المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الجلسة الثانية الْمَشْهَدُ الثَّانِي: الثَّلَاثَةُ مُجْتَمِعُونَ عَلَى تِلْكَ الْهَيْئَةِ: الرَّئِيسُ: الْحَمْدُ للهِ - آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي - جـ ٢

[البشير الإبراهيمي]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الثاني

- ‌مقدمة

- ‌خلل ذاتي:

- ‌في رحاب الآثار:

- ‌فلسفة الإصلاح:

- ‌الإصلاح وجمعية العلماء:

- ‌خصائص أدب الإبراهيمي:

- ‌السياق التاريخي (1940 - 1952)

- ‌ المنجزات

- ‌أولًا: في ميدان التربية والتعليم:

- ‌1) تأسيس معهد الإمام عبد الحميد بن باديس بمدينة قسنطينة:

- ‌2) بناء المدارس:

- ‌3) تكوين لجنة التعليم العليا:

- ‌4) إنشاء الشهادة الابتدائية:

- ‌5) إرسال البعثات الطلابية إلى الدول العربية:

- ‌ثانيا: في ميدان التنظيم:

- ‌1) المركز العام:

- ‌2) التوسع في تأسيس الشُّعَب:

- ‌3) توسيع المجلس الإداري وتنقيح القانون الأساسي للجمعية:

- ‌4) بعْثُ النشاط في فرنسا:

- ‌5) فتح مكتب القاهرة:

- ‌ثالثًا: في ميدان التوجيه والإعلام:

- ‌1) إعادة إصدار جريدة البصائر:

- ‌2) وفود الوعظ والإرشاد:

- ‌رابعًا: المجال الديني:

- ‌خامسًا: في الميدان السياسي:

- ‌في المنفىأومن وحي آفلو

- ‌رسالة إلى الأستاذ أحمد توفيق المدني*

- ‌تساؤُل نفس*

- ‌رسالة إلى الأستاذ أحمد قصيبة*

- ‌رسالة الضبّ*

- ‌((فصل))ونعود إلى الحديث عن الضبّ

- ‌((فصل))ورجز الضبّ الذي أشار إليه المعرّي

- ‌((فصل))ومن مزاعم العرب في الضب

- ‌((فصل))وكما يستطيب العرب لحم الضبّ

- ‌((فصل))وتضرب العرب المثل بالضب

- ‌((فصل))ولما ذكرناه من علاقة العرب بالضبّ

- ‌((فصل))وقد جرى في هذه الرسالة ذكر الوزير المغربي

- ‌مناجاة مبتورة لدواعي الضّرورة*

- ‌رواية الثّلاثة*

- ‌مَظاهر الأبطالِ الثلاثةِ في الرِّوايةِ:

- ‌أسلوب الرواية

- ‌صورة الاستدعاء من المدير

- ‌الجلسة الأولى:

- ‌الجلسة الثانية

- ‌صُورَةُ الاِسْتِدْعَاءِ مِنَ الرَّئِيسِ إِلَى السَّيِّدِ أَحْمَدَ بُوشْمَال

- ‌الجلسة الثالثة

- ‌(الْمَشْهَدُ الْأَخِيرُ:

- ‌هذه "العزيمة

- ‌حاشية:

- ‌مرشد المعلّمين*

- ‌ 1

- ‌ 2

- ‌رئيس جمعية العلماءيتكلم

- ‌لقاء ووفاء *

- ‌واجب المثقّفين نحو الأمة*

- ‌منزلة المثقفين في الأمم الحية:

- ‌كيف يؤدي المثقفون واجبهم نحو الأمة

- ‌الدروس العلمية بتبسة*

- ‌تقرير إلى لجنة الإصلاحات الإسلامية بالجزائر*

- ‌الإصلاح السياسي:

- ‌التقرير* الذي قدّمه مجلس إدارةجمعية العلماء المسلمين الجزائريينإلى الحكومة الجزائرية

- ‌المساجد وأوقافها:

- ‌التعليم العربي الحر ومدارسه ومعلموه

- ‌مطالب جمعية العلماء: في قضية التعليم العربي

- ‌القضاء الإسلامي وتعليمه ورجاله:

- ‌ التعليم القضائي

- ‌ها هي أصول للإصلاح نقدمها بكل إخلاص:

- ‌الوظائف القضائية:

- ‌السلطة العليا:

- ‌محاكم للاستئناف:

- ‌التجول:

- ‌النوادي:

- ‌في السجن العسكريبالعاصمة ثم قسنطينة

- ‌رسالة إلى الأستاذ إبراهيم الكتاني*

- ‌رسالة إلى الطلبة الجزائريين بالزيتونة*

- ‌كتاب مفتوح لسعادة وزير الداخلية

- ‌رسالة إلى الأستاذ أحمد توفيق المدني*

- ‌رئيس جمعية العلماءومدير «البصائر»ومؤسس «معهد ابن باديس»يتكلم

- ‌بلاغ من جمعية العلماء *

- ‌نصيحة دينية

- ‌المسلمون في جزيرة صقلية*

- ‌السيد محمد خطّاب الفرقاني*

- ‌كوارث الاستعمار*

- ‌إحياء التعليم المسجدي بمدينة قسنطينة*

- ‌معهد قسنطينة*

- ‌شروط قبول التلامذة

- ‌تنبيهات وتوضيحات:

- ‌جريدة (العَلَم) الخفاق أو (العلم) الشامخ*

- ‌عزاء للأستاذ التبسي*

- ‌ديكتاتور (مايو) *

- ‌مبارك الميلي*

- ‌نداء إلى الشعب*

- ‌بلاغ إلى الأمّة العربية الجزائرية*

- ‌الأستاذ محمد بن العربي العلوي*

- ‌ذكرى عبد الحميد بن باديس الثامنة

- ‌ذوق صحفي بارد*

- ‌هدية ذات مغزى جليل*

- ‌نداء وتحذير

- ‌إمتحانات المعهد والمدارس *

- ‌الهيئة العليا لإعانة فلسطين *

- ‌البصائر" ومعهد ابن باديس *

- ‌معهد عبد الحميد بن باديس:ما له وما عليه *

- ‌معهد عبد الحميد بن باديس:

- ‌الفرع وأصله:

- ‌ومطالب المعهد:

- ‌النجاح يقوّي الأمل:

- ‌همسة في أذن الأمّة:

- ‌ أيتها الأمّة

- ‌كلمة الختام:

- ‌لجنة الأهلة والأعياد الإسلامية *

- ‌سنة من عمر "البصائر

- ‌سنة "البصائر" الجديدة *

- ‌جناية الحزبية على التعليم والعلم *

- ‌مجلة أفريقيا الشمالية*

- ‌أدعاية أم سعاية؟ أم هما معًا

- ‌برقية تعزية في وفاة المنصف باي *

- ‌كارثة الأغواط *

- ‌إلى المشائخ المعلمين *

- ‌بيان من المجلس الإداري لجمعية العلماء *

- ‌مقدمة كتاب "مجالس التذكير

- ‌مجالس التذكير *

- ‌جريدة "العلم" الخفاق *

- ‌كيف تشكّلت الهيئة العليا لإعانة فلسطين *

- ‌ 1

- ‌ 2

- ‌قادة الجيل الجديد في ميادين العلم *

- ‌قرار من المجلس الإداري لجمعية العلماءالمسلمين الجزائريين *

- ‌زواوة" الكبرى تستمسك بعروة الإسلامالوثقى وتطلب الرجوع إلى الأصل *

- ‌حيّا الله تونس *

- ‌تنبيه أكيد إلى رؤساء الجمعيات المحلية *

- ‌تحذير

- ‌ 1

- ‌ 2

- ‌صوت المسجد

- ‌شكوى العاصمي *

- ‌الشيخ أبو القاسم بن حلوش *

- ‌إلى الأمّة *

- ‌رمضان: وحدة الصوم والإفطار *

- ‌معهد عبد الحميد بن باديس *

- ‌دروس الوعظ والإرشاد في رمضان *

- ‌إلى الكتّاب *

- ‌ذكرى بدر بمركز جمعية العلماء *

- ‌إلى القرّاء *

- ‌الرقم السجين *

- ‌مؤتمر الثقافة الإسلامية

- ‌ 1

- ‌ 2

- ‌في حفل ختام السنة الدراسيةبمعهد عبد الحميد بن باديس

- ‌محمد خطاب الفرقاني *

- ‌البصائر" في سنتها الثالثة *

- ‌رفع إيهام *

- ‌المعهد والمدارس *

- ‌والمدارس

- ‌نفحات من الشعر الجزائري الحديث*

- ‌برقية احتجاج *

- ‌الفضيل الورتلاني

- ‌ 1

- ‌ 2

- ‌الأستاذ علي الحمامي

- ‌ 1

- ‌ 2

- ‌الزميل المنستيري *

- ‌أقطاب الفرقة القومية المصرية *

- ‌كتاب "نقرأ ونكتب

- ‌بيان حقيقة ورفع إيهام

- ‌المولد النبوي الكريم

- ‌ 1

- ‌ 2

- ‌مدرسة أولاد سيدي إبراهيم *

- ‌برقية تأييد لمطالب التلامذة الزيتونيين *

- ‌الوعظ في رمضان *

- ‌فتح جامع "الحنايا" ومدرستها *

- ‌المعهد الباديسي *

- ‌مدارس جمعية العلماء *

- ‌الأستاذ إبراهيم الكتّاني *

- ‌رسل الصحافة المصرية في الجزائر *

- ‌البصائر" في سنتها الرابعة *

- ‌رحلتنا إلى باريس *

- ‌بيان من رئاسة جمعية العلماء

- ‌ 1

- ‌ 2

- ‌من ثمرات الأخوة الإسلامية

- ‌افتتاح مدرسة بسكرة *

- ‌فرية غريبة *

- ‌حركة الإسلام في أوروبا *

- ‌حركة جمعية العلماء بباريس *

- ‌الدكتور عبد الكريم جرمانوس *

- ‌نغمة شاذة *

- ‌صحف الشرق العربي *

- ‌الكتب المهداة إلى "البصائر

- ‌اتحاد الأحزاب بالمغرب الأقصى *

- ‌تنصّل من تهمة *

- ‌بيانات للأمّة من المكتب الإداري لجمعيةالعلماء في قضية الصوم والإفطار *

- ‌أكبر زلّة تقترفها لجنة الأهلة *

- ‌ونعود إلى لجنة الأهلة *

- ‌هلال رمضان: معلومات وتنبيهات *

- ‌شكر واعتذار

- ‌ 1

- ‌ 2

- ‌الإجتماع العام لجمعية العلماء *

- ‌نظام الاجتماع

- ‌التقرير الأدبي *

- ‌المدارس

- ‌المعهد الباديسي

- ‌البصائر

- ‌قضية فصل الدين عن الحكومة

- ‌العمل في فرنسا

- ‌العمل في مصر

- ‌ذخر من النصائح للمجلس الجديد:

