حَظُّ الْخَاسِرِ الْمَغْلُوبِ
فَأَيْنَ مِنْكُمْ صَنْعَةُ الْبَيَانِ
…
وَسِرُّهَا الْمُودَعُ فِي الْأَذْهَانِ؟
وَأَيْنَ مَا صَرَفْتُمَا مِنْ زَمَنِ
…
فِي جَدَلٍ مِثْلَ الْمَخَاضِ الْمُزْمِنِ؟
وَأَيْنَ مَا تَسْتَفْرِغَانِ فيهِ
…
جُهْدَكُمَا مِنْ غَرَضٍ نَبِيهِ؟
وَأَيْنَ مَا ضَيَّعْتُمَا مِنْ عُمْرِ
…
فِي ضَرْبِ زَيْدٍ لِأَخِيهِ عَمْرِو؟
وَلَوْ دَرَسْتُ عُشْرَ مَا دَرَسْتُمَا
…
لَمْ أَجْرُشِ الشَّرْيَ الَّذِي جَرَشْتُمَا
أَخْطَأْتُمَا مَوَاقِعَ الْإِصابَهْ
…
وَوَضْعَهَا فِي النُّطْقِ وَالْكِتَابَهْ
وَأَنْتَ يَا ابْنَ الْعَابِدِ اخْتِصَاصِي
…
تَشِيمُ بَرْقَ الْفَهْمِ مِنْ خَصَاصِ
وَأَنْتَ مِنْ حَمَلَةِ الْأَقْلَامِ
…
وَأَنْتَ لَا تُحْسِنُ رَسْمَ اللَّامِ (36)
الْجَنَّانُ: أُحْجِيَّةٌ جَاءَ بِهَا الرَّئِيسُ
…
لَا يَسْتَطِيعُ حَلَّهَا إِبْلِيسُ
الْمُدِيرُ: قَدْ قُلْتُ ذَاكَ الْقَوْلَ في أَدِيبِنَا
…
وَمُسْتَحِقِّ الْفَضْلِ فِي تَأْدِيبِنَا
جَرْيًا عَلَى طَرِيقَةِ الْإِنْشَاءِ
…
تَحْبيرَ طَرَّازٍ لَهَا وَشَاءَ
وَلَمْ أُرِدْ بِالْجُمْلَةِ الْإِخْبَارَا
…
وَإنَّمَا أَرَدْتُ الِاسْتِخْبَارَا
فَهْوَ كَلَامُ السَّائِلِ الْمُسْتَفْهِمِ
…
عَنْ غَرَضٍ فِي ذِهْنِهِ مُسْتَبْهِمِ
35) داكور: كلمة فرنسية معناها موافق.
36) اللّام: الشخص. واللّام: الحَرْفُ. وكل منهما تأتي معه كلمة الرسم. ورسمُ الشخص: هو تصويرُه. ولذلك جاء الإلْغاز متمكنًا، فالمدير يريد أن ابن العابد، وإن كان كاتبًا، لكنه لا يُحسن التصوير اليدوي للأشخاص، لأنه لكل فن رجاله. فجاء بهذه التورية البديعية التي تفطن لها الْجَنَّانُ.
