الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جريدة (العَلَم) الخفاق أو (العلم) الشامخ*
لكلم (العَلَم) في لغة العرب معان أشهرها في الاستعمال القديم الجبل، وأشهرها في الاستعمال الحديث: الراية، وزميلتنا العلم جديدة، وصاحبها الفاضل مجدد. فلا شك أنه يعني باسمها المعنى الثاني الذي أصبح رمزًا للمجد وشارة للاستقلال وشيئًا من كرائم الشعوب التي يقول فيها شوقي:
هَذِي كَرَائِمُ أَشْيَاءِ الشُّعُوبِ فَإِنْ
…
مَاتَتْ فَكُلُّ وُجُودٍ يُشْبِهُ العَدَمَا
بل قد كان لها بعض ذلك في قديم العرب من يوم سمّاها الشاعر (خرق الملوك) إلى يوم عقدت أول راية في الإسلام.
إن الأسماء إذا ذُكرت استحضر الذهن مسمياتها وخصائصها الذاتية والعرضية ولوازمها القريبة والبعيدة، وانتزع- في مثل إيماضة البرق- من بين تلك الخصائص أقواها وأسماها وأبرزها وأبقاها. وصحيفة (العلم) تحمل من معنى اللفظ أجمل الخصائص وأقرب اللوازم. فهي شامخة كالجبل تبعث الروعة والقوّة والإعجاب، خافقة كالراية ترمز إلى الوحدة وتوحي بالمجد وتشعر بالحرية.
لم تلق صحيفة من صحف المملكة المغربية ما لقيته جريدة (العلم) من عنت الرقابة حتى ليوشك أن يغلب الأبيض فيها على الأسود. ولكن قارئها يستجلي في بياضها من معاني الاعتبار أبلغ مما يفهم في سوادها من معاني المقالات والأخبار.
سلخت الزميلة سنة من حياتها فأصدرت عددًا خاصًا عامرًا بالمفيد، مسجّلًا للمرحلة الأولى من السفر البعيد، ولليوم الأول من العمر المديد، ونحن نعلن إعجابنا بثبات الزميلة
* "البصائر"، العدد 8، السنة الأولى من السلسلة الثانية، 26 سبتمبر 1947م. (بدون إمضاء).
وتقديرنا للجهود التي يبذلها صاحبها القباج، ونتمنى له ولها كل ما نتمناه لرجالنا العاملين من صبر على المقاومة، ولصحافتنا الصادقة من استمرار على الكفاح.
لا نطري الزميلة ذلك الإطراء المقلّد، بل نقول فيها ما هي أهله، وما أحق صحافتنا العربية بهذا الشمال، وهي متوافية على قصد واحد من خدمة الأمّة أن تتوافى على منهج واحد في التحسين والتهجين، وعلى أسلوب متقارب من البيان والتبيين، وأن تقتصد في التحلية والتلقيب، فإن كثرة الحلى والألقاب تدلية بغرور وتلهية بفراغ.
وما أحوجنا إلى تضامن صحفي بهذا الشمال يدفع الضيم، ويمكن الأخوّة ثم يصفّي اللغة ويقوّي الأساليب، ثم يوسّع المادة ويرقّي المواضيع، ثم يكتسح اللغو ويعَرّي التقليد. وإنّا للحديث عن ذلك التضامن لعائدون.