- ‌معهد عبد الحميد بن باديس

- ‌بلاغ *

- ‌التهنئة باستقلال ليبيا *

- ‌الأستاذ محي الدين القليبي *

- ‌دار الطلبة بقسنطينة

- ‌ 1

- ‌ 2

- ‌ 3

- ‌بلاغات *

- ‌ 1

- ‌ 2

- ‌ 3

- ‌ 4

- ‌ 5

- ‌ 6

- ‌ 7

- ‌ 8

- ‌خاتمة السنة الرابعة لـ"البصائر

- ‌فاتحة السنة الخامسة لـ"البصائر

- ‌خطاب أمام الوفود العربية والإسلاميةفي الأمم المتحدة *

الفصل: ‌ ‌الجلسة الثانية الْمَشْهَدُ الثَّانِي: الثَّلَاثَةُ مُجْتَمِعُونَ عَلَى تِلْكَ الْهَيْئَةِ: الرَّئِيسُ: الْحَمْدُ للهِ

‌الجلسة الثانية

الْمَشْهَدُ الثَّانِي: الثَّلَاثَةُ مُجْتَمِعُونَ عَلَى تِلْكَ الْهَيْئَةِ:

الرَّئِيسُ: الْحَمْدُ للهِ افْتِتَاحُ الْعَمَلِ

وَالشُّكْرُ للهِ بُلُوغُ الْأَمَلِ

الْجَلَّالِي: لَا تَتْرُكِ الْمَأْثُورَ مِنْ قَوْلِ السَّلَفْ

فَكُلُّ شَرِّ فِي ابْتِدَاعِ مَنْ خَلَفْ

وَابْدَأْ بِبِسْمِ اللهِ فِي الْإِقْبَالِ

أَلَيْسَ فِي اجْتِمَاعِنَا ذُو بالٍ؟

الْجَنَّانُ: بَلْ فِيهِ ذُو بَالٍ وَذُو مَبَالِ

وَحَبَّذَا لَوْ كُنْتَ ذَا سِبَالِ

يَاضَيْعَةَ الْأَوْقَاتِ تَمْضِي فِي الْجَدَلْ

وَالْوَقْتُ إِنْ ضَاعَ فَمَا عَنْهُ بَدَلْ

اِبْدَأْ بِذِكْرِ اللهِ مُطْلَقًا وَلَا

تَسْمَعْ كَلَامَ الشَّيْخِ فِيمَا أَوَّلَا

الرَّئِيسُ: وَبَعْدَ ذَا نَشْرَعُ فِي الْمَقْصُودِ

مِنْ عَمَلٍ مُرَتَّبٍ مَرْصُودِ

وَأَوَّلُ الْمَرْسُومِ فِي ذَا الْجَدْوَلِ

تَوْضِيحُ شَيْءٍ نَافِعٍ لَكُمْ وَلِي

فَلْتَعْلَمُوا وَلَسْتُ ذَا افْتِتَانِ

أَنَّ الرَّئِيسَ صَوْتُهُ صَوْتَانِ

الْجَلَّالِي: نَعَمْ نَعَمْ وَمَوْتُهُ مَوْتَانِ

وَقُوتُهُ بَيْنَ الْوَرَى قُوتَانِ

نَعَمْ لَوْ أَنَّ حَلْقَهُ حَلْقَانِ

وَخَلْقَهُ فِيمَا نَرَى خَلْقَانِ

الْجَنَّانُ: تَثَبَّتُوا فَلَسْتُمُ تَلَامِذَهْ

وَحَكِّمُوا الْمَنْطِقَ يَا أَسَاتِذَهْ

يَلْتَفِتُ إِلَى الرَّئِيسِ

يَا سَيِّدِي أَنْتَ الرَّئِيسُ حَقَّا

وَإنَّمَا أُعْطِيتَ هَذَا الْحَقَّا

لِيَحْصُلَ التَّرْجِيحُ فِي حَالِ اللَّدَدْ

مَعَ تَسَاوِي الطَّرَفَيْنِ فِي الْعَدَدْ

أَمَّا هُنَا فَإِنَّنَا وِتْرٌ وَلَا

دَاعِيَ لِلتَّرْجِيحِ عِنْدَ الْعَدَدْ

فَإِنْ عَرَضْتَ صُورَةً فَقُلْتُ (وِي)(38)

وَقُلْتُمَا مِثْلِي فَرَأْيٌ مُسْتَوِي

وَإنْ أَبَاهَا صَاحِبِي فَقَالَ (نُو)(39)

فَبَيْنَنَا فِيهَا خِلَافٌ مُعْلَنُ

فَصَوْتُكَ الْوَاحِدُ قَدْ يُؤًيِّدُ

رَأْيًا مِنَ الرَّأْيَيْنِ أَوْ يُفَنِّدُ

وَرَأْيُكَ الثَّانِي اطْوِهِ فِي الْحَوْصَلَهْ

وَاجْعَلْ لِعَقْلِكَ بِمَنْ صَحَوْا صِلَهْ

إِلَّا إِذَا كَانَ لَكُمْ رَأْيَانِ

فِي الْمَطْلَبِ الْوَاحِدِ يُرْعَيَانِ

وَكُنْتَ تَنْفِي الْأَمْرَ ثُمَّ تُثْبِتُهْ

أَوْ تَقْلَعُ الْعُسْلُوجَ ثُمَ تُنْبِتُهْ

فَهَذِهِ سُخْرِيَّةٌ وَهَزْلُ

وَالرّفْضُ حَقٌّ بَعْدَهَا وَالْعَزْلُ

الرَّئِيسُ: دَعْنَا مِنَ الْهَزْلِ وَمِنْ عَزْلٍ وَمِنْ

سَفَاسِفٍ لَسْتُ بِهَا فِيكُمْ قَمِنْ

38) وي: كلمة فرنسية معناها نَعَم.

39) نو: كلمة فرنسية معناها لا.

ص: 76

وَإنَّنِي أَحْبُوكَ بِاسْمِ الْمَجْلِسِ

شُكْرًا كَمَا انْشَقَّ الضِّيا فِي الْغَلَسِ

وَقَدْ أَفَدْتَنَا بِهَذا الدَّرْسِ

وَقَدْ غَرَسْتَ الْعِلْمَ أَيَّ غَرْسِ

وَقَدْ شَرَحْتَ، (بَارَكَ اللهُ عَلَيْكْ)

حَقَائِقًا لَمْ نُلْفِهَا إِلَّا لَدَيْكْ

الْجَلَّالِي: أَمَّا أَنَا فَلَا أَقُولُ حَرْفَا

فِي شُكْرِهِ، وَالْمُرْسلَاتِ عُرْفَا

فَمَا سَمِعْتُ غَيْرَ تَطْوِيلِ الْجُمَلْ

فِي مِثْلِ مَاقَالُوهُ فِي حَرْثِ الْجَمَلْ

وَأَيُّ شَيْءٍ هَذِهِ السَّفَاسِفْ

حَتَّى يَؤُودَ حَمْلُهَا الشَّرَاسِفْ؟

وَأَيُّ عِلْمٍ هَذِهِ الْأَلْفَاظُ

وَكُلُّ الْأَغْمَارِ لَهَا حُفَّاظُ؟

وَأَيُّ فَضْلٍ لِلَّذِي يَعْرِفُ مَا

يَفْغَرُ كُلُّ نَاطِقٍ بِهِ الْفَمَا؟

صَغَائِرٌ يَعْرِفُهَا النُّوَّابُ

قُلِّيُّهُمْ وَالتَّيْسُ وَالْغُرَابُ (40)

مِنَ اْنِتَخَابَاتٍ وَأَغْلَبِيَّهْ

وَكُلُّهُمْ فِي الشَّكْلِ لَوْلَبِيَّهْ

مَصَائِدٌ لِلْأَنْفُسِ الْأًبِيَّهْ

وَخُدَعٌ لِلْأُمَمَ الْغَبِيَّهْ

وَآفةٌ لِلْعَقْلِ وَالضَّمِيرِ

أَلْحَقَتِ الْإِنْسَانَ بِالْحَمِيرِ

وَقَدْ أَضَلَّتْ أُمَمًا فَزَلَّتْ

وَمِنْ عُلَا سَمَائِهَا تَدَلَّتْ

يَخْتَالُ كُلُّ مَنْ لَهُ افْتِتَانُ

بِحُبِّهَا وَهْوَ بِهَا يَخْتَانُ

خِبَاؤُهَا لَيْسَ لَهُ تِمْتَانُ

وَعَيْثُهَا لَا غَيْثُهَا هَتَّانُ

وَرُوحُهَا التَّضْلِيلُ وَالْبُهْتَانُ

وَقَدْ مَحَاهَا شَيْخُنَا (بِيتَانُ)(41)

لَوْ لَمْ يَجِئْ بَعْدَ خَرَابِ الْبَصْرَهْ

وَفَقْدِ كُلِّ أَمَلٍ فِي النُّصْرَهْ

وَمَحْوُهَا أَرَاحَنَا مِنْ قَوْمِ

مِنَّا غَلَوْ فِي اللُّؤْمْ لَا فِي السَّوْمِ

قَدْ مَلَكَتْهُمْ فِتْنَةُ الْكَرَاسِي

فَأَصْبَحَ الْجَارِي بِهِمْ كَالرَّاسِي

وَمَحْوُهَا أَثْبَتَ أَنَّ الشَّرَّا

فِيهَا وَفِي أَصْحَابِهَا اسْتَقَرَّا

الْجَنَّانُ: ذَهَبْتَ مِنِّي مَذْهَبًا بَعِيدَا

وَصَارَ وَعْدِي كُلُّهُ وَعِيدَا

أَنَا شَرَحْتُ الْحَقَّ بِالْإِيضَاحِ

وَلَمْ أُبَالِ مَا يَقُولُ اللَّاحِي

وَأَنْتَ فِي بَابِ الحُقُوقِ مُلْحِدُ

تَسْتَيْقِنُ الْفَضْلَ وَلَكِنْ تَجْحَدُ

لَكِنْ

الْجَلَّالِي:

أَنَا لَمْ أَسْتَفِدْ نَتِيجَهْا

صَادِقَةً كَالْغَرْسِ في مَتِّيجَهْ (42)

40) القلي: نائب تقلّب في عدة مناصب بسطيف. والتيس نائب أيضا ويدعى بومعزة. والغراب نائب آخر يسمّى معمر بن غراب.

41) بيتان: هو الماريشال بيتان رئيس فرنسا في أثناء الحرب العالمية الثانية.

42) متيجة: سهلٌ قريب من مدينة الجزائر.

