الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وذهب بعض الفقهاء إلى أنه لا حدَّ على واحدٍ منهما، قال: لأنَّ الوازع عن ذلك ما [139 ب] في الطباع من النفرة عنه، واستقباحه، وما كان كذلك لم يحتج إلى أن يزجر الشارع عنه، كأكل العذرة، والميتة، والدم، وشرب البول. ثم قال هؤلاء: إذا أكثر منه اللُّوطي؛ فللإمام قتله تعزيرًا. صرح بذلك أصحاب أبي حنيفة.
و
الصحيح: أن عقوبته أغلظ من عقوبة الزاني
؛ لإجماع الصحابة على ذلك، ولغلظ حرمته، وانتشار فساده، ولأن الله سبحانه لم يعاقب أُمَّةً ما عاقب اللُّوطية.
قال ابن أبي نجيح في تفسيره: عن عمرو بن دينار في قوله تعالى: {إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ} [العنكبوت/ 28] قال: ما نزا ذكرٌ على ذكرٍ حتى كان قومُ لوط. وقال محمد بن مخلد: سمعت عباسًا الدُّوريَّ يقول: بلغني أنَّ الأرض تعُجُّ إذا ركب الذكرُ على الذكر.
وذكر ابن أبي الدُّنيا بإسناده عن كعب قال: كان إبراهيم يُشرف على سدوم فيقول: ويلٌ لك سدومُ يومًا مَّا لك! فجاءت إبراهيم الرُّسل، وكلمهم إبراهيم في أمر قوم لوطٍ، قالوا:{يَاإِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا} [هود/ 76] قال: {وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا} [هود/ 77] فذهب بهم إلى منزله، فدخَّنت امرأتُه، فجاءه {قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ} [هود/ 78] فقال:{يَاقَوْمِ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ} [هود/ 78] أزوِّجكم بهن، {أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ
رَشِيدٌ} وجعل لوطٌ الأضياف في بيته، ووقف على باب البيت، و {قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ} [هود/ 80] قال: أي عشيرةٍ تمنعني. قال: ولم يُبعَث نبي بعد لوط إلا في عزٍّ من قومه، فلما رأت الرسل ما قد لقي لوطٌ في سببهم {قَالُوا يَالُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ} [هود/ 81] فخرج عليهم جبريل فضرب وجوههم بجناحه ضربة طمس أعينهم. قال: والطمسُ: [140 أ] أن تذهب حتى تستوي، واحتمل مدائنهم، حتى سمع أهل سماء الدنيا نبيح كلابهم، وأصوات ديوكهم، ثم قلبها، وأمطر الله عليهم حجارة من سجيل. قال: على أهل بواديهم، وعلى رعائهم وعلى مسافريهم، فلم ينفلت منهم إنسان.
وقال مجاهد: نزل جبريل ــ عليه السلام ــ فأدخل جناحه تحت مدائن قوم لوط، فرفعها، حتى سمع أهل السماء نبيح الكلاب، وأصوات الدجاج والديكة، ثم قلبها، فجعل أعلاها أسفلها، ثم أُتبعوا بالحجارة.
وفي تفسير أبي صالح عن ابن عباس
(1)
قال: أغلق لوطٌ على ضيفه البابَ، فخلعوا الباب، ودخلوا، فطمس جبريل أعينهم، فذهبت أبصارهم، فقالوا: يا لوط جئتنا بالسحر، وتوعدوه، فأوجس في نفسه خيفة قال: يذهب هؤلاء ونُؤذَى، فقالوا: لا تخف إنا رسل ربك، إن موعدهم الصبح، قال لوط: الساعة، قال جبريل: أليس الصبح بقريب؟
(1)
أخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب «العقوبات» (ص 150).
قال: فرفعت المدينة حتى سمع أهل السماء نبيح الكلاب، ثم أقلبت، ورموا بالحجارة.
