الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تنصّل من تهمة *
"نحن الذين يوقعون أسفله عقب تاريخه (مقدّم الزاوية التجانية بالرباط محمد بن العياشي، والمدرّس بها وببعض مساجد الرباط عبد الواحد بن عبد الله، وإمامها المكي الاعتابي) باسمنا واسم التجانين بالرباط نكذب ما نسبته صحيفة فرنسية إلى التجانين بالرباط من أنهم تبرّأوا من حزب الاستقلال، ونصرّح بأن الدين الإسلامي يحرّم على المسلم أن يتبرّأ من المسلم ونؤكد بهذه المناسبة تعلّقنا بالعرش العلوي المجيد وصاحبه جلالة السلطان سيدنا محمد الخامس- نصره الله-. وننبّه أيضا على أن عريضة علماء الرباط المؤرّخة بعاشر ربيع الثاني الفارط المرفوعة إلى الجلالة الشريفة أول من وقّعها عبد الواحد بن عبد الله المذكور وبعده المقدّم والإمام المذكوران وغيرهما من علماء الرباط تجانين وغير تجانين، وأن الذي رفع هذه العريضة إلى الجلالة الشريفة هو المقدّم محمد بن العياشي المذكور مع بعض علماء الرباط ".
وحرّر في خامس وعشرين جمادى الثانية عام 0731هـ.
محمد بن العياشي- عبد الواحد بن عبد الله- المكي الاعتابي.
ــ
"البصائر"، نشرنا هذا التبرّؤ بألفاظه، وأسماء أصحابه، لاعتقادنا أن أصحابه صادقون في دعواهم، وأن كل مسلم صحيح الإسلام في المغرب الأقصى، بل في الشمال الإفريقي المتلاصق الأجزاء، المتقارب الميول والأفكار. يستحيل أن ينطوي على خلاف لجلالة السلطان، أو مشاقة للرجال الأحرار العاملين على تحرير الوطن، وأن غاية ضعفاء الإيمان والإرادات منّا أن يقعدوا، وقلوبهم مملوءة ببغض الاستعمار وجوارحهم كلها مع الأحرار، يعاونونهم ولو بما لا كلفة فيه، وهو الدعاء، وقد يكون هذا الدعاء- لفرط الضعف- سريًا، وقد يكون غير مقبول عند الله لأن دعاء الجبناء في ضلال.
* "البصائر"، العدد 151، السنة الرابعة من السلسلة الثانية، 16 أفريل 1951م. (بدون إمضاء).
أما هذه الشراذم المجاهرة بولاء الاستعمار، والتنكر للوطن وبنيه، فهي فئة انتهى بها فساد الفطرة إلى دركة لا تزيد على العجماوات إلا بأن فيها خزي الدنيا وعذاب الآخرة.
ثم نقول لهؤلاء الإخوان المتبرّئين: ما هذه النسبة التي خصصتم أنفسكم بها حتى أصبحت مناطًا لأحكام خاصة بكم، ومنها هذا الاتهام؟
…
وان العقلاء ليحكمون بأن هذه الجريدة لم تظلمكم، لأنكم بهذه النسبة الخاصة أوقفتم أنفسكم هذا الموقف ولأن الاستعمار عهد منكم هذا أو من أسلافكم، أو من أمثالكم من أصحاب هذه النسب الشاذة في الإسلام، ولو لم تنفردوا بهذه النسبة وبقيتم في غمار المسلمين لما علقت بكم هذه التهمة.
إنهم ما علقوا بكم هذه التهمة لأنكم مسلمون، بل لأنكم تيجانيون، وشرّ الخصائص خصوصية جرت إلى صاحبها التهم، ووصمته بما يشذّ به عن قومه، أو بما يصيّره خصمًا لهم. وانهم لم يرموكم هذه المرّة بهذه التهمة إلا ليشغلوكم بالسلب عن الإيجاب وبالدفاع عن أنفسكم عن الدفاع عن دينكم ومليككم وعن المظلومين من أبناء وطنكم. وليس هذا النوع من توزيع القوى في النفس الواحدة، وتشتيتها في الأمّة الواحدة، إلا من خصائص الاستعمار، ومما امتاز بالحذق فيه والبراعة في استعماله.
إنهم رأوا تفرّقنا في النسب، وغلوّنا فيها، فوسّعوا الشقّ، فهلّا رجعنا إلى النسبة المحمدية الجامعة، وسددنا في وجوههم هذه المنافذ.
إن العاقل لا ينتحل نسبة أو وصفًا إلا إذا اعتقد أنه يكتسب بذلك شرفا لم يكن له، وأنتم- قبل أن تكونوا تيجانيين- كنتم مسلمين، أفلم يكفكم شرف الإسلام حتى التمستم ما يكمّله من هذه النسب المفرّقة؟ أم أن الإسلام- في نظركم- قاصر عن أنْ يصل بأهله إلى درجات الشرف الرفيعة، فجئتم تلتمسون الشرف والرفعة في غيره؟ فاحذروا
…
فإن من النتائج اللازمة لصنيعكم هذا نتيجة قبيحة جدًا في حكم الشرع وفي حكم العقل وهي أن أصحاب هذه النسب يعتقدون أنهم أرفع قدرًا من العاطلين منها، ومن العاطلين منها أبو بكر وعمر وجميع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
لا نريد أن نحرجكم بجدل ديني فرغنا منه، ودهمنا ودهمكم من عوادي الدهر ما شغلنا عنه، ولكننا نقول لكم قول الناقد البصير، المشفق من المصير: انه لولا هذه النسب المفرّقة لشمل المسلمين، لما وجد الاستعمار منفذًا يلج منه إلى أوطاننا، ولما وجد من المطايا الذلل أمثال عبد الحي
…
فإن هذا الرجل لم يعتزّ بالإسلام ولم يعتزّ بالعلم، وابتغى العزّة من غيرهما فذلّ وأذلّ قومه، وما امتطاه الاستعمار لأنه مُحَدِّث، وإنما امتطاه من حيث أنه شيخ
طريقة، وإذا كان من الأساطير أن يركب الجن القنافذ، فمن الحقائق أن يفتح الاستعمار ببعض الرجال، كوى ومنافذ.
أما والله، لولا هذه النسب التي فرّقت كلمة المسلمين وباعدت بين قلويهم، لما جعل الاستعمار من الأمّة الواحدة أممًا يضرب بعضها ببعضها، ويسلّط بعضها على بعضها، ويرهب بعضها ببعضها، ولولا هذه المعاني الدخيلة في الإسلام لما ثبتت للاستعمار في أرضنا قدم.
ومن العجب أنكم منسوبون إلى العلم، ثم أنتم توثرون على هذه النسبة الشريفة ضرة تضيمها، وتضرب عليها الذل والمهانة.
احذفوا هذه الزوائد، وكونوا من أمّتكم الواحدة تندفع عنكم هذه التهمة وتصبحوا في غنية عن هذا التنصل.