الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في الْإِسْلَامِ (1).
وعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ اتَّخَذَتْ يَوْمَ حُنَيْنٍ خِنْجَرًا فَكَانَ مَعَهَا، فَرَآهَا أبوطَلْحَةَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله هَذِهِ أُمُّ سُلَيْمٍ مَعَهَا خِنْجَرٌ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم:"مَا هَذَا الْخِنْجَرُ؟ "، قَالَتْ: اتَّخَذْتُهُ إِنْ دَنَا مِنّي أَحَدٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ بَقَرْتُ بِهِ بَطْنَهُ، فَجَعَلَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَضْحَكُ، قَالَتْ: يَا رَسُولَ الله اقْتُلْ مَنْ بَعْدَنَا مِنْ الطُّلَقَاءِ (2) انْهَزَمُوا بِكَ، فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم:"يَا أُمَّ سُلَيْمِ إِنَّ الله قَدْ كَفَى وَأَحْسَنَ"(3).
30 - في شوال من هذه السنة: كانت سرية أوطاس بقيادة أبي عامر الأشعري
.
الشرح:
وكان سببها أنَّ هوازن لما انهزمت ذهبت فرقة منهم، فيهم الرئيس مالك بن عوف النصري فلجئوا إلى الطائف فتحصنوا بها، وتوجَّه بنو غيرة من ثقيف نحو نخلة، وسارت فرقة فتحصنوا بمكان يقال له: أوطاس، فبعث إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية من أصحابه عليهم أبو عامر الأشعري، فقاتلوهم
(1) متفق عليه: أخرجه البخاري (4321)، كتاب: المغازي، باب: قوله تعالى: {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ
…
} [التوبة: 25]، ومسلم (1751)، كتاب: الجهاد والسير، باب: استحقاق القاتل سلب القتيل.
(2)
اُقْتُلْ مَن بَعْدنَا مِنْ الطُّلَقَاء، هُمْ الَّذِينَ أَسْلَمُوا مِنْ أَهْل مَكَّة يَوْم الْفَتْح، سُمُّوا بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ النَّبِي صلى الله عليه وسلم مَنَّ عَلَيْهِمْ وَأَطْلَقَهُمْ، وَكَانَ في إِسْلَامهمْ ضَعْف، فَاعْتَقَدَتْ أُمّ سَلِيم أَنَّهُمْ مُنَافِقُونَ، وَأَنَّهُمْ اِسْتَحَقُّوا الْقَتْل بِانْهِزَامِهِمْ. (نووي).
(3)
صحيح: أخرجه مسلم (1809)، كتاب: الجهاد والسير، باب: في غزوة النساء مع الرجال.
فغلبوهم (1).
وكان قائد المشركين في أوطاس دُريد بن الصّمة.
عَنْ أبي مُوسَى الأشعري رضي الله عنه قَالَ: لَمَّا فَرَغَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم مِنْ حُنَينٍ بَعَثَ أَبَا عَامِرٍ عَلَى جَيْشٍ إلى أَوْطَاسٍ، فَلَقِيَ دُرَيْدَ بن الصِّمَّةِ فَقُتِلَ دُرَيْدٌ، وَهَزَمَ الله أَصْحَابَهُ، قَالَ أبو مُوسَى: وَبَعَثَنِي مَعَ أبي عَامِرٍ، فَرُمِيَ أبو عَامِرٍ في رُكْبَتِهِ؛ رَمَاهُ جُشَمِيٌّ بِسَهْمٍ فَأَثْبَتَهُ في رُكْبَتِهِ، فَانْتَهَيْتُ إِلَيْهِ فَقُلْتُ: يَا عَمِّ مَنْ رَمَاكَ! فَأَشَارَ فَقَالَ: ذَاكَ قَاتِلِي الَّذِي رَمَانِي، فَقَصَدْتُ لَهُ فَلَحِقْتُهُ فَلَمَّا رَآنِي وَلَّى، فَاتَّبَعْتُهُ وَجَعَلْتُ أَقُولُ لَهُ: أَلَا تَسْتَحْيِ؟ أَلَا تَثْبُتُ؟ فَكَفَّ، فَاخْتَلَفْنَا ضَرْبَتَيْنِ بِالسَّيْفِ، فَقَتَلْتُهُ، ثُمَّ قُلْتُ لِأبي عَامِرٍ: قَتَلَ الله صاحِبَكَ، قَالَ: فَانْزعْ هَذَا السَّهْمَ فَنَزَعْتُهُ فَنَزَا مِنْهُ الْمَاءُ، قَالَ: يَا ابْنَ أَخِي أَقْرِئْ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم السَّلَامَ، وَقُلْ لَهُ: اسْتَغْفِرْ لِي، وَاسْتَخْلَفَنِي أبو عَامِرٍ عَلَى النَّاسِ فَمَكُثَ يَسِيرًا ثُمَّ مَاتَ، فَرَجَعْتُ فَدَخَلْتُ عَلَى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في بَيْتِهِ عَلَى سَرِيرٍ مُرْمَلٍ (2).
وَعَلَيْهِ فِرَاشٌ قَدْ أَثَّرَ رِمَالُ السَّرِيرِ بِظَهْرِهِ وَجَنْبَيْهِ، فَأَخْبَرْتُهُ بِخَبَرِنَا وَخَبَرِ أبي عَامِرٍ، وَقَالَ: قُلْ لَهُ: اسْتَغْفِرْ لِي، فَدَعَا النبي صلى الله عليه وسلم بِمَاءٍ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ فَقَالَ:"اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعُبَيْدٍ أبي عَامِرٍ"، قال أبو موسى: وَرَأَيْتُ بَيَاضَ إِبْطَيهِ، ثُمَّ قَالَ:"اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَوْقَ كَثِيرٍ مِنْ خَلْقِكَ مِنْ النَّاسِ" فَقُلْتُ: وَلِي فَاسْتَغْفِر، فَقَالَ:"اللهُمَّ اغْفِرْ لِعبد الله بن قَيسٍ ذَنْبَهُ، وَأَدْخِلْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مًدْخَلًا كَرِيمًا"(3).
(1)"سيرة ابن هشام" 4/ 47، "البداية والنهاية" 5/ 22.
(2)
سرير مُرْمل: أي معمول بالرمال؛ وهي حبال الحصر التي تُضفر بها الأَسِرَّة "فتح".
(3)
متفق عليه: أخرجه البخاري (4323)، كتاب: المغازي، باب: غزوة أوطاس، ومسلم (2498) كتاب: فضائل الصحابة، باب: من فضائل أبي موسى وأبي عامر الأشعريين رضي الله عنهما.