الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الخامس والعشرون في رحمة المُحبين، والشفاعة لهم إلى أحبابهم في الوصال الذي يبيحه الدين
قال الله تعالى: {مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا} [النساء/ 85] وكل من أعان غيره على أمرٍ بقوله أو فعله فقد صار شفيعًا له، والشفاعة للمشفوع له هذا أصلها، فإن الشافع يشفع لصاحب الحاجة، فيصير له شفعًا في قضائها؛ لعجزه عن الاستقلال بها، فدخل في حكم هذه الآية كل متعاونين على خيرٍ، أو شر بقول، أو عمل. ونظيرها قوله تعالى:{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة/ 2].
وفي الصحيح
(1)
عنه صلى الله عليه وسلم: أنه كان إذا جاءه طالب حاجة يقول: «اشفعوا تُؤجروا، ويقضي الله على لسان رسوله ما أحب» .
وفي صحيح البخاري
(2)
أن بريرة لما عتقت؛ اختارت نفسها، فكان زوجها يمشي خلفها، ودموعه تسيلُ على لحيته، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: «لو
(1)
أخرجه البخاري (6028)، ومسلم (2627) من حديث أبي موسى الأشعري.
(2)
برقم (5283، 5318) من حديث ابن عباس، وسبق تخريجه.
راجعتيه فإنه أبو ولدك» فقالت: أتأْمُرني؟ قال: «لا! إنما أنا شافعٌ» قالت: فلا حاجة لي فيه.
فهذه شفاعةٌ من سيد الشُّفعاء لمُحب إلى محبوبه، وهي من أفضل الشفاعات، وأعظمها أجرًا عند الله، فإنها تتضمن اجتماع محبوبين على ما يحبه الله ورسوله، ولهذا كان أحبّ ما إلى إبليس وجنوده التفريق بين هذين.
وتأمل قوله تعالى في الشفاعة الحسنة {يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا} وفي السيئة {يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا} [النساء/ 85] فإن لفظ الكفل يُشعر بالحمل، والثقل، ولفظ النصيب يشعر بالحظّ الذي [144 أ] ينصب طالبه في تحصيله، وإن كان كلٌّ منهما يستعمل في الأمرين عند الانفراد، ولكن لما قرن بينهما؛ حسن اختصاص حظ الخير بالنصيب، وحظ الشر بالكفل.
وفي صحيفة عمرو بن شعيب عن أبيه، عن جده
(1)
: أن رجلًا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم زوَّج ابنةً له، وكان خطبها قبل ذلك عمُّ بنيها، فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم أنها كارهةٌ للذي زوجها أبوها، وأنه كان يعجبها أن يزوجها عمَّ بنيها، فأهدر النبي صلى الله عليه وسلم نكاح أبيها، وزوجها عم بنيها.
(1)
أصل الحديث عند البخاري (5138) من حديث خنساء بنت خذام.
وقد تقدم
(1)
حديث عمرو بن دينار عن طاوس، عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن رجلًا قال: يا رسول الله! في حجري يتيمةٌ، وقد خطبها رجلٌ موسرٌ، ورجل معدم، فنحن نحبُّ الموسر، وهي تحبُّ المُعْدم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«ليس للمتحابين مثل النكاح» . رواه سليمان بن موسى عنه.
وقال مخلد بن الحسن
(2)
: حدثنا هشام بن حسان عن محمد بن سيرين، قال: كان عمر بن الخطاب يَعُسُّ بالليل، فسمع صوت امرأةٍ تغنِّي وتقول:
هل من سبيل إلى خمرٍ فأشربها
…
أم هل سبيلٌ إلى نصر بن حجاج
فقال: أما وعمرُ حيٌّ؛ فلا. فلما أصبح؛ بعث إلى نصر بن حجَّاج، فإذا رجلٌ جميلٌ، فقال: اخرج، لا تساكنِّي بالمدينة، فخرج حتى أتى البصرة، وكان يدخل على مجاشع بن مسعود، وكانت له امرأة جميلة، فأعجب بها نصرٌ، فأحبَّها وأحبَّته، فكان يقعد هو ومجاشع يتحدَّثان والمرأة معهما، فكتب لها نصر في الأرض كتابًا، فقال: وأنا، فعلم
(1)
سبق تخريجه.
(2)
رواه عنه الخرائطي في اعتلال القلوب (ص 339). ورواه أيضًا من طريقٍ آخر بسياقٍ أطول هو (ص 337 - 338)، والسرّاج في مصارع العشاق (2/ 266 - 268)، وابن الجوزي في ذم الهوى (ص 123 - 125). والخبر في المستطرف (3/ 42 - 44)، وانظر حواشيه.