ص: 77

فَهَلْ أُفَدِّي مُنْبِطًا لَمْ أَجْنِ

مِنْ مَائِهِ غَيْرَ صَرَى وَأَجْنِ؟ (43)

وَهَلْ أُزَكِّي بَانِيًا لَمْ يَبْنِ

إِلَّا بِرَمْلٍ هَائِرٍ وَتِبْنِ؟ (44)

وَهَلْ أُهَنِّي زَارِعًا بِمَا زَرَعْ

مِنْ حَنْظَلٍ إِنِّي إِذًا نِكْسٌ وَرَعْ؟ (45)

الرَّئِيسُ: لَكِنْ

الْجَلَّالِي:

أُهَنِّيكَ عَلَى التَّبْكِيتِ

لِرَأْسِنَا وَبَارِعِ التَّنْكِيتِ

وَرَأْسُنَا الرَّئِيسُ لَيْسَ يَفْقَهُ

شَيْئًا عَدَا فِي الِارْتفَاعِ أُفْقَهُ (46)

الرَّئِيسُ: لَكِنْ

الْجَلَّالِي:

وَأَنْتَ يَا أَخِي مَعْذُورُ

لَوْ لَمْ يَكُنْ يَشْمَلُنِي الْحُضُورُ

الرَّئِيسُ: دَعْ ذَا وَلَكِنْ

الْجَلَّالِي:

أَنْتَ دَعْ وَلَكِنِ

فَإِنَّهَا مَأْوَى اللِّسَانِ الْأَلْكَنِ

وَإنَهَا مِنْ أَضْيَقِ الْمَسَاكِنِ

وَإنَهَا مِنْ أَخْبَثِ الْمَرَاكِنِ

الرَّئِيسُ: لَكِنْ بَدَا لِي أَنْ نَزِيدَ عُضْوَا

الْجَلَّالِي:

أَثْقَلُ. قَبْلَ ذِكْرِهِ. مِنْ رَضْوَى

الرَّئِيسُ: لَا بَلْ أَرَقُّ مِنْ نَسِيمِ السَّحَرِ

هَبَّ بِأَنْفَاسِ الْعَبِيرِ الشَّحَرِي (47)

الْجَنَّانُ: مَسْأَلَةُ الصَّوْتَيْنِ عَادَتْ جَذَعَهْ

أَوْ لَا فَمَا مَعْنَاهُ فِيمَا ابْتَدَعَهْ (48)

لِأَنَّنَا إِذَا غَدَوْنَا أَرْبَعَهْ

أَجَالَ. إِنْ جَدَّ الخِلَافُ أَصْبَعَهْ

الْجَلَّالِي: كَأَنَّهُ يَحْسِبُنَا أَمْوَاتَا

فَإِنْ سَكَتْنَا عَدَّهَا أَصْوَاتَا

الْجَنَّانُ: أُذَكِّرُ الرَّئِيسَ بِالذِّكْرِ الْحَكِيمْ

فَفِيهِ لِلنَّفْسِ الحَرِيصَةِ شَكِيمْ

وَفِيهِ سِرٌّ لَيْسَ كَالْأَسْرَارِ

إذَا انْجَلَى لِأَنْفُسِ الْأَبْرَارِ

فَكُلَّمَا تَنَاوَلَ الْأَعْدَادَا

بِالذِّكْرِ كَيْ يُذَكِّرَ الْعِبَادَا

تَنَاوَلَ الوِتْرَ وَخَلَّى الشَّفْعَا

هِدَايَةً لِخَلْقِهِ وَنَفْعَا

43) استعمال الجنْي على الماء تمثيل، وحقيقته في الثمار والأزهار والكمأة. والصَّرى والأجْن وصفان للماء معناهما المتغير الكدر.

44) هائر وهار واحد. الأول هو الأصل والثاني مقلوب عنه ومثله عائق وعاق.

45) النِكس والوَرَع معناهما الجبان. وورع بفتح الراء من أبنية المصادر. والعرب كثيرًا ما يصفون بالمصدر كما قالوا: ثوب خلَق والقياس ورع وخلِق، وأئمة اللغة يسمّونه وصفا بالمصدر.

46) عدا أفقه: جاوز حدّه.

47) نسبة إلى مكان معروف بهذا الاسم.

48) تفطن من الْجَنَّانُ لحيلة ابن حافظ.

ص: 78

وَآيَةُ النَّجْوَى لِقَصْدِي مَاهِدَهْ

وَآيَةُ الْكَهْفِ عَلَيْهِ شَاهِدَهْ (49)

الرَّئِيسُ: وَلَمْ نُخَالِفْ- أَبَدًا- طَرِيقَهْ

وَلَمْ ونُنَابِذْ- أَبَدًا- فَرِيقَهْ (50)

فَنَحْنُ بِالْعُضْوِ الْجَدِيدِ أَرْبَعَهْ

وَنَحْنُ فِي الْأَصْوَاتِ خَمْسَةٌ مَعَهْ

أَنَا وَنَحْنُ أَنْتُمَا وَالْغَائِبْ

الْجَلَّالِي:

وَهَذِهِ نِهَايَةُ الرَّغَائِبْ

إِنْ كَانَ لَا بُدَّ فَزِدْ عُضْوَيْنِ

وَإنْ يَكُونَا فِي الشَّقَا نِضْوَيْنِ

الرَّئِيسُ: إِذَنْ نَصِيرُ سِتَّةً بِصَوْتِي

فَلَا تُضِعْ حَقِّي بِهَذَا الصَّوْتِ

الْجَلَّالِي: لَوْ كَانَ هَذَا الصَّوْتُ صَوْتَ الْمَوْصِلِي

قَدْ زَلْزَلَ الْأَرْضَ بِضَرْبِ زَلْزَلِ (51)

أَوْ أَنَّهُ فِي السَّابِقينَ الْأَوَّلِ

صَوْتُ طُرَيْحٍ فِي الثَّقِيلِ الْأَوَّلِ

أَوْ حَكَمِ الْوَادِي أَوِ ابْنِ عَائِشَهْ

يَلْعَبُ بِالْأَلْبَابِ فَهْيَ طَائِشَهْ

أَوْ أَنَّهُ صَوْتُ الغَرِيضِ يَطْرَحُهْ

عَلَى الْجَوَارِي وَالْعَقِيقُ مَسْرَحُهْ

أَوْ أَنَّ هَذَا الصَّوْتَ قَدْ كَانَ امْتَزَجْ

بِنَبَرَاتِ مَعْبَدٍ حِينَ هَزَجْ

لَمَا صَرَفْتَ فِيهِ كُلَّ الْجَهْدِ

وَلَزَهِدْتَ فِيهِ بَعْضَ الزُّهْدِ

لَكِنَّا صَوْتٌ بِالِاسْتِعَارَهْ

جَاءَتْ بِهِ سَخَافَةُ الْحَضَارَهْ

وَلَفْظًا لَيْسَ يُفِيدُ مَا وُضِعْ

لَهُ وَلَكِنْ قَدْرُنَا بِهِ وُضِعْ

قَدْ تَرْجَمَتْهُ فِئَةُ التَّقْلِيدِ

وَجَهْلُ شَعْبٍ خَامِلٍ بَلِيدِ

49) هذه النكتة من أسرار القرآن التي لا يفسّرها إلا الزمان بفعل حوادثَ مِنْ عقولِ البشر وتأثيره فيها، والقرآن كتاب الدهر.

50) ننابذ: نخالف.

51) ما أبرعَ هذه اللفتة من الْجَلَّالِي وما أبدع هذه القطعة. إنه نقل كلمة الصوت من معناها الاصطلاحي الغث الذي كان الكلام دائرًا عليه في الجلسة إلى معناها الفنّي الساحر وبنى على ذلك التنكيت العميق. فهو يقول للرئيس: لو أن هذا الصوت الذي تسعى جهدك لتحصيله كان صوتًا من أصوات أئمة الغناء من أقطاب هذا الفن لما حرصت هذا الحرص على تحصيله، واسحاق الموصلي وطريح الثقفي وحكم الوادي وابن عائشة والغريض ومعبد. هؤلاء من مشاهير بناة هذا الفن العربي الخالد، وأخبارهم وحدها تاريخ عامر. وزلزل ضارب نابغة ملهم وقد أصبحت هذه الأسماء مضارب أمثال في الأدب العربي الخالد. ولا أروَحَ لنفسي في كل ما قرأتهُ من قول البحتري في لاميته التي وصف فيها الفَرَسَ:

هَزِجُ الصَّهِيلِ كَأَنَّ فِي نَغَمَاتِهِ

نَبَرَاتِ مَعْبَدَ فِي الثَّقِيلِ الْأًوَّلِ

ص: 79

الرَّئِيسُ: أَعْطُوا الرِّئَاسَةَ حَقَّهَا

أَعْطُوا الرِّئَاسَةَ حَقَّهَا (52)

