الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فلَمَّا حُمِلَتْ جَنَازَةُ سَعْدِ بن مُعَاذٍ قَالَ الْمُنَافِقُونَ: مَا أَخَفَّ جَنَازَتَهُ، وَذَلِكَ لِحُكْمِهِ في بني قُرَيْظَةَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:"إِنَّ الْمَلَائِكَةَ كَانَتْ تَحْمِلُهُ"(1).
وقال النَّبِي صلى الله عليه وسلم: "اهْتَزَّ عَرْشُ الرحمن لِمَوْتِ سَعْدِ بن مُعَاذٍ"(2).
وعن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال: أُهْدِيَتْ لِلنَّبِي صلى الله عليه وسلم حُلَّةُ حَرِيرٍ فَجَعَلَ أَصْحَابُهُ يَمَسُّونَهَا وَيَعْجَبُونَ مِنْ لِينِهَا، فَقَالَ النبي صلى الله عليه وسلم:"أَتَعْجَبُونَ مِنْ لِينِ هَذِهِ؟ لَمَنَادِيلُ سَعْدِ بن مُعَاذٍ خَيرٌ مِنْهَا أَوْ أَلْيَنُ"(3).
10 - وفي ذي الحجة من هذه السنة: قتلت الخزرج أبا رافع سلام بن أبي الحقيق اليهودي بإذن رسول الله صلى الله عليه وسلم
-.
الشرح:
كان مما صنع الله به لرسوله صلى الله عليه وسلم أن هذين الحيَّين من الأنصار، الأوس والخزرج كانا يتصاولان (4) مع رسول الله صلى الله عليه وسلم تصاول الفحلين لا تصنع الأوس شيئًا فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم غناء (5) إلا قالت الخزرج: والله لا تذهبون بهذه فضلاً علينا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي الإِسلام قال: فلا ينتهون حتى يوقعوا مثلها، وإذا
(1) صحيح: أخرجه الترمذي (3849)، كتاب: المناقب، باب: مناقب سعد بن معاذ رضي الله عنه وقال: حسن صحيح غريب، عبد الرزاق (20414)، الحاكم 3/ 207، وصححه الألباني "المشكاة"(6228).
(2)
متفق عليه: أخرجه البخاري (3803)، كتاب: مناقب الأنصار، باب: مناقب سعد بن معاذ رضي الله عنه مسلم (2466)، كتاب:"فضائل الصحابة" باب: من فضائل سعد بن معاذ رضي الله عنه.
(3)
متفق عليه: أخرجه البخاري (3802)، باب: مناقب سعد بن معاذ رضي الله عنه، مسلم (2468)، كتاب: فضائل الصحابة باب: من فضائل سعد بن معاذ رضي الله عنه.
(4)
أي: يتنافسان.
(5)
غَناء: أي دفع مكروه، وجلب منفعة.
فعلت الخزرج شيئًا قالت الأوس مثل ذلك (1).
ولما انقضى شأن الخندق، وأمر بني قريظة، وكان سلام بن أبي الحُقيق- وهو أبو رافع- فيمن حزب الأحزاب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت الأوس قبل أُحُد قد قتلت كعب بن الأشرف في عداوته لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتحريضه عليه استأذنت الخزرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في قتل سلام بن أبي الحُقيق، وهو بخيبر فأذن لهم (2).
عن الْبَرَاءِ بن عَازِبٍ رضي الله عنهما قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم، إلى أبي رَافِعٍ، عبد الله بن عَتِيكٍ وَعبد الله بن عُتْبَةَ في نَاسٍ مَعَهُمْ فَانْطَلَقُوا حَتَّى دَنَوْا مِنْ الْحِصنِ، فَقَالَ لَهُمْ عبد الله بن عَتِيكٍ: امْكُثُوا أَنْتُمْ حَتَّى أَنْطَلِقَ أَنَا فَأَنْظُرَ، قَالَ: فَتَلَطَّفْتُ أَنْ أَدْخُلَ الْحِصْنَ، فَفَقَدُوا حِمَارًا لَهُمْ- وقد غربت الشمس وراح الناس بسرحهم (3) - فَخَرَجُوا بِقَبَسٍ (4) يَطْلُبُونَهُ، قَالَ: فَخَشِيتُ أَنْ أُعْرَفَ، قَالَ: فَغَطَّيْت رَأْسِي وَجَلَسْتُ كَأَنِّي أَقْضِي حَاجَةً، ثُمَّ نَادَى صَاحِبُ الْبَابِ: مَنْ أَرَادَ أَنْ يَدْخُلَ فَلْيَدْخُلْ قَبْلَ أَنْ أُغْلِقَهُ، فَدَخَلْتُ ثُمَّ اخْتَبَأْتُ في مَرْبِطِ حِمَارٍ عِنْدَ بَابِ الْحِصْنِ، فَتَعَشَّوْا عِنْدَ أبي رَافِعٍ وَتَحَدَّثُوا حَتَّى ذَهَبَتْ سَاعَةٌ مِنْ اللَّيْلِ، ثُمَّ رَجَعُوا إلى بُيُوتِهِمْ، فَلَمَّا هَدَأَتْ الْأَصْوَاتُ، وَلَا أَسْمَعُ حَرَكَةً خَرَجْتُ، قَالَ: وَرَأَيْتُ صَاحِبَ الْبَابِ حَيْثُ وَضَعَ مِفْتَاحَ الْحِصْنِ في كَوَّةٍ، فَأَخَذْتُهُ فَفَتَحْتُ بِهِ بَابَ الْحِصْنِ، قَالَ: قُلْتُ: إِنْ نَذِرَ بِي الْقَوْمُ انْطَلَقْتُ عَلَى مَهَلٍ ثُمَّ عَمَدْتُ إلى أَبْوَابِ بُيُوتِهِمْ فَغَلَّقْتُهَا عَلَيْهِمْ مِنْ ظَاهِرٍ ثُمَّ صَعِدْتُ إلى أبي رَافِعٍ في سُلَّمٍ فَإِذَا الْبَيْتُ
(1)"سيرة ابن هشام" 3/ 158.
(2)
"سيرة ابن هشام" 3/ 157.
(3)
أي: بمواشيهم.
(4)
أي: شعلة من نار.