مُجَاشعٌ أنها جوابُ كلامٍ، وكان مجاشعٌ لا يكتب، والمرأة تكتب، فدعا بإناءٍ، فأكفأه على المكتوب، ودعا كاتبًا، فقرأه، فإذا هو: إني لأُحبُّك حبًّا لو كان فوقك؛ لأظلَّك، ولو كان تحتك؛ لأقلَّك، وبلغ نصرًا ما صنع مجاشع، فاستحيا، ولزم بيته، وضَنِي جسمه، حتى [144 ب] صار نصر كالفرخ، فقال مجاشع لامرأته: اذهبي إليه، فأسنديه إلى صدرك، وأطعميه الطعام بيدك، فأبت، فعزم عليها، فأتته، فأسندته إلى صدرها، وأطعمته الطعام بيدها، فلما تحامل؛ خرج من البصرة وهو يقول
(1)
:
إن الذين بخيرٍ كُنتَ تذكُرُهمْ
…
همْ أهلكوك وعنهم كنتُ أنهاكا
لا تطلبنَّ شفاءً عند غيرهم
…
فليس يُحييك إلا من توفَّاكا
فإن قيل: فهل تبيح الشريعة مثل ذلك؟
قيل: إذا تعيَّن طريقًا للدَّواء، ونجاة العبد من الهلكة؛ لم يكن بأعظم من مداواة المرأة للرَّجل الأجنبي، ومداواته لها، ونظر الطبيب إلى بدن المريض، ومسه بيده للحاجة. وأما التداوي بالجماع؛ فلا يبيحُه الشرع بوجهٍ ما، وأما التداوي بالضم والقُبلة فإن تحقَّق الشفاءُ به؛ كان نظير التَّداوي بالخمر عند من يُبيحه، بل هذا أسهل من التداوي بالخمر، فإن شُربَهُ من الكبائر، وهذا الفعل من الصغائر. والمقصود أن الشفاعة للعشاق فيما يجوز من الوصال والتلاقي سنةٌ ماضيةٌ، وسعيٌ مشكورٌ.
(1)
البيتان في مصادر التخريج.
وقد جاء عن غير واحدٍ من الخلفاء الراشدين ومن بعدهم: أنهم شفعوا هذه الشفاعة.
فقال الخرائطي
(1)
: حدثنا عليُّ بن الأعرابي، حدثنا أبو غسان النهدي، قال: مرَّ أبو بكر الصديق ــ رضي الله عنه ــ في خلافته بطريق من طرق المدينة؛ فإذا جاريةٌ تطحنُ برحاها، وهي تقول:
وهويتُه من قبلِ قطع تمائمي
…
مُتمايسًا مثل القضيب الناعم
وكأنَّ نُور البدرِ سُنَّةُ وجهِهِ
…
ينمي ويصعد في ذُؤابة هاشم
فدق عليها الباب، فخرجت إليه، فقال: ويلك! أحُرَّةٌ أنت أم مملوكةٌ؟ فقالت: بل مملوكةٌ يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم! قال: فمن هويت؟ فبكت، ثُمَّ قالت: بحق الله إلا انصرفت عني! قال: لا أريمُ، أو تعلميني! فقالت:
وأنا التي لعِبَ الغرامُ بقلبها
…
فبكت لحب محمد بن القاسم
[145 أ] فصار إلى المسجد، وبعث إلى مولاها، فاشتراها منه، وبعث بها إلى محمد بن القاسم بن جعفر بن أبي طالب، وقال: هؤلاء فِتَنُ الرجال، وكم قد مات بهنَّ من كريم، وعطب عليهنَّ من سليمٍ!
ويذكر عن عثمان بن عفان ــ رضي الله عنه ــ: أنه جاءته جاريةٌ تستعدي على رجلٍ من الأنصار، فقال لها عثمان: ما قصَّتُك؟ فقالت:
(1)
في اعتلال القلوب (ص 231 - 232). والخبر في أخبار النساء (ص 187)، والواضح المبين (ص 31)، وديوان الصبابة (ص 205). وهذا خبر كاذب، وليس في أبناء جعفر من يسمّى قاسمًا. انظر تعليق المحقق على الداء والدواء (ص 513).
يا أمير المؤمنين! كَلِفْتُ بابن أخيه، فما أزال أُراعيه. فقال له عثمان: إما أن تهبها لابن أخيك، أو أعطيك ثمنها من مالي. فقال: أُشهِدُك يا أمير المؤمنين أنها له!
وأُتي عليُّ بن أبي طالب
(1)
بغلام من العرب، وُجد في دار قوم بالليل، فقال له: ما قصَّتُك؟ فقال: لست بسارقٍ، ولكني أصدُقك.
