الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الهوى والشَّهوات، وما آل إليه أمرُهم، ف
العشقُ والهوى أصلُ كلِّ بليَّة
.
قال عدِيُّ بن ثابت
(1)
: كان في بني إسرائيل راهبٌ يعبد الله، حتى كان يُؤتى بالمجانين يُعَوِّذهم فيبرؤون على يديه، وإنه أُتي بامرأة ذات شرفٍ من قومها قد جُنَّت، وكان لها إخوةٌ، فأتوه بها، فلم يزل الشيطانُ يُزيِّن له، حتى وقع عليها، فحملت، فلما استبان حملها لم يزل يُخوِّفه، ويُزيِّن له قتلها، حتى قتلها، ودفنها، فذهب الشيطانُ في صورة رجلٍ، حتى أتى بعض إخوتها، فأخبره بالذي فعل الرَّاهب، ثم أتى بقية إخوتها رجلًا رجلًا، فجعل الرجل يلقى أخاه، فيقول: والله لقد أتاني آتٍ، فذكرَ لي شيئًا كبُر عليَّ ذكرُه، فذكر ذلك بعضُهم لبعض، حتى رفعوا ذلك إلى ملكهم، فسار الناس إليه، حتى استزلوه من صومعته، فأقر لهم بالذي فعل، فأُمر به، فصُلِب، فلما رُفع على الخشبة تمثَّل له الشيطان، فقال: أنا الذي زيَّنْتُ لك هذا، وألقيتُك فيه، فهل أنت مُطيعي فيما أقول لك، وأُخلِّصُك؟ قال: نعم! تسجد لي سجدةً واحدةً. فسجد له، وقُتل الرَّجل، فهو قول الله عز وجل:{كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ} [الحشر/16].
وقال واصل مولى أبي عُيَيْنَة
(2)
: دخلت على محمَّد بن سيرين،
(1)
أخرجه الخرائطي (ص 115 - 116) عنه.
(2)
أخرجه الخرائطي (ص 116).
فقال لي: هل تزوّجت؟ قلتُ: لا، قال: وما يمنعُك؟ قلت: قلَّة الشيء، قال: تزوّجَ عبد الله بن محمَّد بن سيرين ولا شيءَ له، فرزقه الله.
ثم حدَّث أنَّ امرأةً من بني إسرائيل ـ يُقال لها: ميسُونة ـ خاصمت إلى حَبْرَيْن من بني إسرائيل، فعلقاها. قال: وكان كلُّ واحدٍ منهما يكتُمُ [74 ب] صاحبه ما يجدُ منها، فأُخبرا أنَّها في حائط تغتسلُ، قال: فجاءا، فتسوَّرا عليها الحائط. فلما رأتهما؛ دخلت غمرًا من الماء، فوارت نفسها، فقالا لها: إنَّك إن لم تفعلي غدونا، فشهدنا عليك بالزُّور، فأَبتْ فشهدا عليها. فلما قُرِّبتْ؛ ليُقام عليها الحدُّ؛ نزل الوحي على دانيال بتكذيبهما. فهذا بعضُ فتنة العشق.
وقد روى شعبة
(1)
عن عبد الملك بن عُمَيْر قال: سمعتُ مُصعب ابن سعدٍ يقول: كان سعدٌ يُعلِّمنا هذا الدُّعاء، ويذكرُه عن النبي صلى الله عليه وسلم:«اللهم إني أعوذ بك من فتنة النساء، وأعوذ بك من عذاب القبر» .
وقال الحسن بن عرفة
(2)
: حدّثنا أبو معاوية الضَّرير عن ليث، عن طاوس، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: إنَّه لم يكنْ كفرُ من مضى إلا من قبل النساء، وهو كفرُ من بقي أيضًا.
(1)
أخرج من طريقه الخرائطي في «اعتلال القلوب» (ص 117)، و «مكارم الأخلاق» (ص 93)، وإسناده ضعيف.
(2)
أخرج من طريقه الخرائطي في «اعتلال القلوب» (ص 120 - 121)، وابن الجوزي في «ذم الهوى» (ص 163).
وقد روى سفيان بن عُيينة
(1)
عن سليمان التَّيْمي، عن أبي عثمان النَّهْدي، عن أُسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما تركت على أُمَّتِي بعدي أضرَّ على الرِّجال من النِّساءِ» .
وروى أبو إسحاق
(2)
عن هُبيرة بن يَرِيم، عن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنَّ أخوفَ ما أخافُ على أُمَّتي الخمر والنِّسَاءُ» .
وقال عليُّ بن حرب
(3)
: حدَّثنا سفيان بن عُيَيْنَةَ عن عليِّ بن زيد، عن سعيد بن المسيَّب، قال: ما أيس الشيطانُ من أحدٍ قطُّ إلَّا أتاه من قِبَل النِّساء.
وروى سفيان بن حسين
(4)
عن يعلى بن مسلم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: قيل لآدم: ما حملك على أكلِ الشجرة؟ قال: يا ربّ! زَيَّنتْ لي حوَّاءُ، قال: فإني قد عاقبتُها لا تحملُ إلَاّ كَرْهًا، ولا تضعُ إلا كرهًا، وأدميتُها في الشهر مرَّتين.
وقال ابن عبَّاس رضي الله عنهما أو غيرُه: «أوَّلُ فتنة بني إسرائيل
(1)
سبق تخريجه.
(2)
أخرجه بهذا الطريق الخرائطي (ص 121)، والخطيب في «تاريخ بغداد» (14/ 79)، وابن الجوزي في «ذم الهوى» (ص 155 - 156). وسبق الكلام عليه.
(3)
أخرجه بهذا الطريق الخرائطي (ص 121)، وأبو نعيم في «الحلية» (2/ 166)، وابن الجوزي في «ذم الهوى» (ص 164).
(4)
أخرجه بهذا الطريق الخرائطي (ص 122)، والطبري في «تفسيره» (8/ 144).
كانت من قبل النساء».
قالوا: ويكفي من مضرَّة العشق ما اشتهر من مصارع العشاق، وذلك موجودٌ في كلِّ زمان.
فهذا بعضُ ما احتجَّت به هذه الفرقة لقولها. ونحن نعقدُ للحكم بين الطائفتين بابًا مستقلًّا بعون الله تعالى.