الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الاحتمالين، والقرآن لم ينص صراحة على هذا الموضوع.
كلمة في السياق:
1 -
رأينا أن النسفي قال عن هذه القصة وصلتها بما قبلها ما يلي: (واتصالها بما قبلها باعتبار أنه تعالى قال وَفِي الْأَرْضِ آياتٌ وقال في آخر هذه القصة وَتَرَكْنا فِيها آيَةً فالسياق إذن يعرض علينا آية جديدة، وفي قوله تعالى: وَفِي الْأَرْضِ آياتٌ لِلْمُوقِنِينَ وفي قوله تعالى وَتَرَكْنا فِيها آيَةً لِلَّذِينَ يَخافُونَ الْعَذابَ الْأَلِيمَ ما يشير إلى أن الموقنين هم الذين يخافون العذاب الأليم، وهؤلاء هم المؤمنون حقا باليوم الآخر، كما ذكر محور السورة وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ.
2 -
الملاحظ أنه بعد قصة إبراهيم ولوط عليهما السلام تأتي الآن أربع مجموعات:
مجموعة مبدوءة بقوله تعالى: وَفِي مُوسى ....
ومجموعة مبدوءة بقوله تعالى: وَفِي عادٍ ....
ومجموعة مبدوءة بقوله تعالى: وَفِي ثَمُودَ ....
ومجموعة مبدوءة بقوله تعالى: وَقَوْمَ نُوحٍ
…
..
والنسفي يرى أن هذه المجموعات معطوفة على قوله تعالى: وَفِي الْأَرْضِ آياتٌ لِلْمُوقِنِينَ وعلى هذا فإن السياق يكون على الشكل التالي: وَفِي الْأَرْضِ آياتٌ لِلْمُوقِنِينَ* وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ ....
وفي ما فعله الله بقوم لوط آية، وفي قصة عاد آية، وفي قصة لوط آية، وفي قصة نوح وقومه آية، وكل هذه الآيات يراها الموقنون الذين يخافون العذاب الأليم، فيدفعهم ذلك إلى القيام بحق الله عز وجل رجاء موعوده.
3 -
الملاحظ أن قوله تعالى وَفِي الْأَرْضِ آياتٌ لِلْمُوقِنِينَ لم يأت قبله ما يشعر بأنه معطوف عليه، فهل في الأقسام السابقة عليه ما له علاقة بهذا الموضوع، كأن يكون في قوله تعالى وَالذَّارِياتِ ذَرْواً* فَالْحامِلاتِ وِقْراً* فَالْجارِياتِ يُسْراً* فَالْمُقَسِّماتِ أَمْراً إشعار بأن هذه آيات للموقنين، وفي قوله تعالى: وَالسَّماءِ ذاتِ الْحُبُكِ إشعار بأن هذه آيات للموقنين، ثم جاء قوله تعالى وَفِي الْأَرْضِ
آياتٌ لِلْمُوقِنِينَ معطوف على ما ذكر في هذه الأقسام من مضمون وجود الآية فيها، فيكون السياق على الشكل التالي:
في الرياح، والسحاب، والسفن، وتقسيم الأرزاق، ومجرات السماء، آيات للموقنين باليوم الآخر، وفي الأرض كذلك آيات، وفي قصة قوم لوط آية، وفي قصة موسى مع فرعون آية، وفي قصة عاد آية، وفي قصة ثمود آية، وفي قصة قوم نوح آية، وفي بناء السماء وسعتها آية، وفي تمهيد الأرض آية، وكلها تدل على الله، ويأتي بعد ذلك قوله تعالى فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ
…
ودل السياق على أن من اجتمع له اليقين باليوم الآخر، والخوف من عذاب الله كان تقيا، وعكسه من كان خراصا ساهيا، ومن ثم بدأت السورة بتأكيد مجئ اليوم الآخر، ودلت على المزالق التي تبعد عن هذا الإيمان.
4 -
فالسورة تفصل في صفات الموقنين باليوم الآخر، كما تؤكد وقوع ما وعد الله عز وجل به في أوائل سورة البقرة أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وكل ذلك من ضمن سياق السورة الخاص الذي سيتضح لنا شيئا فشيئا.
5 -
بعد قوله تعالى: وَفِي الْأَرْضِ آياتٌ لِلْمُوقِنِينَ* وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ يأتي قوله تعالى: وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ* فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ وصلة ذلك بقوله تعالى في سورة البقرة: وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ وصلته بما قبل ذلك في السورة وَفِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ واضحة؛ إذ الآيتان توضحان أن رزقكم عند الله فلا تبخلوا؛ وأن جزاءكم عند الله فلا تبخلوا، وجاء هذا بعد ذكر آيات الله في الأرض وفي الأنفس ليزداد اليقين بالله وقدرته.
وفيما بين قوله تعالى وَفِي الْأَرْضِ آياتٌ لِلْمُوقِنِينَ
…
وما بين المعطوف عليها بقوله تعالى وَفِي مُوسى
…
جاء قوله تعالى هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ
…
لتكون القصة مؤدية أكثر من خدمة، ففيها كلام عن القيام بحق الضيوف، وهو نوع إنفاق، وفيها كلام عن قدرة الله التي تعطي العقيم نسلا، وفيها تحذير من المخالفة، وذلك كله يخدم في أكثر من اتجاه: إن في تفصيل المحور، أو في