الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التفسير:
وَالسَّماءِ ذاتِ الْحُبُكِ أي: ذات الجمال والبهاء، والحسن والاستواء، أو ذات الطرائق الحسنة، أو ذات النجوم، أو ذات المجرات مجرة بعد مجرة. قال النسفي:(هذا قسم آخر)
وجوابه: إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ قال ابن كثير:
(أي: إنكم أيها المشركون المكذبون للرسل لفي قول مختلف، أي: مضطرب لا يلتئم ولا يجتمع)، وعلى هذا القول الذي يفيد أن الخطاب للمشركين، فالآية تبين أن الكافرين إذ كفروا لا يمكن أن يجتمعوا على شئ؛ لأن الحق وحده هو الذي يمكن أن يجتمع عليه الخلق. وقال قتادة: إن الخطاب في الآية للناس جميعا، واختلافهم هو في كون بعضهم مؤمنين بالقرآن وبعضهم غير مؤمنين،
يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ: قال الحسن البصري: يصرف عن هذا القرآن من كذب به، قال النسفي:(أي: يصرف عنه من صرف الصرف الذي لا صرف أشد منه وأعظم، أو يصرف عنه من صرف في سابق علم الله، أي: علم الله فيما لم يزل أنه مأفوك عن الحق)
قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ قال ابن عباس: أي: لعن المرتابون، قال ابن كثير:(وهكذا كان معاذ رضي الله عنه يقول في خطبته: هلك المرتابون، وقال قتادة: الخراصون أهل الغرة والظنون)، قال الألوسي في قوله تعالى: قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ أي: الكذابون من أصحاب القول المختلف، وأصل الخرص: الظن والتخمين، ثم تجوز به عن الكذب لأنه في الغالب يكون منشأ له، وقال الراغب: حقيقة ذلك أن كل مقول عن ظن وتخمين يقال له:
خرص، سواء كان مطابقا للشئ أو مخالفا له من حيث إن صاحبه لم يقله عن علم ولا غلبة ظن ولا سماع، بل اعتمد فيه على الظن والتخمين كفعل خارص الثمرة في خرصه، وكل من قال قولا على هذا النحو قد يسمى كاذبا، وإن كان قوله مطابقا للمقول المخبر به كما في قوله تعالى: إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ الآية انتهى.
وفيه بحث. وحقيقة القتل معروفة، والمراد- بقتل- الدعاء عليهم مع قطع النظر عن المعنى الحقيقي، وعن ابن عباس في تفسيره باللعن قال ابن الأنباري:
وإنما كان القتل بمعنى اللعن هنا لأن من لعنه الله تعالى بمنزلة المقتول الهالك).
الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ أي: في جهل يغمرهم ساهُونَ أي:
غافلون عما أمروا به، قال ابن كثير: قال ابن عباس رضي الله عنه وغير واحد: أي:
في الكفر والشك غافلون لاهون.
يَسْئَلُونَ فيقولون: أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ
أي: متى يوم الجزاء وتقديره: أيان وقوع يوم الدين، قال ابن كثير:(وإنما يقولون هذا تكذيبا وعنادا وشكا واستبعادا)
قال الله تعالى: يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ:
أي: يحرقون ويعذبون
ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ أي: حريقكم وعذابكم، قال الألوسي:
(وأصل الفتن: إذابة الجوهر ليظهر غشه، ثم استعمل في الإحراق والتعذيب ونحو ذلك) قال النسفي: (أي: تقول لهم خزنة النار ذوقوا عذابكم وإحراقكم) هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ في الدنيا أي: يقال لهم ذلك تقريعا وتوبيخا وتحقيرا وتصغيرا، هذا حال أحد الشقين المختلفين الشق المصروف المرتاب، المغمور بالجهل والغفلة، المستبعد لليوم الآخر، وأما الجانب الآخر وهم المتقون فهذه حالهم.
إِنَّ الْمُتَّقِينَ في معادهم فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ بخلاف ما عليه أولئك الأشقياء من العذاب والنكال والحريق والأغلال
آخِذِينَ ما آتاهُمْ رَبُّهُمْ أي: قابلين لكل ما أعطاهم من الثواب راضين به. قال ابن كثير: (فالمتقون في حال كونهم في الجنان والعيون آخذين ما آتاهم ربهم من النعيم والسرور والغبطة) إِنَّهُمْ كانُوا قَبْلَ ذلِكَ أي: قبل دخول الجنة في الدنيا مُحْسِنِينَ أي: قد أحسنوا العمل،
قال ابن كثير:
(ثم إنه تعالى بين إحسانهم في العمل فقال جل وعلا: كانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ ما يَهْجَعُونَ أي: كانوا يهجعون في طائفة قليلة من الليل، والهجوع: النوم، فهؤلاء هجوعهم قليل في ليلهم)
وَبِالْأَسْحارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ قال النسفي:
وصفهم بأنهم يحيون الليل متهجدين، فإذا أسحروا أخذوا في الاستغفار كأنهم أسلفوا في ليلهم الجرائم (فما أكثر غفلة الغافلين) والسحر: السدس الأخير من الليل.
وَفِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ أي: لمن يسأل لحاجته وَالْمَحْرُومِ أي: الذي يتعرض ولا يسأل حياء. قال ابن كثير: لما وصفهم بالصلاة ثنى بوصفهم بالزكاة والبر والصلة،
وفسر ابن كثير الحق بأنه: جزء مقسوم قد أفرزوه للسائل والمحروم.
وَفِي الْأَرْضِ آياتٌ قال النسفي: (تدل على الصانع وقدرته وحكمته وتدبيره حيث هي مدحوة كالبساط لما فوقها، وفيها المسالك والفجاج للمتقلبين فيها، وهي مجزأة: فمن سهل، ومن جبل، وصلبة، ورخوة، وسبخة، وفيها عيون متفجرة، ومعادن، ودواب منبثة مختلفة الصور والأشكال، متباينة الهيئات والأفعال). لِلْمُوقِنِينَ قال النسفي: أي للموحدين الذين سلكوا الطريق السوي الواضح الموصل إلى المعرفة، فهم نظارون بعيون باصرة وأفهام نافذة، كلما رأوا آية عرفوا وجه تأملها فازدادوا إيقانا على إيقانهم).
وَفِي أَنْفُسِكُمْ قال النسفي: (أي في حال ابتدائها وتنقلها