وقال حذيفة بن اليمان
(1)
: لما أُرسلت الرسل إلى قوم لوط، لتهلكهم؛ قيل لهم: لا تهلكوهم حتى يشهد عليهم لوطٌ ثلاث مرات، وطريقهم على إبراهيم، قال: فأتَوا إبراهيم، فبشروه بما بشروه {فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وَجَاءَتْهُ الْبُشْرَى يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ} [هود/ 74] قال: كان مجادلته إياهم أن قال لهم: إن كان فيهم خمسون؛ أتهلكونهم؟ قالوا: لا. قال: أفرأيتم إن كان فيهم أربعون؟ قالوا: لا. قال: فثلاثون؟ قالوا: لا. حتى انتهى إلى عشرةٍ، أو خمسةٍ، فأتوا لوطًا وهو في أرض يعمل فيها، فحسبهم ضيفًا، فأقبل بهم حين أمسى إلى أهله، وأتوا معه، فالتفت إليهم فقال: أما ترون ما يصنع هؤلاء؟ قالوا: وما يصنعون؟ قال: ما من الناس أحد شرٌّ منهم، قال: فانتهى بهم إلى أهله، فانطلقت العجوز السُّوء امرأتُه، فأتت قومه، فقالت:[140 ب] لقد تضيَّف لوطًا الليلة قوم ما رأيت قطُّ أحسن وجوهًا، ولا أطيب ريحًا منهم، فأقبلوا يُهرعون إليه، حتى دفعوا الباب، حتى كادوا أن يقلبوه عليهم، فقال ملك بجناحه، فصفقه دونهم، ثم أغلق الباب، ثم علوا الأجاجير، فجعل يخاطبهم، فقال:{هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ} [هود/ 78] حتى بلغ {أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ (80) قَالُوا يَالُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ} [هود/ 80 ــ 81] فطمس جبريل أعينهم فما بقي أحدٌ منهم تلك الليلة حتى عمي. قال: فباتوا بشرِّ
(1)
أخرجه الطبري في تفسيره (12/ 495، 518).
ليلة عُميًا ينتظرون العذاب. قال: وسار بأهله، واستأْذن جبريل ــ عليه السلام ــ في هلكتهم، فأُذن له، فارتفع بالأرض التي كانوا عليها، فألوى بها حتى سمع أهل السماء الدنيا ضُغَاءَ كلابهم، وأوقد تحتها نارًا ثم قلبها بهم. قال: فسمعت امرأتُه الوجْبةَ، وهي معه، فالتفتت، فأصابها العذاب.
وفي تفسير العوفي عن ابن عباس: جادل إبراهيم الملائكة في قوم لوط أن يتركوا، فقال: أرأيتم إن كان فيهم عشرة أبيات من المسلمين؛ أتتركونهم؟ فقالت الملائكة: ليس فيها عشرة أبيات، ولا خمسةٌ، ولا أربعة، ولا ثلاثة، ولا اثنان. فحزن إبراهيم على لوط، وأهل بيته و {قَالَ إِنَّ فِيهَا لُوطًا قَالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيهَا لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ} [العنكبوت/ 32] فذلك قوله:{فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وَجَاءَتْهُ الْبُشْرَى يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ (74) إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ} [هود/ 74 ــ 75] فقالت الملائكة: {يَاإِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا إِنَّهُ قَدْ جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ} [هود/ 76] فبعث الله إليهم جبريل، فانتسف المدينة ومن فيها بأحد جناحيه، فجعل عاليها سافلها، وتبعتهم الحجارة بكل أرض. انتهى.
فأهلك الله سبحانه الفاعل والمفعول به، والساكت الراضي والدال، المحصن منهم وغير المحصن، العاشق والمعشوق، وأخذهم وهم في سكرة عشقهم يعمهون. [141 أ]
وذكر ابن أبي داود في تفسيره عن وهب بن منبه، قال: إن الملائكة حين دخلوا على لوطٍ ظنَّ أنهم أضيافٌ ضافوه، فاحتفل لهم، وحرص
على كرامتهم، وخالفته امرأتُه إلى فسَّاق قومه، فأخبرتهم: أنه ضاف لوطًا أحسنُ الناس وجوها، وأنضرهم جمالًا، وأطيبهم ريحًا، فكانت هذه خيانتها التي ذكر الله عز وجل في كتابه.
