الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رَسُولَ الله جِئْتُكَ بِأَخِي لِتُبَايِعَهُ عَلَى الْهِجْرَةِ، قَالَ:"ذَهَبَ أَهْلُ الْهِجْرَةِ بِمَا فِيهَا"، فَقُلْتُ: عَلَى أَيِّ شَيءٍ تُبَايِعُهُ؟ قَالَ: "أُبَايِعُهُ عَلَى الْإِسْلَامِ وَالْإِيمَانِ وَالْجِهَادِ"(1).
حدث في فتح مكة:
عن أُمِّ هَانِئٍ بنتِ أبي طَالِبٍ رضي الله عنها قالت: ذَهَبْتُ إلى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم عَامَ الْفَتْحِ فَوَجَدْتُهُ يَغْتَسِلُ وَفَاطِمَةُ ابْنَتُهُ تَسْتُرُهُ، قَالَتْ: فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ:"مَنْ هَذِهِ؟ "، قُلْتُ: أَنَا أُمُّ هَانِئٍ بنتُ أبي طَالِبٍ، فَقَالَ:"مَرْحَبًا بِأُمِّ هَانِئٍ"، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ غُسْلِهِ، قَامَ فَصَلَّى ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ مُلْتَحِفًا فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، فَلَمَّا انْصَرَفَ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله زَعَمَ ابْنُ أُمِّي أَنَّهُ قَاتِلٌ رَجُلًا قَدْ أَجَرتُهُ فُلَانَ ابْنَ هُبَيْرَةَ، فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم:"قَدْ أَجَرنَا مَنْ أَجَرتِ يَا أُمَّ هَانِئٍ"(2).
وعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ قُرَيْشًا أَهَمَّهُمْ شَأْنُ الْمَرْأَةِ- المخزومية- الَّتِي سَرَقَتْ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم في غَزْوَةِ الْفَتْحِ، فَقَالُوا: مَنْ يُكَلِّمُ فِيهَا رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم؟ فَقَالُوا: وَمَنْ يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ إِلَّا أُسَامَةُ بن زَيْدٍ حِبُّ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، فَأُتِيَ بِهَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم، فَكَلَّمَهُ فِيهَا أُسَامَةُ بن زَيْدٍ، فَتَلَوَّنَ وَجْهُ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:"أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ الله؟ "، فَقَالَ لَهُ أُسَامَةُ: اسْتَغْفِرْ لِي يَا رَسُولَ الله، فَلَمَّا كَانَ الْعَشِيُّ، قَامَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فَاخْتَطَبَ، فَأَثْنَى عَلَى الله بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ:"أَمَّا بَعْدُ: فَإنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمْ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمْ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ وَإِنِّي وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بنتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا"، ثُمَّ أَمَرَ بِتِلْكَ الْمَرْأَةِ الَّتِي سَرَقَتْ فَقُطِعَتْ يَدُهَا،
(1) متفق عليه أخرجه البخاري (4305، 4306)، كتاب: المغازي، باب: مقام النبي صلى الله عليه وسلم بمكة زمن الفتح، ومسلم (1863)، كتاب: الإمارة، باب: المبايعة بعد فتح مكة.
(2)
متفق عليه: أخرجه البخاري (357)، كتاب: الصلاة، باب: الصلاة في الثوب الواحد ملتحفًا به، ومسلم (336)، كتاب: الحيض، باب: تستر المغتسل بثوب ونحوه.
قَالَتْ عَائِشَةُ: فَحَسُنَتْ تَوْبَتُهَا بَعْدُ وَتَزَوَّجَتْ، وَكَانَتْ تَأتِينِي بَعْدَ ذَلِكَ فَأَرْفَعُ حَاجَتَهَا إلى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم (1).
وعَنْ عَمْرِو بن سَلَمَةَ رضي الله عنه قَالَ: كُنَّا بِمَاءٍ مَمَرَّ النَّاسِ، وَكَانَ يَمُرُّ بنا الرُّكْبَانُ، فَنَسْأَلُهُمْ مَا لِلنَّاسِ مَا لِلنَّاسِ مَا هَذَا الرَّجُلُ؟ فَيَقُولُونَ: يَزْعُمُ أَنَّ الله أَرْسَلَهُ أَوْحَى إِلَيْهِ، أَوْ أَوْحَى الله بِكَذَا، فَكُنْتُ أَحْفَظُ ذَلِكَ الْكَلَامَ، وَكَأَنَّمَا يُقَرُّ فِي صَدْرِي، وَكَانَتْ الْعَرَبُ تَلَوَّمُ بِإِسْلَامِهِمْ الْفَتْحَ، فَيَقُولُونَ: اتْرُكُوهُ وَقَوْمَهُ؛ فَإِنَّهُ إِنْ ظَهَرَ عَلَيْهِمْ فَهُوَ نَبِيٌّ صَادِقٌ، فَلَمَّا كَانَتْ وَقْعَةُ أَهْلِ الْفَتْحِ، بَادَرَ كُلُّ قَوْمٍ بِإِسْلَامِهِمْ، وَبَدَرَ أَبِي (2) قَوْمِي بِإِسْلَامِهِمْ، فَلَمَّا قَدِمَ قَالَ: جِئْتُكُمْ وَاللهِ مِنْ عِنْدِ النَّبِيّ حَقًّا، فَقَالَ: صَلُّوا صَلَاةَ كَذَا في حِينِ كَذَا وَصَلُّوا صَلَاةَ كَذَا في حِينِ كَذَا، فَإِذَا حَضَرَتْ الصَّلَاةُ فَلْيُؤَذِّنْ أَحَدُكُمْ، وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْثَرُكُمْ قُرْآنًا، فَنَظَرُوا فَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أَكْثَرَ قُرْآنًا مِنِي لِمَا كُنْتُ أَتَلَقَّى مِنْ الرُّكْبَانِ، فَقَدَّمُونِي بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَأَنَا ابْنُ سِتٍّ أَوْ سَبْعِ سِنِينَ، وَكَانَتْ عَلَىَّ بُرْدَةٌ كُنْتُ إِذَا سَجَدْتُ تَقَلَّصَتْ عَنِّي، فَقَالَتْ امْرَأَةٌ مِنْ الْحَيِّ: أَلَا تُغَطُّوا عَنَّا اسْتَ قَارِئِكُمْ؟ فَاشْتَزَوْا فَقَطَعُوا لِي قَمِيصًا، فَمَا فَرِحْتُ بِشَيءٍ فَرَحِي بِذَلِكَ الْقَمِيصِ (3).
وعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنه قَالَتْ: كَانَ عُتْبَةُ بن أبي وَقَّاصٍ عَهِدَ إِلَى أَخِيهِ سَعْدٍ أَنْ يَقْبِضَ ابْنَ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ، وَقَالَ عُتْبَةُ: إِنَّهُ ابْنِي، فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ فِي الْفَتْحِ، أَخَذَ سَعْدُ بن أبي وَقَّاصٍ ابْنَ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ، فَأَقْبَلَ بِهِ إلى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، وَأَقْبَلَ مَعَهُ عبد بن زَمْعَةَ، فَقَالَ سَعْدُ بن أبي وَقَّاصٍ: هَذَا ابْنُ أَخِي عَهِدَ إِلَيَّ أَنَّهُ
(1) متفق عليه: أخرجه البخاري (3733)، كتاب:"فضائل الصحابة" باب: ذكر أسامة بن زيد، ومسلم (1688)، كتاب: الحدود، باب: النهي عن الشفاعة في الحدود.
(2)
بدر أبي: أي سبق.
(3)
صحيح: أخرجه البخاري (4302)، كتاب: المغازي، باب: مقام النبي صلى الله عليه وسلم بمكة زمن الفتح.
ابْنُهُ، قَالَ عبد بن زَمْعَةَ: يَا رَسُولَ الله هَذَا أَخِي، هَذَا ابْنُ زَمْعَةَ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ، فَنَظَرَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى ابْنِ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ فَإِذَا أَشْبَهُ النَّاسِ بِعُتْبَةَ بن أبي وَقَّاصٍ، فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم:"هُوَ لَكَ هُوَ أَخُوكَ يَا عبد بن زَمْعَةَ" - مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ- وَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "احْتَجِبِي مِنْهُ يَا سَوْدَةُ"، لِمَا رَأَى مِنْ شَبَهِ عُتْبَةَ بن أبي وَقَّاصٍ، قَالَ رَسُولُ الله "الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ، وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ"(1).
وعن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت: لما وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم بذي طوى قال أبو قحافة لأبنة له من أصغر ولده: أي بنيَّة اظهري بي على أبي قُبيس (2)، قالت: وقد كُفَّ بصره، قالت: فأشرفت به عليه، فقال: أيْ بنيَّة، ماذا ترين؟ قالت: أرى سوادًا مجتمعًا، قال: تلك الخيل، قالت: وأرى رجلاً يسعى بين يدي ذلك السواد مقبلاً ومدبرًا، قال: أيْ بنيَّة ذلك الوازع -يعني: الذي يأمر الخيل ويتقدَّم إليها- ثم قالت: قد والله انتشر السواد، قالت: فقال: قد والله إذن دُفِعت الخيل، فأسرعي بي إلى بيتي، فانحطت به، وتلقاه الخيلُ قبل أن يصل إلى بيته، قال: وفي عُنُق الجارية طوق من ورِق (3)، فتلقاها رجل فيقتطعه من عنقها، قالت: فلما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة، ودخل المسجد، أتى أبو بكر بأبيه يقوده، فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"هلا تركت الشيخ في بيته حتى أكون أنا آتيه فيه؟ " قال أبو بكر: يا رسول الله هو أحق أن يمشي إليك من أن تمشي إليه أنت، فأجلسه النبي صلى الله عليه وسلم بين يديه، ثم مسح صدره، ثم قال له: أسلم، فأسلم، قالت: فدخل به أبو بكر، وكأن رأسه ثغامة (4)، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "غيِّروا هذا
(1) متفق عليه: أخرجه البخاري (4303)، كتاب: المغازي، باب: مقام النبي صلى الله عليه وسلم بمكة زمن الفتح، ومسلم (1457)، كتاب: الرضاع، باب: الولد للفراش.
(2)
اظهري بي: اصعدي وارتفعي، وأبو قُبيس: جبل بمكة.
(3)
الطوق: القلادة، والورق: الفضة.
(4)
الثَّغامة بفتح أوله: شجرة، ومن شأن هذا النوع من الشجر أنه إذا يبس ابيضت أغصانه، والعرب تشبه الشيب به.