الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جُرح وجهه صلى الله عليه وسلم، وَكُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ (1) وهشمت الْبَيْضَةُ عَلَى رَأْسِهِ (2).
جبريل وميكائيل ينزلان للدفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم
-:
لما حدث هذا للنبي صلى الله عليه وسلم وكاد المشركون أن يقتلوه، وقد تكفل الله تعالى بعصمته من الناس، قَالَ تَعَالَى:{وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [المائدة: 67] أنزل الله تعالى جبريل وميكائيل عليهما السلام يدافعان عن النبي صلى الله عليه وسلم ويمنعانه من المشركين.
عَنْ سَعْد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: لقد رَأَيْتُ يوم أحد عن يمين رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن يساره رَجُلَيْنِ عَلَيهِمَا ثِيَابٌ بِيضٌ، يقاتلان عنه كأشد القتال، مَا رَأَيْتُهُمَا قَبْلُ وَلَا بَعْدُ -يعني جبريل وميكائيل عليهما السلام (3).
مقتل أسد الله حمزة رضي الله عنه
-:
وفي تلك المعمعة كان هناك رجلٌ له هدف آخر غير الذي جاء من أجله الطرفان، فهو لا يشغله من ينتصر، المسلمون أم المشركون، ولا يهمه ذلك الأمر كثيرًا، إنما كل الذي يشغله هو التحرر من الرق وأن ينفك من قيود العبودية.
وهذا الرجل هو وحشيٌ رضي الله عنه الذي أسلم بعد ذلك وحسن إسلامه.
(1) هي السنُّ التي تلي الثنية من كل جانب وللإنسان أربع رباعيات. "شرح مسلم" للنووي
6/ 330.
(2)
متفق عليه: أخرجه البخاري (4075)، كتاب: المغازي، باب: ما أصاب النبي صلى الله عليه وسلم من الجراح يوم أحد، ومسلم (1790)، كتاب: الجهاد والسير، باب غزوة أحد.
والبيضة: واقي الرأس الذي يلبسه المحارب.
(3)
متفق عليه: أخرجه البخاري (5826)، كتاب: اللباس، باب: الثياب البيض، ومسلم (2306)، كتاب: الفضائل، باب: في قتال جبريل وميكائيل عن النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد.
ولنتركه يقصُّ علينا تفاصيل ما حدث بنفسه رضي الله عنه.
يقول وحشيٌ رضي الله عنه: إِنَّ حَمْزَةَ قَتَلَ طُعَيْمَةَ ابْنَ عَدِيّ بن الْخِيَارِ بِبَدْرٍ، فَقَالَ لِي مَوْلَايَ جُبَيْرُ بن مُطْعِمٍ: إِنْ قَتَلْتَ حَمْزَةَ بِعَمّي فَأَنْتَ حُرٌّ، قَالَ: فَلَمَّا أَنْ خَرَجَ النَّاسُ عَامَ عَيْنَيْنِ - وَعَيْنَيْنِ جَبَلٌ بِحِيَالِ أُحُدٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ وَادٍ - خَرَجْتُ مَعَ النَّاسِ إلى الْقِتَالِ فَلَمَّا أَنْ اصطَفُّوا لِلْقِتَالِ خَرَجَ سِبَاعٌ فَقَالَ: هَلْ مِنْ مُبَارِزٍ؟ فَخَرَجَ إِلَيْهِ حَمْزَةُ بن عبد الْمُطَّلِبِ فَقَالَ: يَا سِبَاعُ يَا ابْنَ أُمّ أَنْمَارٍ مُقَطِّعَةِ الْبُظُورِ أَتُحَادُّ الله وَرَسُولَهُ؟ ثُمَّ شَدَّ عَلَيْهِ فَكَانَ كَأَمْسِ الذَّاهِبِ (1) قَالَ: وَمَكنْتُ لِحَمْزَةَ تَحْتَ صخْرَةٍ فَلَمَّا دَنَا مِنِّي رَمَيْتُهُ بِحَرْبَتِي فَأَضَعُهَا في ثُنَّتِهِ حَتَّى خَرَجَتْ مِنْ بَيْنِ وَرِكَيهِ (2) قال النبي صلى الله عليه وسلم: "رأيت الملائكة تغسل حمزة بن عبد المطلب"(3).
(1) كأمس الذاهب: كناية عن قتله، أي: صيَّره عدمًا.
(2)
صحيح: أخرجه البخاري (4072)، كتاب: المغازي، باب: قتل حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه ، يقول وحشيٌ رضي الله عنه: فَلَمَّا رَجَعَ النَّاسُ رَجَعْتُ مَعَهُمْ فَأَقَمْتُ بمَكَّةَ حَتَّى فَشا فِيهَا الْإِسْلَامُ، ثُمَّ خَرَجْتُ إلى الطَّائِفِ فَأرْسَلُوا إلى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم رَسُولاً، فَقِيلَ لِي: إِنَّهُ لَا يَهِيجُ الرُّسُلَ - أي: لا ينالهم منه إزعاج - قَالَ: فَخَرَجْتُ مَعَهُمْ حَتَّى قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا رَآنِي قَالَ:"آنتَ وَحْشِي؟ "، قُلْتُ: نَعَم، قَالَ:"أَنْتَ قَتَلْتَ حَمْزَةَ؟ "، قُلْتُ: قَدْ كَانَ مِنْ الْأَمْرِ مَا بَلَغَكَ قَالَ: "فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَن تُغيّبَ وَجْهَكَ عَنِّي؟ "، قَالَ: فَخَرَجْتُ، فَلَمَّا قُبض رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فَخَرَجِ مُسَيْلِمَةُ الْكَذَّابُ، قُلْتُ: لأخْرُجَنَّ إلى مُسَيْلِمَةَ لَعَلّي أَقْتُلُهُ فَأُكَافِئَ بهِ حَمْزَة، قَالَ: فخَرَجْتُ مَعَ النَّاسِ فَكَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَا كَانَ قَالَ: فَإِذَا رَجُلٌ قَائِمٌ في ثَلْمةِ جِدَارٍ كَأَنَّهُ جَمَلٌ أَوْرَقُ ثَائِرُ الرَّأْسِ، قَالَ: فَرَمَيْتُهُ بحَرْبَتِي فَأَضَعُهَا بَيْنَ ثَدْيَيْهِ حَتَّى خَرَجَتْ مِنْ بَيْنِ كَتِفَيْهِ، قَالَ: وَوَثَبَ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ الأنْصَارِ فَضَرَبَهُ بِالسَّيْفِ عَلَى هَامَتِهِ.
يقول عبد الله بن عُمَرَ رضي الله عنهما: فَقَالَتْ جَارِيَةٌ عَلَى ظَهْرِ بَيْتٍ: وَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَتَلَهُ الْعبد الْأَسْوَدُ.
قوله: (في ثلمة جدار) أي: في خلل جدار.
قوله: (كأنه جمل أورق) الجمل الأورق الذي لونه رمادي وكان لون مسيلمة كذلك من غبار الحرب.
قوله: (ثائر الرأس) أي: شعره مُنتفش.
(3)
حسن: سيأتي تخريجه.