الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بشيء فأتوا منه ما استطعتم، وما نهيتكم عنه فاجتنبوه» وقد قال بعض المفسرين كما رواه مالك عن زيد بن أسلم: إن هذه الآية ناسخة للتي في آل عمران وهي قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ.
روى ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله تعالى: اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ قال: لما نزلت هذه الآية اشتد على القوم العمل، فقاموا حتى ورمت عراقيبهم، وتقرحت جباههم، فأنزل الله تعالى هذه الآية تخفيفا على المسلمين فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ فنسخت الآية الأولى، وروي عن أبي العالية وزيد ابن أسلم وقتادة والربيع بن أنس والسدي ومقاتل بن حيان نحو ذلك). أقول: هي مفسرة وليست ناسخة- والله أعلم- لاحظ صلة هذه الآية بقوله تعالى في سورة البقرة: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها مما يشير إلى أن هذه الآية في سورة البقرة ألصق بمعاني مقدمتها.
5 -
بمناسبة قوله تعالى: إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضاعِفْهُ لَكُمْ قال ابن كثير: (كما ثبت في الصحيحين أن الله تعالى يقول: «من يقرض غير ظلوم ولا عديم» .
…
كلمة أخيرة في سورة التغابن وزمرة المسبحات:
لاحظنا أن المسبحات كلها فصلت في مقدمة سورة البقرة، كما لاحظنا أن المسبحات كلها اشتركت في وجود النداء يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا فيها. فهي تفصل في الأساس، وطريق تحقيق هذا الأساس، وبشكل يكمل بعضه بعضا، ونلاحظ أن اسمي (العزيز الحكيم) قد وردا فيها جميعا، إما في الأول، أو في الآخر أو في الأول والآخر بآن واحد، كما رأينا ذلك في سورة الحشر، ورأينا أن الضمير (هو) ورد في أوائلها جميعا- تقريبا- في بداية آية ما عدا سورة الصف. هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ
…
سورة الحديد. هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ سورة الحشر. هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ سورة الجمعة. هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ سورة التغابن. مما يشير إلى أن المسبحات عامة ركزت على نقطة البداية الأولى التي ينبثق عنها كل المعاني، وهي موضوع الإيمان
بالله عز وجل، فالإيمان بالله يتفرع عنه الإيمان بأركان الإيمان، والتقوى أثر عنه، ومن ثم كان تفصيلها لمقدمة سورة البقرة تفصيلا من نوع جديد، إذ إن فيها تركيزا على الأوليات، وعلى ما ينبغي أن ينبثق عنها عمليا، وقد ختمت المسبحات بسورة التغابن التي هي بداية لمجموعة تفصل في محاور سور خمس من القسم الأول- قسم الطوال- بينما كان ما قبلها من المجموعات يفصل فيما دون ذلك، مما يشير إلى أنه بانتهاء المسبحات يكون قد ثم تفصيل كامل للمعاني القرآنية الرئيسية، وذلك في قسم المفصل، وكان للمسبحات ومجموعاتها في هذا التفصيل الدور الأعظم. وسورة التغابن ركزت في مواضيع مقدمة سورة البقرة العملية تركيزا شديدا، وركزت على موضوع السمع والطاعة كثيرا كمقدمة لسورة الطلاق ذات الأحكام التشريعية، وركزت على موضوع الفتنة في الأولاد والأزواج كمقدمة لسورة التحريم التي فيها ذكر لموضوع الأهل والزوجات، وركزت على موضوع الخلق كمقدمة لسورة الملك التي هي تفصيل لهذا المقام، وركزت في موضوع الفتنة بالأموال كمقدمة لسورة (القلم) التي تعرض قصة أصحاب الجنة وفتنتهم، ومن هذا ندرك أن سورة التغابن مقدمة لمجموعتها، وبهذه المناسبة نقول: إن مقدمة سورة البقرة كانت المقدمة المناسبة لما بعدها، وأن ما بعدها كان مناسبا لما بعده وهكذا، وفي كل مرة يأتي تفصيل جديد لسورة البقرة فإن تناسقا ما يكون بين سور المجموعات المفصلة، فما كان تفصيلا لمقدمة سورة البقرة يكون مقدمة لما بعده، ومرتبطا به برباط وثيق، فالسورة التي تفصل في مقدمة سورة البقرة هي نفسها مقدمة مناسبة لما بعدها، والسور التي تفصل فيما بعدها ترتبط بها كرباط ما بعد مقدمة سورة البقرة بمقدمتها، بحيث تلقي المقدمة أضواءها على ما بعدها، ويلقي ما بعد المقدمة أضواءه على المقدمة، وكل ذلك بشكل مدهش عجيب. فلنر الآن سورة الطلاق أو سورة النساء الصغرى.
***