الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إلى بَعْضٍ، قَالَ الَّذِينَ جَمَعُوا الْغَنَائِمَ: نَحْنُ حَوَيْنَاهَا وَجَمَعْنَاهَا، فَلَيْسَ لِأَحَدٍ فِيهَا نَصِيبٌ، وَقَالَ الَّذِينَ خَرَجُوا في طَلَبِ الْعَدُوِّ: لَسْتُمْ بِأَحَقَّ بِهَا مِنَّا نَحْنُ أَحْدَقْنَا بِرَسُولِ الله - صلي الله عليه وسلم -، وَخِفْنَا أَنْ يُصِيبَ الْعَدُوُّ مِنْهُ غِرَّةً، وَاشْتَغَلْنَا بهِ، فَنَزَلَتْ:{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ} [الأنفال: 1] فَقَسَمَهَا رَسُولُ الله - صلي الله عليه وسلم - عَلَى فَوَاقٍ بَينَ الْمُسْلِمِينَ (1).
وحدث أيضًا كما يقول سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: جِئْتُ إلى النَّبِي - صلي الله عليه وسلم - يَوْمَ بَدْرٍ بِسَيْفٍ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ الله إِنَّ الله قَدْ شَفَى صَدْرِي الْيَوْمَ مِنْ الْعَدُوِّ، فَهَبْ لِي هَذَا السَّيْفَ، قَالَ:"إِنَّ هَذَا السَّيفَ لَيسَ لِي وَلَا لَكَ"، فَذَهَبْتُ وَأَنَا أَقُولُ: يُعْطَاهُ الْيَوْمَ مَنْ لَم يُبْلِ بَلَائِي! فَبَيْنَا أَنَا إِذْ جَاءَنِي الرَّسُولُ - صلي الله عليه وسلم -، فَقَالَ:"أَجِبْ"، فَظَنَنْتُ أنَّهُ نَزَلَ فِئ شَيءٌ بِكَلَامِي، فَجِئْتُ فَقَالَ لِي النَّبِي - صلي الله عليه وسلم -:"انَّكَ سَألْتَنِي هذَا السَّيفَ، وَلَيْسَ هُوَ لِي وَلَا لَكَ، وَإِنَّ الله قَدْ جَعَلَهُ لِي، فَهُوَ لَكَ" ثمَّ قَرَأَ: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} [الأنفال: 1](2).
وأما عن الأسرى:
فعن عمر رضي الله عنه قال: فَلَمَّا أَسَرُوا الْأُسَارَى، قَالَ رسُولُ الله - صلي الله عليه وسلم - لِأبي بَكْرٍ وَعُمَرَ:"ما تَرَوْنَ في هَؤُلَاءِ الْأُسَارَى؟ " فَقَالَ أبو بَكْرٍ: يَا نَبِي الله هُمْ بنو الْعَمِّ وَالْعَشِيرَةِ، أَرَى أَنْ تَأْخُذَ منهُمْ فِدْيَةً فَتَكُونُ لَنَا قُوَّةً عَلَى الْكُفَّارِ، فَعَسَى الله أَنْ يَهْدِيَهُمْ لِلْإِسْلَامٍ، فَقَالَ رَسُولُ الله - صلي الله عليه وسلم -:"مَا تَرَى يَا ابْنَ الْخَطَّابِ؟ "، قُلْتُ: لَا وَاللهِ يَا رَسُولَ الله مَا أرَى الَّذِي رَأَى أبو بَكْرٍ، وَلَكِنِّي أَرَى أَنْ تُمَكِّنَّا فَنَضْرِبَ أَعْنَاقَهُمْ، فَتُمَكِّنَ عَلِيًّا مِنْ عَقِيلٍ فَيَضْرِبَ عُنُقَهُ، وَتُمَكِّنِّي مِنْ فُلَانٍ -نَسِيبًا لِعُمَرَ- فَأَضْرِبَ
(1) صحيح: أخرجه أحمد (22661) بإسناد صحيح.