إِنَّ الْعُقُوقَ مَزَلَّةٌ

تَعِسَ امْرُؤٌ قَدْ عَقَّهَا

الْحُرُّ يُعْلِي شَأْنَهَا

وَالْغِرُّ يَبْغِي مَحْقَهَا

إِنَّ الرُّؤُوسَ رَئِيسَةٌ

لَمْ تَعْدُ فِينَا أُفْقَهَا

اللهُ أَحْسَنَ صَوْغَهَا

وَأَجَلَّهَا وَأَدَقَّهَا

أَوَ مَا تَرَاهَا أَشْرَفَتْ

لَا شَيْءَ يَعْلُو فَوْقَهَا

مَا الْقَوْلُ فِيمَنْ حَطَّهَا

مَا الْقَوْلُ فِيمَنْ دَقَّهَا؟

أَوْ هَدَّهَا أَوْ قَطَّهَا

أَوْ شَجَّهَا أَوْ شَقَّهَا

حَقٌّ عَلَى الرُّؤَسَاءِ أَنْ

يُعْطُوا الجَمَاعَةَ شِقَّهَا

هُمْ مَعْشَرٌ لَا يَمْلِكُو

نَ مِنَ الْجَمَاعَةِ رِقَّهَا

وَعَلَيْهِمُ أَنْ يُحْسِنُوا

تَصْرِيفَهَا أَوْ سَوْقَهَا

وَعَلَيْهِمُ أَنْ يَحْمِلُوا

مَا قَدْ تَجَاوَزَ طَوْقَهَا

وَعَلَيْهِمُ أَنْ يَجْنُبُوا

مَا لَا يُلَائِمُ ذَوْقَهَا

وَعَلَيْهِمُ أَنْ يَرْهَبُوا

رَبًّا تَوَلَّى خَلْقَهَا

وَعَلَيْهِمُ أَنْ يَفْلِقُوا

رَأْسًا يحَاوِلُ فَلْقَهَا

وَعَلَيْهِمُ أَنْ يَسْحَقُوا

خَلْقًا يُسَبِّبُ سَحْقَهَا

وَعَلَيْهِمُ أَنْ يَقْتُلُوا

بُرْغُوثَهَا أَوْ بَقَّهَا

وَعَلَيْهِمُ أَنْ يَحْفَظُوا

أَبَدًا عَلَيْهَا رِزْقَهَا

وَعَلَيْهِمُ أَنْ يَجْرَعُوا

مَحْضَ الْحَيَاةِ وَمَذْقَهَا

وَعَلَيْهِمُ أَنْ يَتْبَعُوا

يُسْرَ الْأُمُورِ وَرِفْقَهَا

وَعَلَيْهِمُ أَنْ يَجْمَعُوا

بِعَصَا الْكِيَاسَةِ فَرْقَهَا

وَعَلَى الْجَمَاعَةِ أَنْ تَفِي

لَهُمُ وَتُعْطِي صَفْقَهَا

تَعْنُو لَهمْ وَتَمُدُّ فِي

الطَّاعَاتِ دَأْبًا عُنْقَهَا

إِنْ كنْتَ كَبْشَ كَتِيبَةٍ

فَاغْشَ الْكَتِيبَةَ وَالْقَهَا

فَالْخَيْلُ فِي الْهَبَوَاتِ تَعْـ

ـرِفُ هُجْنَهَا أَوْ عُتْقَهَا

إِنَّ البُرُوقَ كَوَاذِبٌ

وَالغَيْثُ يُظْهِرُ صِدْقَهَا

52) هذه القطعة على لسان الرَّئِيسُ هي أعمق ما في الرواية من معان قد بناها على بيان ما للرؤساء وما عليهم، وهي محتاجة إلى قليل من التنقيح.

ص: 80

وَالسُّحْبُ لَا تُحْيِي الثَّرَى

مَا لَمْ تُتَابِعْ وَدْقَهَا (53)

إِنَّ الفَخَارَ مَعَارِجٌ

مَنْ يَخْشَهَا لَا يَرْقَهَا

وَالنَّخْلَةُ الْقِرْوَاحُ لَا

تَجْنِي التَّنَابِلُ عِذْقَهَا (54)

إِنَّ الفَضِيلَةَ خَمْرَةٌ

فَأْتِ الْمَحَامِدَ تُسْقَهَا

هِيَ خَمْرَةُ الْأَرْواحِ لَا

أَعْنِي المُدَامَ وَزِقَّهَا

إِنَّ الْعَوَالِمَ أَفْصَحَتْ

وَوَعَى الْغَيَالِمُ نُطْقَهَا

الْمَجْدُ حِصَّةُ مَنْ سَعَى

بِالْجِدِّ يَنْفُضُ طُرْقَهَا

خَاضَ الصَّوَاعِقَ لَمْ يَهَبْ

فِي جَوِّ جَرْبَةَ صَعْقَهَا

وَمِنَ الذَّوَابِلِ سُمْرَهَا

وَمِنَ الأَسِنَّةِ زُرْقَهَا

يَلْقَى الْخُطُوبَ عَوَابِسًا

بَشَّ الْأَسِرَّةِ طَلْقَهَا

أَسْرَارُ رَبِّكَ بَعْضُهَا

عَقْلٌ تَوَلَّى خَرْقَهَا

الْعِلْمُ يَسَّرَ فَتْحَهَا

وَالْجَهْلُ عَسَّرَ غَلْقَهَا

إِنْ شِئْتَ تَفْقَهْ سِرَّهَا

فَاقْرَا الْحَوَادِثَ وَافْقَهَا

لَا تَسْتَجِيبُ لِقَاعِدٍ

فَالْقَ الْمَكَارِمَ تَلْقَهَا

وَالْأَرْضُ لَا تُعْطِي الْغِنَى

إِنْ لَمْ تُجَوِّدْ عَزْقَهَا

إِنَّ الْحَيَاةَ مَوَارِدٌ

لِلْحَقِّ صَابَتْ غَدْقَهَا

فَالذِّمْرُ يَشْرَبُ صَفْوَهَا

وَالْغُمْرُ يَضْرِبُ رَنْقَهَا

إِنَّ اللَّيَالِيَ لُجَّةٌ

وَالْكُلُّ يَحْذَرُ غَرْقَهَا

تُزْجِى إِلَى كُرَمَائِهَا

دُهْمَ الخُطُوبِ وَبُلْقَهَا

ذُو اللُّبِّ يَلْبَسُ لِلَّيَا

لِي كَيْسَهَا أَوْ حُمْقَهَا

خَيْرُ الرِّجَالِ السَّابِقِيـ

ـن فَتًى يُجَارِي شَبْقَهَا

نَسَقَ الْأُمُورَ قَلَائِدًا

غُرًا فَأَحْسَنَ نَسْقَهَا

وَسَقَ الْعَظَائِمَ مَحْمَلًا

خِفًّا فَأَجْمَلَ وَسْقَهَا

مَا هَابَ فِي غَمَرَاتِهَا

رَعْدَ الْخُطُوبِ وَبَرْقَهَا

شَرُّ الْخَلَائِقِ أُمَّةٌ

عَلِمَ الْمُهَيْمِنُ فِسْقَهَا

فَأَذَلَّهَا وَأَقَلَّهَا

عَدًّا وَقَتَّرَ رِزْقَهَا

53) الودق: المطر.

54) النخلة القرواح: الملساء الطويلة. قال سويد بن الصامت الأنصاري:

أَدِينُ وَمَا دَيْنِي عَلَيْكُم بِمَغْرَمٍ

وَلَكِنْ عَلَى الشُّمِّ الجِلَادِ القَرَاوِحِ

ص: 81

ضَاعَتْ وَإنْ كَثُرَ الْحَصَا

أُمَمٌ أَضَاعَتْ خُلْقَهَا

أَوَ مَا تَرَى أَنْ قَدْ عَلَا

غَرْبُ الْمَمَالِكِ شَرْقَهَا

إِنَّ الْأَكَارِمَ عُصْبَةٌ

نَمَتِ الْمَكَارِمُ عِرْقَهَا

فِي الْجَاهِلِيَّةِ قُسُّهَا

أَوْفَى فَعَفَّى شَقَّهَا

ثُمَّ انْبَرَى الْإِسْلَامُ يَرْ

تُقُ بِالْفَضِيلَةِ فَتْقَهَا

النُّورُ منْبَعِثُ السَّنَا

يَهْدِي الْعَوَالِمَ (رَشْدَهَا)

