الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بأعمالكم، فمجاز عليها من منع واجب وغيره، لم يبق إلا المسارعة إلى الخروج عن عهدة الواجب، والاستعداد للقاء الله تعالى.
كلمة في السياق:
وصف الله المتقين في أول سورة البقرة بقوله: وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ وهذا يعني أن الكافرين والمنافقين لا ينفقون، وهذا الذي صرح به القرآن في أكثر من مكان كقوله تعالى: وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ والَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ* فعند ما يأتي أمر للمؤمنين بالإنفاق في سورة (المنافقون) فذلك يفيد أن عدم الإنفاق من صفات المنافقين، كما يفيد أن الإنفاق مع الذكر هو الطريق للخلاص من النفاق، وعلى هذا فالفقرة الأخيرة زادتنا معرفة في أخلاق المنافقين، ودلتنا على طريق الخلاص من النفاق بما لا يخرج عن التحقق بصفات المتقين.
الفوائد:
1 -
بمناسبة الكلام عن المنافقين في سورة (المنافقون) ذكر ابن كثير هذا الحديث: (روى الإمام أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن للمنافقين علامات يعرفون بها: تحيتهم لعنة، وطعامهم نهبة، وغنيمتهم غلول، ولا يقربون المساجد إلا هجرا، ولا يأتون الصلاة إلا دبرا، مستكبرين لا يألفون ولا يؤلفون، خشب بالليل صخب بالنهار).
2 -
بمناسبة قوله تعالى: هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لا تُنْفِقُوا عَلى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزائِنُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قال صاحب الظلال رحمه الله: (وهي قولة يتجلى فيها خبث الطبع، ولؤم النحيزة. وهي خطة التجويع التي يبدو أن خصوم الحق والإيمان يتواصون بها على اختلاف الزمان والمكان، في حرب العقيدة ومناهضة الأديان. ذلك أنهم- لخسة مشاعرهم- يحسبون لقمة العيش هي كل شئ في الحياة كما هي في حسهم فيحاربون بها المؤمنين.
إنها خطة قريش وهي تقاطع بني هاشم في الشعب لينفضوا عن نصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم ويسلموه للمشركين!
وهي خطة المنافقين كما تحكيها هذه الآية لينفض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه
تحت وطأة الضيق والجوع!
وهي خطة الشيوعيين في حرمان المتدينين في بلادهم من بطاقات التموين، ليموتوا جوعا أو يكفروا بالله، ويتركوا الصلاة!
وهي خطة غيرهم ممن يحاربون الدعوة إلى الله، وحركة البعث الإسلامي في بلاد الإسلام، بالحصار والتجويع، ومحاولة سد أسباب العمل والارتزاق.
وهكذا يتوافى على هذه الوسيلة الخسيسة كل خصوم الإيمان، من قديم الزمان، إلى هذا الزمان
…
ناسين الحقيقة البسيطة التي يذكرهم القرآن بها قبل ختام هذه الآية:
وَلِلَّهِ خَزائِنُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَفْقَهُونَ).
3 -
بمناسبة قوله تعالى: وَأَنْفِقُوا مِنْ ما رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ* وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذا جاءَ أَجَلُها وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ قال ابن كثير: (وروى أبو عيسى الترمذي عن ابن عباس قال: من كان له مال يبلغه حج بيت ربه، أو تجب عليه فيه زكاة، فلم يفعل سأل الرجعة عند الموت فقال رجل: يا ابن عباس اتق الله فإنما يسأل الرجعة الكافر، فقال: سأتلوا عليك بذلك قرآنا يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ* وَأَنْفِقُوا مِنْ ما رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ إلى قوله وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ قال: فما يوجب الزكاة؟ قال: إذا بلغ المال مائتين فصاعدا، قال: فما يوجب الحج؟ قال: الزاد والبعير. وروى الترمذي أيضا
…
بسنده عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه ثم قال: وقد رواه سفيان بن عيينة وغيره عن أبي جناب عن الضحاك عن ابن عباس من قوله وهو أصح وضعف أبو جناب الكلبي. (قلت) ورواية الضحاك عن ابن عباس فيها انقطاع والله أعلم. وروى ابن أبي حاتم عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: ذكرنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم الزيادة في العمر فقال: «إن الله لا يؤخر نفسا إذا جاء أجلها وإنما الزيادة في العمر أن يرزق الله العبد ذرية صالحة يدعون له فيلحقه دعاؤهم في قبره» ).