تعلَّقتُ في دار الرياحي خودةً
…
يذلُّ لها من حُسنها الشمس والبدر
لها في بنات الرُّوم حسنٌ ومنصبٌ
…
إذا افتخرت بالحسن صدقها الفخر
فلما أتيتُ الدار من حَرِّ مُهجةٍ
…
أتيتُ وفيها من توقُّدِها جمرُ
تبادر أهل الدار بي ثم صيَّحوا
…
هو اللصُّ محتومًا له القتلُ والأسرُ
فلما سمع عليٌّ شعره؛ رقَّ له، وقال للمهلَّب بن رباح: اسمح له بها، ونعوضك منها، فقال: يا أمير المؤمنين! سلهُ من هو ليُعرف نسبه؟ فقال: النهاسُ بن عُيينة العِجْليُّ. فقال: خذها، فهي لك!
وذكر التميميُّ في كتابه المسمى بـ «امتزاج النفوس»
(2)
أن معاوية ابن أبي سفيان اشترى جارية من البحرين، فأُعجب بها إعجابًا شديدًا، فسمعها يومًا تنشد أبياتًا، منها:
(1)
أخرجه الخرائطي في اعتلال القلوب (ص 232 - 233). وانظر الواضح المبين (ص 31)، وديوان الصبابة (ص 203).
(2)
نقل عنه مغلطاي في الواضح المبين (ص 32)، وانظر ديوان الصبابة (ص 203).
وفارقتُه كالغُصنِ يهتزُّ في الثَّرى
…
طريرًا وسيمًا بعدما طرَّ شاربُه
فسألها، فقالت: هو ابنُ عمي، فردَّها إليه، وفي قلبه منها.
وقال سالم بن عبد الله
(1)
: كانت عاتكة بنت زيد تحت عبد الله بن أبي بكر الصديق ــ رضي الله عنه ــ وكانت قد غلبته على رأيه، وشغلته عن سُوقه، فأمره أبو بكر بطلاقها واحدةً، ففعل، فوجد [145 ب] عليها، فقعد لأبيه على طريقه وهو يريد الصلاة، فلما بصر بأبي بكر بكى وأنشأ يقول:
ولم أر مثلي طلَّق اليوم مثلها
…
ولا مثلها في غير جُرمٍ يطلقُ
لها خُلُقٌ جزلٌ وحلمٌ ومنصبٌ
…
وخلقٌ سويٌّ في الحياة ومصدق
فرقَّ له أبو بكر ــ رضي الله عنه ــ فأمره بمراجعتها، فلما مات؛ قالت: ترثيه
(2)
:
(1)
أخرج عنه الخرائطي في اعتلال القلوب (ص 208 - 210). ورواه أبو الحسن المدائني في «المردفات من قريش» (ص 61 - 64) مطولًا، وأبو الفرج الأصبهاني في الأغاني (16/ 127). وانظر الخبر والشعر في ذم الهوى (ص 647 - 648)، وربيع الأبرار (4/ 114)، وتزيين الأسواق (1/ 324 - 325)، والموشى (ص 173)، والاستيعاب (4/ 364)، وتهذيب تاريخ دمشق (5/ 366)، وشرح الحماسة للتبريزي (3/ 71)، وشرح أبيات مغني اللبيب (1/ 93 - 95)، وخزانة الأدب (4/ 350).
(2)
الأبيات في عيون الأخبار (4/ 114)، والحماسة البصرية (1/ 202)، والمصادر السابقة.
آليتُ لا تنفك عيني سخينةً
…
عليك ولا ينفكُّ جلدي أغبرا
فلله عينا من رأى مثله فتًى
…
أعفَّ وأمضى في الهياج وأصبرا
إذا شرعت فيه الأسنةُ خاضها
…
إلى الموت حتَّى يترك الرمح أحمرا
فلما حلَّت تزوجها عمر بن الخطاب ــ رضي الله عنه ــ وأولم عليها، فقال له عليُّ بن أبي طالب ــ رضي الله عنه ــ: أتأذن لي يا أمير المؤمنين! أُدخلُ رأسي إلى عاتكة أكلمها؟ قال: نعم! فأدخل عليٌّ رأسه إليها، وقال: يا عُدَيَّة نفسها:
آليتُ لا تنفك عيني قريرةً
…
عليك ولا ينفكُّ جلدي أصفرا
فبكت، فقال له عمر: ما دعاك إلى هذا يا أبا الحسن؟! كل النساء يفعلن هذا! فلما قُتل عمر؛ قالت ترثيه
(1)
:
عين جودي بعبرةٍ ونحيب
…
لا تملِّي على الجواد النجيب
فجعتني المنون بالفارس المُعـ
…
ـلم يوم الهياج والتثْويب
قل لأهل الضراء والبؤس موتوا
…
قد سقته المنون كأس شعوب
فلما حلَّت؛ تزوجها الزُّبير بن العوام، فاستأذنت ليلة أن تخرج إلى المسجد، فشق ذلك عليه، وكره أن يمنعها لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:«لا تمنعوا إماء الله مساجد الله» فأذن لها، ثم انكمى في موضع مظلم من
(1)
الأبيات في تاريخ المدينة لابن شبة (3/ 948)، وزهر الآداب (1/ 36)، والحماسة البصرية (1/ 203)، ومصادر تخريج الخبر.