وَالْعِلْمُ يَقْتَادُ الْحِجَى

لِلْحَقِّ يُذْكِي سَوْقَهَا

حَذِقَتْ فُنُونَ الْعِلْم وَالتَّـ

ـارِيخُ سَجَّلَ حِذْقَهَا

خَفَقَتْ بُنُودُهُم عَلَى

كُلِّ الْمَمَالِكِ خَفْقَهَا

سَلْ طَارِقًا وَسَلِ الْمَدَا

ئِنَ إِذْ تَوَلَّى طَرْقَهَا

وَإلَى الْفُتُوحَ جَلَائِلًا

غُرًّا وَمَهَّدَ طُرْقَهَا

سَلْ بِالْمَشَارِقِ عَنْهُمُ

بَغْدَانَهَا وَدِمَشْقَهَا

مَهْدُ الْمَعَارِفِ مِنْهُمَا

نَشَقَ الْأَعَاجِمُ نَشْقَهَا

عَبِقَتْ بِرَيَّاهَا الْمَشَا

رِقُ وَالْمَغَارِبُ عَبْقَهَا

حَتَّى انْبَرَى التَّفْرِيقُ يَفْـ

ـتِقُ بِالرَّذِيلَةِ رَتْقَهَا

رَشَقَتْهُم نَبْلُ الْعِدَا

وَالدَّهْرُ سَدَّدَ رَشْقَهَا

مَشَقَ السُّيُوفَ لِحَرْبِهِمْ

جَهْرًا وَوَاصَلَ مَشْقَهَا

يَا سَاخِرًا بِي كُلَّمَا

سَمِعَ الْحَقِيقَةَ قَهْقَهَا

ألْخَيْر مَا بيَّنْتُهُ

وَالشَّرُّ أَنْ لَا تَفْقَهَا

الْجَنَّانُ: أَمَا تَرَى أَنَّ الرَّئِيسَ قَدْ عَجَزْ

فَأَخْرَجَ الْمِيزَانَ عَنْ بَحْرِ الرَّجَزْ

الْجَلَّالِي: مَهْ وَأَبِيكَ إِنَّه لَشَاعِرْ

وَإِنَّهُ يَسْتَوْقِفُ الْمَشَاعِرْ

فَمَا عَرَفتُهُ وَلَا غَيْرِي عَرَفْ

بِأَنَّهُ يَمْلِكُ هَذِهِ الطُّرَفْ

فَلْنَتَنَازَلْ عَنْ مِكَاسِ السِّعْرِ

فِي الْعُضْوِ إِكْرَامًا لِهَذَا الشِّعْرِ

الْجَنَّانُ: وَمَنْ يَكُونُ الرَّجُلُ الْمَزِيدُ

حَتَّى نَرَى نَنْقُصُ أَوْ نَزِيدُ؟

الرَّئِيسُ: هُوَ أَبُو الْأَعْمَالِ وَالْكَمَالِ

صَفِيُّنَا الْفَذُّ أَبُو الشِّمَالِ

الْجَنَّانُ: يَا حَبَّذَا وَمَرْحَبًا وَأَهْلَا

وَتَكْرِمَاتٍ وَمَقَامًا سَهْلَا

الْجَلَّالِي: نِعْمَ الْفَتَى هُوَ وَلَسْتُ أَدْفَعُهْ

عَنْ رُتْبَةِ الْفَضْلِ وَلَكِنْ أَرْفَعُهْ

عَنْ هَذِهِ الْمَوَاقِفِ الْمَهِينَهْ

فَهْيَ بِكُلِّ ذِلَّةٍ رَهِينَهْ

وَرُبَّمَا كَانَتْ لَهُ أَعْمَالُ

يَطْرُقُهَا التَّعْطِيلُ وَالْإِهْمَالُ

ص: 82

أَوْ كَانَ لَا يَشْرَكُنَا فِي الْمَعْنَى

وَالْغَرَضِ الَّذِي لَهُ اجْتَمَعْنَا

وَإنَّنِي أَعْرِفُهُ أَرِيبَا

قَدْ مُلِئَتْ حَيَاتُهُ تَجْرِيبَا

تُعْطِي لِكُلِّ حَالَةٍ مِقْدَارَهَا

وَرَيْثَهَا بِالقِسْطِ أَوْ بِدَارَهَا

يَقُومُ بِالْحُقُوقِ فِي أَوْقَاتِهَا

لَا يَنْسَأُ الآجَالَ عَنْ مِيقَاتِهَا

أُجِلُّهُ عَنْ أَنْ يَكونَ مِثْلَنَا

وَيَسْتَطِيبَ خَمْطَنَا وَأَثْلَنَا

يُدْعَى إِلَى مُسْتَتِرٍ مَجْهُولِ

وَيَسْتَعِيضُ الْقَفْرَ بِالْمَأْهُولِ

أَمَا عَلِمْتُمْ أَنَّنَا لِلسَّاعَهْ

لَمْ نَتَبَيَّنْ هَذِهِ الْبِضَاعَهْ

وَلَمْ تَزَلْ بِضَاعَةً مَلْفُوفَهْ

وَبِالْغُمُوضِ وَالْخَفَا مَحْفُوفَهْ

فَهَلْ لَكُمْ أَنْ تَتَّقُوا ذَا الْبُطْئَا

فَإِنَّ قَتْلَ الْوَقْتِ كَانَ خِطْئَا

الْجَنَّانُ: تَعِيبُنِي وَالْبُطْءُ مِنْكَ جَاءَا

فَهَلْ تَرَى لَكَ مِنْهُ وِجَاءَا

الْجَلَّالِي: رَمَيْتَنِي بِدَائِكَ الْعَيَاءِ

وَجِئْتَ بِالْبَهْتِ بِلَا حَيَاءِ

يَا عَجَبًا يَثْنِي الْحِجَى مُفَكِّرَا

إِبْلِيسُ أَمْسَى وَاعِظًا مُذَكِّرَا

إِنِّي أَجَبْتُ الشَّيْخَ عَنْ مُلَاحَظَهْ

وَهْوَ حَلِيفُ الْحَقِّ فِيمَا لَاحَظَهْ

إِنَّ الْأَخَ الْجَدِيدَ لَا يَشْرَكُنَا

لَكِنَّهُ فِي النَّصْرِ لَا يَتْرُكُنَا

وَإِنَّهُ يَنْفَعُنَا بِحَزْمِهِ

وَرَأْيِهِ وَحِرْصِهِ وَعَزْمِهِ

وَإنَّنَا نُرِيدُهُ لِلْحَرَكَهْ

وَالْعَمَلِ الْمُثْمِرِ لَا لِلْبَرَكَهْ

وَفِيهِ بَعْدَ الرَّأْيِ وَالْإِشَارَهْ

عَوْنٌ عَلَى نُفُوسِنَا الْأَمَّارَهْ

(الْمَشْهَدُ الثَّالِثُ: يَدْخُلُ تِلْمِيذٌ صَغِيرٌ بِيَدِهِ طُبْسِي (55) فَطَائِرٌ بَارِدَةٌ).

الرَّئِيسُ: مِنْ أَيْنَ جَاءَ الْخَيْرُ يَا تِلْميذُ؟

الْجَنَّانُ:

هَلَّا بِجَدْيٍ لَحْمُهُ حَنِيذُ

التِّلْمِيذُ: جَاءَ بِهَا أَسْوَد ُكَالْوَصِيفِ

مِنْ بَاعَةِ الْخُبْزِ عَلَى الرَّصِيفِ

وَقَالَ قَدْ بَارَتْ وَطَالَ مُكْثُهَا

وَلَمْ تَكُنْ كَالصُّوفِ يُجْدِي نَكْثُهَا

فَاذْهَبْ بِهَا صَدَقَةً لِلطَّلَبَهْ

فَالْفَقْرُ فِيهِمْ عَلَمٌ بِالْغَلَبَهْ

قُلْتُ: وَمَنْ هُمْ؟ قَالَ: ذُو الْأَنْفِ الْأَشَمْ

وَطَالِبٌ فِي عُلْبَةِ الْقَرْنِ يَشَمْ

وَثَالِثٌ رَأَيْتُهُ فِي الْمَدْرَسَهْ

يَجُولُ فِي أَرْجَائِهَا كَالْحَرَسَهْ

الرَّئِيسُ: جَنَى عَلَيْكُمْ وَصْفُكُمْ يَا سَادَهْ

55) طُبْسي: صحن.

ص: 83

الْجَلَّالِي:

إِنَّ الْمَرِيضَ يَأْلَفُ الْوِسَادَهْ

الْجَنَّانُ: جَنَتْ عَلَيْكُمْ عُصْبَةٌ بِالْبَادِيَهْ

مَخَايِلُ الذُّلِّ عَلَيْهَا بَادِيَهْ

قَدْ أَرْشَدُوا النَّاسَ إِلَى احْتِقَارِهِمْ

بِذُلِّهِمْ لِلنَّاسِ وَافْتِقَارِهِمْ

الْجَلَّالِي: جَنَى عَلَيْنَا أَنَّنَا بَيْنَ سَوَادْ

لَمْ يَفْرِقُوا بَيْنَ التَّوَالِي والْهَوَادْ

الرَّئِيسُ: لِنَعْتَصِمْ بِالحَقِّ وَلْنُصَابِرْ

حَتَّى تَضُمَّ نَشْرَنَا الْمَقَابِرْ

(يَضَعُونَ الطُّبْسِي عَلَى الْمَكْتَبِ وَيَلْتَفُّونَ عَلَيْهِ).

الرَّئِيسُ: كُلُوا عَلَى اسْم اللهِ وَاسْتَرِيحُوا

وَاسْتَمْتِعُوا إِنَّ الْحَيَاةَ رِيحُ

الْجَلَّالِي: الرَّقْصُ رَقْصُ (طَنْقُو)(56)

وَالزَّيْتُ زَيْتُ (صَنْقُو)(57)

قَدْ ذُقْتُهُ فَآذَى

مُذْ كُنْتُ فِي (مَرَنْقُو)(58)

الرَّئِيسُ: مَا لَمْ يُقَدَّرْ لَكَ لَنْ يُصِيبَكْ

قُلْ لِي فَهَلْ تَهَبُ لِي نَصِيبَكْ؟

الْجَلَّالِي: أَهَبُهُ لِصَاحِبِي الْجَنَّانِ

فَطَالَمَا بِحَظِّهِ وَاسَانِي

الْجَنَّانُ: أَحُطُّ فِيهَا بِالْبَنَانِ الْخَمْسِ

إِنَّ لَهَا فَرْقَعَةً كَالْهَمْسِ

يَا حُسْنَهَا دَائِرَةً كَالشَّمْسِ

لَوْ لَمْ تَكنْ بَارِدَةً فِي اللَّمْسِ

الْجَلَّالِي: تَشَابَهَ الْمَأْكُولُ وَالْمَقُولُ

لَدَيْكَ وَالْمَنْقُولُ وَالْمَعْقُولُ

الرَّئِيسُ: لَعَلَّنَا يَا قَوْمُ لَوْ فَصُحْنَا

لَمْ نَقُلِ الطُّبْسِي وَقُلْنَا الصَّحْنَا

الْجَلَّالِي: الصَّحْنُ قِدْرٌ جُدْرُهُ قَصِيرُ

شِعْرُ ابْنِ كُلْثومٍ لَه نَصِيرُ

وَالرِّفْدُ وَالْعُسُّ مَعًا وَالْجُنْبُلُ

وَالْقَعْبُ أَنْوَاعٌ رَوَاهَا قُنْبُلُ

وَقَدَحُ الشُّرْبِ بِفَتْحَتَيْنِ

وَالْجَمْعُ أَقْدَاحٌ بِغَيْرِ مَيْنِ

وَالْقِدْحُ فِي الْأَزْلَام بِالْكَسْرِ عُرِفْ

وَعَنْ قِدَاحٍ جَمْعُهُ لَا يَنْحَرِفْ

وَالْقَدْحُ فِي الذَّمِّ بِفَتْحٍ فَسُكُونْ

وَمِثْلُهُ لِلزَّنْدِ إِنْ أَوْرَى يَكُونْ

وَفِي الْجِبَالِ قَرْيَةٌ تُدْعَى الطَّبَسْ

لَعَلَّ هَذَا الْإِسْمَ مِنْهَا مُقْتَبَسْ

(يَدْخُلُ تِلْمِيذٌ آَخَرٌ فِي يَدِهِ قُرْعَةُ شَمَّةَ (59) مَلْفُوفَةٌ فِي قِرْطَاسٍ)

التِّلْمِيذُ: هَدِيَّةٌ مِنْ رَجُلٍ بَرَّانِي

مثْلُ حِمَارِ جَارِنَا الْحَرَّانِي

36) طنقو: اسم رقصة. والقاف تُنطق كالجيم المصرية.

37) صنقو: نوع من الزيت. والقاف تُنطق كالجيم المصرية.

38) مرنقو: اسم مدينة، تسمّى الآن حَجُّوط.

39) قرعة شمة: قنينة يوضع فيها مسحوق التبغ الذي يُسمّى (شَمَّة) لأنه يُشَمُّ.

ص: 84

كَلَّفَنِي مِنْ بَعْدِ مَا مَنَّانِي

بِحَمْلِهَا لِشَيْخِنَا الْجَنَّانِي

الْجَلَّالِي: قَدْ كَذَبَ الطِّفْلَ وَلَوْ قَدْ صَدَقَهْ

لَكَانَتِ الشَّمَّةُ أَيْضًا صَدَقَهْ

الْجَنَّانُ: أَحْسَنْتَ يَا مُهْدِيَ هَذِي الْقَرْعَهْ

وَوَرَّثَ الْأَصْلُ السَّمَاحَ فَرْعَهْ

لَمْ أَدْرِ مَنْ أَنْتَ وَلَكِنْ لِلْكَرَمْ

مَزِيَّةٌ تُرْعَى كَمَا تُرْعَى الْحُرَمْ

(يَفْتَحُهَا وَيَذُوقُهَا بِأَنْفِهِ)

بُورِكَتِ الْأَيْدِي اللَّوَاتِي حَكَّتْ

دُخَانَهَا وَفَرَّكَتْ وَفَكَّتْ

مَا ضَرَّهَا وَهْيَ بِهَذِي النَّشْوَهْ

لَوْ أَوْدَعَتْهَا الْغَانِيَاتُ القَشْوَهْ

وَبُورِكَ التُّرْبُ الَّذِي أَخْرَجَهَا

وَفِي خَفَا أَطْوَارِهِ أَدْرَجَهَا

وَبُورِكَ الظَّرْفُ الَّذِي حَوَاهَا

وَبُورِكَ الْمَاءُ الَّذِي قَوَّاهَا

وَبُورِكَ الْقِرْطَاسُ حِينَ لَفَّهَا

الْجَلَّالِي:

وَبُورِكَ الْخَيْشُومُ حِينَ نَفَّهَا (60)

