الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
َعَلَى أَنْ يَقْطَعَ مِنْ لَحْمِهِ شَيْئًا (1).
وقد كان عاصم قد أعطى الله عهدًا أن لا يمسه مشرك، ولا يمسَّ مشركًا أبدًا، تنجسًا -أي: خشية تنجسه منهم-؛ فكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول حين بلغه أن الدَّبْر منعته: يحفظ الله العبد المؤمن، كان عاصم نذر أن لا يمسه مشرك، ولا يمس مشركًا أبدًا في حياته، فمنعه الله بعد وفاته، كما امتنع منه في حياته (2).
وأمَّا زيد بن الدِّثنَّة فابتاعه صفوان بن أُمية ليقتله بأبيه أُمية بن خلف، وبعث به صفوان بن أميه مع مولى له يقال له: نِسطاس، إلى التنعيم، وأخرجوه من الحرم ليقتلوه، واجتمع رهط من قريش فيهم أبو سفيان بن حرب، فقال له أبو سفيان حين قُدِّم ليقتل: أُنشدك الله يا زيد، أتحبّ أن محمدًا عندنا الآن في مكانك نضرب عنقه، وأنك في أهلك؟ قال: والله ما أحبُّ أن محمدًا الآن في مكانه الذي هو فيه تصيبه شوكة تؤذيه، وإني جالس في أهلي، قال: يقول أبو سفيان: ما رأيت من الناس أحدًا يحبُّ أحدًا كحب أصحاب محمَّد محمدًا، ثم قتله نِسطاس (3).
4 - وفي صفر أيضًا من هذه السنة: كانت سرية بئر معونه
.
الشرح:
عَنْ أَنَسِ بن مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ رِعْلًا وَذَكْوَانَ وَعُصَيَّةَ وَبَنِي لَحْيَانَ اسْتَمَدُّوا
(1) صحيح: أخرجه البخاري (3045)، كتاب: الجهاد والسير، باب: هل يستأسر الرجل؟ ومن لم يستأسر، ومن ركع ركعتين عند القتل، وأخرجه أيضًا (4086)، كتاب: المغازي، باب: غزوة الرجيع، ورعل وذكوان، وبئر معونة وحديث عضل والقارة، وعاصم بن ثابت وخبيب وأصحابه.
(2)
"سيرة ابن هشام" 3/ 83.
(3)
السابق.
رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم عَلَى عَدُوٍّ (1).
هذه رواية البخاري، أما رواية مسلم: عَنْ أَنَس قَالَ: جَاءَ نَاسٌ إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا: أَنْ ابْعَثْ مَعَنَا رِجَالًا يُعَلِّمُونَا الْقُرْآنَ وَالسُّنَّةَ (2).
فبعث إليهم سَبْعِينَ رجلاً مِنْ الْأَنْصَارِ يقال لهم الْقُرَّاءَ في زَمَانِهِمْ، كَانُوا يَحْتَطِبُونَ بِالنَّهَارِ، وَيُصَلُّونَ بِاللَّيْلِ، وأمَّرَ عليهم حرام بن ملحان - قال أنس بن مالك -: حَتَّى كَانُوا بِبِئْرِ مَعُونَةَ - على بعد 160 كيلو - من المدينة غَدَرُ بِهِمْ عامر بن الطفيل، حيث ذهب إليه حرام بن ملحان رضي الله عنه ومعه رجلان، كان أحدهما أعرج، فقال لهما حرام: كونا قريبًا حتى آتيهم فإن آمنوني كنتم - آمنين - وإن قتلوني أتيتم أصحابكم، فذهب إليه فقال: أتُأمِّنوني أُبلغ رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فجعل يُحدِّثهم، وأومئوا إلى رجل فأتاه من خلفه فطعنه فقال حرام بن ملحان رضي الله عنه بالدَّم هذا فنضحه على وجهه ورأسه ثم قال: فزتُ وربِّ الكعبة، ثم اجتمعوا عليهم فقتلوهم جميعًا غير الرجل الأعرج الذي كان مع حرام بن ملحان صعد على رأس جبل، وعمرو بن أمية الضمري أُسر ثم خلا عامر بن الطفيل سبيله لما أعلمه أنه من مضر.
وكان عامر بن الطفيل هذا يكنُّ عداءً شديدًا للنَّبِيّ صلى الله عليه وسلم حيث أرسل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يخَيَّرَه بَيْنَ ثَلَاثِ خِصَالٍ، فَقَالَ له: يَكُونُ لَكَ أَهْلُ السَّهْلِ وَلِي أَهْلُ الْمَدَرِ، أَوْ أَكُونُ خَلِيفَتَكَ، أَوْ أَغْزُوكَ بِأَهْلِ غَطَفَانَ بِأَلْفٍ وَأَلْفٍ، فقد كان يحقد على النبي صلى الله عليه وسلم ويرى أنه أخذ مكانةً لابدَّ أنْ يُشركه فيها.
وسأل عامر بن الطفيل عمرو بن أمية عن أحد القتلى فقال له: مَنْ هَذَا؟ فَقَالَ عَمْرُو بن أمَيَّةَ: هَذَا عَامِرُ بن فُهَيْرَةَ، فَقَالَ عامر بن الطفيل: لَقَدْ رَأَيْتُهُ بَعْدَ مَا قُتِلَ رُفِعَ إلى السَّمَاءِ حَتَّى إِنِّي لَأَنْظُرُ إلى السَّمَاءِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَرْضِ ثُمَّ وُضِعَ.
(1) أخرجه البخاري (4090)، كتاب: المغازي، باب: غزوة الرجيع.
(2)
أخرجه مسلم (677)، كتاب: الإمارة، باب: ثبوت الجنة للشهيد.