الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يُؤْذُونَ مَنْ اِطَّلَعُوا عَلَى أَنَّهُ أَرْسَلَ إلى بَعْض أَقَارِبه شَيْئًا مِنْ الصِّلَات، إلى أَنْ قَامَ في نَقْضِ الصَّحِيفَة نَفَر مِنْ أَشَدّهمْ في ذَلِكَ صَنِيعًا هِشَام بن عَمْرو بن الْحَارِث الْعَامِرِيّ، وَكَانَتْ أُمّ أَبِيهِ تَحْت هَاشِم بن عبد مَنَافٍ قَبْل أَنْ يَتَزَوَّجهَا جَدّه، فَكَانَ يَصِلَهُمْ وَهُمْ في الشِّعْب، ثُمَّ مَشَى إلى زُهَيْر بن أبي أُمَيَّة وَكَانَتْ أُمّه عَاتِكَة بنت عبد الْمُطَّلِب فَكَلَّمَهُ في ذَلِكَ فَوَافَقَهُ، وَمَشَيَا جَمِيعًا إلى الْمُطْعِم بن عَدِيّ وَإِلَى زَمْعَة بن الْأَسْوَد فَاجْتَمَعُوا عَلَى ذَلِكَ، فَلَمَّا جَلَسُوا بِالْحِجْرِ تَكَلَّمُوا في ذَلِكَ وَأَنْكَرُوهُ وَتَوَاطَئُوا عَلَيْهِ فَقَالَ أبو جَهْل: هَذَا أَمْر قُضِيَ بِلَيْل، وَفِي آخِر الْأَمْر أَخْرَجُوا الصَّحِيفَة فَمَزَّقُوهَا وَأَبْطَلُوا حُكْمهَا، وَذَكَرَ اِبْن هِشَام أنَّهُمْ وَجَدُوا الْأَرَضَة قَدْ أَكَلَتْ جَمِيع مَا فِيهَا إِلَّا اِسْم الله، وقيل أنها لَمْ تَدَع اِسْمًا لِلَّهِ إِلَّا أَكَلَتْهُ. والله أعلم (1).
11 - وفي السنه العاشرة من البعثة: مات أبو طالب، ثم ماتت خديجة رضي الله عنها بعده بثلاثة أيام ، فحزن رسول الله صلى الله عليه وسلم لموتهما حزنًا شديدًا، ونالت قريش منه صلى الله عليه وسلم مالم تنلْه في حياة عمه أبي طالب
.
الشرح:
روى البخاري عَنْ هِشَامٍ بن عروة، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: تُوُفِّيَتْ خَدِيجَةُ قَبْلَ مَخْرَجِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم إلى الْمَدِينَةِ بِثَلَاثٍ (2).
وكان ذلك بعد وفاة أبي طالب بثلاثة أيام فقط (3) وهما نصيرا رسول الله صلى الله عليه وسلم اللذان كانا يصدان عنه أذى قريش واعتداءاتهم عليه صلى الله عليه وسلم، لمكانتهما بين قريش.
(1)"فتح الباري" 7/ 232. بتصرف يسير.
(2)
صحيح: أخرجه البخاري (3896) كتاب: مناقب الأنصار، باب: تزويج النبي صلى الله عليه وسلم عائشة، وقدومها المدينة وبنائه عليها.
(3)
ذكر ذلك البيهقي في "دلائل النبوة" 2/ 352، 353 وغيرها ونقله ابن سيد الناس في "عيون الأثر" 1/ 227.
ولذلك حزن النبي صلى الله عليه وسلم لموتهما حزنًا شديدًا.
واشتهر هذا العام عند أهل التاريخ والسير بعام الحزن.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم حريصًا على إسلام عمه أبي طالب أشد الحرص حتى لحظة وفاته ولكنَّ إرادة الله غالبة.
روى الإِمام البخاري عَنْ الْمُسَيَّبِ بن حَزْن رضي الله عنه قال: لَمَّا حَضَرَتْ أَبَا طَالِب الْوَفَاةُ دَخَلَ عَلَيهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَعِنْدَهُ أبو جَهْلٍ، فَقَالَ:"أَيْ عَمِّ، قُلْ لَا إلَهَ إِلَّا الله كَلِمَةً أُحَاجُّ لَكَ بِهَا عِنْدَ الله"، فَقَالَ أبو جَهْلٍ وَعبد الله بن أبي أُمَيَّةَ: يَا أبَا طَالِبٍ، تَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عبد الْمُطَّلِب، فَلَمْ يَزَالَا يُكَلِّمَانِهِ حَتَّى قَالَ آخِرَ شَيءٍ كَلَّمَهُمْ بِهِ: هو عَلَى مِلَّةِ عبد الْمُطَّلِبِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ مَا لَمْ أُنْهَ عَنْهُ"، فَنَزَلَتْ:{مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (113)} [التوبة: 113] وَنَزَلَتْ: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} [القصص: 56](1).
ومع ذلك فقد نفعه دفاعه عن النبي صلى الله عليه وسلم.
عن العباس بن عبد الْمُطَّلِبِ عم رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه جاء إلى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فقال له: يا رسول الله هل نفعت أبا طالب بشيء؟ فَإنَّهُ كَانَ يَحُوطُكَ وَيَغْضَبُ لَكَ، فقَالَ:"نعم هُوَ في ضَحْضَاحٍ (2) مِنْ نَارٍ وَلَوْلَا أنَا لَكَانَ في الدَّرَكِ الْأَسْفَلِ مِنْ النَّارِ"(3).
(1) متفق عليه أخرجه البخاري (3884) كتاب: مناقب الأنصار، باب: قصة أبي طالب، ومسلم (24) كتاب: الإيمان.
(2)
الضحضاح: ما رقَّ من الماء على وجه الأرض إلى نحو الكعبين.
(3)
متفق عليه: أخرجه البخاري (3885)، كتاب: مناقب الأنصار، باب: قصة أبي طالب، عن أبي سعيد الخدري، ومسلم (209) كتاب: الإيمان، باب: شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لأبي طالب والتخفيف عنه بسببه.