الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدكتور عبد الكريم جرمانوس *
الدكتور عبد الكريم جرمانوس، مسلم مجري الأرومة، شرقي النزعة، نشأ جبار الذهن، سليم الفطرة، نيّر الفكر، فحدت به نزعته الشرقية إلى ثعلّم أمهات لغات الشرق الإسلامي: التركية والفارسية والعربية، وتعاونت هذه اللغات المتشابكة الأدب والفلسفة، المترابطة التاريخ والمواطن على تكوينه تكوينا شرقيًا جديدًا، ووجّهته بطبيعتها إلى دراسة الإسلام في أصوله الأولى، وانضاف إليها عامل آخر هو فطرته السليمة وفكره النير، فهدته إلى الإسلام، فأسلم إسلامًا صحيحًا مكينًا مبنيًا على الاقتناع الموصل إلى اليقين، والدراسة العميقة المفضية إلى الحق، لا ذلك الإسلام المبني على التقليد المريب، أو على الحيل السياسية المخادعة.
فالدكتور عبد الكريم جرمانوس مستشرق من ذلك الطراز الذي ينفذ إلى لباب اللغات والمبادئ فيتأثّر بها تأثرًا وجدانيًا صادقًا، لا من هذا الطراز الذي عرفنا بعض أفراده ذوي الملكات القاصرة في اللغات الشرقية، والأنظار السطحية فيها، فغاية هؤلاء، الاتجار بالاستشراق وجعله ذريعة لخدمة ركاب السياسيين وسلّمًا للوصول إلى الوظائف.
ما كنا نجهل هذا الأخ المسلم، والمستشرق الصادق، قبل اليوم، فقد عرفناه من مقالاته التي حرّرها بالعربية الفصحى، وقرأنا عن مؤلفاته في كثير من المجلات العربية، وقدرنا من ذلك كله قيمته ووزنه.
وقد اتصل بنا في هذه الأيام، اتصال المسلم بأخيه المسلم، بهذه الرسالة القيّمة التي ننشرها عقب هذا الكلام، فعرفنا فيها بنفسه وبالبواعث الأولى التي حبّبت إليه الإسلام،
* "البصائر"، العدد 148، السنة الرابعة من السلسلة الثانية، 26 مارس 1951م.
وببعض نظراته فيه، وبشيء عن نشأة الإسلام في المجر، وشكا شكوى المسلم الغيور على دينه من عوائق انتشار الإسلام في وطنه (هنغاريا).
ونحن نغتبط بهذه الرسالة، ونعدّها عامل اتصال بين الأجزاء المتباعدة من أهل هذا الدين، ونفحة من نفحات الإسلام العاطرة في أوروبا، ونوجّه إلى أخينا عبد الكريم- على بعد الدار- ثناءً خالصًا على هذه التحفة اللطيفة وتحيات تحمل من الربيع روحه وريحانه، ومن الشباب اقتباله وريعانه (1).
1) نص الرسالة منشور بنفس العدد من "البصائر".