وَبُورِكَ الْفَمُ الَّذِي قَدْ سَفَّهَا

وَلَمَّهَا بِالْأَكْلِ حَتَّى اسْتَفَّهَا

الْجَنَّانُ: (صَمَّطْتَهَا)(61) عَنِّي بِذِكْرِ الأَكْلِ

إِذْ لَيْسَ شَكْلُ الْآكِلِينَ شَكْلِي

الْجَلَّالِي: أَعْذِرْ أَخًا تُطْرِبُهُ هَذِي النُّكَتْ

وَلَوْ جَدَعْتَ أَنْفَهُ لَمَا سَكَتْ

لَمَّا رَأَيْتُ قَرْعَةً قَدْ لُفَّتْ

وَبِيَدَيْكَ الرَّطْبَتَيْنِ حُفَّتْ

كَأَنَّ فِكْرِي جَرَّهُ بِمِقْوَدِ

قَوْلٌ قَدِيمٌ فِي نَصِيبِ الْأَسْوَدِ

(كَأَنَّهُ لَمَّا بَدَا لِلنَّاسِ

...... لُفَّ فِي قِرْطَاسِ)

الْجَنَّانُ: قُبْحًا لِأَشْيَاءٍ بِهَا تَرْمِينَا

وَلِنِبَالٍ رِيشُهَا يُصْمِينَا

الرَّئِيسُ: الْجَمْع لَا يُثْمِرُ إلَّا خَيْرَا

الْجَلَّالِي:

وَالطَّرْحُ لَا يُثْمِرُ إِلَّا ضَيْرَا

الرَّئِيسُ: لَسْتُ أُرِيدُ الْجَمْعَ فِي فَنِّ الْحِسَابْ

وَلَيْسَ لِي إِلَى جُمُوعِهِ انْتِسَابْ

وَإنَّمَا أَرَدْتُ الِاجْتِمَاعَا

لِلْخَيْرِ وَالرُّشْدِ وَالِاسْتِمَاعَا

فَمِنْ ثِمَارِ الْجَمْعِ فِيمَا تَشْهَدُونْ

جَاءَتْ هَدَايَا الْخَيْرِ مِمَّنْ تَعْهَدُونْ

الْجَلَّالِي: غَلِطْتَ إِذْ سَمَّيْتَ بِالْهَدِيَّهْ

فَطَائِرًا فِي صُنْعِهَا رَدِيَّهْ

وَشَمَّةً مُنْتِنَةَ الْأَنْفَاسِ

جَالِبَةً لِلْقَيْءَ وَالْعُطَاسِ

وَصَاحِبُ الْأُولَى دَعَاهَا صَدَقَهْ

بِنِيّةٍ مِنْ قَصْدِهِ مُحَقَّقَهْ

60) نَفَّها: كلمة دارجة معناها استنشق.

61) صمَّطتها: كلمة عامية معناها "لقد أَثْقَلْتَ".