وفيه عن ابن عباس في قوله: {فَخَانَتَاهُمَا} [التحريم/ 10] قال: والله ما زنتا! ولا بغت امرأةُ نبيٍّ قطُّ. فقيل له: فما كانت خيانةُ امرأة نوحٍ وامرأة لوط؟ فقال: أمَّا امرأة نوحٍ؛ فكانت تخبر أنه مجنون، وأما امرأة لوطٍ؛ فإنها كانت تدلُّ على الضيف.
وقال أبو مسلم الكَشي
(1)
في مسنده: حدثنا سليمان بن داود، حدثنا عبد الوارث، حدثنا القاسم بن عبد الرحمن، حدثنا عبد الله بن محمد ابن عقيل، قال: سمعت جابر بن عبد الله يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن أخوف ما أخاف على أُمَّتي من بعدي عمل قوم لوطٍ» .
وقال هشام بن عمَّار: حدثنا عبد العزيز الدَّراوردي عن عمرو بن أبي عمرو، عن عكرمة، عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«لعن الله من وقع على بهيمةٍ، ولعن الله من عمل عمل قوم لوطٍ» رواه الإمام أحمد
(2)
.
وقال القعنبي: حدثنا عبد العزيز هو الدَّراوردي عن عمرو بن أبي
(1)
من طريقه رواه ابن الجوزي في ذم الهوى (ص 198).
(2)
في المسند (1/ 309، 317) من طرق أخرى عن عمرو به.
عمرو مولى المطلب بن عبد الله بن حنطب المخزومي، عن عكرمة، عن ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لعن الله من تولى غير مواليه، ولعن الله من غير تُخُوم الأرض، ولعن الله من كمَّه أعمى عن السبيل، ولعن الله من لعن والديه، ولعن الله من عمل عمل قوم لوطٍ، ولعن الله من عمل عمل قوم لوط، ولعن الله من عمل عمل قوم لوط ــ ثلاثًا ــ ولعن الله من ذبح لغير الله، ولعن الله من وقع على بهيمة»
(1)
. هذا الإسناد على شرط البُخاري.
وقال أبو داود الطيالسي
(2)
: حدثنا بشر بن المفضل، عن خالد الحذَّاء، عن محمد بن سيرين، عن أبي موسى الأشعري قال: قال [141 ب] رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا باشر الرجل الرجل؛ فهما زانيان» وفي لفظ: «إذا أتى الرجلُ الرجل» .
وفي المسند والسنن
(3)
من حديث عكرمة عن ابن عباس قال: قال
(1)
أخرجه أحمد (1/ 309)، والنسائي (7/ 232)، وهو حديث صحيح.
(2)
في مسنده كما عزاه إليه الحافظ في التلخيص (4/ 55)، ولم أجده في المسند المطبوع. وبشر بن الفضل (لا المفضل) البجلي مجهول. كما في لسان الميزان (2/ 309). وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى (8/ 233) من طريق محمد بن عبد الرحمن عن خالد به، ومحمد بن عبد الرحمن متروك الحديث، كذّبه أبو حاتم.
(3)
أخرجه أحمد (1/ 300)، وأبو داود (4462)، والترمذي (1456)، وابن ماجه (2561).
رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اقتلوا الفاعل والمفعول به» وفي لفظ: «من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط؛ فاقتلوا الفاعل والمفعول به» . وإسناده على شرط البخاري.
وروى سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من وجدتموه يعمل عمل قوم لوطٍ؛ فارجموه» أو قال: «فاقتلوا الفاعل والمفعول به»
(1)
.
وحرق اللوطية بالنار أربعةٌ من الخلفاء: أبو بكر الصديق، وعليُّ بن أبي طالب، وعبد الله بن الزُّبير، وهشامُ بن عبد الملك
(2)
.
