الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فلما مرَّ بالمولاة، وقد رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيته، قالت له: يا أبا عمارة، لو رأيت ما لقي ابن أخيك محمد آنفًا من أبي الحكم ابن هشام، وَجَدَهُ ههنا جالسًا فآذاه وسبه وبلغ منه ما يكره، ثم انصرف عنه ولم يكلمه محمد صلى الله عليه وسلم، فاحتمل حمزة الغضبُ لما أراد الله به من كرامته، فخرج يسعى ولم يقف على أحد، مُعدًّا لأبي جهل إذا لقيه أن يوقع به، فلما دخل المسجد نظر إليه جالسًا في القوم فأقبل نحوه، حتى إذا قام على رأسه رفع القوس فضربه بها فشجَّه شجة منكرة، ثم قال: أتشتمه وأنا على دينه أقول كما يقول؟ فَرُدَّ ذلك على إن استطعت، فقامت رجال من بني مخزوم إلى حمزة لينصروا أبا جهل، فقال أبو جهل دعوا أبا عمارة، فإني والله قد سببتُ ابن أخيه سبًا قبيحًا، وتمَّ حمزة رضي الله عنه على إسلامه، وعلى ما تابع عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله.
فلما أسلم حمزة عرفت قريش أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد عزَّ وامتنع، وأن حمزة سيمنعه، فكفوا عن بعض ما كانوا ينالون منه (1).
إسلام عمر رضي الله عنه
-
روى البخاري عَنْ عبد الله بن عُمَرَ قَالَ: مَا سَمِعْتُ عُمَرَ لِشَئءٍ قَطُّ يَقُولُ إِنِّي لَأَظُنُّهُ كَذَا إِلَّا كَانَ كَمَا يَظُنُّ.
بَيْنَمَا عُمَرُ جَالس إِذْ مَرَّ بِهِ رَجُلٌ جَمِيلٌ فَقَالَ عمر: لَقَدْ أَخْطَاَ ظَنِّي، أَوْ إِنَّ هَذَا عَلَى دِينهِ في الْجَاهِلِيَّةِ، أَوْ لَقَدْ كَانَ كَاهِنَهُمْ، عَلَىَّ الرَّجُلَ، فَدُعِيَ لَهُ، فَقَالَ لَهُ ذَلِكَ: فَقَالَ: مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ اسْتُقْبِلَ بِهِ رَجُلٌ مُسْلِمٌ، قَالَ: فَإِنِّي أَعْزِمُ عَلَيكَ إِلَّا مَا أَخْبَرْتَنِي قَالَ: كُنْتُ كَاهِنَهُمْ في الْجَاهِلِيَّةِ قَالَ: فَمَا أَعْجَبُ مَا جَاءَتْكَ بِهِ جِنِّيَّتُكَ؟ قَالَ: بَيْنَمَا أَنَا يَوْمًا في السُّوقِ، جَاءَتْنِي أَعْرِفُ فِيهَا الْفَزَعَ فَقَالَتْ: أَلَمْ تَرَ الْجِنَّ وَإِبْلَاسَهَا، وَيَأْسَهَا مِنْ بَعْدِ إِنْكَاسِهَا، وَلُحُوقَهَا بِالْقِلَاصِ وَأَحْلَاسِهَا، قَالَ عُمَرُ: بَيْنَمَا أَنَا نَائِمٌ عِنْدَ آلِهَتِهِمْ، إِذْ جَاءَ رَجُلٌ بِعِجْلٍ فَذَبَحَهُ، فَصَرَخَ بِهِ صَارِخٌ لَمْ أَسْمَعْ صَارِخًا قَطُّ أَشَدَّ صَوْتًا مِنْهُ يَقُولُ: يَا جَلِيحْ، أَمْرٌ نَجِيحْ، رَجُلٌ فَصِيحْ،
(1)"سيرة ابن هشام" 1/ 203، 204.