الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشافعية لا بد أن تكون الرقبة مؤمنة كما سنرى في الفوائد مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا قال النسفي: والمماسة الاستمتاع بها من جماع أو لمس بشهوة أو نظر إلى فرجها بشهوة، أقول: أي: ليس للمظاهر أن يمس زوجته هذا النوع من المس قبل التكفير، ونقل ابن كثير عن الحسن البصري أنه لا يرى بأسا أن يغشى فيما دون الفرج قبل أن يكفر، وهذا يفيد أن الحسن البصري فسر التماس بالجماع فقط، فلو أنه جامع قبل التكفير هل عليه كفارة خاصة لذلك؟ عامة الفقهاء لا يرون أن عليه كفارة خاصة لذلك، وإنما عليه التوبة والاستغفار ذلِكُمْ أي: الحكم تُوعَظُونَ بِهِ أي:
تزجرون به. قال النسفي: لأن الحكم بالكفارة دليل على ارتكاب الجناية، فيجب أن تتعظوا بهذا الحكم وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ قال ابن كثير: أي: خبير بما يصلحكم، عليم بأحوالكم
فَمَنْ لَمْ يَجِدْ أي: الرقبة فَصِيامُ أي: فعليه صيام شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ الصيام فَإِطْعامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً أي: فعليه إطعام ستين مسكينا، لكل مسكين نصف صاع من بر، أو صاع من غيره، ويجب أن يقدمه على المسيس، ولكن لا يستأنف إن جامع خلال الإطعام قاله النسفي ذلِكَ الحكم لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ قال ابن كثير:
أي: شرعنا هذا لهذا وَتِلْكَ أي: الأحكام التي وصفنا في الظهار والكفارة حُدُودُ اللَّهِ التي لا يجوز تعديها. قال ابن كثير: أي: محارمه فلا تنتهكوها وَلِلْكافِرِينَ الذين لا يتبعونها عَذابٌ أَلِيمٌ أي: مؤلم. قال ابن كثير: (أي:
الذين لم يؤمنوا ولا التزموا بأحكام هذه الشريعة، لا تعتقدوا أنهم ناجون من البلاء، كلا، ليس الأمر كما زعموا بل لهم عذاب أليم، أي: في الدنيا والآخرة).
…
كلمة في السياق:
1 -
علل الله- عز وجل لتشريعه أحكام الظهار بقوله: ذلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ومن هنا نفهم أن التشريعات الإسلامية كلها تنبثق عن الإيمان بالله والرسول، وقبولها علامة الإيمان بالله والرسول والالتزام بها، يعمق الإيمان بالله والرسول، وهذا يعرفنا على حكمة من حكم مجئ هذا الموضوع في مقدمة السورة التي تتحدث عن محاربة الله والرسول، وبعد السورة التي أمرت بالإيمان بالله والرسول صلى الله عليه وسلم.
2 -
من قوله تعالى في ختام الآيات السابقة: وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ أَلِيمٌ نعلم جهل الذين يتصورون أن الإسلام عقائد وعبادات فقط فالإسلام عقائد وشعائر وشرائع يجب الإيمان بها جميعا وإلا فهو الكفر.
3 -
الظهار في حد ذاته نقض غير صحيح لعقد موثق هو عقد الزواج، قال الله عز وجل: وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً كما أنه قطع لما أمر الله به أن يوصل، وهو البر بالأزواج، ولذلك صلاته بالمحور الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ.
4 -
ختم الله مقدمة سورة المجادلة بقوله تعالى: ذلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ أَلِيمٌ ثم يأتي بعد ذلك في السورة المقطع الأول وهو مبدوء بقوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُوا
…
فالصلة واضحة بين مقدمة سورة المجادلة وبين ما يأتي بعدها مباشرة؛ فالأحكام الشرعية وجدت لتحقيق الإيمان بالله والرسول، والرافضون لها والعاملون على تهديمها واستبدالها بغيرها محاربون لله والرسول ولذلك يأتي الحديث عنهم.
5 -
لاحظ التكامل بين سورتي الحديد والمجادلة: في سورة الحديد يأتي قوله تعالى: آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَداءُ ويا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ، وفي سورة المجادلة يأتي قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُوا وإِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ إنهما سورتان تتعانقان وتتكاملان، ولا غرابة فهما مجموعة واحدة.
6 -
لاحظ صلة بداية المقطع اللاحق بالمحور: إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُوا لاحظ صلة ذلك بقوله تعالى: الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ إن محادة الله ورسوله يدخل فيها نقض الميثاق، وقطع ما أمر الله به أن يوصل، والإفساد في الأرض والكبت الذي تهدد الله به المحادين مظهر من مظاهر خسارة الفاسقين.
***