(2)
صحيح: أخرجه مسلم (1748)، كتاب: الجهاد والسير، باب: الأنفال، وأبو داود (2740)، كتاب: الجهاد، باب: في النفل.
عُنُقَهُ، فَإِنَّ هَؤُلَاءِ أَئِمَّةُ الْكُفْرِ وَصَنَادِيدُهَا، فَهَوِيَ رَسُولُ الله - صلي الله عليه وسلم - مَا قَالَ أبو بَكْرٍ، وَلَمْ يَهْوَ مَا قُلْتُ، فَلَمَّا كَانَ مِنْ الْغَدِ جِئْتُ فَإِذَا رَسُولُ الله - صلي الله عليه وسلم - وَأبو بَكْرٍ قَاعِدَيْنِ يَبْكِيَانِ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله أَخْبِرْنِي مِنْ أَيِّ شَيءٍ تَبْكِي أَنْتَ وَصَاحِبُكَ، فَإِنْ وَجَدْتُ بُكَاء بَكَيتُ، وَإِنْ لَمْ أَجِدْ بُكَاءً تَبَاكَيْتُ لِبُكَائِكُمَا، فَقَالَ رَسُولُ الله - صلي الله عليه وسلم -:"أَبْكِي لِلَّذِي عَرَضَ عَلَيَّ أَصْحَابُكَ مِنْ أَخذِهمْ الْفِدَاءَ، لَقَدْ عُرِضَ عَلَيَّ عَذَابُهُمْ أَدْنَى مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ" - شَجَرَةٍ قَرِيبَةٍ مِنْ نَبِي الله صلى الله عليه وسلم وَأَنْزَلَ الله عز وجل: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ} إلى قَوْلِهِ: {فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا} [الأنفال:67 - 69] فَأَحَلَّ الله الْغَنِيمَةَ لَهُمْ (1).
ففدى النبي - صلي الله عليه وسلم - الأُسارى بمال.
وجاء في بعض الروايات أن قدر الفدية كان أربعة آلاف درهم (2).
وعن أَنَس بن مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ رِجَالًا مِنْ الْأَنْصَارِ اسْتَأْذَنُوا رَسُولَ الله - صلي الله عليه وسلم - فَقَالُوا: ائْذَنْ لَنَا فَلْنَتْرُكْ لِابْنِ أُخْتِنَا عَبَّاسٍ فِدَاءَهُ، قَالَ: وَاللهِ لَا تَذَرُونَ مِنْهُ دِرْهَمًا (3).
وقال النَّبِي - صلي الله عليه وسلم - في أُسَارَى بَدْرٍ: "لَوْ كَانَ الْمُطعِمُ بن عَدِيٍّ حَيا ثُمَّ كَلَّمَنِي في هَؤُلَاءِ النَّتْنَى لَتَرَكْتهُمْ لَهُ "(4).
(1) صحيح: أخرجه مسلم (1763)، كتاب: الجهاد والسير، باب: الإمداد بالملائكة في غزوة بدر وإباحة الغنائم.
(2)
"مجمع الزوائد" 6/ 90، وقال الهيثمي: رواه الطبراني في "الكبير"، "الأوسط" ورجاله رجال الصحيح.
(3)
صحيح: أخرجه البخاري (4018)، كتاب: المغازي، باب:(12).
(4)
صحيح: أخرجه البخاري (4024)، كتاب: المغازي، باب:(12).
قال النبي - صلي الله عليه وسلم - ذلك وفاءً للمطعم، فالمطعم كان ممن مزقوا صحيفة قريش الجائرة وأخرجوا النبي - صلي الله عليه وسلم - من شعب أبي طالب، وأيضًا هو الذي أدخل النبي - صلي الله عليه وسلم - مكة في جواره بعد عودته من الطائف.