الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقيل طُعنت في فخذها فسرى الرمح إلى فرجها فماتت شهيدة (1).
فلما قتل والدا عمار واشتد عليه العذاب تابعهم على ما أرادوا وقلبه كاره له، قال ابن حجر: واتفقوا على أنه نزلت فيه: {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ} [النحل: 106](2).
وكان من مناقب آل ياسر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمر بهم وهم يعذبون ويقول: "أبشروا آل عمار وآل ياسر فإن موعدكم الجنة"(3).
وكان خباب بن الأرتِّ ممن عذب في الله:
قال ابن عبد البر:
وكان قديم الإِسلام ممن عذب في الله، وصبر على دينه (4).
وقال ابن حجر:
وروى البارودي، أنه أسلم سادس ستة، وهو أول من أظهر إسلامه وعذب عذابًا شديدًا لأجل ذلك (5).
(1)"الاستيعاب"(896).
(2)
"الإصابة" 2/ 1300.
(3)
ذكره الألباني في "صحيح السيرة"(155) وقال: أخرجه الحاكم في "المستدرك" 3/ 388، 389 من طريق أبي الزبير عن جابر، وقال: صحيح على شرط مسلم، ووافقه الذهبي، وهو كما قالا، إلا أن أبا الزبير مدلس، وقد عنعنه. وقد أخرجه عنه ابن سعد 3/ 249 من الطريق نفسها ولم يذكر فيه جابرًا، وقد ذكره الهيثمي 9/ 293 من مسنده وقال: رواه الطبراني في "الأوسط"، ورجاله رجال الصحيح غير إبراهيم بن عبد العزيز المقوم وهو ثقة، ثم ذكر له شاهدًا من حديث عثمان بن عفان مرفوعًا مثله، وقال: رواه الطبراني، ورجاله ثقات.
(4)
"الاستيعاب"(236).
(5)
"الإصابة" 1/ 473.
حتى إن خبابًا ذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم يشكو له شدة ما يلقونه من المشركين، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم وَهُوَ مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً لَهُ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ فقال له هو وجماعة من الصحابة: أَلَا تَسْتَنْصِرُ لَنَا؟ أَلَا تَدْعُو لَنَا؟ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: "قَدْ كَانَ مَنْ قَبْلَكُمْ يُؤْخَذُ الرَّجُلُ فَيُحْفَرُ لَهُ في الْأَرْضِ فَيُجْعَلُ فِيهَا، ثم يؤتى بِالْمِنْشَارِ فَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ فَيُجْعَلُ نِصْفَيْنِ، وَيُمْشَطُ بِأَمْشَاطِ الْحَدِيدِ مَا دُونَ لَحْمِهِ وَعَظْمِهِ فَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَاللهِ لَيَتِمَّنَّ الله تعالى هَذَا الْأَمْرُ حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إلى حَضْرَمَوْتَ لَا يَخَافُ إِلَّا الله وَالذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ، وَلَكِنكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ"(1).
وقد جَاءَ خَبَّابٌ يومًا إلى عُمَرَ بن الخطاب رضي الله عنه فَقَالَ له: ادْنُ، فَمَا أَحَدٌ أَحَقَّ بِهَذَا الْمَجْلِسِ مِنْكَ إِلَّا عَمَّارٌ، فَجَعَلَ خَبَّابٌ يُرِيهِ آثَارًا بِظَهْرِهِ مِمَّا عَذَّبَهُ الْمُشْرِكُونَ (2).
ولم يتوقف إيذاء المشركين للمسلمين على الإيذاء الجسدي فقط، بل إنَّ المشركين استحلوا أموالهم فأكلوها بالباطل.
قال خباب: كنت رجلاً قينًا (3).
وَكَانَ عَلَى الْعَاصِ بن وَائِلٍ دين، فَأَتَيْتُهُ، أَتَقَاضَاهُ، فَقَالَ: لَا والله، لا أَقْضِيكَ حَتَّى تَكْفُرَ بِمُحَمَّدٍ، فَقُلْتُ: لَا وَاللَّهِ، لَا أَكْفُرُ بِمُحَمَّدٍ حَتَّى تموت ثُمَّ تبعث، قَالَ: فإني إذا مت ثُمَّ أُبْعَثَ، جئتني ولي ثم مَال وَوَلَد فاعطيك، فأنزل الله {أَفَرَأَيْتَ
(1) صحيح: أخرجه البخاري (3852)، كتاب:"مناقب الأنصار"، باب: ما لقي النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من المشركين بمكة.
(2)
صحيح: أخرجه ابن ماجه (153) باب: "فضائل أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم" وابن سعد 3/ 165، وصححه الألباني في "صحيح السيرة"(157).
(3)
بفتح القاف وسكون الياء وأصل القين الحداد ثم صار كل صائغ عند العرب قينًا، وقال الزجاج: القين الذي يصلح الأسنة. "فتح الباري".