الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فلما مات أبو طالب نالت قريش من رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأذى ما لم تكن تطمع فيه في حياة أبي طالب (1).
12 - وفي شوال من هذه السنة: عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم على عائشه وهي بنت ست سنين، ولم يبن بها إلا في السنة الأولي من الهجرة، وهي بنت تسع سنين رضي الله عنها
-.
الشرح:
قَالَتْ عائشة رضي الله عنها: تَزَوَّجَنِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا بنتُ سِتِّ سِنِينَ فَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ فَنَزَلْنَا في بني الْحَارِثِ بن خَزْرَجٍ فَوُعِكْتُ فَتَمَرَّقَ شَعَرِي (2) فَوَفَى جُمَيْمَةً (3) فَأَتَتْنِي أُمِّيِ أمُّ رُومَانَ وإِنِّي لَفِي أُرْجُوحَةٍ وَمَعِي صَوَاحِبُ لِي فَصَرَخَتْ بِي فَأَتَيْتُهَا، لَا أدْرِي مَا تُرِيدُ بِي فَأَخَذَتْ بيَدِي حَتَّى أوْقَفَتْنِي عَلَى بَابِ الدَّارِ، وَإِنِّي لَأُنْهجُ، حَتَّى سَكَنَ بَعْضُ نَفَسِي ثُمَّ أَخَذَتْ شَيْئًا مِنْ مَاءٍ فَمَسَحَتْ بِهِ وَجْهِي وَرَأسِي، ثُمَّ أَدْخَلَتْنِي الدَّارَ، فَإذَا نِسْوَةٌ مِنْ الْأَنْصَارِ في الْبَيْتِ، فَقُلْنَ: عَلَى الْخَيْرِ وَالْبَرَكَةِ، وَعَلَى خَيْرِ طَائِرٍ (4) فَأَسْلَمَتْنِي إِلَيْهِنَّ، فَأَصْلَحْنَ مِنْ شَأْنِي، فَلَمْ يَرُعْنِي (5) إِلَّا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم ضُحى، فَأَسْلَمَتْنِي إِلَيْهِ، وَأنَا يَوْمَئِذٍ بنتُ تِسْعِ سِنِينَ (6).
(1)"عيون الأثر" 1/ 227.
(2)
فتمزق شعري بالزاي أن تقطع، وللكشمهيني فتمرَّق بالراء أي انتتف. "فتح الباري" 7/ 265.
(3)
فوفى أي: كثر. قال ابن حجر في "الفتح" 7/ 265: وفي الكلام حذف تقديره ثم فصلت من الوعك فتربى شعري فكثر، وقولها (جميمة) بالجيم مصغر الجُمة بالضم وهي مجمع شعر الناصية، ويقال للشعر إذا سقط عن المنكبين جمة، وإذا كان إلى شحمة الأذن وفرة. اهـ.
(4)
قال ابن حجر: (علي خير طائر) أي على خير حظ ونصيب.
(5)
قال ابن حجر: (فلم يرعني) بضم الراء وسكون العين أي لم يفزعني شيء إلا دخوله عليَّ.
(6)
متفق عليه: أخرجه البخاري (3894)، كتاب: مناقب الأنصار، باب: تزويج النبي صلى الله عليه وسلم عائشة، وقدومها المدينة، وبنائه بها، ومسلم (1422) كتاب: النكاح، باب: تزويج البكر الصغيرة.
وروى الإمام مسلم عَنْ عَائِشَةَ أيضًا: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تَزَوَّجَهَا وَهِيَ بنتُ سِتٍّ، وَبَنَى بِهَا وَهِيَ بنتُ تِسْعٍ، وَمَاتَ عَنْهَا وَهِيَ بنتُ ثَمَانِ عَشْرَةَ (1).
وجاء في بعض الروايات الصحيحة أيضًا عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم عقد عليها وهي بنت سبع سنين (2).
قال الإِمام النووي رحمه الله:
وَأَمَّا قَوْلهَا في رِوَايَة: (تَزَوَّجَنِي وَأَنَّا بنت سَبْع)، وَفِي أَكْثَر الرِّوَايَات (بِنْت سِتّ) فَالْجَمْع بَيْنهمَا أَنَّهُ كَانَ لَهَا سِتّ وَكَسْر، فَفِي رِوَايَة اِقْتَصَرَتْ عَلَى السِّنِينَ، وَفِي رِوَايَة عَدَّتْ السَّنَة الَّتِي دَخَّلَتْ فِيهَا. وَاَلله أَعْلَم (3).
وكان ذلك في شهر شوال لما رواه مسلم عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: تَزَوَّجَنِي رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم في شَوَّالٍ وَبَنَى بِي في شَوَّالٍ فَأَيُّ نِسَاءِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم كَانَ أَحْظَى عِنْدَهُ مِنِّي؟ (4).
وكان زواج النبي صلى الله عليه وسلم من عائشة رضي الله عنها بوحي من الله عزوجل.
قَالَ النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها: "أُرِيتُكِ في الْمَنَامِ مَرَّتَيْنِ إِذَا رَجُلٌ يَحْمِلُكِ فِي سَرَقَةِ حَرِيرٍ (5) فَيَقُولُ: هَذِهِ امْرَأَتُكَ فَأكشِفُهَا فَإِذَا هِيَ أَنْتِ فَأَقُولُ: إِنْ يَكُنْ هَذَا مِنْ عِنْدِ الله يُمْضِهِ"(6).
(1) صحيح: أخرجه مسلم (1422) كتاب: النكاح، باب: تزويج الأب البكر الصغيرة.
(2)
انظر التخريج السابق.
(3)
"شرح مسلم" للنووي 5/ 186.
(4)
صحيح: أخرجه مسلم (1423) كتاب: النكاح، باب: التزوج والتزويج في شوال واستحباب الدخول فيه.
(5)
السرقة بفتح المهملة والراء والقاف هي: القطعة.
(6)
متفق عليه: أخرجه البخاري (5078) كتاب: النكاح، باب: نكاح الأبكار، ومسلم (2438) كتاب:"فضائل الصحابة" باب: في فضل عائشة رضي الله تعالى عنها.