الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقوعه فيمن أنذرهم كما قال: إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذابٍ شَدِيدٍ وفي الحديث: «أنا النذير العريان» أي الذي أعجله شدة ما عاين من الشر عن أن يلبس عليه شيئا، بل بادر إلى إنذار قومه قبل ذلك فجاءهم عريانا مسرعا وهو مناسب لقوله: أَزِفَتِ الْآزِفَةُ أي: اقتربت القريبة، يعني: يوم القيامة، كما قال في أول السورة التي بعدها: اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وروى الإمام أحمد عن سهل بن سعد قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إياكم ومحقرات الذنوب، فإنما مثل محقرات الذنوب كمثل قوم نزلوا ببطن واد فجاء ذا بعود وجاء ذا بعود، حتى أنضجوا خبزتهم، وإن محقرات الذنوب متى يؤخذ بها صاحبها تهلكه» وقال أبو حازم: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أبو نضرة: لا أعلم إلا عن سهل بن سعد- قال: «مثلي ومثل الساعة كهاتين» وفرق بين إصبعيه الوسطى والتي تلي الإبهام ثم قال: «مثلي ومثل الساعة كمثل فرسي رهان» ثم قال: «مثلي ومثل الساعة كمثل رجل بعثه قومه طليعة فلما خشي أن يسبق ألاح بثوبه أتيتم أتيتم» ثم يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنا ذلك» وله شواهد من وجوه أخر من صحاح وحسان).
20 -
بمناسبة قوله تعالى: فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا قال ابن كثير: (روى البخاري عن ابن عباس قال: سجد النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم بالنجم، وسجد معه المسلمون والمشركون والجن والإنس. انفرد به دون مسلم، وروى الإمام أحمد عن جعفر بن المطلب بن أبي وداعة عن أبيه قال: قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة سورة النجم فسجد وسجد من عنده، فرفعت رأسي فأبيت أن أسجد، ولم يكن أسلم يومئذ المطلب فكان بعد ذلك لا يسمع أحدا يقرؤها إلا سجد معه. وقد رواه النسائي في الصلاة عن عبد الملك بن عبد الحميد عن أحمد بن حنبل به).
كلمة أخيرة في سور النجم والذاريات والطور:
هذه السور الثلاث فصلت في الآيات الأولى من سورة البقرة أي في قوله تعالى:
الم* ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ* الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ* وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ* أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ففصلت في كون هذا القرآن لا ريب فيه، وفصلت في أن الهداية فيه، وأقامت الحجة على الريب والجحود، وفصلت في موضوع الإيمان بالغيب، فعرضت جوانب من الغيب،
وعرضت بعض آثار الإيمان بالغيب، وفصلت في موضوع الصلاة والإنفاق، وفصلت في موضوع الإيمان بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم وبما أنزل من قبله، وفصلت في موضوع الإيقان بالآخرة، فعرضت جوانب من عوالم الآخرة، وأقامت الحجة على الكافرين فيها، وحذرت وأنذرت وذكرت طرفا من مظاهر الفلاح للمتقين، وطرفا من مظاهر الخسران للكافرين، وفصلت في قضية التقوى والطريق إليها وخصائص أهلها، وكل ذلك قد رأيناه تفصيلا، ومع كون السور أدت دورها في التفصيل للمحور، فقد كان لكل سورة سياقها الخاص بها، فهي من ناحية وحدة متكاملة، كما أنها جزء من وحدة متكاملة في هذا القرآن، وقد رأينا أن أواخر كل سورة
منها متصل بأوائل السورة اللاحقة، وقد رأينا كيف أن سورة النجم انتهت بقوله تعالى: أَزِفَتِ الْآزِفَةُ
…
وكيف أن سورة القمر تبتدئ بقوله تعالى: اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ وصلة ذلك ببعضه بعضا لا تخفى، فلنر سورة القمر التي تفصل في الآيتين اللاحقتين للآيات التي فصلتها السور الثلاث من أول سورة البقرة.
***