ص: 85

تَبًّا لَهُ فَإِنَّه قَدْ جَعَلَا

للهِ مَا يَكْرَهُهُ وَافْتَعَلَا

تَقْدِيمَهَا مِنْهُ خَرَابُ ذِمَّهْ

وَأَخْذُكُمْ لَهَا سُقُوطُ هِمَّهْ

وَالثَّانِي خَصَّ أَقْرَعًا بِقَرْعَهْ

فَمَا تَرَى لَوْ خَصَّهُ بِصَرْعِهْ؟

وَلَا مِرَاءَ أَنَّ بَيْنَ الْمُهْدِي

وَ (شَيْخِنَا) تَوَاثُقًا بِعَهْدِ

وَصِلَةً أَنْفِيَّةً قَوِيَّهْ

قَدْ عَقَدَتْهَا الشَّمَّةُ الْغَوِيَّهْ

إِنَّ الْأُنُوفَ عِنْدَ هَؤُلَاءِ

وَثَائِقٌ بِالْحِلْفِ وَالْوَلَاءِ

تَرَاهُمُ إِنْ جَمَعَتْهُمْ حَضْرَهْ

تَفَاهَمُوا بِغَمْزَةٍ وَنَظْرَهْ

وَسَافَرَتْ بَيْنَهُمُ تِلْكَ الْعُلَبْ

وَبَذَلَتْ أَعْلَاقَهَا قَبْلَ الطَّلَبْ

وَكُلُّ شَمَّامٍ رَأَى شَمَّامَا

هَشَّ لَهُ مَهْتَبِلًا هَمَّامَا

كَالْأَصْفِيَاءِ حَفِظُوا الذِّمَامَا

وَتَرَكُوا الْإِغْبَابَ وَالْإِلْمَامَا

وَكُلَّمَا تَكَتَّمَ الشَّمَّامُ

فَعَرْفُهَا عَنْ حَالِهِ نَمَّامُ

وَمَا رَأَى النَّاسُ كِرَامًا غَيْرَهُمْ

فِي الْمَحْلِ مَارُوا الْمُعْوِزِينَ مَيْرَهُمْ

وَعِنْدَهُمْ مصْطَلَحَاتُ الصَّرْفِ

ظَاهِرَةً فِي فِعْلِهِمْ وَالظَّرْفِ

النَّقْلُ وَالتَّحْرِيكُ وَالتَّسْكِينُ

وَالْفَتْحُ وَالتَّشْدِيدُ وَالتَّمْكِينُ

وَالضَّمُّ وَالصِّحَّةُ وَالْإِعْلَالُ

وَالْحَذْفُ وَالتَّعْوِيضُ وَالْإِبْدَالُ

وَالْقَلْبُ وَالتَّرْخِيمُ وَالْإِدْغَامُ

وَالْفَكُّ وَالتَّخْفيفُ وَالْإِشْمَامُ

وَفِيهِم الْأُصُولُ وَالزَّوَائِدُ

وَعِنْدَهُمْ فِي شَمِّهَا عَوَائِدُ

أَمَّا الدُّخَانُ وَلَه أَسْمَاءُ

كُثْرٌ فَلَمْ تَأْتِ بِهَا السَّمَاءُ

وَهَلْ سَمِعْتَ مَا يَقولُ الرَّاوِي

فِي وَاحِدٍ مِنْهَا اسْمُهُ الطَّهْرَاوِي

الرَّئِيسُ: عَجِبْتُ مِنْ خُرْطُومِكَ الْأُشَمِّ

كَيْفَ حَرَمْتَهُ لَذِيذَ الشَمِّ

وَلَوْ غَدَا حَامِلُهُ مِنْ هَاشِمِ

كَانَ أَمِيرَ أُمَّةِ الْخَيَاشِمِ

وَلَوْ غَدَا حَامِلُهُ شَمَّامَا

كَانَ لَهمْ بِأَنْفِهِ إِمَامَا

لَوْ كُنْتَ فِي زُمْرَتِهِمْ دَخَلْتَا

كَرُمْتَ فِي النَّاسِ وَمَا بَخِلْتَا

وَإنَّ لِي فِيكَ اعْتِقَادًا جَازِمَا

أَقُولُهُ مُسْتَبْصِرًا وَجَازِمَا

الْجَلَّالِي: طُولُ الْعَرَانِينِ دَلِيلُ الشَّرَفِ

لَا تَنْتَحِلْ عِرْفَانَ مَا لَمْ تَعْرِفِ

أَجْدَادُنَا الْعُرْبُ بِهِ تَفَاخَرُوا

وَقَالَ فيهِ أَوَّلٌ وَآخِرُ

وَقَدْ يَتِيهُ الرَّجُلُ الْأُنَافِي

بِالْأَنْفِ لَا بِالْأَصْلِ مِنْ مَنَافِ

ولَيْسَ فِي الشَّمَّةِ مَا يَزِيدُ

إِلَّا ادِّعَاءً فِعْلُهُ مَزِيدُ

ثمَّ لَهَا بَعْدُ ذُنَانٌ قَذِرُ

كَأَنَّهُ مِنَ الرَّجِيعِ يَقْطُرُ

ص: 86

أَصْحَابُهَا فِي الْحَيْضِ طُولَ الدَّهْرِ

وَالْحَيْضُ يَأْتِي مَرَّةً فِي الشَّهْرِ

وَقَدْ حَوَتْ مِنَ الْعُيُوبِ الْكُبَرِ

مَا يَقْتَضِينِي أَنْ أَرَى مِنْهَا بَرِي

تَنْسَابُ بَيْنَ أُنُفٍ تَشُمُّ

وَأَلْسُنٍ مِنْ تَحْتِهَا تَذمُّ

وَلَيْسَ فِي الْعَيْبِ كَهَذِي الْخَلَّهْ

أَنْ يَشْهَدَ الْجَارُ بِسُوءِ الدَّخْلَهْ

إِذْ لَيْسَ بَيْنَ الْأَنْفِ وَاللِّسَانِ

إِلَّا زُهَا ذُبَابَةِ السِّنَانِ

الرَّئِيسُ: هَلْ لَكَ يَا جَنَّانُ أَنْ تُقَارِعْ

زَمِيلَكَ الشَّيْخَ الْأَدِيبَ الْبَارِعْ

فَقَدْ دَهَاكَ بِقَوَافٍ مُحْكَمَهْ

كَأَنَّهَا وَثَائِقٌ فِي الْمَحْكَمَهْ

وَقَالَ فِي ذَاتِ السُّعَاطِ الْخَمْرِي

مَا لَمْ يَقُلْهُ مَالِكٌ فِي الْخَمْرِ

أَذَلَّهَا وَهْيَ الْعَزِيزَةُ عَلَيْكْ

وَذَمَّهَا وَهْيَ الْحَبِيبَةُ لَدَيْكْ

وَنَالَهَا بِالْعَيْبِ وَالتَّحْقِيرِ

وَهْيَ تُجَلُّ عَنْ سِوَى التَّوْقِيرِ

أَلَا تَغَارُ عَنْ حَبِيبِ الشَّمِّ

فَتَنْتَحِي مَنْ ذَمَّهُ بِالذَّمِّ

وَمَنْ أَحَبَّ هِرَّةً حَمَاهَا

وَذَادَ عَنْهَا الطَّارِقِي حِمَاهَا

فَكَيْفَ بِالْمَعْشُوقَةِ الْمِمْرَاحِ

جَالِبَةِ الْبَسْطِ وَالِانْشِرَاحِ؟

طَارِدَةِ الْغَمِّ وَالِاكْتِئَابِ

نَاقِلَةِ الرَّوْحِ لِشَهْرِ آبِ

فَصُنْ حِمَاهَا بِالدِّفَاعَ فَقَلِيلْ

فِي صَوْنِ مَنْ تُحِبُّهُ بَذْلُ الْجَلِيلْ

وَعَارِضِ الْقَوْلَ بِقَوْلٍ يُفْحِمُهْ

تُسْدِيهِ مِنْ مَدِيحِهَا وَتُلْحِمُهْ

وَشَنِّفِ الْآذَانَ مِنَّا بِالذُّرَرْ

وباللّآلِئِ الثَّمِينَةِ الْغُرَرْ

وَالشَّيْخُ فِي هُجُومِهِ الْمُجْتَاحِ

كَأَنَّه يَدْعُوكَ لِلْكِفَاحِ

وَقَدْ وَقَفْتَ مَوْقِفًا يُؤَرِّخُ

فِيهِ عَلَيْكَ أَوْ لَكَ الْمُؤَرِّخُ

وَفِيهِ كَشْفٌ لِلضَّمِيرِ الْمُسْتَتِرْ

مِنْ نَسَبٍ فِي الْعُرْبِ وَالْعُجْمِ بُتِرْ

فَإِنْ بَلَغْتَ مِنْ كِفَاحِهِ الْأَرَبْ

فَأَخْضَرُ الْجِلْدَةِ مِنْ بَيْتِ الْعَرَبْ

وَإنْ تَخِمْ وَقَسْوَرُ الْغَابِ هَجَمْ

فَأَصْفَرُ الْجِلْدَةِ مِنْ بَيْتِ الْعَجَمْ

وَمَنْ يَكُنْ فِي غَرْبِهِ وَضُوخُ

حَقَّ عَلَيْهِ الرَّضْخُ لَا الرُّضُوخُ

وَهَذِهِ هِيَ الْمَيَادِينُ الَّتِي

قَدْ رَاضَهَا أَسْلَافُنَا فَذَلَّتِ

فَمِنْ قَدِيمٍ عُرِفَ السِّجَالُ

وَكَانَ كَالْحَرْبِ لَهُ رِجَالُ

وَكَانَ فِي الشِّعْرِ لَهُ مَجَالُ

رَوِيَّةٌ يَغْمُرُهَا ارْتِجَالُ

مَشَاهِدٌ لِلْغَابِرِينَ الْأُوَّلِ

لِغَيْرِهِمْ فِي الدَّهْرِ لَمْ تُنَوَّلِ

مَفَاخِرٌ عَلَوْا بِهَا عَلَى الْأُمَمْ

وَأَحْرَزُوا الْفَخْرَ الصَّمِيمَ مِنْ أَمَمْ

مَوَاقِفٌ بَيَّضَتِ الْوُجُوهَا

وَانْصَرَمَتْ وَمِنْكُمَا نَرْجُوهَا

ص: 87

فَإِنَّ هَذَا النَّوْعَ فِي الْآدَابِ

فِي عَصْرِنَا رَهِينَةُ الإِجْدَابِ

فَأَشْقِيَاهُ مِنْ حَيَا الْقَرَائِحِ

صَوْبَ الْغَوَادِي الدُّلَّجِ الرَّوَائِحِ

وَأَحْيِيَاهُ فَحَيَاةُ الْأَدَبِ

عِنْدَ النُّهَى إِحْيَاءُ مَجْدِ الْعَرَبِ

وَجَدِّدَا أَرْسُمَهُ الْبَوَالِي

كَمَا ازْدَهَتْ فِي الأَعْصُرِ الْخَوَالِي

هَيْهَاتَ مِمَّنْ سَامَهَا انْتِسَافَا

مَنْ زَادَ فِي أَصْلِ الْبِنَاءَ سَافَا

الْجَنَّانُ: يَا قَوْلَةً قَدْ قَالَهَا أَبُو لَهَبْ

تَبًّا لَهُ فِي الْغَابِرِينَ وَذَهَبْ

كَاذِبَةً خَاطِئَةَ الْمَسَاقِ

صَادِقَةً فِيكَ عَلَى اتِّسَاقِ

كَأَنَّهَا وَدِيعَةٌ مُدَّخَرَهْ

لَكَ وَقَدْ قَبَضْتَهَا بِأَخَرَهْ

دَعَوْتَنَا لِغَرَضٍ مُهِمِّ

كَمَا زَعَمْتَ أَوْ لِهَذَا الرِّمِّ

فَمَا قَضَيْنَا وَطَرًا مُذْ أَمْسَا

وَقَدْ قَضَى فِي اللَّهْوِ سَاعًا خَمْسَا

وَقَدْ أَضَعْنَا جَلْسَةً خَطِيرَهْ

الْجَلَّالِي:

وَقَدْ أَكَلْتَ بَعْدَهَا فَطِيرَهْ

الْجَنَّانُ: وَقَدْ خَسِرْنَا حِصَّةً مُهِمَّهْ

الْجَلَّالِي:

بَلْ قَدْ رَبِحْتَ قَرْعَةً مِنْ شَمَهْ

أَمَّا أَنَا فَلَمْ أُحَصِّلْ فَائِدَهْ

وَلَمْ تَعُدْ مِنْكُمْ عَلَيَّ عَائِدَهْ

فَلَا لِذِي الصَّحْنِ عَلَيَّ أَجْرُ

وَلَا لِذِي الشَّمَّةِ مِنِّي شُكْرُ

الْجَنَّانُ: لَا تَقْطَعِ الْكَلَامَ عَنِّي

حَتَّى أَحُتَّ هَذَا الْهَمَّ عَنِّي حَتَّا

وَأَفْثَأَ الْغَمَّ الَّذِي فِي صَدْرِي

فَقَدْ غَلَى كَغَلَيَانِ الْقِدْرِ

مِنْكَ وَمِنْ رُؤَيْسِكَ الْخَرْنَانِ

فَأَنْتُمَا قَوْسٌ بِلَا إِرْنَانِ (62)

أَضَعْتُمَا الْوَقْتَ النَّفِيسَ فِي حَقِيرْ

مِنْ غَرَضٍ لَمْ نَسْتَفِدْ مِنْهُ نَقِيرْ

أَطَلْتُمَا الْقَوْلَ بِدُونِ طَائِلْ

أَوْلَا فَمَا هَذَا الْعُبَابُ السَّائِلْ؟

قُبِّحْتُمَا مِنْ مَاضِغَيْ كَلَامِ

(وَمُسْتَحِقِّي الْعَذْلِ وَالْمَلَامِ)

أَسْرَفْتُمَا فِي اللَّغْوِ وَالْمِرَاءِ

وَفِي الْكَلَامِ الْفَارغِ الْهُرَاءِ

وَجِئْتُمَا بِمَا يَضِيقُ الصَّدْرُ

بِهِ وَلَا يَقْوَى عَلَيْهِ الصَّبْرُ

وَحَالَةٌ تُبْدَا بِهَذَا النَّشْرِ

مَوْصُولَةُ الْحَبْلِ بِيَوْم الْحَشْرِ

وَأَنْتَ غِرًّا أَبْلَهٌ مُغَفَّلُ

بَابُ الذَّكَا دُونَكَ بَابٌ مُقْفَلُ

قَدْ جَرَّكَ الرَّئِيسُ فَانْجَرَرْتَا

وَبِدَوَاعِي مَكْرِهِ اغْتَرَرْتَا

62) الخَرنان: كلمة عامية وهو الذى يكرر الكلام الفارغ، وأرنان القوس صفة مدح لها وهو تصويتها عند صدور السهم عنها، ويوصف السهم بالأرنان أيضًا.

ص: 88

وَقَدْ بَدَا أَنَّ لَا شَيْطَانَا

يَمُدُّ فِي الْكَيْدِ لَنَا الْأَشْطَانَا

يَلْهُو بِنَا فإِنْ رَأَى إِغْضَاءَا

مِنِّي وَمِنْكَ أَرَّثَ الْبَغْضَاءَا

وَقَدْ أَرَادَ أَنْ يَمُدَّ الشَّبَكَهْ

لِي فِي اقْتِرَاحٍ صَاغَهُ وَسَبَكَهْ

لَكِنْ قَطَعْتُ الْحَبْلَ فِي يَدَيْهِ

إِذْ كُنْتُ عَنْ عِلْمٍ بمَا لَدَيْهِ

وَعَدِّ عَنْ رَئِيسِنَا وَمَكْرِهِ

وَمَا أَتَى فِي صَحْوِهِ وَشَكْرِهِ (63)

وَقُلْ هَدَاكَ اللهُ لِلصَّوَابِ

أَمَا لِهَذَا الشَّرْطِ مِنْ جَوَابِ؟

وَهَلْ لِهَذَا الْمُبْتَدَا مِنْ خَبَرِ؟

وَإنْ تَعُدْ فَإِنَّنِي مِنْكَ بَرِي

الْجَلَّالِي: مِنِّي؟

الْجَنَّانُ:

نَعَمْ مِنَ ابْنِ أُخْتِ خَالَتِكْ

فَمَا رَأَيْتُ حَالَةً كَحَالَتِكْ

تَفْتَنُّ فِي الْهُزْءِ بِنَا وَتَعْبَثُ

وَقَدْ تَطيِبُ تَارَةً فَتَخْبُثُ

وَتَارَةً تَلْبَسُ فَرْوَةَ فَقِيهْ

وَتَارَة تَجْتَابُ بُرْدَةَ سَفِيهْ

وَتَارَةً تَبْتَزُّ جِلْدَ لُغَوِي

فِي لَغْوِهِ إِنَّكَ فِينَا لَغَوِي

كَأَنَّمَا أَوْقَاتُنَا أَهْمَالُ

فِي الْبِيدِ أَوْ لَيْسَتْ لَنَا أَعْمَالُ

نَلْهُ وَحَقُّ الْوَقْتِ جِدٌّ وَنِضَالْ

وَاللَّهْوُ فِي أَمْثَالِنَا دَاءٌ عُضَالْ

أَمَّا الرَّئِيسُ فَهْوَ قَدْ دَعَانَا

أَمْسِ فَلَبَّيْنَا الدُّعَا سُرْعَانَا

دَعَا دُعَاءً مُجْمَلًا فَأَشْعَرَا

نُفُوسَنَا أَنَّ هُنَا خَطْبًا عَرَا

كَأَنَّ خَيْلًا طَرَقَتْ حِمَانَا

وَأَنَّ جَيْشًا بِالْبَلَا رَمَانَا

أوْ أَنَّهُ بَيَّتَنَا عَدُوُّ

وَامْتَنَعَ الرَّوَاحُ وَالْغُدُوُّ

هَا أَنَّنَا جِئْنَا فَأَيْنَ الْخَطْبُ

وَهَذِهِ الرَّحَى فَأيْنَ الْقُطْبُ؟

وَقَدْ مَضَى يَوْمَانِ فِي بَحْثٍ عَقِيمْ

وَجَدَلٍ فِي الرَّأْيِ غَيْرِ مُسْتَقِيمْ

لَمْ يَضْبِطِ الْجَلْسَةَ أَيَّ ضَبْطِ

وَلَمْ يُحَقِّقْ شَرْطَهَا بِالرَّبْطِ

وَكُلَّمَا انْدَفَعْتَ فِي السُّخْفِ انْدَفَعْ

وَمَا انْتَفَى مِنْ عَبَثٍ وَلَا انْتَفَعْ

(يُوَجِّهُ الْخِطَابَ إِلَى الرَّئِيسِ)

فَقُلْ لَنَا وَالْعَهْدُ عَهْدُ اللهِ

أَمَاكِرٌ أَنْتَ بِنَا أَمْ لَاهِي؟

كَأَنَّمَا دَعَوْتَنَا لِنَشْهَدَا

لَكَ بِرُتْبَةِ الْعُلَى وَنَعْهَدَا

كَأَنَّ كُلَّ الْخَطْبِ فِي خُلُوِّكَا

مِنْ لَقَبٍ يَزِيدُ فِي عُلُوِّكَا

63) السُكر أنواع منها سُكر الجاه وسُكر المنزلة والمكانة وحاشا الرَّئِيسُ من سُكر الخمر.

