الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اتجاه، واتجاه آخر يقول: للخائف الإنسي جنتان وللخائف الجني جنتان. قال ابن كثير: وهذه الآية عامة في الإنس والجن، فهي من أول دليل على أن الجن يدخلون الجنة إذا آمنوا واتقوا، ولهذا امتن الله على الثقلين بهذا الجزاء، ومقام الله هو موقف العبد الذي يقفه بين يدي الله للحساب يوم القيامة، ومما قيل في تفسير الجنتين في قوله تعالى: وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ ما ذكره الألوسي: (فقيل: إحداهما منزله ومحل زيارة أحبابه له، والأخرى منزل أزواجه وخدمه، وإليه ذهب الجبائي، وقيل:
بستانان: بستان داخل قصره وبستان خارجه، وقيل: منزلان ينتقل من أحدهما إلى الآخر لتتوفر دواعي لذته، وتظهر ثمار كرامته، وأين هذا ممن يطوف بين النار، وبين حميم آن؟
كلمة في السياق:
رأينا أن محور السورة هو قوله تعالى: يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ
…
والتقوى هي الخوف من مقام الله عز وجل، فكأن الآية التي مرت معنا تقول:(وللمتقين جنتان) ومن ثم نعلم صلة ما سيأتي من السورة بمحورها، فالسورة من الآن فصاعدا تتحدث عما أعده الله للمتقين، وتقسم المتقين إلى درجتين عليا ودنيا.
…
فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ فلا تشكران بأن تعبدا وتتقيا لتنالا جنتي الله ونعيمه الأخروي، كما نلتم نعيمه الدنيوي، وتكرار فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ في هذا السياق تذكير بنعم الله الأخروية، وكأن السورة بعد أن عرضت نعم الله التي تحس بها البداهة في الدنيا جعلت نعم الله الأخروية في حكم البديهية، ومن ثم تعددها وتنكر على الثقلين أن يكذبا بها.
ذَواتا أَفْنانٍ أي: هاتان الجنتان ذواتا أغصان، قال النسفي: وخص الأفنان لأنها هي التي تورق وتثمر، فمنها تمتد الظلال، ومنها تجتنى الثمار. قال ابن كثير في تفسير الأفنان: أي أغصان نضرة حسنة تحمل من كل ثمرة نضيجة فائقة
فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما الدنيوية أو الأخروية تُكَذِّبانِ فلا تشكران بأن تعبدا الله وتتقياه في الدنيا لتنالا نعيمه الأخروي
فِيهِما أي: في الجنتين عَيْنانِ تَجْرِيانِ قال النسفي: حيث شاءوا في الأعالي والأسافل، وعن الحسن تجريان بالماء الزلال إحداهما التسنيم، والأخرى السلسبيل، قال ابن كثير: أي تسرحان
لسقي تلك الأشجار والأغصان، فتثمر من جميع الألوان
فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما الدنيوية والأخروية تُكَذِّبانِ فلا تعملان ولا تعبدان ولا تتقيان
فِيهِما أي:
في الجنتين مِنْ كُلِّ فاكِهَةٍ زَوْجانِ قال النسفي: (أي صنفان: صنف معروف، وصنف غريب) قال ابن كثير: (أي من جميع أنواع الثمار مما يعلمون وخير مما يعلمون، ومما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر) قال ابن عباس: ليس في الدنيا مما في الآخرة إلا الأسماء. يعني: أن بين ذلك بونا عظيما وفرقا بينا في التفاضل
فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما الدنيوية والأخروية تُكَذِّبانِ فلا تعبدان ولا تعملان
مُتَّكِئِينَ يعني: أهل هذه الجنات، قال ابن كثير: والمراد بالاتكاء هاهنا: الاضطجاع، ويقال الجلوس على صفة التربيع عَلى فُرُشٍ بَطائِنُها وهي ما تحت الظهارة مِنْ إِسْتَبْرَقٍ أي: من ديباج ثخين، قال أبو عمران الجوني: هو الديباج المزين بالذهب، فنبه على شرف الظهارة بشرف البطانة فهذا من التنبيه بالأدنى على الأعلى، قال ابن مسعود: هذه البطائن فكيف لو رأيتم الظواهر وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دانٍ أي: وثمرها قريب يناله القائم والقاعد والمتكئ. قال ابن كثير: أي ثمرها قريب إليهم متى شاءوا، تناولوه على أي صفة كانوا
فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما الدنيوية والآخروية تُكَذِّبانِ فلا تعملان قياما بحق الله في ذلك، بأن تعبدا وتتقيا، قال ابن كثير: ولما ذكر الفرش وعظمتها قال بعد ذلك
فِيهِنَّ أي: في الفرش قاصِراتُ الطَّرْفِ قال النسفي: (أي نساء قصرن أبصارهن على أزواجهن لا ينظرن إلى غيرهم) قال ابن كثير: (أي غضيضات عن غير أزواجهن، فلا يرين شيئا في الجنة أحسن من أزواجهن
…
وقد ورد أن الواحدة تقول لبعلها: والله ما أرى في الجنة شيئا أحسن منك، ولا في الجنة شيئا أحب إلي منك، فالحمد لله الذي جعلك لي وجعلني لك) لَمْ يَطْمِثْهُنَّ الطمث: الجماع بالتدمية إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ قال النسفي: (وهذا دليل على أن الجن يطمثون كما يطمث الإنس) وقال ابن كثير: (أي بل هن أبكار عرب أتراب، لم يطأهن أحد قبل أزواجهن من الإنس والجن، وهذه أيضا من الأدلة على دخول مؤمني الجن الجنة)
فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ فلا تعملان لتنالا مثل هذا العطاء،
ثم وصف الله عز وجل نساء أهل الجنة للخطاب فقال: كَأَنَّهُنَّ الْياقُوتُ صفاء وَالْمَرْجانُ بياضا. قال ابن كثير:
(قال مجاهد والحسن وابن زيد وغيرهم: في صفاء الياقوت وبياض المرجان فجعلوا المرجان هاهنا اللؤلؤ) وفي البحر عن قتادة: (في صفاء الياقوت، وحمرة المرجان،