الطريق، فلما مرَّت؛ وضع يده عليها، فكرت راجعةً تسبِّح، فسبقها الزبير إلى المنزل، فلما رجعت؛ قال لها: ما ردَّك عن وجهك؟ قالت: كنا [146 أ] نخرج والناس ناس، وأما اليوم؛ فلا. وتركت المسجد، فلما قُتل الزُّبير؛ قالت ترثيه
(1)
:
غدر ابن جُرموز بفارس بهمةٍ
…
يوم اللقاء وكان غير معرد
يا عمر لو نبهته لوجدته
…
لا طائشًا رعش السنان ولا اليد
ثكلتك أُمك إن ظفرت بمثله
…
فيما مضى حتى تروح وتغتدي
كم غمرة قد خاضها لم يثنه
…
عنها طرادك يا بن أُم الفرقد
إن الزُّبير لذو بلاءٍ صادقٍ
…
سمحٌ سجيته كريم المشهد
فلما حلَّت؛ خطبها عليُّ بن أبي طالب ــ رضي الله عنه ــ فقالت: إني لأضنُّ بك عن القتل.
وذكر الخرائطيُّ
(2)
: أنَّ المهديَّ خرج إلى الحج، حتى إذا كان بزُبالة؛ جلس يتغدَّى، فأتى بدويٌّ فنادى: يا أمير المؤمنين! إني عاشق، ورفع صوته. فقال للحاجب: ويحك! ما هذا؟ قال: إنسان يصيح إني
(1)
الأبيات في ذيل أمالي القالي (ص 112)، والحماسة البصرية (1/ 203)، وسير أعلام النبلاء (6/ 43) والمصادر السابقة. ونسبها ابن عبد ربه في العقد (3/ 277) لأسماء، وقال: وتُروى لعاتكة.
(2)
في اعتلال القلوب (ص 234). والخبر مع الشعر في مصارع العشاق (2/ 222، 223)، والتذكرة الحمدونية (9/ 270)، وديوان الصبابة (ص 203 - 204).
عاشقٌ، قال: أدخلوه! فأدخلوه عليه، فقال: من عشيقتك؟ قال: ابنةُ عمي، قال: أولها أبٌ؟ قال: نعم! قال: فما له لا يزوجك إياها؟ قال: هاهنا شيءٌ يا أمير المؤمنين! قال: ما هو؟ قال: إني هجينٌ ــ والهجينُ: الذي أمه أمةٌ ليست عربيةً ــ قال له المهدي: فما يكون؟ قال: إنه عندنا عيبٌ، فأرسل في طلب أبيها، فأُتي به، فقال: هذا ابن أخيك؟ قال: نعم! قال: فلم لا تزوجه كريمتك؟ فقال له مثل مقال ابن أخيه، وكان من ولد العباس عنده جماعةٌ، فقال: هؤلاء كلهم بنو العباس، وهم هُجُنٌ، ما الذي يضرُّهم من ذلك؟ قال: هو عندنا عيبٌ! فقال له المهدي: زوِّجه إيَّاها على عشرين ألف درهمٍ، عشرة آلافٍ للعيب، وعشرة آلاف مهرُها، قال: نعم! فحمد الله، وأثنى عليه، وزوجه إياها، فأتى ببدرتين، فدفعهما إليه، فأنشأ الشابُّ يقول:
ابْتعتُ ظبيةَ بالغلاء وإنما
…
يُعطي الغلاء بمثلها أمثالي [146 ب]
وتركتُ أسواق القباح لأهلها
…
إن القباح وإن رخُصن غوال
وذكر الخرائطي
(1)
من حديث الهيثم بن عدي عن عوانة بن الحكم: أن عمر بن أبي ربيعة كان قد ترك الشعر، ورغب عنه، ونذر على نفسه بكل بيتٍ يقوله هدي بدنةٍ، فمكث بذلك حينًا، ثم خرج ليلةً يريدُ
(1)
في اعتلال القلوب (ص 234 - 235). والخبر والشعر في الأغاني (1/ 145)، وأمالي القالي (2/ 9 - 10)، وزهر الآداب (1/ 253، 254). وانظر المستطرف (3/ 39 - 40).
