الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
على الفراش، ويمسح ظهره بيده ويسره ما يراه يصنع (1).
7 - ولما بلغ صلى الله عليه وسلم ثماني سنوات توفي جده عبد المطلب. وكفله عمه أبو طالب
.
الشرح:
فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم ثماني سنين هلك عبد المطلب بن هاشم، وذلك بعد عام الفيل بثماني سنين (2).
فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد عبد المطلب مع عمه أبي طالب، وكان عبد المطلب -فيما يزعمون- يوصي به عمه أبا طالب، وذلك لأنّ عبد الله أبا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا طالب أخوان لأب وأم، أمهما فاطمة بنت عمرو بن عائز بن عبد بن عمران بن مخزوم (3).
8 - ولما بلغ صلى الله عليه وسلم الثانية عشرة خرج به عمه أبو طالب إلى الشام، فلما بلغوا بصرى رآه بحيراء الراهب، فتحقق فيه صفات النبوة فأمر عمه برده، فرجع به
.
الشرح:
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قالَ: خَرَجَ أبو طالِبٍ إلى الشَّامِ وَخَرَجَ مَعَهُ النَّبِي صلى الله عليه وسلم في أَشْياخٍ مِنْ قُرَيْشٍ، فَلَمّا أَشْرَفُوا عَلَى الرّاهِب، وَكانُوا قَبْلَ ذَلِكَ يَمُرُّونَ بِهِ فَلا يَخْرُجُ إِلَيْهِمْ، وَلا يَلْتَفِتُ. قالَ: فَهُمْ يَحُلُّونَ رِحالَهُمْ، فَجَعَلَ يَتَخَلَّلُهُمْ الرّاهِبُ حَتَّى جاءَ فَأَخَذَ بِيَدِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فقالَ: هَذا سَيِّدُ الْعالَمِينَ،
(1)"سيرة ابن هشام" 1/ 129 بتصرف يسير.
(2)
"سيرة ابن هشام" 1/ 129.
(3)
"سيرة ابن هشام" 1/ 137.
هَذا رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ، يَبْعَثُهُ الله رَحمَةً لِلْعالَمِينَ، فَقالَ لَهُ أَشْياخٌ مِنْ قُرَيْشٍ: ما عِلْمُكَ، فَقالَ: إِنَّكُمْ حِينَ أَشْرَفْتُمْ مِنْ الْعَقَبَةِ لَمْ يَبْقَ شَجَرٌ وَلا حَجَرٌ إِلّا خَرَّ ساجِدًا وَلا يَسْجُدانِ إِلّا لِنَبِيٍّ، وإِنِّي أَعْرِفُهُ بِخاتَمِ النُّبُوَّةِ أَسْفَلَ مِنْ غُضْرُوفِ كَتِفِهِ مِثْلَ التُّفّاحَةِ، ثُمَّ رَجَعَ فَصَنَعَ لَهُمْ طَعامًا، فَلَمّا أَتاهُمْ بِهِ وَكانَ هُوَ في رِعْيَةِ الْإِبِلِ، قالَ: أَرْسِلُوا إِلَيْهِ، فَأَقْبَلَ وَعَلَيْهِ غَمامَةٌ تُظِلُّهُ، فَلَمَّا دَنا مِنْ الْقَوْمِ وَجَدَهُمْ قَدْ سَبَقُوة إلى فَيءِ الشَّجَرَةِ، فَلَمَّا جَلَسَ مالَ فَيءُ الشَّجَرَةِ عَلَيْهِ، فَقالَ: انْظُرُوا إلى فَيءِ الشَّجَرَةِ مالَ عَلَيْهِ، قالَ: فَبَيْنَما هُوَ قائِمٌ عَلَيْهِمْ وَهُوَ يُناشِدُهُمْ أَنْ لا يَذْهَبُوا بِهِ إلى الرُّومِ، فَإِنَّ الرُّومَ إِذا رَأَوْه عَرَفوهُ بِالصِّفَةِ فَيَقْتُلُونَهُ، فالْتَفَتَ فَإِذا بِسَبْعَةٍ قَدْ أَقْبَلُوا مِنْ الرُّومِ فاسْتَقْبَلَهُمْ، فَقالَ: ما جاءَ بِكمْ؟ قالُوا: جِئْنا إِنَّ هَذا النَّبِيَّ خارِجٌ في هَذا الشَّهْرِ، لَمْ يَبْقَ طَرِيقٌ إِلّا بُعِثَ إِلَيْهِ بِأُناسٍ، وإِنّا قَدْ أُخْبِرْنا خَبَرَهُ بُعِثْنا إلى طَرِيقِكَ هَذا، فَقالَ: هَلْ خَلْفَكُمْ أَحَدٌ خَيْرٌ مِنْكُمْ؟ قالُوا: إِنَّما أُخْبِرْنا خَبَرَهُ بِطَرِيقِكَ هَذا. قالَ: أَفَرَأَيْتُمْ أَمْرًا أَرادَ الله أَنْ يَقْضِيَهُ هَلْ يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ مِنْ النّاسِ رَدَّهُ؟ قالُوا: لا، قالَ: فَبايَعُوهُ وَأَقامُوا مَعَهُ، قالَ: أَنْشُدُكُمْ بِاللهِ أَيُّكُمْ وَلِيُّهُ؟ قالُوا: أبو طالِبٍ، فَلَمْ يَزَلْ يُناشِدُهُ حَتَّى رَدَّهُ أبو طالِبٍ وَبَعَثَ مَعَهُ أبو بَكْرٍ بِلالًا، وَزَوَّدَهُ الرّاهِبُ مِنْ الْكَعْكِ والزَّيْتِ (1).
