الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المجموعة الثالثة
وتمتد من الآية (43) حتى نهاية السورة أي: إلى نهاية الآية (55) وهذه هي:
[سورة القمر (54): الآيات 43 الى 55]
أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولئِكُمْ أَمْ لَكُمْ بَراءَةٌ فِي الزُّبُرِ (43) أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ (44) سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ (45) بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهى وَأَمَرُّ (46) إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ (47)
يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ (48) إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ (49) وَما أَمْرُنا إِلَاّ واحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ (50) وَلَقَدْ أَهْلَكْنا أَشْياعَكُمْ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (51) وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ (52)
وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ (53) إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ (54) فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ (55)
التفسير:
أَكُفَّارُكُمْ يا من بلغته دعوة محمد صلى الله عليه وسلم خَيْرٌ مِنْ أُولئِكُمْ يعني: من الذين تقدم ذكرهم ممن أهلكوا بسبب تكذيبهم الرسل، وكفرهم بالكتب، يعني: أن كفاركم مثل أولئك بل شر منهم، ومن ثم فليحذروا ما أصاب أولئك أَمْ لَكُمْ بَراءَةٌ فِي الزُّبُرِ أي: أم أنزلت عليكم براءة في الكتب المتقدمة، أن من كفر منكم وكذب الرسل كان آمنا من عذاب الله؛ فأمنتم بتلك البراءة. قال ابن كثير: أي أم معكم من الله براءة أن لا ينالكم عذاب ولا نكال
أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ أي: جماعة أمرنا مجتمع مُنْتَصِرٌ أي: ممتنع لا نرام ولا نضام. قال ابن كثير: أي يعتقدون أنهم يناصرون بعضهم بعضا، وأن جمعهم يغني عنهم من أرادهم بسوء
سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ أي: جمع أهل مكة وهم أول من بلغتهم دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ أي: الأدبار، أي ينصرفون منهزمين. قال النسفي: يعني يوم بدر، وهذه من علامات النبوة. قال ابن كثير:(أي سيتفرق شملهم ويغلبون) قال الألوسي:
(أخرج ابن أبي حاتم. والطبراني في الأوسط. وابن مردويه عن أبي هريرة قال: أنزل الله تعالى على نبيه صلى الله تعالى عليه وسلم بمكة قبل يوم بدر سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ وقال عمر بن الخطاب: قلت: يا رسول الله أي جمع يهزم؟ فلما كان يوم بدر وانهزمت قريش نظرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في آثارهم مصلتا بالسيف وهو يقول:
سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ فكانت ليوم بدر، وفي الدر المنثور: أخرج البخاري عن عائشة قالت: «نزل على محمد صلى الله تعالى عليه وسلم بمكة وإني لجارية ألعب بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهى وَأَمَرُّ» ) فكان في الآية معجزة غيبية إذ أنها أخبرت عن شئ ثم وقع.
…
حصرت الآيات الثلاث العوامل التي يمكن أن تكون سببا في أمن المشركين من عذاب الله بثلاثة أشياء: 1 - خيرية هؤلاء على أولئك. 2 - أو أخذهم أمانا من الله في الكتب
السابقة. 3 - أو تصورهم أن جمعهم سيغني عنهم.
وإذ كان السببان الأولان منتفيين فقد بقي الثالث، وقد أخبرهم الله عز وجل أن هذا الثالث سوف يؤتون من قبله إذ يهزمون، وكأن الآيات تحدد نوع العذاب الذي سينزله الله عز وجل بكفار قريش المكذبين الأول لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو عذاب الخزي والهزيمة، والقتل في الدنيا، وقد كان ذلك يوم بدر، فكانت معجزة تحتوي في طياتها ذكر نموذج آخر من نماذج تعذيب الله عز وجل للمكذبين رسله، فقد أنذر أنه ستحل بقريش الهزيمة، وقد كان ذلك، وفي الآيات بشارة مستمرة لهذه الأمة،
ثم بين تعالى أن عذاب يوم القيامة أشد فقال: بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ أي: موعد عذابهم زائدا على عذاب بدر وَالسَّاعَةُ أَدْهى أي: أشد من موقف بدر وَأَمَرُّ أي: وأمر مذاقا من عذاب الدنيا وأشد، والداهية: هي الأمر المنكر الذي لا يهتدى لدوائه.
…
وهكذا عرفنا الله عز وجل على ما يستحقه المكذبون الأوائل لرسول الله صلى الله عليه وسلم من هذه الأمة، وللكافرين من هذه الأمة في كل عصر عذابهم، إذ لهم نفس لغة الأوائل، وبعد هذا كله يحدثنا الله عز وجل في خاتمة السورة عن الطرفين المتقابلين: المجرمين والمتقين، وبذلك ينهي السورة: