الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأستاذ علي الحمامي
-
1
- *
كانت "البصائر" في الأسبوع الماضي تتأهب للصدور حين بلغها نبأ الفاجعة، فأسرع الأستاذ أبو محمد، وكتب كلمة حزينة صور فيها وقع المصاب الجلل في القلوب، وأثر الخطب الداهم في النفوس، وأودعها شعور هذا الشمال بالكارثة الفادحة التي كان من شهدائها الأبرار ثلاثة من أبطال المغرب العربي، وهم الأساتذة: علي الحمامي والدكتور ثامر، ومحمد بن عبود سقطوا ثلاثتهم بجنب ثلة من رجال الباكستان وممثلي الأقطار الإسلامية في ذلك المؤتمر الاقتصادي الكبير الذي جلا صورًا صادقة لعظمة الباكستان وجوانب نهضتها الاقتصادية الواسعة، ورسم للعالم الإسلامي ما إن تمسك به نجا من خطر الغزو الاقتصادي الأجنبي، فلم يخش بخسًا ولا رهقًا.
واليوم نعود وكلنا أسف وحسرة فننشر هنا كلمة ثانية للأستاذ محي الدين القليبي بعث بها إلينا كتحليل واف لحياة أحد الشهداء الثلاثة، وهو الأستاذ علي الحمامي الجزائري. وإن الحادثة على فداحتها وعظم هولها لعنوان في نظرنا على الفجر الجديد، لأنها إن حزت في نفوسنا وهزت هذا العالم الإسلامي هزة عنيفة في مثل هذا الظرف العصيب فقد دلت على أننا قد ابتدأنا نموت لنحيا، وودعنا عهدًا مظلمًا، لم نكن فيه أحياء ولا أمواتًا لنستقبل عهدًا جديدًا تسير الأمجاد في ركابه وتشرق عبقرية الشرق في جوانبه.
وإني لأذكر بهذا الصدد كلمة لأستاذنا الأكبر عبد الحميد بن باديس باني النهضة الجزائرية قالها بمحضر جماعة من الشباب، وهو يعلق على قول من قال في المجلس:
* مقدمة كتبها الشيخ لمقال عن الأستاذ الحمامي بقلم الزعيم التونسي محي الدين القليبي، "البصائر"، العدد 100، السنة الثالثة من السلسلة الثانية، 26 ديسير 1949، (بدون إمضاء).
"إن الغرب يخاطر كثيرًا بحياة أبنانه" وتلك هي: "ما الحياة إلّا في المخاطرة، ولن يحيا هذا الشرق حتى يركب الأهوال، ويخاطر كالغرب، وإذا ما جاء هذا اليوم فأيقنوا أن الغرب سيقف أمام الشرق وقفة إجلال وإكبار، ويومئذ يمكن للتاريخ أن يعيد نفسه".
وشاء الله أن تكون كارثة الطيران هذه خاتمة المؤتمر المحزنة لتزيد في توحيد آلام هذا الشرق وآماله، وتمكن له في جمع أوصاله وضم أجزائه وأطرافه.
إذ لا شيء يبني الأمم وسوق الشعوب إلى غاياتها السامية في الحياة كالآلام المشتركة والنهضات المحفوفة بالأخطار.
وبعد فإن "البصائر" لَتحي للمرة الثانية أرواح هؤلاء الشهداء، وتتقدم بتعازيها الخالصة أولًا وأخيرًا إلى أمة الباكستان الشقيقة والعالم الإسلامي الذي أثبت وحدته في هذا المؤتمر، وحقق فكرة الجامعة الإسلامية رغم المفترين الذين يقولون باستحالتها حسدًا من عند أنفسهم.
ورحم الله شهداءنا جميعًا، وهدى شبابنا إلى الاستنارة بتضحياتهم والسير على ضوء بطولتهم وجهادهم حتى يتمّوا ما بدأوا ويشيدوا ما رفعوا من قواعد الجامعة الإسلامية.