الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفتح النبي صلى الله عليه وسلم حصن القموص، حصن بني أبي الحقيق، وأصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم سبايا، منهن صفية بنت حُييِّ بن أخطب، وكانت عند كنانة بن الربيع بن أبي الحُقيق، وبنتي عم لها، فاصطفى رسول الله صلى الله عليه وسلم صفية لنفسه (1).
ثم فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم حصن الصعب بن معاذ، وما بخيبر حصن كان أكثر طعامًا وودكًا منه (2).
ولما افتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم من حصونهم ما افتتح، وحاز من الأموال ما حاز، انتهوا إلى حصنيهم الوطيح والسُّلالم، وكان آخر حصون أهل خيبر افتتاحًا (3).
تصالح النبي صلى الله عليه وسلم مع أهل خيبر:
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم لَمَّا ظَهَرَ عَلَى خَيبَرَ أَرَادَ إِخْرَاجَ الْيَهُودِ مِنْهَا، وَكَانَتْ الْأَرْضُ حِينَ ظُهِرَ عَلَيْهَا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُسْلِمِينَ، فَأَرَادَ إِخْرَاجَ الْيَهُودِ مِنْهَا، فَسَأَلَتْ الْيَهُودُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم أَنْ يُقِرَّهُمْ بِهَا عَلَى أَنْ يَكْفُوا عَمَلَهَا، وَلَهُمْ نِصْفُ الثَّمَرِ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم:"نُقِرُّكُمْ بِهَا عَلَى ذَلِكَ مَا شِئْنَا"(4).
فكان الصلح مع يهود خيبر مشروطًا بإخراجهم إذا شاء المسلمون ذلك.
ولذلك أخرجهم عُمَرُ رضي الله عنه في إمارته وقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم
(1)"سيرة ابن هشام" 3/ 195.
(2)
"سيرة ابن هشام" 3/ 196، والودك: اللحم السمين.
(3)
السابق.
(4)
متفق عليه: أخرجه البخاري (3152)، كتاب: فرض الخمس، باب: ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يعطي المؤلفة قلوبهم وغيرهم من الخمس ونحوه، ومسلم (1551)، كتاب: المساقاة، باب: المساقاة والمعاملة بجزء من التمر والزرع.
كَانَ عَامَلَ يَهُودَ خَيْبَرَ عَلَى أَنَّا نُخْرِجُهُمْ إِذَا شِئْنَا، ومَنْ كَانَ لَهُ مَالٌ فَلْيَلْحَقْ بِهِ، وإِنِّي مُخْرِجٌ يَهُودَ، فَأَخْرَجَهُمْ (1).
وكان سبب إخراجهم أنهم اعتدوا على عبد الله بن عمر رضي الله عنه عندما ذهب إلى ماله هناك ليلاً، فقَامَ عُمَرُ رضي الله عنه خَطِيبًا فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم عَامَلَ أهل خَيبَرَ عَلَى أمْوَالِهِمْ، وَقَالَ: نُقِرُّكُمْ مَا أَقَرَّكُمْ الله وَإِنَّ عبد الله بن عُمَرَ خَرَجَ إلى مَالِهِ هُنَاكَ فَعُدِيَ عَلَيْهِ مِنْ اللَّيْلِ فَفُدِعَتْ يَدَاهُ وَرِجْلَاهُ (2)، وَلَيْسَ لَنَا هُنَاكَ عَدُوٌّ غَيْرَهُمْ، هُمْ عَدُوُّنَا وَتُهْمَتُنَا، وَقَدْ رَأَيْتُ إِجْلَاءَهُمْ، فَلَمَّا أَجْمَعَ عُمَرُ عَلَى ذَلِكَ أَتَاهُ أَحَدُ بني أبي الْحُقَيْقِ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَتُخْرِجُنَا وَقَدْ أَقَرَّنَا مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم وَعَامَلَنَا عَلَى الْأَمْوَالِ وَشَرَطَ ذَلِكَ لَنَا؟ فَقَالَ عُمَرُ: أَظَنَنْتَ أَنِّي نَسِيتُ قَوْلَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم: "كَيفَ بِكَ إِذَا أُخْرِجْتَ مِنْ خَيبَرَ تَعْدُو بِكَ قَلُوصُكَ لَيلَةً بَعْدَ لَيْلَةٍ"(3)، فَقَالَ: كَانَتْ هَذِهِ هُزَيْلَةً مِنْ أبي الْقَاسِمِ (4)، فقَالَ: كَذَبْتَ يَا عَدُوَّ الله، فَأَجْلَاهُمْ عُمَرُ، وَأَعْطَاهُمْ قِيمَةَ مَا كَانَ لَهُمْ مِنْ الثَّمَرِ مَالًا وَإِبِلًا وَعُرُوضًا مِنْ أَقْتَابٍ وَحِبَالٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ (5).
وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد صالح أهل خيبر على أَنْ لَا يَكْتُمُوا وَلَا يُغَيِّبُوا شَيئًا، فَإِنْ
(1) صحيح: أخرجه أبو داود (3007)، كتاب: الخراج والإمارة والفيء، باب: ما جاء في حكم أرض خيبر، وقال الألباني في "صحيح سنن أبي داود": حسن صحيح.
(2)
الفدع: هو زوال المفصل. وأخرج البخاري حديثًا معلقًا: أنهم ألقوه من فوق بيت ففدعوا يديه.
(3)
القلوص -بفتح القاف-: الناقة الصابرة على السير، وقيل: الشابة، وفي ذلك إشارة من النبي صلى الله عليه وسلم إلى إخراجهم من خيبر وكان ذلك من إخباره بالغيبيات قبل وقوعها.
(4)
هزيلة: تصغير هزل، وهو ضد الجد.
(5)
صحيح: أخرجه البخاري (2730)، كتاب: الشروط، باب: إذا اشترط في المزارعة إذا شئت أخرجتك.