الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ودمائهم فَصَدُّوا الناس من خلال أمنهم وسلامتهم عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أي:
طاعته والإيمان به قال ابن كثير: (أي: أظهروا الإيمان وأبطنوا الكفر، واتقوا بالأيمان الكاذبة، فظن كثير ممن لا يعرف حقيقة أمرهم صدقهم فاغتر بهم، فحصل بهذا صد عن سبيل الله لبعض الناس). أقول: ما أكثر هذه الصورة في عصرنا فَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ أي: مذل مخز. قال ابن كثير: أي: في مقابلة ما امتهنوا من الحلف باسم الله العظيم في الأيمان الكاذبة الخائنة
لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ عذاب اللَّهِ شَيْئاً ولو قليلا. قال ابن كثير: أي: لن يدفع ذلك عنهم بأسا إذا جاءهم أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ أي: ماكثون أبدا
يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً أي: يحشرهم يوم القيامة عن آخرهم فلا يغادر منهم أحدا فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَما يَحْلِفُونَ لَكُمْ أي: فيحلفون لله في الآخرة أنهم كانوا مخلصين في الدنيا غير منافقين كما يحلفون لكم في الدنيا على ذلك وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ في الدنيا عَلى شَيْءٍ ولذلك فهم يحسبون أنهم على شئ من النفع ثم بأيمانهم الكاذبة كما انتفعوا هاهنا. قال ابن كثير: ثم قال تعالى منكرا عليهم حسبانهم أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْكاذِبُونَ في الدنيا والآخرة، ذلك وصفهم اللازم لهم
اسْتَحْوَذَ أي: استولى عَلَيْهِمُ الشَّيْطانُ فَأَنْساهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ قال ابن كثير: أي: استحوذ على قلوبهم الشيطان حتى أنساهم أن يذكروا الله عز وجل، وكذلك يصنع بمن استحوذ عليهم الشيطان، وذروة استحواذ الشيطان على الإنسان أن يصرفه عن صلاة الجماعة، وفي الحديث الذي رواه أبو داود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:«ما من ثلاثة في قرية ولا بدو لا تقام فيهم الصلاة إلا وقد استحوذ عليهم الشيطان فعليك بالجماعة، فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية» أُولئِكَ حِزْبُ الشَّيْطانِ أي: جنده وأنصاره، يعني الذين استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطانِ هُمُ الْخاسِرُونَ في الدنيا والآخرة. وبهذا انتهى المقطع الأول في السورة.
كلمة في السياق:
1 -
لاحظ الصلة بين قوله تعالى في المقطع: اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وبين آية المحور وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وبين قوله تعالى في المقطع فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَما يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلى شَيْءٍ وبين قوله تعالى في وصف المنافقين في مقدمة سورة البقرة: يُخادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَما يَخْدَعُونَ
إِلَّا أَنْفُسَهُمْ.
2 -
بدأ المقطع بقوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُوا كَما كُبِتَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَقَدْ أَنْزَلْنا آياتٍ بَيِّناتٍ وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ مُهِينٌ* يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا أَحْصاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ لاحظ قوله تعالى:
يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً وقد ختم المقطع بقوله تعالى: يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَما يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلى شَيْءٍ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْكاذِبُونَ* اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطانُ فَأَنْساهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُولئِكَ حِزْبُ الشَّيْطانِ أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطانِ هُمُ الْخاسِرُونَ من تشابه البداية والنهاية نعرف وحدة المقطع، ونعرف أن السياق الرئيسي فيه هو في الذين يحادون الله ورسوله؛ بدليل مجئ الحديث عنهم في البداية والنهاية والوسط.
3 -
مما جاء في المقطع نعرف بعض صفات المحاربين لله ورسوله: 1 - أنهم يتناجون بالإثم والعدوان ومعصية الرسول. 2 - أنهم يوالون الكافرين. 3 - أنهم كثير والحلف الكاذب. 4 - أنهم ينسون ذكر الله لأن الشيطان مستحوذ عليهم. ومن صلة السورة بمحورها، ومن وصف هؤلاء بالخسران كما وصف الفاسقون في المحور، نعلم أن هذه تفصيلات لصفات الفاسقين الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ.
4 -
من المقطع نعرف بعض مظاهر خسران هؤلاء الفاسقين: الكبت في الدنيا والآخرة والعذاب الشديد في الآخرة.
5 -
وبعد هذه الجولة في الكلام عن المحادين لله ورسوله يأتي المقطع الثاني ليبدأ بالكلام عن هؤلاء المحادين لله ورسوله وعقوبتهم الدنيوية، وما يقابل موقفهم الفاسد من موقف صحيح هو موقف أهل الإيمان، ويستقر الكلام في المقطع الثاني على ذكر اسم حزب الله، بعد أن استقر الكلام في المقطع الأول على ذكر اسم حزب الشيطان فلننتقل إلى المقطع الثاني.
***