الطواف بالبيت؛ إذ نظر إلى امرأةٍ ذات جمالٍ تطوف، وإذا رجلٌ يتلوها، كلما رفعت رجلها وضع رجله موضع رجلها، فجعل ينظر إلى ذلك من أمرهما، فلما فرغت المرأة من طوافها تبعها الرجل هُنية، ثُمَّ رجع، فلما رآه عمر؛ وثب إليه وقال: لتُخبرني عن أمرك! قال: نعم! هذه المرأة التي رأيت ابنةُ عمي، وأنا لها عاشقٌ، وليس لي مال، فخطبتها إلى عمي، فرغب عني وسألني من المهر ما لا أقدر عليه، والذي رأيت هو حظي منها، ومالي من الدنيا أمنيةٌ غيرها، وإنما ألقاها عند الطواف، وحظي ما رأيت من فعلي. فقال له عمر: ومن عمك؟ قال: فلان بن فلان. قال: انطلق معي إليه، فانطلقا، فاستخرجه عمر، فخرج مبادرًا، فقال: ما حاجتك يا أبا الخطاب؟ قال: تزوج ابنتك فلانة من ابن أخيك فلان، وهذا المهر الذي تسأله مساقٌ إليك من مالي! قال: فإني قد فعلت. قال عمرُ: إني أُحبُّ ألَّا أبرح حتى يجتمعا، قال: وذلك أيضًا! قال: فلم يبرح حتى جمعهما جميعًا، وأتى منزله فاستلقى على فراشه، فجعل النوم لا يأخذه، وجعل جوفه يجيش بالشعر، فأنكرت جاريته ذلك، فجعلت تسأله عن أمره، وتقول: ويحك! ما الذي دهاك؟ فلما أكثرت عليه؛ جلس، وأنشد
(1)
:
تقول وليدتي لما رأتني
…
طربتُ وكنتُ قد أقصرتُ حينا
أراك اليوم قد أحدثت شوقًا
…
وهاج لك البكا داءً دفينا
(1)
الأبيات في ديوانه (ص 164) طبعة ليبزيج.
بربك هل أتاك لها رسولٌ
…
فشاقك أم رأيت لها خدينا [147 أ]
فقلت شكا إليَّ أخٌ محبٌّ
…
لبعض زماننا إذْ تعلمينا
فعدَّ عليَّ ما يلقى بهندٍ
…
فوافق بعض ما كنا لقينا
وذو القلب المصاب وإن تعزَّى
…
يهيَّجُ حين يلقى العاشقينا
وكم من خُلَّةٍ أعرضتُ عنها
…
لغير قِلًى وكنتُ بها ضنينا
رأيتُ صدودها فصددتُ عنها
…
ولو هام الفؤادُ بها جُنونا
وعرض خالد بن عبد الله القسريُّ
(1)
سجنه يومًا، وكان فيه يزيد بن فلان البجليُّ، فقال له خالد: في أيّ شيء حُبست يا يزيدُ؟! قال: في تهمة أصلح الله الأمير! قال: أفتعود إن أطلقتُك؟ قال: نعم أيها الأمير! وكره أن يعرض بقضيته لئلا تفتضح معشوقته، فقال خالد: أحضروا رجال الحي حتى نقطع يده بحضرتهم، وكان ليزيد أخٌ، فكتب شعرًا، ووجه به إلى خالد:
أخالدُ قد أُعطيتَ في الخلق رُتْبَةً
…
وما العاشقُ المسكينُ فينا بسارق
أقرَّ بما لم يأته المرءُ إنه
…
رأى القطع خيرًا من فضيحة عاشق
ولولا الذي قد خفتُ من قطع كفه
…
لألفيتُ في شأن الهوى غير ناطق
إذا بدت الرَّاياتُ للسبق في العلى
…
فأنت ابن عبد الله أولُ سابق
(1)
أخرجه الخرائطي (ص 237 - 238). والخبر مع الشعر في مصارع العشاق (2/ 197)، وذم الهوى (ص 350 - 351).
فلما قرأ خالد الأبيات؛ علم صدق قوله، فأحضر أولياء الجارية، فقال: زوجوا يزيد فتاتكم! فقالوا: أما وقد ظهر عليه ما ظهر؛ فلا، فقال: لئن لم تزوجوه طائعين؛ لتزوجنه كارهين! فزوَّجوه، ونقد خالدٌ المهر من عنده.