قال الذهبي (2):
تفرد به قُراد، واسمه عبد الرحمن بن غزوان، ثقة، احتج به البخاري،
(1) أخرجه الترمذي (3620) كتاب: المناقب، باب: ما جاء في بدء نبوة النبي صلى الله عليه وسلم، والحاكم في "المستدرك"(4229) وصححه، وقال الحافظ في "الفتح" 8/ 587: إسناده قوي، وقال في "الإصابة": رجاله ثقات وذكر أبي بكر وبلال فيه غير محفوظ. قال الألباني في "ضعيف الترمذي"(745): صحيح، لكن ذكر بلال فيه منكر كما قيل.
(2)
"سير أعلام النبلاء" 1/ 48، 49.
والنسائيُّ، ورواه الناس عن قراد، وحسنه الترمذي، ثم قال: وهو حديث منكر جدًا، وأين كان أبو بكر؟ كان ابن عشر سنين، فإنه أصغر من رسول الله صلى الله عليه وسلم بسنتين ونصف، وأين كان بلال في هذا الوقت؟ فإن أبا بكر لم يشتره إلا بعد المبعث، ولم يكن ولد بعد، وأيضًا فإذا كان عليه غمامة تظله كيف يتصور أن يميل فيء الشجرة؟ لأنّ ظل الغمامة يعدم فيء الشجرة التي نزل تحتها، ولم نر النبي صلى الله عليه وسلم ذكَّر أبا طالب قط بقول الراهب، ولا تذاكرته قريش، ولا حكته أولئك الأشياخ مع توافر همهم ودواعيهم على حكايته مثل ذلك، فلو وقع لاشتهر بينهم أيّما اشتهار، وبقي عنده صلى الله عليه وسلم حسٌ من النبوة، ولما أنكر مجيء الوحي إليه أولًا بغار حراء وأتى خديجة خائفًا على عقله، ولما ذهب إلى شواهق الجبال ليرمي نفسه وأيضًا فلو أثر هذا الخوف في أبي طالب ورده كيف كانت تطيب نفسه أن يمكنه من السفر إلى الشام تاجرًا لخديجة؟
وفي الحديث ألفاظ منكرة تشبه ألفاظ الطرقية، مع أن ابن عائز قد روى معناه في مغازيه دون قوله. وبعث معه أبو بكر بلالًا
…
إلى آخره. فقال حدثنا الوليد بن مسلم أخبرني أبو داود سليمان بن موسى فذكره بمعناه. اهـ.
وقد أنكر أيضًا ذكر بلال فيها ابن سيّد الناس (1)، وابن القيم (2).
قال الألباني (3):
وإعلال الحديث بأن فيه ذكر أبي بكر وبلال، وكان عمر أبي بكر إذ ذاك تسع سنين أو عشر، إنما هي دعوى مبنية على أن عمره صلى الله عليه وسلم يومئذ ثنتا عشرة سنة، وهذا غير محفوظ، فإنه إنما ذكره مقيدًا بهذا الواقدي كما قال المؤلف
(1)"عيون الأثر" 1/ 43.
(2)
"زاد المعاد" 1/ 75.
(3)
"صحيح السيرة النبوية"(31).