الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
19 - وفي ذي القعدة من هذه السنة: آخى النبي صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار
.
الشرح:
ثم آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار في دار أنس بن مالك، وكانوا تسعين رجلًا، نصفهم من المهاجرين، ونصفهم من الأنصار، آخى بينهم على المواساة، يتوارثون بعد الموت دون ذوي الأرحام إلى حين وقعة بدر، فلما أنزل الله عز وجل:{النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا (6)} [الأحزاب: 6] ردَّ التوارث إلى الرحم دون عقد الإخوَّة (1).
وعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قالَ: حَالَفَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم بَيْنَ الْأَنْصارِ وَقُرَيْشٍ في دارِي الَّتِي بِالْمَدِينَةِ (2).
وعَنْ أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قالَ: قالَتْ الْأَنْصارُ: اقْسِمْ بَيْنَنا وَبَيْنَهُمْ النَّخْلَ، قالَ: لا، قالَ: يَكْفُونَنا الْمَئُونَةَ وَيُشْرِكُونَنا في الثمْرِ، قالُواة سَمِعْنا وَأَطَعْنا (3).
(1)"زاد المعاد" 3/ 56، 57.
(2)
متفق عليه: أخرجه البخاري (7340)، كتاب: الاعتصام بالكتاب والسنة، باب: ما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم وحض على اتفاق أهل العلم وما أجمع عليه الحَرَمان مكة والمدينة وما كان بها من مشاهد النبي صلى الله عليه وسلم والمهاجرين والأنصار ومصلى النبي صلى الله عليه وسلم والمنبر والقبر، مسلم (2529)، كتاب: فضائل الصحابة، باب: مؤاخاة النبي صلى الله عليه وسلم بين أصحابه.
(3)
صحيح: أخرجه البخاري (3782)، كتاب: مناقب الأنصار، باب: إخاء النبي صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار.
ومعنى قولهم: يكفوننا المئونة ويشركوننا في الثمر؛ يكفونهم العمل في الأرض ويشاركونهم في الثمار التي تخرج منها.
وعَنْ أَنَسٍ أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم آخَى بَيْنَ أبي عُبَيْدَةَ بن الْجَرّاحِ، وَبَيْنَ أبي طَلْحَةَ (1).
عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف قالَ: لَمّا قَدِمُوا الْمَدِينَةَ آخَى رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم بَينَ عبد الرَّحمَنِ بن عَوْفٍ وَسَعْدِ بن الرَّبِيعِ قالَ لِعبد الرَّحمَنِ: إِنِّي أَكْثَرُ الْأَنْصارِ مالًا فَأَقْسِمُ مالِي نِصفَيْنِ وَلِي امْرَأَتانِ فانْظُرْ أَعْجَبَهُما إِلَيْكَ فَسَمِّها لِي أُطَلِّقْها فَإِذا انْقَضَتْ عِدَّتُها فَتَزَوَّجْها، قالَ: بارَكَ الله لَكَ في أَهْلِكَ وَمالِكَ، أَيْنَ سُوقُكُمْ؟ فَدَلُّوهُ عَلَى سُوقِ بني قَيْنُقاعَ فَما انْقَلَبَ إِلّا وَمَعَهُ فَضْلٌ مِنْ أَقِطٍ وَسَمْنٍ ثُمَّ تابَعَ الْغُدُوَّ (2)، ثُمَّ جاءَ يَوْمًا وَبِهِ أَثَرُ صُفْرَةٍ فَقالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم:"مَهْيَمْ"، قالَ: تَزَوَّجْتُ، قالَ:"كَمْ سُقْتَ إِلَيْها؟ " قالَ: نَواةً مِنْ ذَهَبٍ أَوْ وَزْنَ نَواةٍ مِنْ ذهَبٍ (3).
فهذا الموقف من الصحابي الجليل سعد بن الربيع يوضح حجم الحب والمودة الذي كان بين الأنصار وبين إخوانهم الذين هاجروا إليهم.
وآخى النبي صلى الله عليه وسلم بين أبي بكر رضي الله عنه وخارجة بن زيد، وبين عمر بن الخطّاب وعتبان بن مالك، وبين طلحة بن عبيد الله وكعب بن مالك، وبين سعيد بن زيد وأبي بن كعب، وبين عثمان بن عفان وأوس بن ثابت، وغيرهم (4).
(1) صحيح: أخرجه مسلم (2528)، كتاب: فضائل الصحابة، باب: مؤاخاة النبي صلى الله عليه وسلم بين أصحابه.
(2)
أي تابع الذهاب إلى السوق فكان يذهب كثيرًا.
(3)
صحيح: أخرجه البخاري (3780)، كتاب: مناقب الأنصار، باب: إخاء النبي صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار، وظاهر هذه الرواية الإرسال ولكنه جاء موصولًا في مواضع في الصحيح منها حديث (3781) عن أنس رضي الله عنه وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: أولم ولو شاه.
(4)
انظر: "سيرة ابن هشام" 2/ 67، 69.
السنة الثانية من الهجرة