وذكر أبو العباس المبرد
(1)
، قال: كان رجل بالكوفة يدعى ليث بن زياد وقد ربَّى جاريةً، وأدَّبها، فخرجت بارعةً في كل فن مع جمال وافرٍ، فلم يزل معها مدة، حتى تبينت منه الحاجة، [147 ب] فقالت: يا مولاي! لو بعتني كان أصلح لك مما أراك به، وإن كنتُ لأظنُّ أني لا أصبرُ عنك، فقصد رجلًا من الأغنياء يعرفها، ويعرف فضلها، فباعها بمئة ألف درهم، فلما قبض المال؛ وجَّه بها إلى مولاها، وجزع عليها جزعًا شديدًا، فلما صارت الجارية إلى سيدها؛ نزل بها من الوحشة للأول ما لم تستطع دفعه، ولا كتمه، فباحت به، وقالت:
أتاني البلا حقًّا فما أنا صانع
…
أمصطبرٌ للبين أم أنا جازع
كفى حزنًا أني على مثل جمرة
…
أقاسي نجوم الليل والقلب نازعُ
فإن يمنعوني أن أموت بحبه
…
فإني قتيلٌ والعيونُ دوامع
فبلغ سيدها شعرها، فدعا بها، وأرادها، فامتنعت عليه، وقالت له: يا سيدي! إنك لا تنتفع بي، قال: ولم ذاك؟ قالت: لما بي، قال: وما
(1)
أخرج عنه الخرائطي (ص 238 - 239). والخبر بسياق آخر في أمالي القالي (2/ 21 - 22). وانظر سمط اللآلي (2/ 655 - 656).
بك؟ صفيه لي! قالت: أجد في أحشائي نيرانًا تتوقد، لا يقدر على إطفائها أحدٌ، ولا تسأل عما وراء ذلك، فرحمها، ورقَّ لها، وبعث إلى مولاها فسأل عن خبره، فوجد عنده مثل الذي عندها، فأحضره، فردَّ الجارية عليه، ووهب له من ثمنها خمسين ألفًا، فلم تزل عنده مدةً طويلةً، وبلغ عبد الله بن طاهر خبرها، وهو بخُراسان، فكتب إلى خليفته بالكوفة يأمره أن ينظر، فإن كان هذا الشعر الذي ذُكر له من قبل الجارية؛ أن يشتريها له بما ملكت يمينه، فركب إلى مولى الجارية، فخبَّره بما كتب إليه عبد الله بن طاهر، فلم يجد سيد الجارية بدًّا من عرضها عليه، وهو كارهٌ، فأراد الأمير أن يعلم ما عند الجارية فأنشأ يقول:
بديعُ حسنٍ رشيقُ قدٍّ
…
جعلته منه لي ملاذا
فأجابته الجارية:
فعاتبوه فزاد عشقًا
…
فمات شوقًا فكان ماذا
فعلم أنها تصلح له، فاشتراها بمئتي ألف درهم، فجهزها، وحملها إلى عبد الله بن طاهر إلى خراسان، فلما صارت إليه؛ اختبرها، فوجدها على ما أراد، فغلبته على عقله، ويقال: إنها أمُّ محمد بن عبد الله بن طاهر، ولم تزل ألطافها وجوائزها تأتي مولاها الأول حتى ماتت.
وقال عمر بن شبة
(1)
: حدثنا أيوب بن عمر الغفاري قال: طلق عبد الله
(1)
أخرج عنه الخرائطي (ص 239).
ابن عامر امرأته ابنة سهل بن عمرو، فقدمت المدينة ومعها ابنةٌ لها، ومعها وديعةُ جوهر، استودعها إياهُ، فتزوجها الحسن بن علي بن أبي طالب ــ رضي الله عنه ــ ثمَّ أراد ابن عامر الحجَّ، فأتى المدينة، فلقي الحسن، فقال: يا أبا محمد! إن لي إلى ابنة سهل حاجةً، فأُحبُّ أن تأذن لي عليها، فقال لها الحسن: البسي ثيابك، فهذا ابن عامر يستأذنُ عليك، فدخل عليها، فسألها وديعته، فجاءته بها عليها خاتمه. فقال لها: خذي ثلثها! فقالت: ما كنتُ لآخذ على أمانةٍ ائتُمنتُ عليها شيئًا أبدًا! ثم أقبل عليها ابنُ عامر، فقال: إنَّ ابنتي قد بلغت، فأُحبُّ أن تُخلّي بيني وبينها، فبكت، وبكت ابنتُها، فرقَّ ابن عامر، فقال الحسن: فهل لكما؟ فوالله ما من محلل خيرٌ مني، قال: فوالله لا أُخرجها من عندك أبدًا، فكفلها حتى مات.
