الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن تقديم صاحب الظلال للسورة نقتطف ما يلي: (نزلت هذه السورة بعد سورة (الصف) السابقة. وهي تعالج الموضوع الذي عالجته سورة الصف، ولكن من جانب آخر، وبأسلوب آخر، وبمؤثرات جديدة.
إنها تعالج أن تقر في أخلاد الجماعة المسلمة في المدينة أنها هي المختارة أخيرا لحمل أمانة العقيدة الإيمانية؛ وأن هذا فضل من الله عليها؛ وأن بعثة الرسول الأخير في الأميين- وهم العرب- منة كبرى تستحق الالتفات والشكر، وتقتضي كذلك تكاليف تنهض بها المجموعة التي استجابت للرسول، واحتملت الأمانة؛ وأنها موصولة على الزمان غير مقطوعة ولا منبتة، فقد قدر الله أن تنمو هذه البذرة وتمتد. بعد ما نكل بنو إسرائيل عن حمل هذه الأمانة وانقطعت صلتهم بأمانة السماء؛ وأصبحوا يحملون التوراة كالحمار يحمل أسفارا، ولا وظيفة له في إدراكها، ولا مشاركة له في أمرها!
تلك هي الحقيقة الرئيسية التي تعالج السورة إقرارها في قلوب المسلمين. من كان منهم في المدينة يومذاك على وجه الخصوص، وهم الذين ناط الله بهم تحقيق المنهج الإسلامي في صورة واقعة. ومن يأتي بعدهم ممن أشارت إليهم السورة، وضمتهم إلى السلسلة الممتدة على الزمان.
وفي الوقت ذاته تعالج السورة بعض الحالات الواقعة في تلك الجماعة الأولى، في أثناء عملية البناء النفسي العسيرة المتطاولة الدقيقة. وتخلصها من الجواذب المعوقة من الحرص والرغبة العاجلة في الربح، وموروثات البيئة والعرف. وبخاصة حب المال وأسبابه الملهية عن الأمانة الكبرى، والاستعداد النفسي لها. وتشير إلى حادث معين.
حيث كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطبهم في المسجد للجمعة حين حضرت قافلة من قوافلهم التجارية؛ فما إن أعلن نبأ قدومها حتى انفض المستمعون منصرفين إلى التجارة واللهو الذي كانت القافلة تحاط به- على عادة الجاهلية- من ضرب بالدفوف وحداء وهيصة! وتركوا رسول الله صلى الله عليه وسلم قائما. فيما عدا اثني عشر من الراسخين فيهم أبو بكر وعمر بقوا يستمعون! كما تذكر الروايات).
كلمة في سورة الجمعة ومحورها:
1 -
تبدأ سورة الجمعة بما بدأت به المسبحات، مع فارق أن فعل التسبيح فيها جاء بصيغة المضارع، وأن اسمين آخرين للذات الإلهية قد ذكرا في الآية الأولى منها وهما
(الملك والقدوس) وبهذا يكون قد جاء في الآية الأولى منها أربعة أسماء لله عز وجل، وهذا يشير إلى أن السورة مجلى لهذه الأسماء كلها.
2 -
بعد الآية الأولى من السورة يأتي قوله تعالى: هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ ويأتي في سياق السورة قوله تعالى: مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْراةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوها كَمَثَلِ الْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً ثم يأتي في سياق السورة قوله تعالى: إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللَّهِ ولذلك كله علاقته بمقدمة سورة البقرة: الم* ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ* الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ ....
3 -
وسورة الجمعة تتحدث عن بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم: هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ ولذلك صلة بقوله تعالى في سورة البقرة: كَما أَرْسَلْنا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِنا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ كما تتحدث عن كراهية اليهود للموت:
قُلْ يا أَيُّهَا الَّذِينَ هادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِياءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ
…
وَلا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَداً بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ولهذا صلة بما جاء في سورة البقرة عن اليهود:
وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ
…
وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلى حَياةٍ ....
وتعليل هذا أن من امتدادات معاني مقدمة سورة البقرة هذه الآيات، فجاءت سورة الجمعة تفصل في مقدمة سورة البقرة وامتدادات معانيها.
4 -
تتألف سورة الجمعة من مقدمة وثلاث فقرات واضحة التمايز، واضحة الترابط، أما المقدمة فآية واحدة، وأما الفقرة الأولى فثلاث آيات، وأما الفقرة الثانية فأربع آيات، وأما الفقرة الثالثة فثلاث آيات، ولنبدأ عرض السورة.
***