وقال حماد بن سلمة: عن قتادة، عن خلاس، عن عبيد الله بن معمر، قال: يقتل اللوطي
(3)
. وقال سعيد بن المسيب: عندنا على اللوطي الرَّجم أُحصن، أو لم يحصن، سنةٌ ماضية
(4)
. وهذا يدل على أن ذلك
(1)
أخرجه ابن ماجه (2562). وذكره الترمذي عقب حديث ابن عباس (1456): وقال: هذا حديث في إسناده مقال، ولا نعرف أحدًا رواه عن سهيل بن أبي صالح غير عاصم بن عمر العمري، وعاصم يضعف في الحديث من قبل حفظه.
(2)
انظر تحريم اللواط للآجري (ص 58).
(3)
أخرجه الآجري في تحريم اللواط (ص 64)، والخرائطي في مساوئ الأخلاق (453).
(4)
أخرجه الآجري (ص 70)، والخرائطي (448).
سنة مضى عليها العمل.
وقال الشعبي: يُقتل أُحصن، أو لم يُحصن
(1)
. وقال الزُّهريُّ، وربيعةُ، وابن هُرمز، ومالك بن أنس: عليه الرجم، أُحصن، أو لم يُحصن
(2)
.
وقال بعض العلماء: وإنما قال سعيد بن المسيب: إن ذلك سنةٌ ماضيةٌ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «اقتلوا الفاعل والمفعول» ولم يقل محصنًا، ولا غير محصن.
وحرقهم أبو بكر ــ رضي الله عنه ــ بالنار بعد مشورة الصحابة، وأشار عليه بذلك علي بن أبي طالب ــ رضي الله عنه ــ، وحرقهم عليٌّ، وابنُ الزُّبير، كما ذكر الآجريُّ وغيره عن محمد بن المنكدر: أن خالد بن الوليد كتب إلى أبي بكرٍ: أنه وجد رجلًا في بعض ضواحي العرب ينكح كما تنكحُ المرأة، فجمع أبو بكر لذلك أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وفيهم عليُّ بن أبي طالب ــ رضي الله عنه ــ فقال عليٌّ: إن هذا ذنبٌ لم يعمل به إلا أمةٌ واحدةٌ، ففعل الله بهم ما قد علمتم، أرى أن تحرقهم بالنار، فاجتمع رأي [142 أ] أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحرق بالنار، فأمر به أبو بكر أن يحرق.
(1)
أخرجه الآجري (ص 69)، والخرائطي (447).
(2)
انظر تحريم اللواط (ص 69).
قال: وقد حرقهم ابن الزُّبير، وهشام بن عبد الملك، وقال ابن عباس ــ رضي الله عنهما ــ: يُرجم اللوطي بكرًا كان أو ثيِّبًا
(1)
.
وقال عمر بن الخطاب ــ رضي الله عنه ــ: من عمل عمل قوم لُوطٍ، فاقتلوه
(2)
. ولم يفرق أحدٌ منهم بين المحصن وغيره، وصرح بعضهم بعموم الحكم للمحصن وغير المحصن، فلذلك قال ابن المسيب: إن هذا سنةٌ ماضيةٌ.
وفي مسائل إسحاق بن منصور الكوسج: قلت لأحمد: يرجم اللُّوطي أُحصن، أو لم يحصن؟ فقال: يرجم، أُحصن، أو لم يحصن. قال إسحاقُ بن راهويه: هو كما قال.
قال إسحاق بن راهويه: والسنة في الذي يعمل عمل قوم لوطٍ أن يرجم محصنًا كان، أو غير محصن؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«من عمل عمل قوم لوط فاقتلوه»
(3)
رواه ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم كذلك، ثم أفتى ابنُ عباسٍ بعد النبي صلى الله عليه وسلم فيمن يعمل عمل قوم لوطٍ: أنه يرجم وإن كان بكرًا، فحكم في ذلك بما رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم.