وذكر الزمخشري في «ربيع الأبرار»
(1)
: أن زبيدة بنت أبي جعفر قرأت في طريق مكة على حائط:
أما في عباد الله أو في إمائه
…
كريمٌ يُجلِّي الهمَّ عن ذاهب العقل
له مقلةٌ أما المآقي قريحة
…
وأما الحشا فالنارُ منه على رجل
فنذرت أن تحتال لقائلها، حتى تجمع بينه وبين من يحبه، قالت: فإني لبالمزدلفة؛ إذ سمعت من ينشدهما، فاستدعيتُ به، فزعم أنه قالهما في بنت عمٍّ له، قد حلف [148 ب] أهلها ألَّا يزوجوها منه،
(1)
4/ 26.
فوجَّهت إلى الحي، وما زالت تبذل لهم المال حتى زوجوه، وإذا المرأة أعشقُ من الرجل، فكانت زبيدة تعدُّه في أعظم حسناتها، وتقول: ما أنا بشيء أسرَّ مني بجمعي بين ذلك الفتى والفتاة.
قال الزمخشري
(1)
: وهوي أحمد بن أبي عثمان الكتاب جارية لزبيدة اسمها «نُعْم» حتى مرض، وقال فيها أبياتًا منها:
وإني ليرضيني الممرُّ ببابها
…
وأقنعُ منها بالشتيمة والزجر
فوهبتها له.
وذكر الخرائطي
(2)
: أنه كان لبعض الخلفاء غلامٌ وجارية من غلمانه وجواريه متحابَّيْنِ، فكتب الغلام إليها يومًا:
ولقد رأيتك في المنام كأنما
…
عاطيتني من ريق فيك البارد
وكأن كفَّك في يدي وكأننا
…
بتنا جميعًا في فراش واحد
فطفقتُ يومي كله متراقدًا
…
لأراك في نومي ولستُ براقد
فأجابته:
خيرًا رأيتَ وكلُّ ما أبصرته
…
ستنالُه منِّي برغمِ الحاسد
(1)
في ربيع الأبرار (4/ 26). والبيت في المستطرف (3/ 34) لأحمد بن عثمان الكاتب.
(2)
لم أجد النص في «اعتلال القلوب» المطبوع. والخبر مع الشعر في «الإماء الشواعر» (ص 193 ـ 194)، والعقد الفريد (6/ 60، 61)، وربيع الأبرار (4/ 18) والمستطرف (3/ 19، 20)، وديوان الصبابة (ص 202).
إني لأرجو أن تكون مُعانقي
…
فتبيتَ مني فوق ثديٍ ناهدِ
وأراك بين خلاخلي ودمالجي
…
وأراك فوقَ ترائبي ومجاسدي
ونبيت ألطفَ عاشقينِ تعاطيا
…
طرفَ الحديثِ بلا مخافة واحد
فبلغ الخليفة خبرُهما فأنكحهما، وأحسن إليهما على شدةِ غيرته.
وقال أبو الفرج بن الجوزي
(1)
ــ رحمه الله تعالى ــ: سمع المُهلب فتًى يتغنى بشعر في جارية له، فقال المهلب:
لعمري إني للمحبين راحمٌ
…
وإني بستر العاشقين حقيقُ
سأجمع منكم شملَ ودٍّ مبددٍ
…
وإني بما قد ترجوان خليقُ
ثم وهبها له، ومعها خمسة آلاف دينار.
وقال الخرائطي
(2)
: كان رجلٌ نخَّاسٌ عنده جاريةٌ، لم يكن له مالٌ غيرها، وكان يعرضها في المواسم، فتغالى الناس فيها، حتى [149 أ] بلغت مبلغًا كثيرًا من المال، وهو يطلب الزيادة، فعلقها رجل فقيرٌ، فكاد عقله أن يذهب، فلما بلغه ذلك وهبها له، فعوتب في ذلك، فقال: إني سمعت الله يقول: {وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا} [المائدة/ 32] أفلا أُحيي الناس جميعًا؟!
(1)
في ذم الهوى (ص 629)، وعنه في ديوان الصبابة (ص 203).
(2)
لم أجد النص في «اعتلال القلوب» .
وقال علي بن قريش الجرجاني
(1)
:
شكوتُ بلاءً لا أطيق احتماله
…
وقلبي مطيعٌ للهوى غيرُ دافع
فأُقسم ما تركي عتابك عن قلى
…
ولكن لعلمي أنه غيرُ نافع
وإني متى لم ألزم الصبر طائعًا
…
فلا بدَّ منه مكرهًا غير طائع
إذا أنت لم يعطفك إلا شفاعةٌ
…
فلا خير في ودٍّ يكون بشافع
وكان أبو السائب المخزومي
(2)
أحد القراء والفقهاء، فرُئي متعلقًا بأستار الكعبة، وهو يقول: اللهم ارحم العاشقين! واعطف عليهم قلوب المعشوقين. فقيل له في ذلك: فقال: الدعاء لهم أفضلُ من عمرةٍ من الجعرانة.