وَحُجَّتِي فِيهِ كَلَامُ الْعَرَبِ
…
وَنَحْوُهُمْ وَالضَّرْبُ غَيْرُ الضَّرَبِ (37)
الْجَلَّالِي: يَا عَجَبَا تَقْذِفُنِي بِالرَّيْبِ
…
وَتَنْتَحِينِي بِعَظِيمِ الْعَيْبِ
ثُمَّ تَجِي بِالْعُذْرِ وَالتَّأْوِيلِ
…
فِي مَنْطِقٍ مَا فِيهِ مِنْ تَعْوِيلِ
وَفِي كَلَامِكَ مِنَ التَّغْرِيرِ
…
لِلْقَذْفِ مَا جَلَّ عَنِ التَّبْرِيرِ
وَالْحُرُمَاتُ بَيْنَنَا قِصَاصُ
…
وَصَاحِبُ الْحَقِّ لَهُ اخْتِصَاصُ
الْمُدِيرُ: أُطلُبْ وَطَالِبْ وَاجْتَهِدْ وَخَاصِمِ
…
فَعَاصِمِي مِنْ شَرِّكَ ابْنُ عَاصِمِ
أَمَا قَرَأْتَ قَوْلَهُ فِي الْبَابِ
…
عَنْ عُلَمَاءِ الْمَذْهَبِ الْأَنْجَابِ
(وَيُدْفَعُ الْحَدُّ بِالِاحْتِمَالِ
…
فِي قَالَةِ الْقَذْفِ وَبِالْإِجْمَالِ)
(وَبِالْكِنَايَةِ وَبِالْإِبْهَامِ
…
وَمِثْلُهُ الْإِنْشَا بِالِاسْتِفْهَامِ)
(وَشِدَّةُ الْخَفَاءِ فِي الدِّلَالَهْ
…
كَيَا غُرَابُ أوْ كَيَا ثُعَالَهْ)
(وَكُلُّ ذَا لِمَا رَوَى الْجُدُودُ
…
بِالشُّبُهَاتِ تُدْرَأُ الْحُدُودُ)
الْجَنَّانُ: يَا سَادَتِي يَا إِخْوَتِي يَا زُمَلَا
…
أَمَا تَخَافُونَ افْتِضَاحًا فِي الْمَلَا؟
هَذِهِ الْمُلَاحَاةُ إِذَا مَا شَاعَتْ
…
بَيْنَ الْوَرَى وَاشْتَهَرَتْ وَذَاعَتْ
فَإِنَّهَا حَيَاتُنَا تَدَاعَتْ
…
أَرْكَانُهَا وَخَسِرَتْ وَضَاعَتْ
أَمَّا إِذَا انْتَهَتْ إِلَى التَّدَاعِي
…
تَرْفُلُ فِي ثَوْبٍ مِنَ الْإِقْذاعِ
وَأُعْلِنَتْ بِمَا بِهَا مِنْ فُحْشِ
…
فِي مَنْطِقِ الْإِنْسِ وَفِعْلِ الْوَحْشِ
فَالْقَبْرُ خَيْرٌ وَأَخَفُّ وَقْعَا
…
مِنَ الْحَيَاةِ وَافْتِرَاشِ الدَّقْعَا
إِنِّي أَرَى شَرًّا يُطِيرُ شَرَرَهْ
…
وَسَوْفَ نَجْنِي غِبَّهُ وَضَرَرَهْ
وَأَوَّلُ النَّتَائِجِ الْمُحَقَّقَهْ
…
تَضْيِيعُنَا لِلْخُبْزَةِ الْمُرَقَّقَهْ
وَنَحْنُ قَوْمٌ عَيْشُنَا بِالذِّكْرِ
…
وَلَا كَعَيْشِ الْفُقَرَا (بِالذِّكْرِ)
وَعَيْشُنَا رِبْحٌ وَرَأْسُ الْمَالِ
…
فَضِيلَةُ الصَّبْرِ وَالِاحْتِمَالِ
فَإِنْ عَدَتْنَا السِّيرَةُ الْحَمِيدَهْ
…
فَكَيْفَ نَغْدُو قُدْوَةً رَشِيدَهْ
وَأَنْتُمُ مُسْتَوْدَعُ الْفَضَائِلِ
…
وَحَامِلُو تَرِكَةِ الْأَوَائِلِ
وَأَنْتُمُ النُّورُ لِهَذِي الْأُمَّهْ
…
فَمَنْ يُنِيرُ إنْ عَرَتْكُمْ ظُلْمَهْ؟
أَنْتُمْ سِمَاتُ الْحَقِّ فِي أَغْفَالِهَا
…
وَأُمَنَاءُ اللهِ فِي أَطْفَالِهَا
وَالْجِيلُ عَنْ مِرْآتِكُمْ يَنْعَكِسُ
…
فَسَابِقٌ لِلْفَضْلِ أَوْ مُرْتَكِسُ
أَخْلَاقُكُمْ فِي النَّاشِئِينَ تَنْطَبعْ
…
فَحَاذِرُوا مِنْ أَنْ يُرَى فِيهَا طَبِعْ
37) في الأبيات الثلاثة احتجاجٌ من المدير مُفْحِمٌ. والضرْب بالسكون معروف، والضرَب بفتح الراء: العسل، وشتّان ما بينهما وهذا تمثيل.