ص: 89

أَنْتَ كَمَا قَدْ قِيلَ فِي الْأَلْفيَّهْ

ذَاتِ الْحُلَى وَالنُّكَتِ الْوَصْفِيَّهْ (64)

فِي رَجُلٍ ذِي دَخْلَةٍ سَقِيمَهْ

لَيْسَ لَهُ بَيْنَ الرِّجَالِ قِيمَهْ

(لَا يَزْدَهِيهِ مِنْ حُلَى التَّقْدِيرِ

لَفْظٌ سِوَى الرَّئِيسِ وَالْمُدِيرِ)

الرَّئِيسُ: الْخَطْبُ خَطْبٌ فَادِحُ

وَالْعَيْبُ عَيْبٌ فَاضِحُ

وَعَارُنَا فِي النَّاسِ لَا

تَحْمِلَا النَّوَاضِحُ (65)

وَالذَنْبُ فِي التَّطْوِيلِ لَيْسَ مِنِّي

بَلْ ذَنْبُ هَذَا الشَّيْخِ شَيْخُ الْفَنِّ

فَكُلَّمَا دَنَوْتُ مِنْ مُرَادِي

دَفَعَنِي عَنْهُ بِالِاسْتِطْرَادِ

وَوَلَّدَ الْقَوْلَ بِلَا مُنَاسَبَهْ

وَاعْتَرَضَ الرَّأْيَ بِلَا مُحَاسَبَهْ

وَكُلَّمَا صَمَّمْت أَنْ أُعَارِضَهْ

عَاجَلَنِي بِالنَّقْضِ وَالْمُعَارَضَهْ

كَأَنَّ بُعْدَ الْقَصْدِ مِنْ آرَابِهْ

فَهْوَ يَرَى الْخَيْبَةَ فِي اقْتِرَابِهْ

وَإنَّمَا أَطَلْتُ فِي الصَّوْتَيْنِ

وَالْعُضْوِ لِلْإِصْلَاحِ فِي هَاتَيْنِ

لِأَّنني أَحْسَسْتُ بِالْمُخَالَفَهْ

فَالْعُضْو لِي فِي النَّفْعِ كَالْمُخَالَفَهْ

حَتَّى إِذَا أَجْمَعْتُمَا خِلَافِي

رَجَعْتُ مِنْهُ لِلْمُعِينِ الْكَافِي

رِعَايَةً لِلْخَيْرِ وَاحْتِيَاطَا

لِلنَّفْعِ لَا ظُلْمًا وَلَا اشْتِيَاطَا

وَمَنْ دَرَى خَلَّ امْرِئيٍ مِنْ خَمْرِهِ

دِرَايَتِي يَحْتَطْ لِكُلِّ أَمْرِهِ

وَإِنَّنِي أَعْلَمُ حَقَّ الْعِلْمِ

أَنَّكُمَا تَجْتَرِحَانِ ظُلْمِي

فَكُلَّمَا عَرَضْتُ مَا فِيهِ صَلَاحْ

وَإنْ يَكُنْ كَالصُّبْحِ فِي الْمَشْرِقِ لَاحْ

وَإِنَّنِي أَعْرِفُ مِنْ تَجْرِيبِي

رَأْيَكُمَا فِي الْقَصْدِ بِالتَّقْرِيبِ

فَكَانَ لَا بُدَّ مِنْ اسْتِظْهَارِي

بِصَوْتٍ أَوْ بِرَجُلٍ قَهَّارِ

وَالْأَمْرُ إِنْ رُمَّ عَلَى اعْتِرَاضِ

لَمْ يَفْتَرِقْ ذَوُوهُ عَنْ تَرَاضِ

وَاللهِ لَوْلَا شَرَفُ الْمَوْضُوعِ

وَنَفْعِهِ لِلْفَرْدِ والْمَجْمُوعِ

وأَنَّ عَارًا لَجَّ فِي انْدِلَاعِهْ

فَوَجَبَ الْعَوْنُ عَلَى اقْتِلَاعِهْ

لَكُنْتُ فِيمَا اعْتَدْتُمَاهُ مِنِّي

فِي حَافِظٍ كَالدِّرْعِ وَالْمِجَنِّ

شَقِيتُ فِيكُمْ وَاسْمِيَ السَّعِيدُ

فَلَيْتَنِي أَوْ لَيْتَكمْ بَعِيدُ

وَلَيْتَ لِي بِكُمْ مِنْ الْعُرْبَانِ

إِثْنَيْنِ أَسْوَدَيْنِ كَالْغِرْبَانِ

64) الألفية: أرجوزة للمؤلف بديعة نظمها تفسيرًا لمشكلة موظف هو عبد لوظيفته وعبد للشيطان. هي من أبدع ما قال (لعنه الله) يصف فيها أولياءه، وقد وصف المشكلة وشرحها بلسانها مترجمة عن نفسها. وفيها فصول طوال في شخصين اثنين منهم، أحدهما المشكلة وهي وإن كانت في شخص فهي صادقة فيهم جميعًا.

65) النواضج ج ناضح وهو جمل السانية أو الركوب وقد يستعمل وصفًا عامًا له.

ص: 90

وَلَيْتَ حَظِّي كَانَ فِي أَنِيسِ

فَرْدٍ وَلَوْ كَالطَّاهِرِ الْوَنِيسِ

الْجَنَّانُ: ظَلَمْتَ إِذْ ضَمَمْتَنِي لِهَذَا

وَهْوَ الَّذِي جَرَّ الْبَلَا وَهَاذَى

وَجُرْتَ إِذْ حَشَرْتَنِي فِي زُمْرَتِهْ

وَخَمْرَتِي فِي الشُّرْبِ غَيْرُ خَمْرَتِهْ

فَهْوَ زَمِيلِي وَالدُّرُوسُ تَشْهَدُ

لَكِنَّنِي بِالزُّورِ لَسْتُ أشْهَدُ

وَلَا أُدَارِيهِ وَلَا أَعْبُدُهْ

يَوْمًا وَلَوْ أَنَّ الْوَرَى أَعْبُدُهْ

وَإنَّنِي إِذَا غَدَوْتُ فِي كَبَدْ

فَلَا أُبَالِي عَابِدًا وِإنْ عَبَدْ

الْجَلَّالِي: عَجِبْتُ مِنْكُمْ وَالْأَصَحُّ مِنْكُمَا

وَيْلِي عَلَيْكُمْ ثُمَّ وَيْلِي مِنْكُمَا

لَمْ أَدْرِ مِمَّا سُقْتُمَا إِلَيَّا

أَلِى يَكُونُ الْمَيْلُ أَمْ عَلَيَّا؟

فَتَارَةً أَسْمَعُ مَدْحًا صَادِعَا

وَتَارَةً أَسْمَعُ قَدْحًا رَادِعَا

وَتَارَةً تَتَّفِقَانِ لِغَرَضْ

وَتَارَةً تَخْتَلِفانِ لِمَرَضْ

تَلَوِّيٌ يَمْقُتُهُ الْحُرُّ الْأَبِي

وَلَا يُغَرِّرُ سِوَى التَّيْسِ الْغَبِي

يَا قَوْمُ ذُو الْوَجْهَيْنِ لَوْ يُزْجِيهَا

شَمْسَ نَهَارٍ لَمْ يَكُنْ وَجِيهَا

يَا لَيْتَكمْ حِينَ عَرَفْتُمُونِي

عَنْ هَذِهِ الْأَشْيَا صَرَفْتُمُونِي

فَإِنَّنِي صِرْتُ عَدِيمَ الْفَائِدَهْ

فِي كُلِّ شَيْءٍ غَيْرَ لَحْسِ الْمَائِدَهْ

أَصْبَحْتُ كَالْحِمَارِ لَا يُذَكَّى

فَيَدْفَعَ الْجُوعَ وَلَا يُزَكَّى (66)

وَانْعَكَسَتْ وَظَائِفُ الْأَعْضَاءِ

عِنْدِي فَإِسْخَاطِيَ مِنْ إِرْضَائِي

أَشُمُّ مِنْ عَيْنِي وَأَنْفِي يَسْمَعُ

أَسْعَى عَلَى بَطْنِي وَرِجْلِي تَدْمَعُ

لَوْ كَانَ لِي مَالٌ لَكُنْتُ أَفْتَدِي

بِالْمَالِ مِنْ هَذَا الرَّئِيسِ الْمُعْتَدِي

فَمَا عَرَفْتُ الْخَيْرَ مُذْ عَرَفْتُهْ

وَلَوْ بَدَا لِي كَلِمًا حَرَفْتُهْ

وَلِي قَرُونَةٌ إذَا مَا هَجَسَتْ

هَوَاجِسُ الْإِلْهَام فِيهَا انْبَجَسَتْ (67)

فَيْضًا مِنَ الْحَدْسِ الَّذِي لَا يَكْذِبُ

وَذُو الشُّكُوكِ دَائِمًا مُعَذَّبُ (68)

وَحَدَّثَتْنِي الْيَوْمَ أَنَّ الْأَمْرَا

رَمَادُ إِيهَامِ يُغَطِّي الْجَمْرَا

وَأَنَّ هَذَا الْجَمْعَ فِيهِ سِرُّ

سَيَنْجَلِي لِلْعَيْنِ وَهْوَ شَرُّ

وَأَنَّ هَذَا السَّيِّدَ الرَّئِيسَا

لَا بُدَّ أَنْ يَرَى رَأْيًا نَفِيسَا

66) الحمار لا تجب فيه الزكاة ولا تعمل فيه الذكاة وفي كل من الزكاة والذكاة فائدة. فمن حُرِمَهُما فلا فائدة فيه ولكن فات الأستاذ أن الحمارَ وإن كان لا يذكى ففيه فائدة الركوب.

67) القَرونة: النفس.

68) الشطر الأخير مثل ضربه الأستاذ وليس راجعًا إليه هو لأنه على يقين.

ص: 91