وذكر أحمد بن الفضل الكاتب
(3)
: أن غلامًا وجارية كانا في كتَّاب فهويها الغلام، فلم يزل يتلطَّف لمعلّمه حتى سيَّره قريبًا لها، فلما كان في بعض أيامه في غفلة من الغلمان كتب في لوح الجارية:
ماذا تقولين فيمن شفَّه سقمٌ
…
من طول حبك حتى صار حيرانا؟
فلما قرأته الجارية؛ اغرورقت عيناها بالدموع رحمةً له، وكتبت تحته:
إذا رأينا محبًا قد أضرَّ به
…
طولُ الصبابة أوليناهُ إحسانا
(1)
في اعتلال القلوب (ص 240): «أنشدني علي» ، والأبيات للعباس بن الأحنف في ديوانه.
(2)
سبق تخريج الخبر.
(3)
أخرج عنه الخرائطي (ص 233). والبيتان في خبر آخر في مصارع العشاق (2/ 207)، وديوان الصبابة (ص 204). وهما لعلي بن الجهم في ديوانه (ص 216).
وذكر الهيثم بن عدي
(1)
عن محمد بن زياد: أن الحارث بن السليل الأزدي خرج زائرًا لعلقمة بن حزم الطائي، وكان حليفًا له، فنظر إلى ابنة له تُدعى الرباب، وكانت [149 ب] من أجمل النساء، فأُعجب بها، وعشقها عشقًا حال بينه وبين الانصراف إلى أهله، فقال لعلقمة: إني أتيتك خاطبًا، وقد ينكح الخاطب، ويدرك الطالب، ويمنح الراغب. قال: كفوٌ كريم، فأقم ننظر في أمرك، ثم انكفأ إلى أم الجارية، فقال لها: إن الحارث سيد قومه حسبًا، ومنصبًا، وبيتًا، فلا ينصرفنَّ من عندنا إلا بحاجته، فشاوري ابنتك وأديريها عمَّا في نفسها.
فقالت لها: أي بُنيَّة، أي الرجال أعجبُ إليك؟ الكهلُ الجحجاحُ، المُفضلُ الميَّاح، أم الفتى الوضاح، الملولُ الطمَّاح؟ قالت: الفتى الوضاح. فقالت: إن الفتى يُغيرك، وإن الشيخ يُميرك، وليس الكهلُ الفاضلُ، الكثيرُ النَّائل كالحديث السن، الكثير المن. فقالت: يا أمَّاه أُحبُّ الفتى، كحبِّ الرِّعاءِ أنيقَ الكلأ. قالت: أي بُنية! إنَّ الفتى شديد الحِجاب، كثيرُ العتاب. قالت: يا أمَّاه أخشى من الشيخ أن يُدنِّس ثيابي، ويُبلي شبابي، ويشمت بي أترابي. فلم تزل بها الأُمُّ حتى غلبتها على رأْيها، فتزوَّجها الحارثُ على خمسين ومئةٍ من الإبل، وخادم، وألف
(1)
أخرج عنه الخرائطي (ص 157 - 158). والخبر في عيون الأخبار (4/ 47، 48). والخبر مع الشعر في المحاسن والأضداد (ص 237 - 238)، وجمهرة الأمثال (1/ 262، 263)، ومجمع الأمثال (1/ 122، 123).
درهم، فبنى بها، وكانت عنده أحبَّ شيءٍ إليه، فارتحل بها إلى أهله، فإنه لجالسٌ يومًا بفناء مظلَّته وهي إلى جانبه؛ إذا أقبل فِتيةٌ يعتلجون الصراع، فتنفَّست الصُّعداء، ثم أرسلت عينيها بالبُكاء، فقال: ما يبكيك؟ فقالت: ما لي وللشُّيوخ، الناهضين كالفروخ! فقال: ثكلتك أُمك قد تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها! فسارت مثلًا، أي: لا تكون ظئرًا، وكان أول من نطق بها، ثم قال: لرُبَّ غارةٍ شهدتُها، وسبيَّةٍ أردفتُها، وخمرةٍ شربتُها، الحقي بأهلك، فلا حاجة لي فيك، ثم أنشأ يقول:
وعيَّرت أن رأتني لابسًا كبرًا
…
وغايةُ النفس بين الموت والكبر
فإن بقيت رأيتِ الشيب راغمةً
…
وفي التفرق ما يقضي من العبر
وإن يكن قد علا رأسي وغيَّره
…
صرفُ الزَّمان وتقتيرٌ من الشعر [150 أ]
فقد أروحُ للذَّاتِ الفتى جذلًا
…
وهمَّتي لم تشب فاستخبري أثري