(1)
أخرجه الخرائطي في مساوئ الأخلاق (445).
(2)
أخرجه الآجري (ص 68).
(3)
سبق تخريجه.
وكذلك رُوي عن علي بن أبي طالب مثل هذا القول: إن اللوطي يرجم، ولم يذكر محصنًا كان، أو غير محصن، وكذلك فعل الله سبحانه بقوم لوط، وكذا يروى عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه: أنه حرقهم بالنار. هذا كلام إسحاق رحمه الله.
وذكر الآجري في «تحريم اللواط»
(1)
من حديث عبد الله بن عمرو مرفوعًا: «سبعةٌ لا ينظرُ الله إليهم يوم القيامة، ولا يزكيهم، ويقول: ادخلوا النار مع الداخلين: الفاعل والمفعول به، والناكح يده، وناكح البهيمة، وناكح المرأة في دُبرها، والجامع بين المرأة وبنتها، والزاني بحليلة جاره، والمؤذي لجاره حتَّى يلعنهُ» .
وذكر عن أنس مرفوعًا نحوه
(2)
وقال مجاهد
(3)
: لو أن الذي يعمل ذلك العمل ــ يعني: عمل قوم لوط ــ
(1)
ص 73. وإسناده ضعيف.
(2)
أخرجه الآجري (ص 73)، والبيهقي في شعب الإيمان (5470). وإسناده ضعيف. انظر «إرواء الغليل» (2401).
(3)
أخرجه ابن الجوزي في ذم الهوى (ص 208).
اغتسل بكل قطرة في السماء وكل قطرة في الأرض؛ لم يزل نجسًا.
وقد ذكر الله سبحانه عقوبة اللُّوطية، وما حل بهم من البلاء في عشر سور من القرآن وهي: سورة الأعراف، وهود، والحجر، والأنبياء، والفرقان، والشعراء، والنمل، والعنكبوت، والصافات، واقتربت الساعة. وجمع على القوم بين عمى الأبصار، وخسف الديار، والقذف بالأحجار، ودخول النار. وقال محذرًا لمن عمل عملهم مما حلَّ بهم من العذاب الشديد:{وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ} [هود/ 89].
وقال بعض العلماء: إذا علا الذكرُ الذكرَ؛ هربت الملائكة، وعجَّت الأرض إلى ربها، ونزل سخط الجبار ــ جل جلاله ــ عليهم، وغشيتهم اللعنة، وحفَّت بهم الشياطين، واستأذنت الأرض ربها أن تُخسف بهم، وثقُل العرش على حملته، وكبرت الملائكة، واستعرت الجحيم، فإذا جاءته رسل الله لقبض روحه؛ نقلوها إلى ديار إخوانهم، وموضع عذابهم، فكانت روحه بين أرواحهم. وذلك أضيق مكانًا، وأعظم عذابًا من تنور الزُّناة. فلا كانت لذةٌ توجب هذا العذاب الأليم! وتسوقُ صاحبها إلى مرافقة أصحاب الجحيم.
تذهب اللذَّات، وتعقب الحسرات، وتفنى الشهوة، وتبقى الشقوة. وكان الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى ينشد
(1)
:
(1)
سبق تخريج البيتين، وفي «ذم الهوى» (ص 186) أن الثوري كان يتمثل بهما.
تفنى اللَّذاذةُ ممن نال صفوتها
…
من الحرام ويبقى الخِزي والعار
تبقى عواقبُ سوءٍ في مغبَّتها
…
لا خير في لذَّةٍ من بعدها النارُ
فصل
وأما إن كانت الفاحشة مع ذي رحم محرم، فذلك الهُلْكُ كلُّ الهلك، [143 أ] ويجب قتل الفاعل بكل حالٍ عن الإمام أحمد وغيره. واحتجَّ الإمام أحمدُ بحديث عدي بن ثابت عن البراء بن عازبٍ قال: لقيت خالي ومعه الرايةُ، فقلت: أين تريد؟ قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رجلٍ تزوَّج امرأة أبيه، أضربُ عنقه، وآخذُ ماله. رواه الإمامُ أحمد
(1)
، واحتجَّ به.