وَإنَّمَا صِغَارُهَا أَمَانَهْ
…
نَبْغِي لَهَا الصِّدْقَ وَنَحْنُ مَانَهْ
وَفِيهِمُ الْحَصَاةُ وَالْجُمَانَهْ
…
وَرُشْدُهُمْ في عُنْقِنَا ضَمَانَهْ
وَإنَّمَا بَقَاءُ هَذِي الْأُمَّهْ
…
مَا بَقِيَتْ بِفَضْلِكُمْ مُؤْتَمَّهْ
وَإِنَّمَا بَقَاؤُكُمْ بِالْخُلُقِ
…
يَنْشَقُّ فِي ظَلْمَائِهَا كَالْفَلَقِ
فَرَاقِبُوا الرَّحْمَنَ وَالْعِيَالَا
…
وَنِعْمَةً نَخْشَى لَهَا الزِّيَالَا
وَرَاغِمُوا إِبْلِيسَ بِالتَّسَامُحِ
…
وَالْعَفْوِ وَالْإِحْسَانِ والتَّصَافُحِ
وَكُلُّ شَرٍّ جَرَّهُ الْعِتَابُ
…
بَيْنَكُمُ فَسِتْرُهُ الْمَتَابُ
وَرَاجِعُوا نُفُوسَكُمْ حَتَّى تَفِي
…
لِنُقْطَةِ الْحَقِّ وَبِالْعَهْدِ تَفِي
الْمُدِيرُ: فَلْنَسْتَعنْ بِرَبِّنَا الْمَنَّانِ
…
وَلْنَتَّبِعْ نَصِيحَةَ الْجَنَّانِ
فَإِنَّهَا نَصِيحَةٌ مُفيدَهْ
…
تَجْتَثُّ تِلْكَ النفْرَةَ الْمُبِيدَهْ
الْجَلَّالِي: وَإنَّها كَالتِّبْرِ فِي التُّرَابِ
…
وَإنَّهَا كَالْكَنْزِ فِي الخَرَابِ
وَإنَّها دِلَالَةُ الْغُرَابِ
…
وَإنَّهَا رَقْرَقَةُ السَّرَابِ
الْمُدِيرُ: بَلْ إِنَّهَا كَبَارِدِ الشَّرَابِ
…
لِلْكَبِدِ الْحَرَّى مِنَ الْحِرَابِ
أَوْ هِيَ سَيْفٌ سُلَّ مِنْ قِرَابِ
…
لَمْ يَنْثَلِمْ مِنْ كَثْرَةِ الضِّرَابِ
أَوِ الْغَوَانِي الخُرَّدِ الْعِرَابِ
…
جُلِيْنَ لْلْعُرْسِ عَلَى الزَّرَابِي
الْجَلَّالِي: لَسْتُ أُرِيدُ الحَطَّ مِنْ قَدْرِ الزَّمِيلْ
…
وَكُلُّ شَيْءٍ مِنْهُ مَحْبُوبٌ جَمِيلْ
بَلْ تِلْكَ مِنْهُ عَادَةٌ وَمِنِّي
…
أُغْضِبُهُ عَمْدًا وُيُغْضِي عَنِّي
وَوَعْظُهُ كَانَ لَهُ الْوَقْعُ الْحَسَنْ
…
قَدْ قَادَ نَفْسِي لِلرَّشَادِ بِرَسَنْ
الْمُدِيرُ: أَنَا سَحَبْتُ كَلْمَتِي وَأَنْتَا؟
…
الْجَلَّالِي:
…
أَنَا سَمَحْتُ وَالرَّئِيسُ أَنْتَا
لَكِنَّنِي لَا أَتْرُكُ الْمُعَارَضَهْ
…
وَلَا أُجِيزُ فِي الثَّنَا المُقَارَضَهْ
الرَّئِيسُ: بُورِكْتُمَا فَانْصَرِفَا وَسَجِّلَا
…
رِئَاسَتِي وَأَسْرِعَا وَعَجِّلَا
وَالْحَمْدُ للهِ خِتَامُ الْجَلْسَهْ
…
فَقَدْ مَضَتْ مَعَ طُولِهَا كَالْخُلْسَهْ
أَرْفَعْهَا الْيَوْمَ لِأَجْلِ الصُّلْحِ
…
وَفي غَدٍ أَنْصِبُهَا بِالْفَتْحِ
فِي الْوَقْتِ وَالْمَكَانِ وَالتَّارِيخِ
…
كَأنَّنَا فِي عَالَمِ الْمَرِّيخِ