الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مهر بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم.
18 - وفى هذه السنة: أسلم عُمير بن وهبٍ الجُمَحيُّ حينما رأى علامة من علامات النبوة
.
الشرح:
هو: عُميربن وهب بن خلف بن وهب بن حذافة بن جُمح القرشيُّ الجُمحىُّ: يكني: أبا أمية (1).
وكان قد جلس عمير مع صفوان بن أمية بعد مصاب أهل بدر من قريش بيسير في الحِجْر، وكان عمير ممن يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ويلقون منه عناءً وهو بمكة، وكان ابنه وهب ابن عمير في أُسارى بدر.
فذكر أصحاب القليب ومُصابهم، فقال صفوان: والله إنْ في العيش بعدهم خير (2) قال له عمير: صدقت والله أما والله لولا دَيْنٌ علىَّ ليس له عندي قضاء، وعيال أخشى عليهم الضيعة بعدي، لركبتُ إلى محمد حتى أقتله، فإن لي قِبَلَهُمْ علةً؛ ابني أسير في أيديهم، فاغتنمها صفوان وقال: عليَّ دينك أنا أقضيه عنك، وعيالك مع عيالي أواسيهم ما بقوا، لا يسعني شيء ويعجز عنهم، فقال له عُميرِ: فاكتم عني، قال: أفعل.
قال: ثم أمر عمير بسيفه، فشُحِذ له (3) وسُمَّ، ثم انطلق حتى قدم المدينة، فبينما عمر بن الخطاب في نفر من المسلمين يتحدثون عن يوم بدر، ويذكرون ما أكرمهم الله به، وما أراهم من عدوهم، إذ نظر عمر إلى عُمير بن وهب حين
(1)"الإصابة في تمييز الصحابه" 2/ 1381.
(2)
أي: ما في العيش بعدهم خير، فـ (إن) هنا نافية.
(3)
شُحِذ له: أي حُدَّ له.
أناخ على باب المسجد متوشحًا السيف، فقال: هذا الكلب عدو الله عمير بن وهب، والله ما جاء إلا لشرٍّ، وهو الذي حرَّش بيننا (1)، وحَزَّرَنا (2) للقوم يوم بدرٍ.
ثم دخل عمر على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا نبي الله، هذا عدو الله عُمير بن وهب قد جاء متوشحًا سيفه، قال:"فأدخله عليَّ" قال: فأقبل عمر حتى أخذ بحمالة سيفه في عنقه فلبَّبه بها، وقال لرجال ممن كانوا معه من الأنصار: ادخلوا على رسول الله- صلى الله عليه وسلم فاجلسوا عنده، واحذروا عليه من هذا الخبيث، فإنه غير مأمون، ثم دخل به على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمر آخذ بحمالة سيفه في عنقه قال:((أرسله يا عمر، ادنُ يا عُمير)) فدنا ثم قال: انْعَمُوا صباحاً- وكانت تحية أهل الجاهلية بينهم- فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((قد أكرمنا الله بتحية غير تحيتك يا عمير، بالسلام تحية أهل الجنة)) فقال: أما والله يا محمد إن كنت بها لحديث عهد، قال:((فما جاء بك يا عمير؟)) قال: جئتُ لهذا الأسير الذي في أيديكم فأحسنوا فيه، قال:((فما بالُ السيف في عُنقك؟)) قال: قبحها الله من سيوف! وهل أغنتْ عنا شيئًا؟! قال:"اصدقني، ما الذي جئت له؟)) قال: ما جئتُ إلا لذلك، قال: ((بل قعدت أنت وصفوان بن أمية في الحِجْر، فذكرتما أصحاب القليب من قريش، ثم قلت: لولا دَيْنٌ عليَّ وعيال عندي لخرجتُ حتى أقتل محمدًا، فتحمل لك صفوان بِدَينكَ وعيالك على أن تقتلني له، والله حائل بينك وبين ذلك)) قال عمير: أشهد أنك رسول الله قد كنا يا رسول الله نُكذبك بما كنت تأتينا به من خبر السماء، وما ينزل عليك من الوحي، وهذا أمر لم يحضره إلا أنا وصفوان، فوالله إني لأعلم ما أتاك به إلا الله، فالحمد لله الذي هداني للإسلام، وساقني هذا المساق، ثم شهد عمير شهادة الحق، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فَقِّهوا أخاكم في دينه وأَقْرِءوه القرآن وأطلقوا له أسيره" ففعلوا، ثم قال: يا رسول الله إني كنت جاهدًا على إطفاء نور الله، شديد الأذى لمن كان على دين الله عز وجل، وأُحِبُّ أن تأذن لي، فأقدم
(1) أي: أفسد بيننا، ويقصد عمر أنه هو الذي أوقع بين المسلمين وقريش وأفسد بينهم يوم بدر.
(2)
حزرنا: أي قَدَّرَ عددنا.