وقال شعبة
(2)
: حدثنا الركين بن الربيع عن عدي بن ثابت، عن البراء قال: رأيتُ أُناسًا ينطلقون، فقلت: أين تذهبون؟ قالوا: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رجل يأْتي امرأةَ أبيه أن نقتله.
وذكر عبد الله بن صالح
(3)
: حدثنا يحيى بن أيوب عن ابن جُريج،
(1)
في مسنده (4/ 290، 292). وأخرجه أيضًا أبو داود (4457)، والترمذي (1362)، والنسائي (6/ 110)، وابن ماجه (2607). وهو حديث صحيح.
(2)
أخرجه من طريقه أحمد (4/ 292) وفيه: «ربيع بن ركين» . والمؤلف اعتمد على رواية الخرائطي في اعتلال القلوب (ص 113).
(3)
أخرجه الخرائطي في مساوئ الأخلاق (436، 568)، والبيهقي في السنن الكبرى (8/ 232).
عن عكرمة، عن ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «اقتلوا الفاعل والمفعول به، والذي يأْتي البهيمة، والذي يأتي كلَّ ذات محرم» .
وقال هشام بن عمار
(1)
: حدثنا رفدةُ بن قُضاعة، حدثنا صالح بن راشد قال: أُتي الحجاجُ برجلٍ قد اغتصب أُخته على نفسها، فقال: احبسوه، وسَلُوا من هاهنا من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، فسألوا عبد الرحمن بن [أبي] مُطرف فقال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من تخطَّى الحرمتين؛ فخُطُّوا وسطهُ بالسيف» .
وأفتى ابن عباس ــ رضي الله عنهما ــ بمثل ذلك. وقال عمر بن شبَّة
(2)
: حدثنا مُعاذُ بن هشام، حدثنا أبي عن قتادة، قال: أُتي الحجاج برجل زنى بأُخته، فسأل عنها عبد الله، فقال: يُضربُ بالسيف. فأمر به الحجَّاجُ، فضربت عنقُه.
وذكر حماد بن سلمة
(3)
، عن بكر بن عبد الله المُزنِيِّ: أن رجلًا تزوَّجَ خالته، فرُفع إلى عبد الملك بن مروان، فقال: إنِّي ظننتُ أنَّها تَحِلُّ
(1)
أخرجه من طريقه الخرائطي في اعتلال القلوب (ص 111)، وفي مساوئ الأخلاق (ص 254). قال الهيثمي في مجمع الزوائد (6/ 269) بعد أن عزاه للطبراني: فيه رفدة بن قضاعة، وثقه هشام بن عمار وضعفه الجمهور، وبقية رجاله ثقات.
(2)
أخرج من طريقه الخرائطي في اعتلال القلوب (ص 112).
(3)
أخرجه من طريقه الخرائطي في المصدر السابق (ص 112)، وفي مساوئ الأخلاق (570).
لي، فقال: لا جهالة في الإسلام. وأظنُّ أنَّهُ أمر به، فقُتل.
وفي مسائل صالح بن أحمد
(1)
قال: سألت أبي عن الرجل تزوج ذات محرمٍ منه، فقال: إن كان عمدًا؛ يُقتلُ، ويُؤْخذُ ماله، وإن كان لا يعلم؛ يُفرَّقُ [143 ب] بينهما. وأستحب أن يكون لها ما أخذت منه، ولا يرجع عليها بشيء.
وفي صحيفة عمرو بن شعيب عن أبيه، عن جده
(2)
: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يدخل الجنة من أتى ذات محرم» .
(1)
كما نقل عنها الخرائطي في اعتلال القلوب (ص 112).
(2)
أخرجه الخرائطي في اعتلال القلوب (ص 111)، والطبراني في الأوسط (3948). وانظر مجمع الزوائد (6/ 269).