الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لم يتخلف من الستة الأُول إلا جابر بن عبد الله بن رئاب فقط.
فبايع هذا الوفد رسول الله صلى الله عليه وسلم بيعة العقبة الثانية.
يقول عُبادَةَ بن الصّامِتِ رضي الله عنه وكان ممن شهد البيعة: إِنِّي لَمِنْ النُّقَباءِ الَّذِينَ بايَعُوا رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم، وَقالَ: بايَعْناهُ عَلَى أَنْ لا نُشْرِكَ بِاللهِ شَيئًا، وَلا نَزْنِيَ، وَلا نَسْرِقَ، وَلا نَقْتُلَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ الله إِلّا بِالْحَقِّ، وَلا نَنْتَهِبَ، وَلا نَعْصِيَ، فالْجَنَّةُ إِنْ فَعَلْنا ذَلِكَ، فَإِنْ غَشِينا مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا، كانَ قَضاءُ ذَلِكَ إلى الله (1).
وفي رواية قال عُبادَةَ رضي الله عنه: أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قالَ: "تَعالَوْا بايِعُونِي عَلَى أَنْ لا تُشْرِكُوا بِاللهِ شَيئًا، وَلا تَسْرِقُوا، وَلا تَزْنُوا، وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ، وَلا تَأتُوا بِبُهْتانٍ تَفْتَرُونَهُ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَأَرْجُلِكُمْ، وَلا تَعْصُونِي في مَعْرُوفٍ، فَمَنْ وَفَى مِنْكُمْ فأَجْرُهُ عَلَى الله وَمَنْ أَصابَ مِنْ ذَلِكَ شَيئًا فَعوقِبَ بِهِ في الدُّنْيا فَهُوَ لَهُ كَفّارَةٌ، وَمَنْ أَصابَ مِنْ ذَلِكَ شَيئًا فَسَتَرَهُ الله فأَمْرُهُ إِلَى الله إِنْ شاءَ عاقَبَه، وَإِنْ شاءَ عَفا عَنْهُ"، قالَ: فَبايَعْتُهُ عَلَى ذَلِكَ (2).
أول سفير في الإسلام:
فانطلق القوم- بعد ذلك- عائدين إلى المدينة المنورة، فأرسل معهم النبي صلى الله عليه وسلم مصعب بن عمير رضي الله عنه وأمره أن يقرئهم القرآن ويعلمهم الإِسلام ويفقههم في الدين، فكان مصعب يسمى في المدينة بالمقرئ.
(1) متفق عليه: أخرجه البخاري (3893)، كتاب: مناقب الأنصار، باب: وفود الأنصار إلى النبي صلى الله عليه وسلم بمكة وبيعة العقبة، ومسلم (1709)، كتاب: الحدود، باب: الحدود كفارات لأهلها.
(2)
متفق عليه: أخرجه البخاري (3892)، كتاب: مناقب الأنصار، باب: وفود الأنصار إلى النبي صلى الله عليه وسلم بمكة وبيعة العقبة، ومسلم (1709)، كتاب: الحدود، باب: الحدود كفارة لأهلها.
وكان منزله على أسعد بن زرارة، وكان يصلي بهم، وذلك أن الأوس والخزرج كره بعضهم أن يؤمه بعض (1).
(1)"سيرة ابن هشام" 2/ 24 بتصرف.
قال بعض أهل السير أن النبي صلى الله عليه وسلم أرسل مع مصعب ابن عمير ابن أم مكتوم رضي الله عنه وممن قال بذلك العلامة ابن سيّد الناس رحمه الله حيث قال في "عيون الأثر" 1/ 265: فلما انصرفوا -أي: أصحاب البيعة- بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم معهم ابن أم مكتوم ومصعب بن عمير يعلمان من أسلم منهم القرآن. اهـ.
قلت: الصواب أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرسل إلا مصعب بن عمير فقط كما نص على ذلك أكثر أهل السير.
وأظن أن الوهم دخل على من قال بذلك مما رواه البخاري في "صحيحه"(3924، 3925) عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: أول من قدم علينا مصعب بن عمير وابن أم مكتوم وكانوا يقرئون الناس
…
الحديث.
قلت: الصحيح أن هذا الحديث إنما يتحدث فيه البراء رضي الله عنه عن الهجرة لا عن البيعة ولا عن من أرسله رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أصحاب البيعة.
ومما يدلّ على ذلك:
1 -
أنه لم يرد في الحديث قط ذكر البيعة، إنما ورد ذكر الهجرة صريحًا في إحدى روايات الحديث كما ذكر ذلك ابن حجر في "فتح الباري" 7/ 306 حيث قال: في رواية عن شعبة عند الحاكم في "الإكليل" عن عبد الله بن رجاء في روايته (من المهاجرين). اهـ.
2 -
ما ذُكر في الرواية نفسها حيث قال البراء رضي الله عنه ثم قدم علينا عمار بن ياسر وبلال وسعد، ثم قدم عمر بن الخطّاب في عشرين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قدم النبي صلى الله عليه وسلم
…
الحديث. فهذا يوضح أنه يتكلم في شأن الهجرة.
وقد فهم ذلك الإمام البخاري رضي الله عنه فبوب على الحديث باب: مقدم النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه المدينة.
فيُعلم مما سبق أن النبي صلى الله عليه وسلم أرسل مصعب وحده. ثم إن مصعب رجع إلى مكة قبل =