الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والدعوة في سبيل الله، عسى أن تكون أفضل من سابقتها.
عن عائشة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "قَدْ أُرِيتُ دَارَ هِجْرَتِكُمْ رَأَيْتُ سَبْخَةً ذَاتَ نَخْلٍ بَيْنَ لَابَتَيْنِ" -وَهُمَا الْحَرَّتَانِ- فَهَاجَرَ مَنْ هَاجَرَ قِبَلَ الْمَدِينَةِ وَرَجَعَ عامة مَنْ كَانَ هَاجَرَ بأَرْضِ الْحَبَشَةِ إلى المدينة وَتَجَهَّزَ أبو بَكْرٍ قِبَل المدينة فَقَالَ لَهُ رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "عَلَى رِسْلِكَ فَإنِّي أَرْجُو أَنْ يُؤْذَنَ لِي" فقَالَ أبو بَكْرٍ: وهَلْ تَرْجُوا ذَلِكَ بِأبي أَنْتَ؟ قَالَ: "نَعَمْ" فَحَبَسَ أبو بَكْرٍ نَفْسَهُ عَلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم لِيَصْحَبَهُ وَعَلَفَ رَاحِلَتَيْنِ كَانَتَا عِنْدَهُ وَرَقَ السَّمُرِ وهو الخبط أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ (1).
وعَنْ أبي مُوسَى رضي الله عنه، عَنْ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم:"قَالَ رَأَيْتُ في الْمَنَامِ أَنِّي أُهَاجِرُ مِنْ مَكَّةَ إِلَى أَرْضٍ بِهَا نَخْلٌ، فَذَهَبَ وَهْلِي إِلَى أَنَّهَا الْيَمَامَةُ أَوْ هَجَرُ، فَإذَا هِيَ الْمَدِينَةُ يَثْرِبُ"(2).
بداية الرحلة إلى المدينة:
بدأ الصحابة رضوان الله عليهم في الاستعداد والخروج إلى المدينة المنورة، حيث علموا أن ذكر النبي صلى الله عليه وسلم هذه الرؤيا لهم، إذن منه صلى الله عليه وسلم بالخروج (3) فخرجوا.
فكان أَوَّلُ مَنْ خرج مُصْعَبُ بن عُمَيْرٍ، وَابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ، وَبِلَالٌ، وسعد، وعَمَّارُ بن يَاسِرٍ ثم خرج عمر بن الخطاب في عشرين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم (4).
(1) صحيح: أخرجه البخاري (3905) كتاب: مناقب الأنصار، باب: هجرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى المدينة، وأحمد 6/ 198.
(2)
صحيح: أخرجه مسلم (2272)، كتاب: الرؤيا، باب: رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم.
(3)
ولذلك تقول السيدة عائشة رضي الله عنه في الحديث لما قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: "أُرِيتُ دَارَ هِجْرَتِكُمْ
…
" تقول: فهاجر من هاجر قبل المدينة.
(4)
صحيح: أخرجه البخاري (3924، 3925)، كتاب: مناقب الأنصار، باب: مقدم النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى المدينة.
وكان من أوائل المهاجرين أيضًا أبو سلمة رضي الله عنه وكان لخروجه قصة عجيبة تحكيها السيدة أم سلمة رضي الله عنه حيث تقول: لما أجمع أبو سلمة الخروج إلى المدينة رحل لي بعيره ثم حملني عليه، وحمل معي ابني سلمة بن أبي سلمة في حجري، ثم خرج بي يقودُ بي بعيرَه، فلما رأته رجالُ بني الْمُغيرَة بن عبد الله بن عمر بن مَخْزُوم قاموا إليه فقالوا: هذه نفسك غلبتنا عليها، أرأيت صاحبتك هذه؟ علام نتركك تسير بها في البلاد؟ قالت: فنزعوا خطام البعير من يده فأخذوني منه. قالت: وغضب عند ذلك بنو عبد الأسد، رهْط أبي سَلمَة، فقالوا: لا والله لا نترك ابننا عندها إذ نزعتموها من صاحبنا. قالت: فتجاذبوا بنيّ سَلمَة بينهم حتى خلعوا يده، وانطلق به بنو عبد الأسد، وحبسني بنو الْمُغيرَة عندهم، وانطلق زوجي أبو سلمة إلى المدينة. قالت: ففُرِّق بيني وبين زوجي وبين ابني. قالت: فكنت أخرج كل غَدَاة فأجلس بالأبطح فما أزال أبكي حتى أُمْسِي، سنةً أو قريبًا منها، حتى مرّ بي رجلٌ من بني عمّي، أحدُ بني الْمُغيرَة، فرأى ما بي فرحمني، فقال لبني الْمُغِيرَة: ألا تُخْرجون هذه المسكينة! فرَّقتم بينها وبين زوجها وبين وَلدها! قالت: فقالوا لي: الحَقي بزوجك إن شئتِ. قالت: وردّ بنو عبد الأسد إليّ عند ذلك ابني، قالت: فارتحلت بَعيري، ثم أخذت ابني فوضعته في حجري، ثم خرجت أريد زوجي بالمدينة. قالت: وما معي أحد من خَلْقِ الله قالت: فقلت: أَتبلَّغ بمن لقيت حتى أقْدَم علي زوجي؛ حتى إذا كنت بالتّنْعيم لَقِيتُ عثمانَ بن طلحة بن أبي طلحة، أخا بني عبد الدار؛ فقال لي: إلى أين يا بنت أبي أمية؟ قالت: فقلت أريد زوجي بالمدينة. قال: أو ما معك أحد؟ قالت: فقلت: لا والله إلا الله وبُنَيّ هذا. قال: والله مالك من مَتْرك، فأخذ بخطام البعير، وانطلق معي يَهْوِى بي، فوالله ما صحبت رجلاً من العرب قط، أرى أنه كان أكْرَمَ منه، كان إذا بلغ المنزل أناخ بي، ثم استأخر عَنِّي، حتى إذا نزلت استأخر ببعيري، فحطّ عنه، ثم